اختراقات الموساد ومعضلة الجندي الأسير في غزة!
تاريخ النشر: 16th, June 2025 GMT
بين التغلغل والفشل يشهد العالم دهشة متكررة أمام ما يبدو كتناقض صارخ في أداء جهاز "الموساد" الإسرائيلي.
فمن جهة، تسجل تقارير متواترة اختراقات عميقة حققها هذا الجهاز داخل إيران، ولبنان، وسوريا، ودول عربية وإسلامية أخرى، وحتى داخل حركات مقاومة مثل حزب الله، ومن جهة أخرى، تعجز إسرائيل منذ سنوات عن تحديد مكان أسيرها لدى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.
للإجابة على هذه المفارقة الأمنية الكبرى نقول في نقاط:
أولا: الموساد و"الأسطورة المصنوعة"
الموساد ليس مجرد جهاز استخبارات، بل هو أحد أعمدة المشروع الصهيوني، تم تأسيسه ليكون أداة تفكيك وتحطيم للمجتمعات المعادية لإسرائيل. وعبر سنوات طويلة، اعتمد على عدة عناصر استراتيجية:
1. البيئة الهشة للأنظمة العربية والإسلامية: معظم الدول العربية تعاني من أنظمة أمنية فاسدة، مركزية، لا تولي الأمن القومي أولوية بقدر ما تهتم بحماية النظام السياسي القائم. هذا الواقع فتح أبوابا واسعة أمام الاختراق الصهيوني.
2. العمل عبر الوكلاء والمرتزقة: كثير من اختراقات الموساد لا تتم عبر عملاء إسرائيليين، بل من خلال تجنيد أفراد محليين مستعدين لبيع المعلومات مقابل المال أو النفوذ.
3. الاعتماد على التكنولوجيا والتنسيق الدولي: الموساد يستفيد من شبكة علاقاته الدولية، خصوصا مع أجهزة استخبارات غربية، ما يتيح له التوسع في الرصد والتنفيذ.
ثانيا: لماذا تفشل إسرائيل في غزة؟
هنا تكمن المفارقة، غزة -رغم الحصار الخانق والتقنيات الإسرائيلية المتطورة- تمثل فشلا استخباراتيا مستمرا لإسرائيل. فما الأسباب؟
1. البيئة الإيمانية والتنظيم العقائدي: فصائل المقاومة في غزة، وعلى رأسها حماس وكتائب القسام، تعمل بعقيدة دينية ومشروع تحرري، لا يُخترق بسهولة. العقيدة هنا ليست شعارا بل سلوكا يوميا، مما يخلق تحصينا ذاتيا للأفراد ضد التجنيد والاختراق.
2. العمل السري والتخطيط طويل الأمد: التنظيمات المقاومة في غزة لا تعتمد على العمل الجماهيري المكشوف، بل تبني شبكات أمنية مغلقة لا يعرف أفرادها حتى معلومات متقاطعة، وهذا يجعل معرفة معلومة بسيطة، مثل مكان أسير، أمرا شبه مستحيل.
3. الولاء لله لا للمال أو المصالح: بينما يسهل تجنيد عميل في بيئة قائمة على الفساد والطائفية، فإن بناء "خائن" داخل منظومة تنشأ على "الموت في سبيل الله" يتطلب ما لا يمكن شراؤه أو تهديده.
4. الردع الأمني والعمليات المضادة: غزة نجحت مرارا في تفكيك شبكات تجسس إسرائيلية، وبعضها كانت تعمل منذ سنوات. جهاز الأمن الداخلي للمقاومة لديه قدرة عالية على كشف التحركات المشبوهة ومواجهة الحرب النفسية.
ثالثا: هل تمتلك إيران جواسيس داخل الكيان؟
رغم طابع السرية الشديد لأي عمليات تجسس ناجحة داخل الكيان، إلا أن تسريبات إعلامية متعددة وتصريحات غير مباشرة تؤكد أن لإيران شبكات استخبارية نشطة داخل فلسطين المحتلة، تعمل أحيانا من خلال فصائل فلسطينية أو عبر أطراف أخرى. ومع ذلك، تبقى الاختراقات الإيرانية انتقائية ومحدودة، وليست عميقة كتلك التي حققها الموساد في قلب إيران، وهو ما يعود إلى:
- طبيعة النظام الإسرائيلي المركزي وشدة الرقابة.
- الخبرة التكنولوجية المتقدمة في اكتشاف محاولات الاختراق.
