محلل أميركي يتنبأ: تورط الولايات المتحدة في حرب ضد إيران سيحطم إرث ترامب
تاريخ النشر: 22nd, June 2025 GMT
يسعى الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى أن يكون قائدا يُحدث تحولات إيجابية، غير أنه لن ينجح في تحقيق ذلك إذا تورط في حرب على إيران.
والقادة -عادة- يحبون تحقيق المجد العسكري. وكان الرومان، عندما يحققون انتصاراتهم الشهيرة، يضيفون مواقع انتصاراتهم الشهيرة إلى أسماء جنرالاتهم المشهورين، مثل كوريولانوس وأفريكانوس وجرمانيكوس وبريتانيكوس، وهكذا.
والآن، قد يفضل البعض أن يحصل دونالد ترامب على لقب "بيرسيكوس" كلقب خاص به، والذي يعني المنتصر على الفرس. ولكن هل يمكن أن تساعد "هزيمة" إيران في تعزيز مستقبل الرئيس السياسي، أم أنها ستنعكس عليه بالسلب؟
ووفقا لجون ألين جاي، المحلل السياسي الأميركي والمدير التنفيذي لجمعية جون كوينسي آدمز لدارسي السياسة الخارجية في الولايات المتحدة، فإنه لا حاجة إلى النظر إلى أبعد من جورج بوش الأب وجورج بوش الابن لمعرفة تأثير الحرب على المكاسب السياسية الأميركية.
ويوضح جاي أن "الثنائي الرئاسي الأب والابن قاما بما يتوافق مع فكرتنا الرومانية بشن حرب ضد العراق، ونتذكرهما أساسا بسبب هاتين الحربين. ومع ذلك، ننسى أن بوش الابن غزا العراق، وأسر رئيسه وشنقه، وأرسل حاكما ليحكمه، ورأى 71% من الناخبين -آنذاك- أنه يقوم بعمل جيد، وأصبح يحمل لقب ’بوش ميسوبوتاميكوس‘ (المنتصر على بلاد ما بين النهرين) قبل أن تتحول حربه هذه إلى مستنقع".
وأضاف جاي -في تحليل نشرته مجلة ناشونال إنترست الأميركية- أن نسبة تأييد بوش الابن تراجعت تراجعا كبيرا، وخسر حزبه السيطرة على مجلسي الكونغرس في انتخابات التجديد النصفي لعام 2006 التي ركزت على الحرب، ثم خسر الانتخابات الرئاسية التالية.
وكان المرشح الجمهوري التالي الذي فاز بالرئاسة قد أهان الأخ الأصغر لبوش، ورفض كثيرا مما دعمه حزبه الجمهوري، بما في ذلك غزو العراق الذي أصبح بلا معني الآن. ويرى المحلل الأميركي أن "مغامرة بوش الابن في العراق غيّرت أمتنا، وجعلتها أكثر غضبا وأكثر انقساما، وأقل ثقة بالسلطة".
إعلانواعتبر جاي أنه ربما يكون بوش الأب الذي حقق نصرا واضحا ودائما أفضل حالا، إلا أن هذا لم يكن هو الحال. فقد أشرف على هزيمة جيوش صدام حسين في الكويت، وكانت الخسائر منخفضة، وابتهج الشعب، مما أدى إلى ارتفاع شعبية بوش الأب إلى 89% في فبراير/شباط 1991. ومع ذلك، خسر "بوش كويتيكوس" (محقق النصر في الكويت) في الانتخابات بعد 21 شهرا. وتراجع في جميع استطلاعات الرأي بعد المؤتمر الوطني الديمقراطي في منتصف يوليو/تموز 1992، إذ انخفضت نسبة تأييده إلى 29%.
ويرى جاي أن مهمة بوش لم تكن سهلة، ورغم أنه صنع انتصارا عسكريا ساحقا في الخارج، فإن ذلك لم يكن كافيا، ففي حين وجد بوش الابن هزيمة سياسية في هزيمة عسكرية، وجد بوش الأب هزيمة سياسية في انتصار عسكري.
