لجريدة عمان:
2025-07-01@04:02:27 GMT

القارئ الواعي.. محمد المنصور نموذجا

تاريخ النشر: 30th, June 2025 GMT

تكمن قيمة قراءة الكتب في الأثر المعرفي الذي تتركه بعد أن تُطوى الصفحة الأخيرة في الكتاب، ولكن هناك قيما أخرى تتمثل في إحياء الذاكرة والتذكير بأشخاص أو مواقف مر بها المرء، وبقيت تنتظر من يؤكدها أو تحضر كشاهد على حدث معين. وهذا ما سيتم ذكره في هذه المساحة.

قرأت منذ أيام كتاب (فن الروائي ووعي القارئ: تأملات في أركان فن الرواية) للكاتب والروائي السعودي بدر السماري.

الصادر عن دار تشكيل للنشر والتوزيع. استعرت الكتاب من الصديق الدكتور محمد المهري. وما أن تصفحته حتى وجدت نفسي انسحب إلى مركزه سابحا في فلكه، صفحة بعد أخرى وموضوعا يليه آخر. يتوزع الكتاب على ١٧٣ صفحة، وكل صفحة تتطلب مجهودا من التركيز، لأن كل صفحة تُعد خُلاصة أفكار، ومحصلة قراءات معمقة لأهم الروايات والكتب الأدبية. كمثل هذه العبارة التي قالها الروائي التشيكي ميلان كونديرا في كتابه فن الرواية: «الرواية التي لا تحاول اكتشاف سرّ من أسرار الوجود البشري، هي رواية فاشلة»، هذه العبارة يسندها مؤلف الكتاب إلى تعريف الكاتب النمساوي هيرمان بروخ: «الرواية، هي كتابة الشيء الذي لا يمكن قوله سوى بالرواية، ولا شيء غير الرواية يعبِّر عنه».

يضم الكتاب بين جنباته العديد من العناوين المهمة في السرد، فبعد «المقدمة المعنونة بـ«لماذا هذا الكتاب»، يأتي عنوان حكايتي مع الرواية، وماذا نريد من قراءة الرواية، الشخصية الإنسانية: أعظم أسرار الوجود، ماهي مهمة الشخصية الروائية في النص الروائي، ضرورة تحديد هدف للشخصية، تقديم الشخصية للقارئ، كيف نرسم الشخصيات ليراها القارئ، من أين نجد شخصيات صالحة للروايات؟ مستودع الكتابة أو الباحة الخلفية للرواية، هل لدينا حكاية؟ ما الذي يجعل الروائي مجيدا؟ تحقيق الإقناع في السرد، هل تعرف ماذا نكتب؟ ماذا عن المكان والمشهد؟ كيف نقص حكايتنا؟ تعرّف على الصوت المناسب لروايتك، الرواية بوصفها شهادة تاريخية فكرية: ماريو بارغاس يوسا أنموذجا، في مديح الرواية الكلاسيكية، تحقيق مستوى القراءة الأعلى في الرواية. الثيمة الفلسفية، في مديح الروايات الرديئة، قبل أن نختم، خاتمة الرواية، كيف نكتب نهايات الشخصيات؟، المسافة بين الرواية والسينما. قبل أن أنهي الكتاب».

لفت انتباهي تمييز الكاتب لقارئ عن آخر، بقوله:«القارئ العفوي والقارئ الواعي»، مستعيرا ما كتبه الشاعر الألماني فريدريش شيلر، حين ميّز بين الشاعر العفوي والشاعر الواعي. واستعارها منه لاحقا الكاتب والروائي التركي أورهان باموق، حين ميز بين الروائي العفوي والروائي الواعي. وهنا تتضح ثقافة المؤلف السماري وتوسع قراءاته وتنوعها. إذ عند استعراضه لصفات القارئ الواعي، خطر على بالي القارئ القطري «محمد المنصور»، الذي زودني بعشرات الروايات ورقية وأخرى يقترح عناوينها عليّ. فالمنصور يمتلك حاسة شديدة تجاه الكتب، وقد عبّر عنها ذات مقال الروائي البيروفي الراحل ماريو برغاس يوسا، مستذكرا صديقه الشاعر المكسيكي الراحل خوسيه إميليو باتشيكو: «كان صديقي يتمتع بحاسة شمّ أدبية مدهشة تمكنّه من معرفة الكتب الجيّدة من تلك السيئة بمجرد أن يلقي نظرة عليها ويقلّب بعضا من صفحاتها. وقد رافقته غير مرة إلى عدد من المكتبات في الولايات المتحدة، حيث أتيح لي التأكد من صواب حاسته ودقتها في فرز الكتب بين الصالح منها والطالح».

