عربي21:
2025-08-01@20:29:24 GMT

كيف تنتصر إسرائيل.. وكيف تُهزم؟!

تاريخ النشر: 29th, August 2023 GMT

لا تقلّ حرب العامّ 1967 أهمّيّة بالنسبة لـ"إسرائيل" عن حرب العام 1948، بوصفها لحظة تأسيسية ثانية لها، فمن المؤكّد أنّ بقاءها ظلّ محلّ شكّ حتّى جاءت تلك الحرب الثانية، التي لم تكرّس فيها "إسرائيل" نفسها فحسب مبطلة بذلك الدعاية الصاخبة للنظام "الثوري العربي"، ولكنّها أيضاً أثبتت بذلك الانتصار الساحق والغريب لرعاتها الدوليين، لا سيما القوّة العظمى الجديدة، وريثة الاستعمار القديم الولايات المتحدة الأمريكية، جدارتها بالثقة.

وهي كأي حدث تاريخي، يحمل نقيضه في أحشائه، فبقدر ما كانت هذه الحرب فرصة للتحايل على أصل القضيّة الفلسطينية، فإنّها جدّدت القضيّة الفلسطينية بتصعيد مقاومة أبنائها، لكن هذا حديث آخر.

ثمّة نقيض آخر انطوت عليه هذه الحرب، لكنّه لم يكن نقيضا من جهة تكريس "إسرائيل" لنفسها، فالحرب كانت تحمل في أحشائها مفهوماً خاصّاً للسلام، المفهوم الإسرائيلي الصرف للسلام مع العرب، الذي لا معنى له إلا التأكيد على الانتصار والبقاء الإسرائيلي، لا المجرّد، ولكن المتفوّق مقابل التخفيف من آثار هزيمة العام 1967، وهو ما عبّر عنه القرار "242"، والذي صارت صيغته الأثيرة "الأرض مقابل السلام"، وهي صيغة مؤكّدة للهزيمة، لأنّ الأرض، والحالة هذه، لا تُسترجع بالحرب، ولكن بالتعاقد مع الدولة المنتصرة، بمعنى أنّ العرب سوف يتفاوضون معها من موقع المهزوم، المقرّ بهزيمته الأبدية. سيكون ثمن الأراضي العربية، هو الاعتراف لـ"إسرائيل" بالبقاء الدائم على أرض فلسطين!

السلام الإسرائيلي، بحكم هذه الواقعة التاريخية الواضحة، مؤسّس على الحرب الإسرائيلية، أو بكلمة أخرى، على الانتصار العسكري الإسرائيلي. هذه الواقعة تفيد الحلّ العربي/ الفلسطيني، من التجربة الإسرائيلية، ومن منطوق التاريخ ومفهومه، والذي يمكن تلخيصه بإبطال اللعبة الإسرائيلية، القائمة على الانتصار العسكري المؤسّس للسلام الإسرائيلي
السلام الإسرائيلي، بحكم هذه الواقعة التاريخية الواضحة، مؤسّس على الحرب الإسرائيلية، أو بكلمة أخرى، على الانتصار العسكري الإسرائيلي. هذه الواقعة تفيد الحلّ العربي/ الفلسطيني، من التجربة الإسرائيلية، ومن منطوق التاريخ ومفهومه، والذي يمكن تلخيصه بإبطال اللعبة الإسرائيلية، القائمة على الانتصار العسكري المؤسّس للسلام الإسرائيلي.

نقض خطّة الحرب والسلم الإسرائيلية، هو نقض للوجود الإسرائيلي.

لا يكفي تحسين الموقف العسكري تجاه "إسرائيل" لأجل تحسين الموقف التفاوضي، لأنّ ذلك في جوهره تسليم بالشرط الإسرائيلي المنبثق عن حرب العام 1967. هذه الرؤية هي المشكلة الكبرى في حرب العام 1973، وذلك بقطع النظر عن تحوّلات هذه الحرب من مبادأة عربيّة أربكت الكيان الإسرائيلي، وألقت في روعه، لأوّل مرّة من بعد انتصاره في حرب العام 1967 أنّ بقاءه في هذه البلاد ليس حتمياً، وجعلته يهجس منذ ذلك الوقت بالقلق الوجوديّ، إلى انتهاء الموقف عسكريّاً لصالح "إسرائيل"، بقطع النظر عن ذلك، فإنّ شنّ الحرب على قاعدة العدوّ، والتي أصلها انتصاره في حرب العام 1967، ورؤيته الخاصّة للسلام، ليست خطأ كارثيّاً فحسب، ولكنّه إيمان من جهة ما بالانتصار الأبديّ للعدوّ!

