فلسفة التسعينيات تعود عبر تيك توك.. لماذا يثير الأكل الإدراكي جدلا؟
تاريخ النشر: 11th, July 2025 GMT
حمية غذائية تستند إلى فلسفة قديمة تعود إلى الواجهة عبر منصة تيك توك، عشرات من مقاطع الفيديو المصورة لمؤثرين يتحدثون عن "الأكل الحدسي" أو "الإدراكي"، ومئات الآلاف من المتابعين والمعلقين يدعون إلى إعادة النظر في العلاقة بالطعام والتخلي عن الأنظمة الغذائية القاسية.
ما الأكل الإدراكي؟الأكل الإدراكي ليس نظاما جديدا، لكنه حظي بشعبية مؤخرا كحل للتصالح مع الجسم وفهمه بدلا من إخضاعه قسرا لتجارب قاسية قد ترتد عكسيا.
في سبعينيات القرن الماضي كانت اتجاهات الجمال والموضة تميل بشدة إلى تشجيع النحافة الزائدة فيما عرف بـ"جمال الهيروين"، وكان هناك هوس بخسارة الوزن واتباع أنظمة غذائية صارمة أو غريبة.
وفي عام 1995 ونتيجة وعي متزايد بالتأثير السلبي للحميات الغذائية الصارمة على الصحة النفسية والجسدية طرحت خبيرتا التغذية إيفلين تريبول وإليز ريش كتابا بعنوان "الأكل الحدسي.. نهج ثوري مضاد للأنظمة الغذائية".
كان الكتاب يناشد القراء التخلي عن الحميات الغذائية القاسية والتركيز بدلا من ذلك على أنماط الجوع والشبع الطبيعية في أجسامهم.
الكتاب -بحسب تقرير على شبكة "إيه بي سي"- ظهر نتيجة إدراك الخبيرتين عدم جدوى الأنظمة الغذائية التي كانتا تصفانها للمرضى، كانتا تصفان أنظمة تعتمد على سعرات حرارية ووجبات غذائية محددة، لكن بعض المرضى كانوا يواجهون صعوبة في الالتزام بالأنظمة وفقدان الوزن، مما كان يؤثر على ثقتهم بأنفسهم وصورتهم الجسدية.
وفي تقرير "إيه بي سي" قالت الاختصاصية تريبول إنها اكتشفت أنه لا يجب إملاء على الناس ما يأكلونه "بل مساعدتهم على فهم ما يحدث في أجسامهم، وجعلهم يعيشون في عملية مستمرة بدلا من أن يسيروا في خط مستقيم".
ورأت تريبول مع ريش أن الأنظمة الغذائية التقليدية المعتمدة على السعرات الحرارية تجعل الناس مهووسين بتناول الطعام، واستندتا في هذا الرأي إلى أبحاث بشأن الآثار النفسية للحرمان من الطعام وضبطه، فكانت طريقهما لنشر فكرة "الأكل الإدراكي".
وهو نهج واع لتناول الطعام يشجع الأفراد على ضبط إشارات الجوع الطبيعية في أجسامهم بدلا من الالتزام بحميات غذائية مقيدة.
وتعزز هذه الفلسفة علاقة صحية مع الطعام وصورة الجسم، ويكمن جوهر الأكل الحدسي في التمييز بين الجوع الجسدي والعاطفي، مشجعا الأفراد على إعطاء الأولوية للاحتياجات الجسدية مع إدارة رغباتهم العاطفية.
إعلان القواعد العشريتكون نهج الأكل الحدسي من 10 مبادئ توجيهية تدعو إلى إعادة تعريف الطعام وعلاقة الشخص به دون حرمان، ويركز الأكل الحدسي على كيفية تناول الطعام لا على ماهيته، حيث يعلّم الأفراد استعادة حدسهم بشأن الطعام ليتعلموا كيفية تلبية رغباتهم وفهم إشارات الجوع لديهم، وذكر تقرير على "بي بي سي" هذه المبادئ:
1- رفض عقلية الحمية الغذائيةعدم الانخداع بثقافة النحافة والحميات السريعة، حيث إنها غير فعالة على المدى الطويل وتضر بالصحة الجسدية والنفسية.