هذا الأمر شهدته مع المنصور أيضا، فحين نمر على أهم مكتبات القاهرة، كان ينتقي الكتب بعناية، مستندا قراءاته المبكرة لأهم الأعمال الأدبية والفكرية والفلسفية في العالم. أتذكر مرة كنا نبحث عن رواية الكاتب المكسيكي خوان رولفو، صاحب الرواية الشهيرة (بيدرو بارامو)، ولم نجدها في القاهرة، لكني أحضرتها له من بغداد وتحديدا من إحدى مكتبات شارع المتنبي، بتقديم وافٍ ومفصل للمترجم العراقي مروان إبراهيم. السماري أشار في كتابه إلى مقولة متداولة للروائي الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز يذكر فيها: «أن مدرسة الواقعية السحرية في (مائة عام من العزلة) كان إلهاما رائعا من رواية (بيدرو بارامو)». المنصور ليس قارئا فحسب بل يمتلك مكتبة سينمائية تضم أهم الأفلام السينمائية الكلاسيكية منها والحديثة. خطر ببالي سؤال عن امتناعه عن كتابة قراءاته وانطباعاته عن الكتب التي استوقفته، أو الأفلام التي أبهرته، فكان رده أن القراءة متعة توازي متعة الكتابة. ولا تهمني الكتابة لأجل الكتابة، المهم أنني مستمتع بما أنتجه العقل البشري من أدب وفن.

وقريبا من إجابة المنصور وجدت عبارة السماري تعبر عن الفكرة ذاتها: « قراءة النص ليس تهجَّي الكلمات لكنَّها فهم الخطاب والدّلالات والمعاني، والقارئ الواعي هو الذي يكمل المعنى ويرتقي به، ألا يقولون إن القارئ أذكى من النصَّ وربَّما من كاتبه في كثير من الأحيان؟!».

هكذا تمنحنا الكتب المميزة فرصة التزود بالأفكار المحرضة على الكتابة وعلى تذكر الأصدقاء الذين يزودوننا بالكتب القيمة، ويشاركوننا متعة القراءة والمطالعة والحديث عنها.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

نقيب كتاب مصر: نقابة اتحاد الكتاب تشهد عصرًا ذهبيًا في تاريخها الثقافي

أكد الدكتور علاء عبد الهادي نقيب كتاب مصر والأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، أن نقابة اتحاد الكتاب تشهد عصرا ذهبيا من تاريخها الثقافي، خاصة بعد عودة اتحاد الكتاب العرب إلى مصر، بعد توافق رؤساء اتحادات دول عربية هي: الجزائر وعمان والإمارات والأردن وفلسطين والسودان والبحرين واليمن وموريتانيا والسعودية والعراق ولبنان والكويت وليبيا، على شخص رئيس النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر الحالي بالتزكية، ليقود الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب حتى عام 2023، ثم تجديد الثقة في الأمين العام ورئيس النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر، لقيادة الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب حتى عام 2028.

وذكر بيان أصدرته نقابة كتاب مصر، اليوم الإثنين، لاستعراض النجاحات المضيئة التي تم تحقيقها خلال المرحلة الماضية من تاريخ النقابة، والتي كان أهمها إثبات الصفة النقابية في تعاملات الاتحاد الرسمية كافة احتماء بما نص عليه الدستور المصري من حصانة للنقابات وصيانة استقلالها عن السلطة التنفيذية وفق المواد 75، و76، و77 من الدستور، وهذا ما أتاح وضع صفة كاتب في بطاقات الرقم القومي والمعاملات الرسمية، بعد الحكم التاريخي لمجلس الدولة الذي أثبت في حيثياته الصفة النقابية للكيان، فضلا عما ذكرته حيثيات الحكم عن استقلالية النقابة عن أية جهة تنفيذية بحكم الدستور والقانون.