مع ذلك، أثبتت حرب العام 1973، أنّ المواجهة العسكرية الصلبة للعدوّ هي وحدها التي تُضعف ثقته بنفسه، وتقلّص من تمدّده، وليست حرب العام 1973 وحدها الدليل على ذلك، بل حتى تجارب الفلسطينيين وغيرهم في مقاومة العدوّ. فانتفاضة العام 1987، دفعت العدوّ للتفكير بإمكان التسوية مع الفلسطينيين الذين لا يمكن له تصوّرهم سياسيّاً، لأنّ وجوده في الأصل قائم على نفي كينونتهم القومية، لكن المشكلة كانت من جهة منظمة التحرير، بالقطع مع الانتفاضة للاستعجال في تأسيس سلطة في ظلّ الاحتلال، لا بدّ لها وأن تنتهي على نقيض ما أرادته الانتفاضة، ثمّ كان انسحاب العدوّ من جنوب لبنان في العام 2000 فقط بسبب مقاومة مثابرة وطويلة النفس، ثمّ كان انسحابه من غزّة في العام 2005 بفعل انتفاضة الأقصى، ثمّ انغماسه في الحسابات المرتبكة إزاء المقاومة في غزّة، أو تجدّدها في الضفّة الغربية.

حديث بعضهم عن التعاطف الدوليّ مع الفلسطينيين، دون أخذ صمودهم ومقاومتهم بعين الاعتبار؛ حديث خرافة، ينقلب إلى الضدّ من مصلحة الفلسطينيين، فبداهة الحقائق في العالم أنّ لا أحد يمكنه رؤية ضحية لا تقول عن نفسها ضحية، فضلاً عن أن يتعاطف معها، والضحية لا تعبّر عن كونها ضحية بالعيش المستكين، القابل بواقع الحال للظلم الواقع عليها
هذه مكاسب واضحة، ليست فيها هزيمة ساحقة للعدوّ، ولكن فيها الدليل العملي لإضعاف هذا العدوّ، وذلك فضلاً عن المكاسب المعنوية، التي ظلّ فيها الفلسطينيون يجدّدون ذاتهم مقابل الذات الإسرائيلية، ويفرضون بها مقولتهم من جديد، بعدما يسعى العالم في كلّ مرّة لإزاحتها، لا بالانتصار العسكري الإسرائيلي، ولكن بالسلام الإسرائيلي!

يتضح من هذه المفارقة الإسرائيلية، أنّ "إسرائيل" وإن أثبتت جدارتها للعالم بانتصاراتها العسكرية، فإنّها كانت تتمدد بالسلام المؤسّس على انتصاراتها تلك. بدأت القصة مع خطة روجرز، ثمّ مشاريع دولة فلسطينية في الضفة مطالع السبعينيات، ثم اتفاقية كامب ديفيد مع مصر أواخر السبعينيات، وصولاً لاتفاقية أوسلو، التي جعلتها "إسرائيل" جسراً لإصلاح علاقاتها مع العالم، واختراق العالم العربي تحديداً.

وهكذا، كلما قالت "إسرائيل" ثمّة هدوء، وهناك طرف فلسطيني نتحدث معه، والأمور قابلة للتسوية، كانت أكثر قدرة على التمدّد، وقد كانت معركة أيار/ مايو 2021، الدليل الواضح الجديد على أنّ إبطال دعاية الهدوء هذه، هو وحده الذي يستدعي للفلسطينيين من جديد التعاطف في العالم.