2- احترام الجوعضرورة الاستجابة لإشارات الجوع عند ظهورها وعدم تجاهلها استنادا إلى توقيت أو قواعد خارجية.
3- التصالح مع الطعامكل الأطعمة مسموحة، ولا يجب تصنيفها "جيدة" أو "سيئة"، فالاستمتاع بها جزء طبيعي من علاقة صحية مع الأكل.
4- التخلص من الشعور بالذنبمراجعة الأفكار والقواعد الصارمة التي تحكم العلاقة بالطعام، والتخلص من الشعور بالذنب المرتبط به.
5- احترام الشبعالتوقف عن الأكل عند الشعور بالامتلاء المريح، وتدريب النفس على الأكل ببطء ووعي.
6- اكتشاف الرضااختبار أطعمة تسعد الشخص، وتوفير بيئة مريحة عند تناول الطعام لتحقيق متعة ورضا حقيقيين.
7- التعامل مع المشاعر دون اللجوء للطعام دائمامن الطبيعي استخدام الطعام للراحة أحيانا، لكن من المهم تطوير وسائل بديلة للتعامل مع المشاعر، وإدراك أن الطعام لا يحسنها.
8- احترام الجسمتقبّل شكل الجسم كما هو، والابتعاد عن معايير الجمال غير الواقعية، والتركيز على العناية بالجسم لا تغييره.
9- ممارسة الحركةممارسة النشاط البدني من أجل الشعور الجيد، لا لإنقاص الوزن فقط.
10- احترام الصحة بالتغذية اللطيفةاتباع تغذية مرنة ومغذية دون السعي للكمال، فالمتعة والتنوع جزءان من نمط حياة صحي ومستدام.
انتقادات مشروعةرغم تزايد شعبية الأكل الحدسي فإنه واجه انتقادات على منصات التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر البعض أنه يبدو مخصصا فقط للأشخاص ذوي الأجساد النحيفة.
كما عبر البعض عن تحفظهم، معتبرين أن هذا النهج قد يتجاهل علم تنظيم الوزن ولا يولي أهمية لفوائد فقدانه لدى البعض.
انتقادات أخرى طالت تحريف رسالته، إذ يروج له أحيانا كوسيلة لفقدان الوزن رغم أن مبتكرتيه أكدتا أن نتائجه تختلف من شخص لآخر، وأن البعض سيفقد الوزن من خلال اتباعه وسيحافظ آخرون على أوزانهم كما هي.
وتعرضت رسالة الأكل البديهي في بعض الأحيان للتحريف حتى من قبل المرجوّين له.
اختصاصية التغذية تريبول حذرت من اختزال الفكرة من قبل البعض إلى مجرد "كل عند الجوع وتوقف عند الشبع"، مؤكدة أن الأكل البديهي هو رحلة تشمل جميع مبادئه العشرة.
وأشارت تريبول إلى أنه أسيء فهمه أحيانا على أنه دعوة لتناول الوجبات السريعة بحرية، لكن الفكرة الأساسية -كما أكدت- هي التحرر من الشعور بالذنب تجاه الطعام، مما يمكّن الفرد من اتخاذ قرارات غذائية متوازنة وشخصية تبنى على الراحة والوعي لا على القيد والعقوبة.
كيف تبني علاقة صحية مع الطعام؟في 2025 نصح دعاة قبول الجسم والمؤثرين على تيك توك المناهضين للأنظمة الغذائية الصارمة بإقامة علاقة إيجابية مع الطعام، وهو نفس ما تنصح به مؤسسة "أفلون هيلز" المختصة بعلاج اضطرابات الأكل، وذلك من خلال:
1- البدء بخطوات صغيرة:ضبط إشارات الجوع والشبع، وتدوين اليوميات لتتبع تأثير مختلف الأطعمة على الحالة الجسدية والنفسية.
