احتكار إسرائيل النووي.. خلل في توازن الشرق الأوسط وتهديد للنظام الدولي
تاريخ النشر: 28th, June 2025 GMT
في مشهد يُجسّد عمق التناقضات الدولية، شنّت الولايات المتحدة الأمريكية، خلال شهر يونيو 2025م، هجومًا جويًا واسعًا على المنشآت النووية الإيرانية، مستهدفة مواقع فوردو ونطنز وأصفهان، في عملية عسكرية أعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب واصفًا إياها بـ”الناجحة للغاية”، مؤكدًا أن “جميع الطائرات الأمريكية خرجت من المجال الجوي الإيراني بعد إسقاط حمولة كاملة من القنابل على الموقع الأساسي في فوردو”.
هذا التصعيد العسكري الأمريكي، بذريعة استهداف برنامج نووي سلمي، يسلّط الضوء مجددًا على التناقض الجوهري في النظام الدولي: إسرائيل، الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تمتلك ترسانة نووية، تظل فوق القانون الدولي، محصّنة من التفتيش، وغير موقعة على أي معاهدة رقابة، بينما تُقصف دول أخرى لمجرد شبهات أو طموحات نووية سلمية.
قنبلة واحدة تغيّر المعادلة
في قلب الشرق الأوسط المضطرب، تُثبِت الحقائق أن السلاح النووي لم يعد فقط أداة ردع، بل بات قنبلة أخلاقية تهدد نزاهة النظام العالمي. ووفق أحدث تقرير لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) حتى 1 يناير 2025م، فإن تسع دول فقط تملك هذا السلاح القاتل، بإجمالي 12,241 رأسًا نوويًا، منها 9,614 رأسًا يحتفظ بها في ترسانات عاملة، و2,100 رأس في حالة تأهّب قصوى.
إسرائيل.. استثناء نووي محمي
تقدّر ترسانة إسرائيل النووية بنحو 90 رأسًا نوويًا، تتوزع بين قنابل جاذبية قابلة للتحميل على الطائرات (حوالي 30 رأسًا) وصواريخ من طراز Jericho II وIII (حوالي 60 رأسًا). رغم ذلك، تواصل إسرائيل انتهاج سياسة “الغموض النووي”، رافضة الانضمام إلى معاهدة عدم الانتشار، كما لا تخضع لأي تفتيش أو رقابة دولية.
في المقابل، تسجّل دول الشرق الأوسط الأخرى — من تركيا إلى إيران، مرورًا بمصر ودول الخليج — صفرًا في عدد الرؤوس النووية. ومع ذلك، تخضع هذه الدول لضغوط سياسية وعسكرية متزايدة، كما هو حال إيران التي تُلاحق على مستوى دولي لمجرد امتلاكها برنامجًا نوويًا ذا طابع مدني.
مفارقات تهزّ التوازن
1. ازدواجية المعايير
يُعامل البرنامج النووي الإيراني كمصدر تهديد، فيُستهدف سياسيًا وعسكريًا، بينما تُعامَل إسرائيل كاستثناء، لا تُسأل عن ترسانتها، ولا تُلزم بأي رقابة أو التزام قانوني.
2. السلاح المخفي والتهديد العلني
في مارس 2025م، صرّح مسؤول إسرائيلي بارز بأن “الخيار النووي على الطاولة في غزة”، في تهديد مباشر باستخدام هذا السلاح المحظور ضد منطقة مكتظّة بالمدنيين، ما يعمّق الشعور بعدم الأمان الإقليمي.
3. تفوّق غير متوازن
ترسانة إسرائيل النووية تسجن مستقبل المنطقة في معادلة ردع غير متكافئة، وتحرم الشعوب من حق تطوير دفاعاتها السيادية، بذريعة “ضمان التفوق الإسرائيلي”.
سباق تسلّح جديد.. وتراجع في الضبط الدولي
تؤكد بيانات معهد SIPRI أن العالم يشهد حالة “سباق تسلّح نووي جديد”، في ظل تقهقر أدوات الضبط والرقابة. فمع الانسحاب الأمريكي من معاهدة القوات النووية المتوسطة (INF) والتحفّظ على تجديد معاهدة “نيو ستارت”، تتسابق الدول الكبرى لتحديث ترساناتها، وإسرائيل ليست استثناءً، إذ تعمل على تطوير تقنياتها النووية بوتيرة متسارعة، بما يشمل قدرات التوصيل الجوية والصاروخية.