التعامل مع إيرانويشير جاي -المؤلف المشارك لكتاب "الحرب مع إيران: العواقب السياسية والعسكرية والاقتصادية"- إلى أن هناك سيناريوهين بشأن التعامل مع إيران:
السيناريو المتشائم: الحرب مع إيران لن تساعد مشروع ترامب، وإنما قد تدمره:
فقد تشعل الضربات الأميركية المحدودة حربا شاملة، حيث توسع إيران نطاق الصراع، نظرا لأنها تواجه التهديد الوجودي الخارجي الوحيد، وتقصف إيران قواعد أميركية في جميع أنحاء الشرق، ويرد الطيارون الأميركيون بقصف منصات الصواريخ الإيرانية ومراكز القيادة، وفي النهاية البنية التحتية. ولا شيء من هذا يقنع طهران بالتوقف عن إطلاق النار.
ونتيجة لذلك، ترتفع أسعار النفط وتظل مرتفعة مع احتراق ناقلات النفط في مضيق هرمز. وتتسبب أسعار النفط المرتفعة في خفض الاستهلاك، مما يدفع العالم إلى حالة ركود، ويتعرض الأميركيون واليهود والإسرائيليون للاستهداف في جميع أنحاء العالم، وتتدفق الأسلحة الأميركية إلى الشرق الأوسط بينما تتطلع الصين إلى تايوان.
ويصبح اسم ترامب يُضرب به المثل، ثم يخسر جيه دي فانس (نائب الرئيس) في انتخابات عام 2028، ويطلق خليفة ترامب الديمقراطي الصواريخ على إيران لمدة 8 أعوام، ومع ذلك تتمكن إيران من امتلاك قنبلة نووية. ثم يعرض المحافظون الجدد -وبعضهم عاد من هجرتهم إلى الحزب الديمقراطي في عهد ترامب- أن يقودوا الجمهوريين للخروج من الأزمة.
السيناريو المتفائل: نجاح حملة عسكرية محدودة في القضاء على النووي الإيراني:
وتقنع التهديدات المتراكمة طهران بأن الانتقام الكبير لن يؤدي إلا إلى تعريض النظام لخسائر أكبر. والأفضل من ذلك أن يتخلى قادة إيران عن برنامجهم النووي، وهم يقفون فوق أنقاض قاعات تخصيب اليورانيوم.
وتتسبب الهزيمة العسكرية في حدوث انقلاب واحتجاجات شعبية تدفع عناصر في الحرس الثوري إلى إبرام صفقة هادئة مع المتظاهرين لتخفيف القيود الاجتماعية وفتح الاقتصاد الإيراني أمام الاستثمار الدولي. وتهرب شخصيات النظام التي هددت بقتل ترامب إلى روسيا، ويعاد فتح السفارة الأميركية في طهران وتنتشر شائعات بأن الإسرائيليين يرغبون في إجراء محادثات تطبيع.
ويرى جاي أن هذا سيناريو متفائل للغاية، حيث تسير الأمور لمصلحة أميركا من كل الجوانب. ومع ذلك -حتى مع هذا الاحتمال غير المرجح- ماذا سيكون رأي المواطن الأميركي العادي؟ إنه لا يعيش في الشرق الأوسط ولم يسبق له أن زاره. لقد شعر بالفخر عندما انتصرت أميركا، لكنه لم يكن شعورا عميقا، فقد كانت الحملة الجوية قصيرة، وشاهد في الغالب خرائط على شبكة "سي إن إن" ومقاطع فيديو غير واضحة على وسائل التواصل الاجتماعي. ولم تكن هناك قوات على الأرض ولم يتم إسقاط أي تماثيل.
إعلانوبعد بضعة أشهر، وبينما كان يحاول المواطن إرجاء غسل الأطباق بعد مباراة كرة القدم الأميركية، شاهد تقريرا تلفزيونيا عن الحريات الجديدة في إيران، مما أسعده. ولكن في صندوق الاقتراع ذلك الخريف، كان يفكر في أمور تؤثر عليه حقا وعلى حياته في الولايات المتحدة وهي الاقتصاد والضرائب والثقافة والهجرة والجريمة. ولن يدلي المواطن بصوته في الانتخابات في ما يتعلق بإيران، لأن الأمر لا يعني له الكثير.