حديث بعضهم عن التعاطف الدوليّ مع الفلسطينيين، دون أخذ صمودهم ومقاومتهم بعين الاعتبار؛ حديث خرافة، ينقلب إلى الضدّ من مصلحة الفلسطينيين، فبداهة الحقائق في العالم أنّ لا أحد يمكنه رؤية ضحية لا تقول عن نفسها ضحية، فضلاً عن أن يتعاطف معها، والضحية لا تعبّر عن كونها ضحية بالعيش المستكين، القابل بواقع الحال للظلم الواقع عليها. أيضاً لا يكفي أن تصرخ بكونها ضحية، ينبغي أن تثبت فوق الصراخ أن الظالم قابل للهزيمة، وهذا الإثبات يكون بالصمود الطويل الذي تُجدّد فيه ذاتها، وتراكم فيه إنجازاتها بعرقلة تمدّد العدوّ وإبطال سحره، سحر الحرب والسلام!

twitter.com/sariorabi

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه إسرائيل الحرب العربي الفلسطينية السلام إسرائيل فلسطين العرب السلام الحرب مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هذه الواقعة حرب العام

إقرأ أيضاً:

الأمين العام لحزب الله: كل من يطالب بتسليم السلاح يخدم المشروع الإسرائيلي

أكد نعيم قاسم في كلمته: "لن نقبل بأن يكون لبنان ملحقًا بإسرائيل، ولو اجتمع العالم كلّه، ولو قُتلنا جميعًا". اعلان

أكّد الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، في كلمة ألقاها عبر الشاشة بمناسبة الذكرى السنوية لاغتيال القيادي في الحزب فؤاد شكر، الذي قُتل بضربة إسرائيلية في ضاحية بيروت الجنوبية، أن سلاح الحزب "شأن داخلي لبناني"، مشدّدًا على أن "هذا السلاح ليس وسيلة تهديد، بل جزء من استراتيجية الدفاع الوطني التي تُصان بها سيادة لبنان واستقلاله".

وأضاف قاسم أن "إسرائيل واصلت خرق اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في نوفمبر 2024، بهدف الضغط على حزب الله وإجباره على التخلي عن سلاحه"، معتبرًا أن أي مطالبة بتسليمه "تخدم المشروع الصهيوني والأمريكي في المنطقة".

وأكد أن "سلاح حزب الله ليس ضد اللبنانيين، ولا يستخدم داخل الأراضي اللبنانية أبدًا"، مشيرًا إلى أن وجوده يُعدّ "ردعًا استراتيجيًا ضد التهديدات الخارجية"، لا سيما بعد ما وصفه بـ"التوسع الإسرائيلي المتواصل في الجنوب اللبناني"، والذي يشبه ما يحدث في سوريا حسب قوله.

وقال إن "الكيان الإسرائيلي لا يهتم بأمن مستوطناته في الشمال الفلسطيني المحتل، بل يسعى إلى توسيع نفوذه على كامل الأراضي اللبنانية"، مضيفًا أن "الولايات المتحدة تسعى إلى تدمير البنية السياسية والاجتماعية للبنان، وإثارة فتنة داخلية لخدمة مشروعها المعروف بالشرق الأوسط الجديد"، وفق تعبيره.

وأشار قاسم إلى أن لبنان، بكل طوائفه، يواجه اليوم "خطرًا وجوديًا حقيقيًا" من قبل "إسرائيل، والولايات المتحدة، والجماعات التكفيرية".

وأردف: "لن نقبل بأن يكون لبنان ملحقًا بإسرائيل، ولو اجتمع الكون كله، ولو قُتلنا جميعًا، ولن نقبل بذلك ما دام فينا عرق ينبض وفينا نفس حي".

وأوضح أن حزب الله "ليس ضعيفًا"، مؤكّدًا على حضوره السياسي والشعبي "القوي" داخل المجتمع اللبناني، وقال: "عندما أصبحت الدولة مسؤولة عن الأمن، لم نعد نتحمل وحدنا مسؤولية التصدي للعدوان، لكننا لن نستسلم لأي محاولة لفرض تسوية تُنهي وجودنا السياسي أو العسكري".

Related "الكلمات لن تكون كافية"... باراك ينبه لبنان وحزب الله من استمرار الجمود في ملف السلاحضغط أمريكي على لبنان لإصدار قرار وزاري بنزع سلاح حزب الله قبل استئناف المحادثاتالجيش الإسرائيلي يُعلن تفاصيل أنشطته العسكرية في لبنان.. ومصادر رويترز: حزب الله يرفض تسليم سلاحه استمرار الغارات الإسرائيلية رغم الاتفاق

على صعيد الملف الأمني، تستمر إسرائيل في تنفيذ غارات جوية في مناطق لبنانية متعددة، خاصة في الجنوب، حيث تدّعي توجيهها ضد "عناصر مسلحة مرتبطَة بحزب الله أو مواقع له". وتؤكد تل أبيب أنها ستواصل العمل "لإزالة أي تهديد يُشكل خطراً عليها"، مطالبة بوقف "إعادة ترميم القدرات العسكرية" للجماعة.

وفي المقابل، أفاد تقرير لوكالة "رويترز" بأن الولايات المتحدة تُكثف ضغوطها على الحكومة اللبنانية لإصدار قرار وزاري رسمي يلتزم بنزع سلاح حزب الله، كشرط مسبق لاستئناف المفاوضات حول وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية في لبنان.

وأوضح التقرير أن المبعوث الأمريكي توم باراك لن يُرسل إلى بيروت لإجراء مفاوضات مع المسؤولين اللبنانيين، إلا إذا تمّ التزام حكومة بيروت بخطوة واضحة في هذا الإطار، مشيرًا إلى أن واشنطن بدأت تُصرّ على إجراء تصويت سريع في مجلس الوزراء على القرار.

خارطة طريق أمريكية مقابل تمسك حزب الله بالسلاح

تجري محادثات بين بيروت وواشنطن منذ نحو ستة أسابيع حول خارطة طريق أمريكية تنصّ على نزع سلاح حزب الله بالكامل، مقابل وقف إسرائيل لضرباتها الجوية وسحب قواتها من خمس نقاط حدودية في جنوب لبنان.

وبحسب المصادر، فإن الاقتراح الأصلي يتضمّن شرطًا مركزيًا يتمثل في إصدار قرار وزاري لبناني يتعهد بنزع السلاح، وهو ما رفضه حزب الله علنًا، لكنه قد يدرس إمكانية تقليص الترسانة العسكرية بشكل محدود.

وقد طلب رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، الحليف الرئيسي لحزب الله، من الولايات المتحدة ضمان وقف إسرائيل لضرباتها الجوية كخطوة أولى، قبل المضي في أي عملية تنفيذ لاتفاق وقف إطلاق النار المبرم.

لكن التقارير أفادت بأن إسرائيل رفضت هذا الاقتراح في نهاية الأسبوع الماضي، ما دفع واشنطن إلى تعزيز ضغوطها على بيروت، وبدء إجراءات رسمية لتقييد الدعم السياسي والعسكري حتى تُتخذ خطوات ملموسة.

بعد زيارة إلى بيروت، كتب المبعوث الأمريكي توم براك منشورًا على موقع "إكس"، قال فيه: "ما دام حزب الله يحتفظ بالسلاح، فلن تكفي الكلمات. على الحكومة وحزب الله الالتزام الكامل والتحرك الآن، حتى لا يُسلّم الشعب اللبناني إلى الوضع الراهن المتداعي".

ووفي السياق، دعا رئيس الوزراء نواف سلام الى جلسة حكومية تعقد الأسبوع المقبل من أجل "استكمال البحث في تنفيذ البيان الوزاري في شقه المتعلق ببسط سيادة الدولة على جميع أراضيها بقواها الذاتية حصراً"، إضافة الى "البحث في الترتيبات الخاصة بوقف إطلاق النار".

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

مقالات مشابهة

  • عاجل | القناة 12 الإسرائيلية: إغلاق المجال الجوي الإسرائيلي في أعقاب إطلاق الصاروخ من اليمن
  • رئيس الوزراء البريطاني يبحث مع زيلينسكي مستجدات الحرب ودعم التعاون العسكري
  • الكاتب الإسرائيلي ديفيد غروسمان: ما يحدث في غزة إبادة جماعية
  • “لجان المقاومة” تناشد: نعم الفاشر تنتصر للمرة 225 لكنّ الجوع يأكل أحشاءها.. أدركوها
  • وقفات في الداخل المحتل رفضاً بالعدوان الإسرائيلي والتجويع على غزة
  • سلوفينيا تتّجه لحظر التبادل العسكري مع إسرائيل.. وبرلين: الكارثة الإنسانية في غزة تفوق الخيال
  • المعهد الإسرائيلي للبحوث البيولوجية.. مختبر إسرائيل الغامض
  • أهداف الحرب الإسرائيلية في غزة تتلاشى وسط وعود فارغة
  • الأمين العام لحزب الله: كل من يطالب بتسليم السلاح يخدم المشروع الإسرائيلي
  • ارتفاع حالات الانتحار بالجيش الإسرائيلي منذ حرب غزة