من أجل عدالة نووية
إن احتكار إسرائيل للسلاح النووي، مع الحصانة الدولية التي تتمتع بها، يُعدّ تهديدًا ليس فقط للأمن الإقليمي، بل ولنزاهة النظام العالمي القائم على القانون الدولي. لذلك، فإن الحلّ لا يكون بالتصعيد أو الضربات الوقائية، بل بفرض نزع نووي شامل في منطقة الشرق الأوسط، يشمل إسرائيل أولًا.
كما أن إصلاح النظام الدولي يقتضي إخضاع جميع البرامج النووية، بما فيها السلمية، لرقابة متعدّدة الأطراف تتسم بالشفافية والعدل، بعيدًا عن الانتقائية السياسية.
لا أمن حقيقي في ظل امتيازات نووية غير متوازنة، ولا استقرار مع دولة تمتلك سلاحًا نوويًا خارج كل الأطر الرقابية. إن قنبلة واحدة، سواء أُطلقت أم بقيت مُهدِّدة، كفيلة بأن تُعيد تشكيل الشرق الأوسط… والعالم كله.
*عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
أول رجل أعمال مصري يتصدر قائمة فوربس الشرق الأوسط للسياحة والسفر 2025
للمرة الأولى في تاريخ قوائم فوربس الشرق الأوسط للسياحة والسفر، يتصدر رجل أعمال من القطاع الخاص ترتيب أقوى القادة في القطاع، وهو هشام طلعت مصطفى، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لمجموعة طلعت مصطفى القابضة.
وجاء تصدر هشام طلعت مصطفى للقائمة لعام 2025، على كل قادة القطاع الخاص المدرجين بالقائمة، فيما سبقه قادة إما ينتمون غالبًا لمنظمات حكومية أو شركات مملوكة لصناديق سيادية، ما يعكس تميز "هشام" وقدرته على تحقيق نجاحات استثنائية في قطاع يشهد منافسة قوية.
هذا الإنجاز يضع مجموعة هشام طلعت مصطفى في مقدمة رواد قطاع السياحة المصري والعربي، ويعكس قدرة مصر على المنافسة والريادة على مستوى المنطقة.
تأتي هذه الإنجازات في ضوء مسيرة تمتد لأكثر من 40 عامًا في قيادة مجموعة طلعت مصطفى، التي تدير حاليًا أكثر من 5 آلاف غرفة فندقية موزعة على 11 فندقًا قائمًا، إضافة إلى 5 فنادق قيد التطوير، ومحفظة أراضٍ تتجاوز 125.9 مليون متر مربع في مصر والسعودية وعُمان والعراق.
سجلت المجموعة مبيعات تراكمية بقيمة 6.9 مليار دولار في الربع الأول من 2025، بينما ارتفعت إيرادات القطاع الفندقي بنسبة 50% لتصل إلى 69 مليون دولار، مما يمثل 37% من إجمالي إيرادات المجموعة البالغة 186 مليون دولار.
تعتمد قائمة فوربس الشرق الأوسط على معايير دقيقة تشمل حجم الأعمال وعدد الفنادق والغرف، الإيرادات وقيمة الاستثمارات والأصول، الانتشار الجغرافي، التأثير الاقتصادي، قوة القيادة، والإنجازات خلال العامين 2024 و2025.
يُذكر أن هشام طلعت مصطفى ساهم بدور فعال في تطوير قطاع السياحة في مصر من خلال استحواذ ذراع المجموعة "إيكون" على 51% من شركة "ليجاسي للفنادق والمشروعات السياحية"، المالكة لسبعة فنادق تاريخية مثل "ماريوت مينا هاوس القاهرة" و"سوفيتيل وينتر بالاس الأقصر" و"أولد كتراكت أسوان"، مما عزز الدخل الدولاري للمجموعة ورفع مستوى الضيافة الفندقية في مصر.
كما عززت شراكات المجموعة مع علامات فندقية عالمية مثل "فورسيزونز" و"كيمبينسكي" من جودة الخدمات، مما ساهم في جذب شريحة من السياح ذوي الإنفاق المرتفع ورفع أسعار الليلة الفندقية، مؤكدة مكانة مصر كوجهة سياحية فاخرة في المنطقة.