وأوضح البيان أنه للمرة الأولى في تاريخ النقابة، يتم التأمين على المقرين -في الزمالك والقلعة- بما يحملانه من منحوتات ولوحات تشكيلية ومخطوطات ومقتنيات كبار كتاب مصر ضد الحريق والسرقة مثل: توفيق الحكيم وعبد الرحمن الشرقاوي ونجيب محفوظ ويوسف إدريس وغيرهم، فضلا عن التأمين على متعهدي الخزائن ضد خيانة الأمانة، علاوة على تجهيز مسرح النقابة وتركيب شبكة إطفاء خاصة به.

وحول الموقف المالي للنقابة، أشار إلى زيادة موارد النقابة والصندوق المالية بعد الامتثال لقرارات الجمعيات العمومية السابقة في إنفاذ ما نص عليه القانون فيما يخص تبرع سمو الشيخ حاكم الشارقة للنقابة، وكان عشرين مليون جنيه مصري وقفًا يُؤخَذ ريعه للنقابة، وبالاتفاق مع سموه يدخل المبلغ بوصفه رصيدًا للنقابة.

وأكد أنه بعد تصحيح المخالفات السابقة القانونية والمالية والإدارية قبل عام 2015 عبر مقاصات محاسبية وضعها مراقب الحسابات القانوني لتصحيح الأوضاع، والاستعانة بخبراء اكتواريين لوضع خطة إدارة مالية لاستثمار مثالي لميزانيتي النقابة والصندوق، ارتفع رصيد النقابة المالي والمستندي من 8 ملايين و636 ألفا و108 جنيهات في عام 2015 إلى 37 مليونا و241 ألفًا و922 جنيها في عام 2024، بزيادة قدرها 28 مليونًا و605 آلاف و884 جنيهًا حتى نهاية ديسمبر 2024، بعد مقاصة تم فيها ضم حق رصيد الاتحاد من الوديعة واستثمارها في شهادة ثلاثية، وفق قرار الجمعية العمومية وتوجيهات الخبير الاكتواري وصحيح القانون، وتحويل ودائع الاتحاد من ودائع بفائدة سنوية تتراوح بين 7و9% إلى ودائع بنسبة 16% ثم 20.25% سنويًّا تباعًا، بعد الاتفاق الخاص مع بنك ناصر الاجتماعي.

كما شهد الموقف المالي للنقابة، ارتفاع رصيد صندوق المعاشات والإعانات من 22 مليونًا و94 ألفا و703 جنيهات في عام 2015 إلى 42 مليونًا و584 ألفا ومئة جنيه في عام 2024، بزيادة قدرها 20 مليونًا و534 ألفًا و397 جنيهًا، من خلال إدارة مالية دقيقة وبعد مقاصة تم فيها ضم حق رصيد الصندوق من وديعة العشرين مليونا وفق قرار الجمعية العمومية وتوجيهات الخبير الاكتواري، والجهاز المركزي للمحاسبات، وصحيح القانون، لتصبح الزيادة الكلية المالية والمستندية التي حققتها إدارة مجلس النقابة المالية لكل من حسابي النقابة والصندوق مجمعين 94 مليونًا و140 ألفًا و281 جنيهًا.

اقرأ أيضاًوزير الثقافة يوقع بروتوكول تعاون مع النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر لاكتشاف المواهب الأدبية

بدء مؤتمر «اتحاد كتاب مصر» لدعم القضية الفلسطينية ورفض مخطط التهجير

النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر تعقد مؤتمر «لا لتهجير الفلسطينيين لا لتصفية القضية الفلسطينية»

مقالات مشابهة

  • نقيب كتاب مصر: نقابة اتحاد الكتاب تشهد عصرًا ذهبيًا في تاريخها الثقافي
  • تعلن المؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي عن رغبتها في بيع بالمزاد العلني
  • رقمنة الكتب والترويج أولوية .. تفاصيل لقاء وزير الخارجية بوزير الثقافة
  • بن رمضان: تحملت الكثير من الانتقادات بسبب قرار انضمامي للأهلي الذي كان نابعًا من القلب
  • هيئة الكتاب تصدر الأعمال الشعرية للشاعر محمد الههياوي
  • تعلن المؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي عن بيع بالمزاد العلني
  • الكتب المدرسية تتسلل الى الأسواق: من المخازن إلى الجشع
  • تربية ذي قار توضح تفاصيل تسريب الكتب الدراسية
  • إعلان بيع بالمزاد العلني من المؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي