الذي لا شك فيه أن إيران وقعت في فخ الخديعة الأمنية، ورغم تكرار نتنياهو الحديث مرارا عن عزمه ضرب المشروع النووي الإيراني إلا أن الأحداث لم تكن تسير -في الظاهر- في هذا الاتجاه..
أولا: لأن ترامب جاء على خلفية إخراج أمريكا من كل الصراعات التي تدافع فيها عن الآخرين دون أي عائد اقتصادي يعود عليها.
ثانيا: الإيحاء المتكرر بأن ترامب ليس على علاقة جيدة بنتنياهو، لدرجة أنه تعمد أن يهينه في أحد المؤتمرات الصحفية بحيث ظل جالسا لم يتكلم لمدة 45 دقيقة، بل ومدح ترامب أردوغان في حضوره.
ثالثا: هناك محادثات بين أمريكا وإيران في مسقط بوساطة عُمان وقطر، وكانت هناك جولة جديدة مقررة فقط بعد ثلاثة أيام من بدء العدوان.
رابعا: توقف أمريكا عن مهاجمة اليمن وعقدها اتفاقا مع الحوثيين، تأكيدا على منحى ترامب في البعد ببلاده عن الصراعات وتخليه عن الدعم المطلق للكيان.
خامسا: ما أُشيع إعلاميا بعد اتصال ترامب بنتنياهو أن الأول رفض أن يعطيه ضوءا أخضر لمهاجمة إيران.
كانت نتيجة هذا الخداع، إضافة إلى ثغرة أمنية ضخمة تعاني منها إيران وظهرت قبل ذلك في تفجيرات في المواقع النووية واغتيال عالم الذرة الأول محسن فخري زادة، أن الضربة الأولى كانت شديدة التأثير وراح ضحيتها تقريبا الصف الأول من قيادات الحرس الثوري والأجهزة الأمنية وعدد كبير من علماء الذرة.
في البداية أعلن ترامب أن بلاده لا دخل لها فيما حدث، ثم لما بدا أن العملية حققت نتائج ربما أكثر مما توقعوا، خرج ترامب ليتحدث عن أهمية السلاح الأمريكي وأن إيران قد أُذلت ولم يبق لها إلا أن تعود إلى المفاوضات في موعدها المحدد رافعة راية الاستسلام البيضاء، وإلا فإن القادم سيكون أسوأ وسيتم القضاء على الامبراطورية الإيرانية
سارعت فرنسا بتأييد العملية مؤكدة على حق الكيان في الدفاع عن نفسه وظهر أن دول أوروبا لها نفس الموقف، فقبل يوم واحد من الهجوم اجتمع مجلس محافظي وكالة الطاقة الدولية وللمرة الأولى يصدر قرارا بأن إيران غير ملتزمة بتنفيذ الاتفاقات، وبعد العملية لم تعلن دولة أوروبية أو غربية واحدة استنكارها الاعتداء على السيادة الإيرانية.
ولهذا فإن ما حدث كان مرتبا ولم يكن نزوة جديدة لنتنياهو وحكومته المتطرفة وإنما شاركت فيه أطراف دولية عدة، وأن الهدف ليس إيران وحدها بل هو استباحة المنطقة بكاملها، وفي القلب من ذلك التخلص من السلاح النووي الباكستاني والتخلص من أردوغان، وهي الأمور التي ما فتئ نتنياهو يكررها كل حين.
ورغم أن الضربة كانت شديدة ومؤثرة إلا أن إيران استطاعت امتصاصها وملء الفراغات في منظومة القيادة، ثم بدأت في الرد على الكيان بالصواريخ الباليستية والفرط صوتية والمسيرات، واستطاعت الوصول تقريبا إلى كل جغرافيا الكيان وحققت دمارا واسعا في قلب الكيان لم يتعود عليه من قبل، وبات الملايين في الملاجئ وسقطت العمارات على ساكنيها، ووصلت الصواريخ إلى بيت نتنياهو وكل القواعد العسكرية وكثير من المراكز البحثية مثل معهد وايزمان للأبحاث.
والسؤال متى تنتهي هذه الحرب؟ الكيان والدول الغربية سيكون صعبا عليهم التوقف دون تحقيق الأهداف، ومثلما قال نتنياهو في بداية حرب غزة نحتاج إلى بضعة أسابيع وهو الآن عالق لم يحقق شيئا بعد ما يقرب من عامين.
ولكي لا يستطيع الأعداء تحقيق أهدافهم ومن ثم يوقفون العدوان لا بد من تنحية البعد الطائفي جانبا، فالجميع مستهدف وما يحدث هو جزء من الحرب على كل الإقليم، ولا بد ن تقوم الدول المركزية مثل تركيا وباكستان بدورها في:
أولا: سد الثغرة الأمنية واكتشاف العملاء وإلا فإن كل شيء يكون عرضة للضياع.