- التعاون الاستخباراتي العالمي مع إسرائيل.
رابعا: هل المسألة عقيدة أم تخطيط أم ولاء؟
الحقيقة أن التفوق الأمني لا يُختزل في عامل واحد، لكن تجربة غزة في مواجهة الموساد تكشف عن معادلة ذهبية: "عقيدة راسخة + تنظيم محكم + سرية صارمة + قيادة متجردة + بيئة شعبية حاضنة"= استحالة الاختراق.
وهذه المعادلة لا تتوفر في معظم الأنظمة العربية ولا حتى في إيران، رغم قوة جهازها الأمني، نظرا لاختراقات داخلية أو خروقات طائفية أو فساد بنيوي.
وختاما: من يهزم الموساد؟
لقد أثبتت غزة، بصمودها وفكرها وروحها، أن أسطورة الموساد قابلة للكسر، وأن التفوق الاستخباراتي لا يُقاس بالأقمار الصناعية والميزانيات وحدها، بل بما هو أعمق: العقيدة، والنية، والإيمان بالمشروع.
من يهزم الموساد ليس الدولة القوية ولا النظام الطائفي، بل الإنسان الحر المؤمن، صاحب القضية، والذي يرى في موته حياة لأمته.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء الموساد الإسرائيلي اختراقات مقاومة غزة إسرائيل مقاومة غزة الموساد اختراق قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی غزة
إقرأ أيضاً:
إيران تُنفذ حكم الإعدام بحق جاسوس لصالح الموساد الإسرائيلي بعد إدانته بالتجسس والتخريب
نفّذت السلطات الإيرانية صباح اليوم الإثنين، حكم الإعدام بحق إسماعيل فكري، المدان بالتجسس لصالح جهاز الموساد الإسرائيلي، بعد استكمال جميع الإجراءات القضائية ومصادقة المحكمة العليا على الحكم.
تفاصيل القضية: مهام سرية واتصالات مشفّرة مع الموسادوأفادت وكالة مهر الإيرانية أن فكري اعتُقل عام 2023 في عملية استخباراتية معقدة داخل البلاد، كشفت عن تورطه في تقديم معلومات أمنية شديدة الحساسية إلى إسرائيل، مقابل مكافآت مالية.
خالد عكاشة: عقيدة نتنياهو الثابتة أن إيران تمثّل تهديدًا وجوديًا لإسرائيل واشنطن بوست: إسرائيل توسع نطاق ضرباتها داخل إيران لتشمل أهدافًا غير نوويةوكشفت التحقيقات أن الجاسوس كان على اتصال مباشر بضابطين في جهاز الموساد، حيث بدأ التعاون مع الضابط الأول الذي جنده، قبل أن يتم نقله إلى ضابط آخر يُدعى "أمير" في أوائل عام 2022.
قنوات اتصال مشفرة ودفع بالعملات الرقميةوطلب ضباط الموساد من فكري إنشاء منصة اتصال جديدة مشفّرة لتبادل التقارير الأمنية، كما أُمر بتثبيت محفظة للعملات الرقمية على هاتفه الشخصي لتسهيل عمليات الدعم المالي.
وأظهرت الوثائق المسترجعة من أجهزته الإلكترونية وجود رسائل ومهام تنظيمية موجّهة من قبل ضباط الموساد، تتعلق بجمع معلومات مصنفة عن مواقع حساسة، ومقرات أمنية، وأسماء أفراد داخل إيران.
إحباط الشبكة ورصد الاتصالات المعقدةوأشارت الجهات الأمنية الإيرانية إلى أنها رصدت اتصالات فكري المعقّدة مع إسرائيل من خلال إجراءات تقنية عالية الدقة، وهو ما مكّنها من تتبعه ووضع شبكته الاستخباراتية تحت المراقبة لفترة طويلة.
وتم القبض عليه في ديسمبر 2023 بعد التأكد من حجم الأنشطة التي قام بها، والتي شملت محاولات تخريبية داخل البلاد، بالتنسيق مع جهات أجنبية معادية.
الحكم النهائي والتنفيذوبعد استكمال التحقيقات والمراحل القضائية، أُدين إسماعيل فكري أمام القضاء الإيراني بالتجسس لصالح إسرائيل، والتعاون مع جهاز استخباراتي أجنبي بغرض تقويض الأمن القومي.
وبناءً على ذلك، أُصدر حكم الإعدام بحقه، وتم تنفيذه فجر اليوم بعد تصديق الحكم من أعلى السلطات القضائية.