لا تزال الضربة الأمريكية الأخيرة التي استهدفت منشآت إيران النووية تثير جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والاستخباراتية، وسط تضارب واضح في الروايات بين الجهات الرسمية والتقارير الاستخباراتية. وبينما تؤكد واشنطن على “نجاح الضربة”، تشير تقارير مسربة من الكونغرس إلى نتائج ميدانية أقل تأثيراً مما كان متوقعاً.

قالت مديرة الاستخبارات الأمريكية تولسي غابرد إن بعض وسائل الإعلام “الدعائية”، على حد وصفها، تعمدت تسريب تقييمات سرية بشكل غير قانوني بهدف تقويض إدارة الرئيس دونالد ترامب، مشيرة إلى أن تلك التسريبات تتعلق بمستوى الدمار الذي لحق بالمنشآت النووية الإيرانية.

وبينما تؤكد غابرد أن المعلومات التي وصلت إليها تشير إلى “تدمير كامل” للمنشآت الإيرانية، فإن تقارير أخرى رسمية وشبه رسمية صادرة عن الكونغرس تعارض هذه الرواية بشكل مباشر.

كشفت مصادر مطلعة، نقلت عنها شبكة “NBC” الأمريكية، أن التقييم الاستخباراتي الصادر عن الكونغرس يشير إلى أن الضربة الأمريكية “لم تحقق أهدافها بشكل كامل”. وذكر التقرير أن “أجزاء رئيسية من البرنامج النووي الإيراني لا تزال سليمة”، وهو ما وصفه مسؤولون بأنه “مؤشر سيء” يعكس محدودية نتائج العملية العسكرية.

من جانبه، قال الباحث في الشؤون الإيرانية هاني سليمان إن المنشآت النووية الإيرانية في نطنز وفوردو وأصفهان تعرضت بالفعل إلى “تدمير كبير”، لكنه أشار إلى أن المسألة لا تتعلق فقط بحجم الدمار، بل بقدرة إيران على مواصلة برنامجها النووي رغم ذلك.

وأوضح سليمان أن إيران ما زالت تمتلك كميات من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، وقد تم نقلها من منشآت فوردو إلى “أماكن غير معلومة”، ما يعزز فرضية استمرار النشاط النووي خارج رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وأضاف أن بعض التقديرات الاستخباراتية تشير إلى إمكانية إعادة ترميم المنشآت المتضررة خلال فترة تتراوح بين 6 إلى 9 أشهر، مما يعكس هشاشة تأثير الضربة على المدى الطويل، رغم الصدمة الأولية.
يرى سليمان أن إيران لن تتوقف عن تطوير قدراتها النووية، بل إنها قد تتجه نحو نهج أكثر سرية واستقلالاً، بعيداً عن أعين الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ويشير إلى إمكانية لجوء طهران إلى منشآت غير معلن عنها أو توسيع قدراتها في مواقع جديدة يصعب تتبعها.

ويتوقع سليمان أن تواجه الولايات المتحدة وإسرائيل صعوبات متزايدة في تعقب البرنامج النووي الإيراني، ما لم تُعَد صياغة قواعد جديدة للمفاوضات أو يتم وضع استراتيجيات رقابة فعالة تتماشى مع الديناميكية الجديدة التي قد تتبناها طهران.
ضربة لم تُنهِي المشروع… بل قد تُسرّعه

رغم الطابع الحازم الذي حاولت الولايات المتحدة أن تضفيه على ضربتها، إلا أن الوقائع على الأرض والتقييمات الاستخباراتية تكشف عن واقع أكثر تعقيداً. فأيران لم تُسقط بعد من يدها ورقة البرنامج النووي، بل تبدو وكأنها تستعد لجولة جديدة أكثر حذرًا ودهاءً.

صدى البلد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: البرنامج النووی

إقرأ أيضاً:

بعد الضربة الأمريكية لمنشآت إيران النووية.. من يملك السلاح الأقوى بين الدول التسع؟

في عالم لا يزال يعاني من اضطرابات سياسية وتوترات عسكرية، تبقى الأسلحة النووية العامل الأشد حساسية في معادلات الردع والتهديد. ومع أن معاهدة عدم الانتشار النووي تهدف إلى الحد من انتشار هذه الأسلحة، فإن الواقع يفرض وجود تسع دول تمتلك قدرات نووية متفاوتة، بعضها معلن والبعض الآخر يُحاط بالغموض. فما هي هذه الدول؟ ومن منها يملك السلاح الأقوى؟ وكيف يتوزع التهديد النووي حول العالم؟

القوى النووية الخمس الكلاسيكية

الولايات المتحدة، روسيا، الصين، فرنسا، والمملكة المتحدة، تُعرف بالدول الخمس "الأصلية" المالكة للسلاح النووي. وقد كانت هذه الدول أول من امتلك القنبلة النووية، وهي جميعها موقعة على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT).

