ورقة بحثية: إسرائيل تشن حربًا داخل إيران.. تفكيك الثورة دون إسقاط الدولة
تاريخ النشر: 16th, June 2025 GMT
كشفت ورقة بحثية صادرة عن مركز مدى للدراسات بلندن أن الضربات العسكرية التي تنفذها إسرائيل في العمق الإيراني منذ 13 يونيو/حزيران 2025، تمثل "عملية مركبة" تهدف إلى إعادة تشكيل النظام الإيراني من الداخل، وليس إسقاطه أو تدميره كما يُروّج.
الورقة التي أعدها الباحث د. مصطفى الوهيب، وصدرت بعنوان "الاشتباك الإسرائيلي مع إيران: قواعد الحرب واليوم التالي لإيران", تطرح فرضية مفادها أن الحرب الإسرائيلية ليست سوى غطاء لعملية استخباراتية داخلية تسعى لإضعاف "التيار الثوري" وتمكين "تيار إيراني بديل" أكثر اعتدالًا وقابلية للانخراط في المنظومة الدولية.
حرب ناعمة لتغيير القيادة
ترى الورقة أن الحرب الجارية تندرج في سياق عملية انقلاب سياسي ناعم داخل إيران، يتم فيها تفكيك نفوذ الحرس الثوري ومراكز القرار العميقة، لصالح تيار تكنوقراطي - إصلاحي يُشار إليه في الورقة بـ"التيار الإيراني".
هذا التيار يتميز بانفتاحه على الغرب، وتفضيله لعقيدة "الدولة الإيرانية" على حساب "الثورة الإسلامية"، وهو ما تراه كل من إسرائيل والولايات المتحدة حلاً مثالياً لإعادة صياغة السلوك الإيراني دون تفكيك الدولة أو زعزعة استقرارها الإقليمي.
تصفية ناعمة لأذرع الثورة
وفقًا للورقة، فإن العمليات الإسرائيلية تستهدف: اغتيال قادة الصفين الأول والثاني في التيار الثوري، ضمن سلسلة بدأت باغتيال قاسم سليماني ولاحقت لاحقًا إبراهيم رئيسي، ضرب الأذرع الإقليمية للتيار الثوري في غزة وسوريا ولبنان، من خلال تعاون استخباراتي مع جهات محلية (بينها النظام السوري وفق الورقة)، واستدراج حماس إلى فخ 7 أكتوبر ثم التخلي عنها، ضمن استراتيجية لتجفيف منابع دعم إيران الخارجي.
أهداف غير معلنة للحرب
ترصد الورقة أهدافًا متعددة للولايات المتحدة وإسرائيل، من أبرزها: إضعاف أو تفكيك البرنامج النووي الإيراني، إعادة احتكار القوة النووية في الشرق الأوسط لصالح إسرائيل، دفع إيران للانتقال من محور روسيا ـ الصين إلى المحور الأمريكي، إتاحة مخرج سياسي لحكومة نتنياهو من حرب غزة، وربما تعزيز أوراقه الانتخابية.
وتؤكد الدراسة أن كلاً من تل أبيب وواشنطن لا تسعيان لإسقاط النظام الإيراني بالكامل، بل إلى تغييره من الداخل بطريقة تضمن عدم انهياره.
مفاتيح إنهاء الحرب بيد واشنطن
ترى الورقة أن الولايات المتحدة، وليست إسرائيل أو إيران، هي الجهة الوحيدة التي تمتلك مفاتيح إنهاء هذه الحرب، عبر أحد السيناريوهات التالية:
ـ ضغوط دبلوماسية دولية في حال توسّع الحرب إلى أطراف إقليمية مثل حزب الله أو الحوثيين.
ـ حدوث تلوث إشعاعي أو أزمة طاقة قد تُجبر الجميع على وقف القتال.
ـ نفاد الإرادة السياسية لدى أحد الأطراف، خاصة في حال امتداد الحرب وخسائرها.
"اليوم التالي" لإيران: تغيير لا انهيار
تحلل الورقة سيناريوهات ما بعد الحرب، وتطرح نتيجتين رئيسيتين:
ـ في حال فشل إسرائيل: سيخرج التيار الثوري أقوى، وتستمر إيران الثورة.
ـ في حال النجاح الجزئي أو الكامل: سيتم تمكين تيار جديد داخل النظام الإيراني، مع احتمال بقاء "المرشد" كرمزية دينية، لكن بسلطة تنفيذية جديدة منفتحة غربيًا.
حرب لإعادة صياغة إيران لا لكسرها
تؤكد الورقة أن الحرب الجارية ليست عسكرية فقط، بل سياسية واستخباراتية بالدرجة الأولى، وتهدف إلى إعادة ترتيب البيت الإيراني من الداخل، على نحو يتيح شراكة مستقبلية مع الغرب دون تغيير نظام الحكم شكليًا، وإنما عمليًا.
وتخلص الورقة إلى أن ما يجري في إيران اليوم ليس صراعًا مع إسرائيل فقط، بل صراع داخلي بين تيارين على روح وهوية الجمهورية الإسلامية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير كتب ورقة إسرائيل الإيراني الحرب إيران إسرائيل حرب ورقة مآلات كتب كتب كتب كتب كتب كتب سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی حال
إقرأ أيضاً:
كامل إدريس.. من “سويسرا” إلى “بورتسودان”
صحيح أن رئيس الوزراء “د.كامل ادريس” اقترب من شهره الثالث منذ أدائه القسم الدستوري، وأن حكومته تبدو متعثرة ، ولكن أمامه فرصة عظيمة وحالة نادرة في التاريخ، مع هذا فإن درب الحكم الجديد ليس معبداً ولا الرحلة سلسة.