2- التخلص من قواعد الطعام:السماح للنفس بتناول أطعمة متنوعة دون إصدار أحكام، مع التركيز على الكمية.
إعلان 3- إعطاء الأولوية للحركة الممتعة:تحويل التركيز من التمارين الرياضية كوسيلة لحرق السعرات الحرارية إلى أنشطة ممتعة.
4- طلب الدعم:العمل مع متخصصين يمارسون مبادئ الأكل الحدسي للتوجيه.
5- ممارسة التعاطف مع النفس:إدراك أن تغيير المعتقدات الراسخة يتطلب بعض الوقت.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات مع الطعام بدلا من
إقرأ أيضاً:
عشرات الناشطين من أسطول الصمود يضربون عن الطعام في سجون الاحتلال
بدأ عشرات الناشطين المحتجزين ضمن "أسطول الصمود العالمي"، الاثنين، إضرابا جماعيا عن الطعام داخل السجون الإسرائيلية، احتجاجا على ظروف احتجازهم وتضامنا مع الشعب الفلسطيني في غزة.
وأوضح الأسطول، في تدوينة نشرها عبر منصة "إكس" الأمريكية، أن "42 متطوعا من أسطول الصمود العالمي بدأوا إضرابا جماعيا عن الطعام في السجون الإسرائيلية"، وأرفق منشوره بصورة تتضمن أسماء المشاركين في الإضراب، مؤكدا أن خطوتهم تأتي "تعبيرا عن التضامن مع الشعب الفلسطيني".
BREAKING:
Many #GlobalSumudFlotilla crew reportedly on hunger strike. #Flotilla #FreedomFlotilla — Global Sumud Flotilla ✨ (@GSMFlotilla) October 3, 2025
وفي وقت سابق الاثنين، نقلت صحيفة "هآرتس" العبرية عن محاضر جلسات مع عدد من الناشطين قولهم إنهم تعرضوا لسوء المعاملة والتعذيب من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، بينما نفت وزارة الخارجية الإسرائيلية تلك الاتهامات.
غير أن عددا من الناشطين المفرج عنهم تحدثوا، بحسب وكالة الأناضول، عن انتهاكات واسعة مارستها سلطات الاحتلال بحقهم، من بينها التجويع والإذلال، وأكد بعضهم أنهم اضطروا إلى شرب مياه الصرف الصحي.
كما أفاد ناشطون مدنيون من "أسطول الصمود" بأنهم تعرضوا للتعذيب والحرمان من الماء ونزع الحجاب، إضافة إلى منعهم من التواصل مع محامين، وفق ما أوردت وسائل إعلام عبرية.
وهاجم جيش الاحتلال الإسرائيلي، مساء الأربعاء، عشرات السفن التابعة لـ"أسطول الصمود" في المياه الدولية قبالة سواحل غزة، وصادر المساعدات الإنسانية التي كانت تحملها، واحتجز أكثر من 500 ناشط مدني من جنسيات مختلفة، قبل أن يرحل بعضهم في وقت لاحق.
وتواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ 2 آذار/مارس الماضي إغلاق المعابر المؤدية إلى قطاع غزة، ما أدى إلى تفاقم المجاعة في القطاع رغم تكدس شاحنات الإغاثة على حدوده، إذ لا تسمح قوات الاحتلال إلا بدخول كميات محدودة من المساعدات التي لا تفي باحتياجات السكان، بينما تتعرض معظم الشحنات لعمليات سطو من عصابات تقول حكومة غزة إن دولة الاحتلال تحميها.
وبدعم أمريكي، تواصل دولة الاحتلال الإسرائيلي ارتكاب إبادة جماعية في غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، أسفرت عن استشهاد 67 ألفا و160 شخصا وإصابة 169 ألفا و679 آخرين، معظمهم من النساء والأطفال، فضلا عن وفاة 460 فلسطينيا بينهم 154 طفلا جراء المجاعة المتواصلة.