هجمات انتقامية وحصار ومجاعة.. النزاع في السودان يزداد حدة
تاريخ النشر: 19th, June 2025 GMT
في وقت ينشغل العالم بتطورات عدوان الاحتلال الإسرائيلي على إيران، تستمر الأزمة السودانية في التفاقم، وسط تحذيرات أممية من أن الحرب في السودان "تزداد دموية يوما بعد يوم" مخلفة آلاف القتلى، وملايين النازحين.
فقد حذرت بعثة الأمم المتحدة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق بشأن السودان من تصاعد حدّة الحرب الأهلية في السودان، مضيفة أن تصاعد حدة الحرب أدى إلى "عواقب مميتة لعدد لا يحُصى من المدنيين العالقين في النزاع".
جاء ذلك خلال عرض قدمته اللجنة أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف، أكدت فيه أن قوات "الدعم السريع" قامت بهجمات انتقامية في السودان وقتلت عشرات المدنيين، خصوصا في حي الصالحة بأم درمان.
أسلحة ثقيلة وسط السكان
وقالت اللجنة، إنها وثقّت تصاعدا في استخدام الأسلحة الثقيلة في المناطق المأهولة بالسكان، مشيرة إلى أن المساعدات الإنسانية تسُتخدم كسلاح وأن المستشفيات والمرافق الطبية تتعرض للحصار.
وأشارت اللجنة إلى أن طرفي النزاع قد كثفا من استخدام الأسلحة الثقيلة في المناطق المأهولة بالسكان "حيث تعرض المدنيون في محيط الفاشر للاعتداء والاحتجاز والقتل كما تمت مهاجمة وإحراق قرى ونهب ممتلكات من قبل قوات الدعم السريع".
ولفتت اللجنة إلى أنه "وخلال هجوم واحد من 10 إلى 13 نيسان/أبريل الماضي، قتل أكثر من 100 مدني في حين أسفر قصف آخر لقوات الدعم السريع على الكومة عن مقتل ما لا يقل عن 15 مدنيا".
النزاع لم يقترب من نهايته
وبخصوص جهود حل الأزمة وإنهاء الحرب في السودان، قال رئيس بعثة تقصي الحقائق، محمد شاندي عثمان: "لنكن واضحين: النزاع في السودان لم يقترب من نهايته بعد".
وشدد على أن حجم المعاناة الإنسانية لا يزال يتفاقم، وأيضا تفكّك الحكم وعسكرة المجتمع وتدخل جهات أجنبية، كلّها عوامل تغُذي أزمة تزداد دموية يوما بعد يوم".
ونبه المسؤول الأممي إلى أن الحرب - التي اندلعت في نيسان/أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع – أدت إلى مقتل آلاف السودانيين حتى الآن وإلى نزوح 13 مليون سوداني معرضة إياهم إلى العنف والنهب وتدمير المنازل والمرافق الصحية والأسواق وغيرها من البنى التحتية.
"جرائم دولية"
من جهتها قالت عضو بعثة تقصي الحقائق، منى رشماوي: "أن ما بدأ كأزمة سياسية وأمنية في السودان، قد أصبح الآن حالة طوارئ خطيرة على مستوى حقوق الإنسان والحماية وقد شمل ذلك ارتكاب جرائم دولية تلطخ سمعة جميع المتورطين فيها".
وأضافت: "من الفادح أن تدخل هذه الحرب المدمّرة عامها الثالث دون أي مؤشر على قرب انتهائها، ونحن جميعا نعلم، ولكن ربما يقتضي التذكير، أن المدنيين لا يزالون يتحملون العبء الأكبر من تصاعد العنف والاشتباكات".
وأشارت اللجنة إلى أنها قامت بإجراء 240 مقابلة، وتلقت 110 إجابات مكتوبة، وتحققت من صحة 30 مقطع فيديو، محددّة المواقع الجغرافية لثماني هجمات، وهي تقوم بجمع ملفات تحدّد هوية جناة محتملين.
وذكرت البعثة أنها بدأت بهذا الخصوص تعاونا مع هيئات قضائية معنية، مضيفة أنه "على الرغم من رفض السودان السماح للبعثة بدخول البلاد"، ذهبت البعثة إلى أوغندا وتشاد للتحقيق وأجرت أيضا محادثات رفيعة المستوى مع مسؤولي الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا.
"الإغاثة كسلاح"
اللجنة الأممية كشفت في تقريرها أن الإغاثة الإنسانية "اُستخدمت ولا تزال تستخدم كسلاح، وقد فرضت القوات المسلحة السودانية قيودا بيروقراطية، فيما قامت قوات الدعم السريع بنهب القوافل ومنعت إيصال المساعدات بالكامل".
وحذرت البعثة من أن هذه الأفعال تدفع البلاد نحو المجاعة، خاصة في دارفور، مشيرة إلى أنه في الثاني من حزيران/يونيو الجاري: "قصفت قافلة تابعة للأمم المتحدة بينما كانت في طريقها إلى الفاشر، مما أسفر عن مقتل خمسة من موظفيها".
وأكدت اللجنة أيضا قصف قوات الدعم السريع للمستشفى السعودي في الفاشر عشرات المرّات، كما قصفت طائرة مسيرة تابعة لقوات الدعم السريع مستشفى الأبيض الدولي في شمال كردفان مما أسفر عن مقتل ستة مدنيين وتسبب في إغلاق آخر العيادات الصحية العاملة في المنطقة".
كما تحدثت اللجنة عن ارتفاع كبير في حالات الاغتصاب في مخيمات النازحين القابعة تحت سيطرة قوات الدعم السريع.
وشددت اللجنة على أن غياب المساءلة يغذي النزاع، مطالبة "بتحقيق العدالة وأن تكون قضايا العدالة في جوهر أي اتفاق سلام لمعالجة غياب المحاسبة وهو الذي يشكل أحد الأسباب الجذرية للنزاع في السودان" وفق اللجنة.
أسوأ مستويات الجوع
وكان مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الخرطوم (أوتشا)، قال الاثنين الماضي، إن السودان يشهد أسوأ مستويات الجوع على الإطلاق، مشيرا إلى أن 638 ألف شخص يواجهون خطر المجاعة.
وقال المكتب الأممي في بيان، إن "الجوع في السودان في أسوأ حالاته، حيث يواجه 638 ألفا مجاعة" مشيرا إلى أن خطة الاستجابة للعام 2025 استهدفت إيصال المساعدات الغذائية إلى 16.5 مليون شخص، تم الوصول إلى.47.5 بالمئة منهم فقط.
ومنذ نيسان/أبريل 2023، يخوض الجيش و"الدعم السريع" حربا خلفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون ناوح ولاجئ، حسب الأمم المتحدة.
وفي الآونة الأخيرة تشهد ولايات كردفان الثلاث "شمال وجنوب وغرب" اشتباكات قوية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع للسيطرة عليها.
وبعد تقدم الجيش وسيطرته على الخرطوم وولاية النيل الأبيض (جنوب)، لم تعد "الدعم السريع" تسيطر سوى على أجزاء من ولايتي شمال كردفان وغرب كردفان وجيوب في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، بجانب 4 ولايات من أصل 5 بإقليم دارفور.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية السودانية الدعم السريع الجيش المجاعة الخرطوم السودان الجيش الخرطوم مجاعة الدعم السريع المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قوات الدعم السریع فی السودان إلى أن
إقرأ أيضاً:
تفاصيل تقرير رسمي عن حجم انتهاكات الحرب بالسودان
الخرطوم – حصلت الجزيرة نت على أحدث تقرير رسمي يكشف حجم انتهاكات الحرب في السودان قدمه في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف الفاتح طيفور النائب العام لجمهورية السودان رئيس اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق في جرائم وانتهاكات القانون الوطني والقانون الدولي الإنساني.
التقرير، الذي تم تقديمه الثلاثاء الماضي في جلسة الإحاطة للجنة تقصي الحقائق بشأن السودان خلال الدورة الـ59 لمجلس حقوق الإنسان، كشف عن قتل وجرح واغتصاب وإخفاء واحتجاز قسري لمئات الآلاف من السودانيين منذ اندلاع الحرب يوم 15 أبريل/نيسان 2023.
وأشار إلى أن "مليشيا قوات الدعم السريع المتمردة ارتكبت الإبادة الجماعية والقتل خارج نطاق القانون في ولاية الجزيرة ومناطق الجنينة، وأردمتا، والجموعية، والصالحة، والأبيض، والنهود، والخوي، ومعسكري زمزم وأبوشوك".
انتهاكات موثقةوبلغ العدد الإجمالي لضحايا الانتهاكات 28 ألفا و613 قتيلا، و43 ألفا و575 جريحا، وفق التقرير نفسه.
وجاء فيه أن "المليشيا المتمردة" استخدمت العنف الجنسي الواسع النطاق من اغتصاب فردي وجماعي واسترقاق جنسي كسلاح وأداة للإذلال بهدف تشريد المجتمعات والتغيير الديمغرافي.
وأشار إلى أن هذه الانتهاكات وثقتها تقارير الأمم المتحدة، كما سجلت اللجنة الوطنية 98 دعوى تتعلق بالاغتصاب، ووثقت وحدة مكافحة العنف ضد المرأة 1392 اغتصابا بينهن قاصرات، وهي تمثل أقل من 2% من الحالات المعلنة بسبب الخوف من الوصمة الاجتماعية.
ووفق التقرير ذاته، انتهكت "المليشيا المتمردة" حقوق الأطفال بتجنيد 9 آلاف منهم قسريا ودفعت بهم إلى ساحات القتال. واستعانت بعصابات من المرتزقة الأجانب من أكثر من 12 دولة.
وبلغت حالات الإخفاء والاحتجاز القسري 14 ألفا و506 حالات وفقا للتحقيقات التي أجرتها اللجنة الوطنية، فضلا عن تصفية الأسرى. وتحدث التقرير عن اكتشاف 965 مقبرة جماعية يُرجح أنها ضمت أعدادا كبيرة من حالات الإخفاء والاحتجاز القسري والأسرى الذين تمت تصفيتهم.
إعلان تدمير ممنهجوأضاف التقرير أن من سماها "المليشيا المتمردة" عمدت إلى استهداف الأعيان المدنية ودمرتها بطريقة ممنهجة باستخدام المسيّرات، بما في ذلك دور إيواء النازحين والمطارات والسدود ومحطات توليد الكهرباء، وميناء بورتسودان، ومستودعات الوقود، والمستشفيات، والسجون.
وحسب المصدر نفسه، سبق أن قدمت اللجنة الوطنية للتحقيق في جرائم وانتهاكات القانون الوطني والقانون الدولي الإنساني تقريرين عن أعمالها، مؤكدة على استقلالية التحقيقات التي تجريها والتزامها بكافة اشتراطات المحاكمة العادلة والمعايير المهنية، واتبعت نهجا يقوم على تسهيل الوصول إلى العدالة عبر الزيارات الميدانية لمقابلة الشهود والضحايا وعدم التقيد بالاختصاص المكاني.
وتوزعت الدعاوى المسجلة كالتالي:
120 ألفا و594 دعوى شملت جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإرهاب ارتكبتها "المليشيا المتمردة". 257 دعوى ضد منسوبين للقوات النظامية في حالات فردية غير ممنهجة. شطب 570 دعوى في مرحلة التحريات. اكتمال التحريات في 3997 دعوى أحيلت إلـى المحاكم الوطنية، وتم الفصل في 1093 منها، وإعلان هروب 619 متهما لتسليم أنفسهم للعدالة. خاطبت اللجنة 6 دول لتسليم 17 متهما يُعتقد بوجودهم فيها. توصياتوأشار التقرير ذاته إلى "نزاهة الأجهزة العدلية الوطنية وكفاءتها ورغبتها وقدرتها على تحقيق العدالة ومنع الإفلات من العقاب". وأكد أنه "لا مجال للفوضى والإفلات من العقاب"، وأن "السودان يمضي نحو الاستقرار بانحسار التمرد وهزيمته وعودة المواطنين".
واختتم بجملة من التوصيات منها:
إدانة سلوك "المليشيا المتمردة" (الدعم السريع). اعتبارها جماعة "إرهابية". حظر أنشطتها وتحركاتها. تصنيف قادتها عناصر "إرهابية".كما أوصى بإنهاء تفويض بعثة تقصي الحقائق الأممية، ودعم اللجنة الوطنية لإكمال مهامها، واستبعاد أي آلية خارجية بديلة، وتعزيز التكاملية بين المجلس واللجنة الوطنية. وحث أيضا دول الإقليم على التعاون مع اللجنة الوطنية في الوصول إلى الضحايا والشهود واسترداد المنهوبات.