طريق التغيير من “سويسرا” إلى “بورتسودان” كان مفتوحاً لأن الأغلبية في السودان راغبة فعلاً في التغيير، لأن عملية وصول شخص “مدني” إلى رئاسة وزراء حكومة الحرب كان مخاضاً طويلاً ودامياً، وربَّما أكثر عمليات التغيير تعقيداً في السودان ، ومن هذا المنطلقِ يفترض أن نقرأَ الأحداث الحَالية والتالية في هذا السياق، وليس في سياق ساعة النصر.
هناك من يعتقد أن “القوات المسلحة” في تمظهرها المهني والسياسي تبطئ في حسم الحرب وآخرون يظنّون أنها تتجنب المزيد من الخسائر بين صفوفها. والبعض يرى أنها عاجزة عن القضاء على ما تبقَّى من قوة ” مليشيا الدعم السريع”، ولكن .. رأيي أنها لا تريد حسمهَا إلا وفق نهاية تكتبها هي وليس القوى الاجنبية.
في خضم اهتزازات الواقع السوداني يتساءل المرء مجدّداً: إلى أين تسير بلادنا ؟ هل تستمر الصيغة الحالية لنظام الحكم ؟ أم تنهار هذه التشكيلة السياسية الضامنة لوحدة الأرض، التي قام عليها النظام السوداني عام ٢٠١٩، وهي شراكة العسكر والمدنيين ، والتي اجتازت حتى الآن من دون تصدّع أخطر الحروب والأزمات؟.
في خضم هذه الأمواج العاتية، سيعمل “د.كامل ادريس” على تأسيس الانتقال إلى السودان الجديد، عليه أن يدرك انه “عمود المنتصف”، يجب أن يمشي على أشواك الواقع دون أن تدمي قدميه.
هناك فئتان خطرتان عليه، الأولى معادية، أبرزُها مليشيا الدعم السريع وحلفائها، بعض من فلول النظام السابق، وقوى خارجية ، وعصاباتٌ الفساد السلطوي داخل الدولة؛ هؤلاء سيسعونَ مراراً وتكراراً لخلق مناخ تصادمي يكبر مع الوقت، وسيدفعون باتجاه تقزيم دور رئيس الوزراء وإشغال حكومته في معركة طويلة.
وقوى داخلية من صُلب النظام،تشارك في خلق الأزمات، ولها وجهات نظرها في إدارة البلاد والعلاقة مع العالم. وهذه الموالية لا تقل خطراً على سلطته من المُعادية لأنها تفتح المعارك، وتعمِّق الخلافات، خطرهَا أنها تجر الدولة الى معارك دونكيشوتية وتستدعِي القوى الخارجية للاستثمار في حرب أهلية محلية.
هذه الأفخاخ تتطلَّب حكمة في المعالجة حتى لا تشغل الحكومة عن تنفيذ المهمة الأصعب، وهي بناء الدولة الجديدة التي تنتظرها غالبية السودانيين، من تحسين المعيشة، والانتقال إلى دولة حديثة.
للدكتور “كامل ادريس” شعبية داخلية عليه أن يعززَها حتى لا تتآكل نتيجة تحديات كثيرة مقبلة، أبرزُها الخبزُ والغلاء وتدنِي المرتبات، تضافُ إلى الحاجةِ إلى إطفاءِ الأزمة الاجتماعية التي نتجت عن خطاب الحرب المتطرف،الذِي هو في حد ذاته مشروع حرب أهلية. بالمنخرطين فيه باسم المظالم التاريخية والتهميش يعملون على تأجيج مكونات السكان المتناقضة المسكونة بالقلق والرّيبة.
المجتمع الدولي يريد دولة مدنية تدير منظومة أمنية وعسكرية منضبطة،وهذا لن يحدث اليوم او غداً، لأن ظروفنا المحلية تتطلب وجود “الجيش” في السلطة، وأهمها الهزيمة النفسية التي لحقت بالشعب نتاج تسويف وفشل النادي السياسي في تجنيب البلاد اندلاع الحرب.
اتمسك برأيي القائل بأن أمام “كامل ادريس” فرصة تاريخية نادرة للانتقال بالسودان من الحرب إلى السلام، وأن اليوم التالي سيكون الحوار السوداني/السوداني، داخل الأراضي السودانية، وبارادة سودانية.
ادريس سينجح في تحقيق الانتقال، لأنه أعلن عن انفتاحه على الجميع من خلال تشكيلة حكومته التي اظهرت خبرات مهنية بخلفيات فكرية مختلفة، وأن همَّه سودانياً وليس دولياً. وأظهر اعتدالاً فاجأ الكثيرين وأدار علاقاته ببراغماتية تنسجم مع ما وعد به في رؤيته للسودان ٢٠٢٥ (المارشال) .
وسط هذه التجاذبات فإن المسار سيستمر صعباً. النظام ورث بلداً مدمراً منتهكاً من قوًى داخلية وأجنبية، وسيتطلب لمعالجته المهارات السياسية لا العضلات، وحاسة سادسة تستبق الأزمات وتطوقها.
محبتي واحترامي
رشان اوشي
إنضم لقناة النيلين على واتساب