ثانيا: في الدعم اللوجستي بالمعلومات وأنظمة الحرب الحديثة.
ثالثا: بالدعم العسكري والإمداد.
وأخيرا: بالحشد الدبلوماسي لإدانة ما يفعله الكيان وزيادة عزلته على كل المستويات الشعبية والرسمية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات إيران الحرب إيران إسرائيل حرب مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة أن إیران
إقرأ أيضاً:
محللون: نتنياهو يرفض إنهاء مشكلة التجويع
لا تزال آلة التجويع الإسرائيلية تحصد أرواح الغزيين، فالضحايا يتساقطون تباعا لأن الناس لا تجد ما تأكل، ورغم ذلك لا تظهر في الأفق بوادر أمل بأن يستجيب الاحتلال الإسرائيلي لدعوات وقف المأساة ووضع حد لحرب الإبادة والتجويع.
وفي هذا السياق، لم يأت المبعوث الأميركي للشرق الأوسط، ستيفن ويتكوف بجديد ولم يضغط على إسرائيل خلال زيارته أمس إلى مراكز توزيع المساعدات في غزة، بل أخبر عائلات الأسرى الإسرائيليين -حسب ما أوردت صحيفة هآرتس- أن حركة المقاومة الإسلامية ( حماس) مستعدة لنزع سلاحها، وهو ما نفته الحركة بشكل قاطع.
وبينما تطالب حركة حماس بإنهاء الحرب على غزة لتنتهي مأساة التجويع، يرفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو– المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية- هذا الأمر، بل يروج هو ووزراء حكومته بأنه لا توجد مجاعة في غزة، وهو ما ردده ويتكوف نفسه عندما قال إنه لا توجد مجاعة وإنما يوجد نقص في الغذاء.
وحسب الباحث بالشؤون السياسية والإستراتيجية، سعيد زياد، فإن الاحتلال الإسرائيلي لا يريد وقف الحرب، ويريد في المقابل استسلاما كاملا من أهل غزة وأن تسلم له المقاومة سلاحها حتى ينفذ خططه بترحيل أهل القطاع وتهجيرهم إلى بلدان أخرى.
وقال- في حديثه لبرنامج "مسار الأحداث"- إن حماس دعت منذ اليوم الأول لوقف الحرب على غزة، وهي لا تسرق المساعدات كما يروج لذلك الطرفان الإسرائيلي والأميركي.
ضغوط داخلية
ويقول الأميركيون إن حماس لا تريد وقف الحرب، وهو ما أشار إليه أدولفو فرانكو، المحلل الإستراتيجي في الحزب الجمهوري الأميركي، بقوله لبرنامج "مسار الأحداث"- إن وقف إطلاق النار سينهي مشكلة التجويع في غزة، وهو ما سعى إليه المبعوث الأميركي ويتكوف، لكن حماس -يتابع المتحدث- ربطت الأمر بشروط سياسية.
ويزعم الضيف الأميركي أن حماس تطالب بإنهاء الحرب وليس بوقف إطلاق النار، وهو ما لا تريده إسرائيل مدعومة من واشنطن، حيث يريان أن وقف الحرب بشكل كامل يخضع لشروط تضمن عدم وجود حماس في غزة في اليوم التالي لانتهاء الحرب.
إعلانورغم الدعم الأميركي المتواصل، يتعرض رئيس الوزراء الإسرائيلي لضغوط داخلية كبيرة من أصوات تطالب بوقف الحرب والإفراج عن بقية الأسرى لدى المقاومة في غزة، ومن بين هؤلاء الكاتب الصحفي في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، جدعون ليفي الذي لم يخف في حديثه لبرنامج "مسار الأحداث" موقفه المعارض لسياسة التجويع التي تمارس ضد الغزيين.
وأقر بأن ما تقوم به إسرائيل في غزة من تدمير وتجويع هو خطة ممنهجة لتحقيق أهداف أخرى أعمق، ومن بينها التطهير العرقي، الذي قال إنه عملية تدخل ضمن جرائم الحرب.
وكان ليفي قد قال -في مقال له بصحيفة هآرتس- إن صور المجاعة في غزة والتي تخفيها وسائل الإعلام الإسرائيلية المحلية تذكر بناجين من معسكرات الاعتقال والهولوكوست، مبرزا أن تحويل التجويع إلى سلاح مشروع هو المرحلة الأكثر شيطانية في هذه الحرب.
ويرى الكاتب المختص بالشؤون الإسرائيلية، إيهاب جبارين أن جدعون وغيره من الأصوات يتهمون حكومة نتنياهو بأنها تضر بسمعة إسرائيل ولا تسمع سوى صدى صوتها.