قتل المشتغلين بالقرآن نهج الإمامة منذ قرون
تاريخ النشر: 4th, July 2025 GMT
دوّن المؤرخ زين الدين أحمد بن عبد اللطيف الشرجي الزبيدي، الفقيه الزيدي من المدرسة الهادوية، في سنة 793 للهجرة، مأساة فقيه شافعي قُتل على يد الحاكم الإمامي بسبب دعوته إلى السنة وتحذيره من البدعة. في كتابه (طبقات الخواص: أهل الصدق والإخلاص)، لم يتردد الزبيدي في توثيق الحادثة وإدانة ما رافقها من ظلم وسفك ونهب، رغم انتمائه للمذهب الحاكم.
بعد أسابيع، سقط الإمام من على دابته، وتوفي فجأة. رأى معاصروه في موته عقوبة إلهية. ورثاه الفقيه شرف الدين المقري بأبيات مؤلمة، أدانت الإمام القاتل، وخلّدت مظلومية الشيخ الشهيد:
لقد أطفأت للإسلام نورا*** يضيء العلم منه والصلاح
فتكت بأولياء الله بغيا*** وعدوانا ولج بك الجماح
فتكت بأحمد فانهدَّ ركنٌ*** من الإيمان وانقرض السماح
فلا تفرح بسفك دم ابن زيدٍ*** فما يرجى لقاتله فلاح
بعد ستة قرون، وفي الأول من يوليو 2025، تكررت المأساة في محافظة ريمة؛ الشيخ صالح أحمد حنتوس، معلم قرآن سبعيني، عاش في قرية نائية، وكرّس حياته للتعليم. لم يعلن خصومة، ولم يؤذ أحدا، لكنه رفض أن يورّط طلابه في برامج التعبئة الحوثية، فلم تحتمل السلطات هذا الرفض الصامت. حاصرت ميليشيا الحوثي بيته، وقصفته بالقذائف، فاستشهد مع أقارب له، وأصابوا زوجته الفاضلة بجراح خطيرة. خطفوا أبناءه وأبناء أخيه، وسلبوا جثته من أهله، وأبعدوها عن القرية كما لو أرادوا محو أثره.هؤلاء لا يطيقون معلما لا يسبح بحمدهم. يخافون من الكلمة أكثر من السلاح. من يعلم الأطفال أن “إن أكرمكم عند الله أتقاكم”، يهدم أساس امتيازهم السلالي، لذلك يستهدفون هذا النوع من الشيوخ ليس لأنهم يشكلون خطرا مباشرا، وإنما لأنهم يزرعون الحصانة ضد الاستعباد.
السلاليون لا يكتفون بمواجهة السلاح، فهم يطاردون الكلمة الحرة، والتعليم المستقل، وكل وعي يهدد سلطتهم. المسجد الحر يقلقهم، والمعلم الذي لا يربط الدين بالطاعة لهم يتحوّل في أعينهم إلى عدو يجب إسكات صوته أو إخماد روحه.
ما فعله الإمام الهدوي في تهامة فعله الحوثيون في ريمة.. كلاهما رأى في التعليم تهديدا، وفي الفقيه خطرا. كلاهما أرسل الحملة، وقتل، ونهب، واختطف. تغيّرت الأدوات، وبقي المنهج والأسلوب كما هو. إن استشهاد الشيخ صالح حنتوس حرر الحقيقة من الصمت، ودفعها لتواجه قاتليه.. من جلسوا إليه سيحملون صوته، ومن رأوا دمه سيروون قصته.. والأجيال التي ودعته ستبني ذاكرتها على ما علّمه، وعلى وقفته الأخيرة.لقد أرّخ الزبيدي جريمة (تهامة) قبل ستة قرون، وخلدها.. وما وقع في (ريمة) يسير في الدرب ذاته، ويظل حاضرا في ضمير الأجيال.
تاريخ القمع يطرح السؤال نفسه في كل جيل: لماذا يخافون من معلّم القرآن؟لأنهم لا يحتملون ضوءا ينبثق من غيرهم.
يتغير القاتل، لكن الدم واحد، والخوف هو الخوف، والجريمة هي الجريمة.
المقال نقلاً من صفحة الكاتب على فيسبوك
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: الحوثيون جرائم ريمة صالح حنتوس
إقرأ أيضاً:
إعلام الزبيدي يتعمد التهرب من ذكر "اليمن" والصور مع العلم الجمهوري في مهامه الرسمية
يتهرب وسائل إعلام تابعة لمليشيا الانتقالي المدعومة إماراتيا، من ذكر كلمة "اليمن"، في كل خبر يغطي نشاطات رئيس الانتقالي عيدروس الزبيدي، بالتزامن مع تقديمه حاملا صفة "الرئيس القائد".
وفي آخر نشاط لرئيس الانتقالي عيدروس الزبيدي، لقائه أمس الأربعاء، مع الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم محمد البديوي، في العاصمة السعودية الرياض.
ونشر موقع الانتقالي على الشبكة العنكبوتية، خبر اللقاء بصياغة خلت بشك متعمد من كلمة اليمن وتم استبدالها بكلمة "بلادنا"، والتي تكررت لأربع مرات بدلا من كلمة اليمن.
وفي موقع الإنتقالي، نشر الخبر مرفقا بصورة ظهر فيها عيدروس بدون علم الجمهورية اليمنية إلى جواره، بينما ظهر البديوي بالعلم الرسمي لمجلس التعاون.
اللقاء ذاته بين الزبيدي والبديوي نشره موقع الأمانة العامة لمجلس التعاون، ويظهر الفارق كبيرا بين الصياغتين، حيث تكررت كلمة اليمن والشعب اليمني ثماني مرات في موقع مجلس التعاون.
وفي ذات التناول الخبري، جرى ذكر صفة الزبيدي هكذا: " عضو مجلس القيادة الرئاسي بالجمهورية اليمنية رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي".
وظهر الخبر في موقع مجلس التعاون بصورة ظهر عيدروس وبجواره العلم اليمني، بينما ظهر البديوي بجانب علم مجلس التعاون.
تناولات إعلام الإنتقالي لأخبار الزبيدي الرسمية التي تحمل مهمات مرتبطة بالجمهورية اليمنية، تأتي دون ذكر مفردة اليمن بشكل دائم وحتى في لقاءاته مع سفراء الدول الخمس والمبعوث الأممي يتهرب إعلام الإنتقالي من مفردة اليمن ويستبدلها بكلمة "بلادنا".
ويأتي هذا التناول والسياق الذي يشير لتأفف مليشيا الانتقالي من ذكر الجمهورية اليمنية، التي تسبب كما يبدو "صداعا" دائما للمليشيا، في الوقت الذي لا تزال مهام الزبيدي وصفاته الرسمية محسوبة على الجمهورية اليمنية ويتسلم راتبه وميزانية تحركاته من الحكومة اليمنية.