واختتم جاي تحليله بالقول إن ترامب لا يحتاج إلى سعي عسكري في الشرق الأوسط لكي يحقق المجد على غرار القائد الروماني كراسوس، وإنما يتعين عليه استخدام القوات الأميركية في المنطقة لردع إيران، لا لضربها، والعودة إلى التركيز على العمل الذي يهم المواطنين الأميركيين العاديين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات الشرق الأوسط بوش الابن مع إیران بوش الأب ومع ذلک جای أن
إقرأ أيضاً:
إيران: نحتفظ بحق الرد الكامل بعد الضربات الأميركية على منشآتنا النووية
اعتبر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن الولايات المتحدة "انتهكت بشكل جسيم" القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، محذرًا من أن بلاده "تحتفظ بكامل حقها في الرد واتخاذ جميع الإجراءات اللازمة للدفاع عن سيادتها".
جاء ذلك في أول رد دبلوماسي رسمي على الهجوم الأميركي الذي استهدف منشآت نووية إيرانية صباح اليوم،
وقال عراقجي، في بيان رسمي: إن الضربات التي نفذتها القوات الأميركية تمثل "تصعيدًا خطيرًا واستفزازًا مرفوضًا"، مضيفًا أن "الاعتداء على منشآت نووية سلمية يشكل تهديدًا للأمن الإقليمي والدولي، وانتهاكًا واضحًا لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT)".
وفي تغريدة نشرها عبر منصة "إكس"، شدد الوزير الإيراني على أن "ما حدث هذا الصباح فظيع، وستترتب عليه عواقب وخيمة"، داعيًا المجتمع الدولي ومجلس الأمن إلى "التحرك الفوري لوضع حد لهذا السلوك الإجرامي والخارج عن القانون".
وأضاف: "يجب على جميع أعضاء الأمم المتحدة أن يشعروا بالقلق العميق من هذا التصرف الخطير، الذي يهدد أسس القانون الدولي والنظام العالمي".
واختتم عراقجي تصريحاته بالتأكيد على أن "إيران تحتفظ بكل الخيارات المشروعة للدفاع عن سيادتها وشعبها ومصالحها الوطنية، وفقًا لأحكام ميثاق الأمم المتحدة"، مشيرًا إلى أن "الضربات الأميركية ستكون لها تداعيات دائمة".
طالبت البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة، اليوم الأحد، بعقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي، على خلفية الضربة العسكرية التي نفذتها الولايات المتحدة ضد منشآت نووية داخل إيران.
وجاء الطلب الإيراني بعد ساعات من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن مقاتلات بلاده نفذت "هجومًا ناجحًا للغاية" على منشآت فوردو ونطنز وأصفهان، ضمن عملية عسكرية تهدف إلى "تدمير قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم".
وفي رسالة رسمية وجهتها البعثة الإيرانية إلى مجلس الأمن الدولي، طالبت طهران بعقد اجتماع عاجل "حفاظًا على السلم والأمن الدوليين"، لبحث ما وصفته بـ"العمل العدواني السافر وغير القانوني"، داعية المجلس إلى "إدانته بأشد العبارات واتخاذ جميع التدابير اللازمة في إطار المسؤوليات الموكلة إليه بموجب ميثاق الأمم المتحدة".
وأكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في منشور نشره عبر منصته "تروث سوشيال" أن "درة تاج البرنامج النووي الإيراني، فوردو، قد انتهت"، في إشارة إلى حجم الدمار الذي ألحقته الغارات بتلك المنشأة شديدة التحصين، الواقعة جنوب العاصمة طهران.
وفي تصريحات لاحقة خلال كلمة متلفزة، وجه ترامب تحذيرًا مباشرًا للقيادة الإيرانية، قائلًا: "إما أن يكون هناك سلام أو مأساة بالنسبة لإيران أكثر بكثير من التي شهدناها في الأيام الثمانية الماضية". واعتبر ترامب أن نجاح العملية العسكرية يمثل رسالة واضحة بأن الولايات المتحدة قادرة على تنفيذ عمليات دقيقة في عمق إيران، مع الحفاظ على سلامة قواتها.
وأضاف ترامب: "جميع الطائرات في طريق العودة للوطن بسلام. نهنئ محاربينا الأمريكيين العظماء"، مشيدًا بكفاءة الجيش الأمريكي في تنفيذ العمليات المعقدة.