تنص هذه المعاهدة على التزام الدول غير النووية بعدم السعي لتطوير أو الحصول على سلاح نووي، مقابل التزام الدول النووية بالتفاوض بنية حسنة لنزع السلاح تدريجياً. ومع ذلك، تُظهر الأرقام أن الترسانات النووية لا تزال قائمة، بل تشهد أحياناً تحديثاً مستمراً.

خصمان نوويان خارج المعاهدة.. الهند وباكستان

في جنوب آسيا، تسير الهند وباكستان خارج مظلة المعاهدة. لم توقع أي من الدولتين على الاتفاقية، وبدأ سباق التسلح النووي بينهما منذ أن أجرت الهند أول تجربة نووية عام 1974، تبعتها تجارب متسارعة عام 1998، دفعت باكستان للرد بتجارب مماثلة خلال أسابيع. يشكّل هذان الخصمان الإقليميان بؤرة توتر نووي دائمة، خصوصاً في ظل النزاع المستمر حول إقليم كشمير.

كوريا الشمالية.. التهديد المنعزل

انضمت كوريا الشمالية إلى المعاهدة عام 1985 لكنها انسحبت منها عام 2003، متهمة الولايات المتحدة بـ"العدوان". منذ عام 2006، بدأت بيونغ يانغ سلسلة من التجارب النووية المثيرة للقلق، لتصبح اليوم من أكثر الدول غموضاً وخطورة في الملف النووي العالمي.

إسرائيل.. الغموض النووي

تحتفظ إسرائيل بسياسة "الغموض النووي"، إذ لم تعترف يوماً بامتلاك سلاح نووي ولم توقّع على المعاهدة. ومع ذلك، تُقدّر منظمات دولية عديدة امتلاكها ما يقارب 90 رأساً نووياً، ما يجعلها قوة نووية فعلية رغم غياب الاعتراف الرسمي.

إيران.. بين الشكوك والضمانات

إيران تُصرّ على سلمية برنامجها النووي، وتنفي سعيها إلى تطوير سلاح نووي. غير أن تخصيبها لليورانيوم بنسبة تصل إلى 60% أثار قلقاً دولياً، خصوصاً أن النسبة المطلوبة لصناعة سلاح نووي تبلغ 90%. حتى الآن، لا توجد أدلة قاطعة تؤكد امتلاك طهران لقنبلة نووية، لكن الشكوك مستمرة.

توزيع الرؤوس الحربية النووية عالميًا

وفقًا لتقرير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) الصادر في يناير، جاء توزيع الرؤوس الحربية النووية التسع كالتالي:

روسيا: 4309 رأساً

الولايات المتحدة: 3700 رأس

الصين: 600 رأس

فرنسا: 290 رأس

المملكة المتحدة: 225 رأس

الهند: 180 رأس

باكستان: 170 رأس

إسرائيل: 90 رأس

كوريا الشمالية: 50 رأساً (تقديريًا)

 

العالم اليوم يقف أمام توازن هش تُشكّله رؤوس نووية قادرة على إبادة مدن بأكملها خلال دقائق. وبين اتفاقيات دولية تهدف للحد من هذه القدرات، وواقع يثبت استمرار سباق التسلح، يبقى السلاح النووي التهديد الأكبر للسلم العالمي.

طباعة شارك كوريا الشمالية الهند السلاح النووي روسيا الولايات المتحدة الصين

مقالات مشابهة

  • الكونغرس منقسم… هل دمّرت واشنطن فعلاً البرنامج النووي الإيراني؟
  • وكالة المخابرات الأمريكية تحسم الجدل بشأن تضرر البرنامج النووي الإيراني
  • محمد الزهار: الضربة الأمريكية على منشآت إيران النووية لم تُحقق أهدافها|فيديو
  • سي إن إن: الضربات الأمريكية فشلت في تدمير قدرات إيران النووية
  • ترامب .. سنطلب من إيران التخلي عن البرنامج النووي
  • بعد الضربة الأمريكية لمنشآت إيران النووية.. من يملك السلاح الأقوى بين الدول التسع؟
  • مبعوث ترامب يشرح تفاصيل الضربة الأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية .. فيديو
  • الاستخبارات الأمريكية: الضربة لم تدمر البرنامج النووي.. أخرته لأشهر فقط
  • تقرير استخباراتي سري: الضربات الأمريكية لم تدمر البرنامج النووي الإيراني