قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ان سيدنا النبي ﷺ عندما أمر أصحابه بالهجرة إلى الحبشة، ضرب لنا مثلاً إلى يوم الدين في هجرة الأمن؛ فمن ضيق عليه في وطنه، فلم يأمن على نفسه أو ماله أو عرضه، فله أن ينتقل إلى بلادٍ أخرى يجد فيها الأمن والأمان.

وأضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أنه قد ضرب لنا مثلاً آخر في هجرة الإيمان، وهى التي فعلها كل الأنبياء، إذ هاجروا بالمؤمنين من ديارهم، فرأينا سيدنا إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة السلام وهو يقول: {وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ}، وسيدنا إبراهيم ترك قومه وهاجر هجرة إيمان، وقد تكون أيضًا أمن، لأنهم ألقوه في النار .

دعاء لقضاء الديون.. علمه النبي لعلي فردده الآندعاء يحفظ من الحوادث والمصائب المفاجئة.. ردده ينجيك من كل مكروه وسوء

وهاجر سيدنا موسى عليه السلام ببني إسرائيل، وهاجر سيدنا عيسى عليه السلام إلى مصر صغيرًا، وهاجر سيدنا نوح عليه السلام بسفينته فراراً من الغرق.

فهجرة الأنبياء مذكورة بتفاصيلها في القرآن الكريم.إذًا، مما يُرضي الله أن تُهاجر في سبيله؛ طلبًا للأمن أو طلبًا للإيمان، لكن الهجرة المخصوصة التي قُسِّمَ الصحابة بشأنها إلى "المهاجرين" و"أنصار" قد انتهت بفتح مكة، حتى قال رسول ﷺ بعد فتح مكة : «لا هجرة بعد الفتح؛ وإنما جهادٌ ونية». 

ومع ذلك، فقد فتح لنا ﷺ باب الهجرة ووسع معناها جدا، فقال ﷺ : «والمهاجرُ مَنْ هجر ما نهى الله عنه». فبعد أن أغلق باب الهجرة المصطفوية لانتهاء زمانها، فتح باب الهجرة الإيمانية لبقائه إلى يوم الدين، «والمهاجرُ مَنْ هجر ما نهى الله عنه» ، وفي حديث «ولو أن تهاجر شبرًا من الأرض».

فما معنى "تهاجر شبرًا من الأرض"؟ كان بعض مشايخنا قديمًا –وكانت،  وما زالت الزحام في المواصلات، واختلاط الرجال بالنساء، وما يصحب ذلك من أذى - يقول: "الآن ظهر الحديث، لو تحركت شبرًا لتحافظ على حرمة المرأة، أختك في الله، لكي لا تضايقها، فقد هاجرت في سبيل الله".

كنا نظن أن "شبرًا" مجاز، لكن تبين أنه حقيقي، أن تهاجر في سبيل الله يعني الابتعاد عن الأذى، والضرر، والإضرار، والمعصية، وسوء الأدب، وقلة الحياء، وقلة الديانة... هاجر.
وقد يتحول أحدهم من مكتبه إلى غرفة مجاورة، ونيته في ذلك أَلَّا يسمع الْغِيبة، ولا النميمة، ولا البهتان، فيكون بذلك هاجر مترًا من الأرض، وهكذا.

فهذا شعور ما زال باقيًا في قلب المؤمن؛ أن يُهاجر في سبيل الله، ولو شبرًا من الأرض.

إذًا، معنى الهجرة معنى واسع، فقد تكون : الهجرة للأمن، وقد تكون للإيمان، وقد تكون بعدًا عن المعصية، وقد تكون طلبًا للعلم، وقد تكون بِرًّا بالوالدين، وقد تكون في سبيل الله؛ طلبًا للجهاد بكل أنواعه، وقد تكون طلبًا للرزق، ... وغيرها من صور الهجرة التي لا تزال أبوابها مفتوحة لمن أراد وجه الله تعالى.

طباعة شارك الهجرة النبوية هجرة النبي السنة الهجرية الجديدة

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الهجرة النبوية هجرة النبي السنة الهجرية الجديدة فی سبیل الله ا من الأرض وقد تکون

إقرأ أيضاً:

أنوار الصلاة على رسول الله عليه الصلاة والسلام

اللَّهُمَّ إِنِّا نَسْأَلُكَ بِنُورِ وَجْهك الْعَظِيمِ الَّذِي مَلأَ أَرْكَانَ عَرْشِك أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مَوْلاَنَا مُحَمَّدٍ ذِي الْقَدْرِ الْعَظِيمِ وَعَلَى آلِ نَبِيِّ الله الْعَظِيمِ بِقَدْرِ ذَاتِ الله الْعَظِيمِ فِي كُلِّ لَمْحَةٍ وَنَفَسٍ عَدَد مَا فِي عِلْمِك صَلاَةً دَائِمَةً بِدَوَامِ الله الْعَظِيمِ تَعْظِيماً لنَبِيِّنَا مُحَمَّد ذُو الْخُلُقِ الْعَظِيمِ وَسَلِّمْ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ مِثْلَ ذَلِكَ وَاجْمَعْ بَيْنِا وَبَيْنَهُ كَمَا جَمَعْتَ بَيْنَ الرُّوحِ وَالنَّفْسِ ظَاهِراً وَبَاطِناً يَقَظَةً وَمَنَاماً وَاجْعَلْهُ يَا رَبِّ شَفِيعاً لَنَا يَوْمَ الحِسَاب.
صَلَّى الَّله عَلَيْكَ يَا حَبِيبِي يَا رَسُولَ الله

مقالات مشابهة

  • لماذا نصلي على سيدنا إبراهيم في التشهد أثناء الصلاة؟.. دار الإفتاء تجيب
  • علي جمعة: نزول سيدنا عيسى فى آخر الزمان من علامات الساعة الكبرى
  • علي جمعة: البعض يرفض روح التعاون والإيثار بين أصحاب النبي فى الهجرة
  • كيف انتشرت روح المحبة بعد الهجرة إلى المدينة؟ علي جمعة يوضح
  • عبدالله بلحيف: الاستثمار بعقول الشباب سبيل للاستدامة
  • مفتي الجمهورية: الهجرة النبوية درس في صناعة المستقبل وحب الوطن من صميم الدين
  • أنوار الصلاة على رسول الله عليه الصلاة والسلام
  • خالد الجندي: قصة قاتل الـ100 نفس درس في هجرة التائبين
  • أنصار الأمس .. أنصار اليوم : قراءة في دروس الهجرة النبوية للسيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي (تفاصيل)