عربي21:
2025-10-08@02:53:00 GMT

فلسفة التاريخ في رد حركة حماس على ورقة ترامب..

تاريخ النشر: 7th, October 2025 GMT

بعد أن تقدمت المقاومة بردها على خطة ترامب، ومع التطورات الجديدة، أعتذر عن الجزء الثاني من مقالتي السابقة، لأتناول الوضع القائم اليوم، ولأطرح بعض الرؤى والتصورات التي يفرضها الواقع الراهن..

يقول ابن خلدون: "التاريخ في ظاهره لا يزيد عن الإخبار، وفي باطنه نظر وتحقيق"، وهو ما يمكن تسميته بلغة اليوم "فلسفة التاريخ"، ذلك الدرس الخطير الذي استبعدته مناهج التعليم في أوطاننا؛ ليظل العقل العربي عقلا حافظا لافظا، لا مستنيرا مفكرا؛ لذلك تجده يتعامل مع معطيات الحاضر والماضي دون محاولة فهم أو تحليل لأحداث التاريخ.



ونحن اليوم مطالبون بمحاولة تفسير ما يحدث، ومطلوب منا ألا نمر على الأمور مرور الكرام، كما نرى اليوم لدى كثير من الساسة والإعلاميين الببغاويين على امتداد الخريطة..

والسؤال الجوهري الذي يجب أن نطرحه هو: ما الذي دفع ترامب إلى الاحتفاء برد حماس، ونشره باللغة الإنجليزية على منصة "تروث" كما هو، بذات المصطلحات التي أوردتها حماس في بيانها مثل "إبادة جماعية" وتعريفها كـ"حركة مقاومة"، واعتبار ردها على خطته انتصارا لسياساته، من دون أن يذيله بأي تعليق؟ ولماذا لم تثر ثائرته لما أحدثته حماس من تغيير في خطته؟

ابتداء، علينا ألا نثق كثيرا أو قليلا بالولايات المتحدة، فهي ليست ضامنة حقيقية لأي اتفاق مع الكيان المحتل، فالولايات المتحدة ليست دولة ديمقراطية، وخصوصا في عهد ترامب، فهي دولة أوليغارشية عقارية تحكم العالم بقوة المال، وتتحكم في سياساتها الخفية عائلات ثرية ومجاميع اقتصادية ذات نفوذ يغلب عليها العنصر اليهودي.

وقرارات ترامب وطفرات تصريحاته الهجينة ليست من بنات أفكاره، بقدر ما هي توصيات من لوبيات اقتصادية فاعلة في المجتمع الأمريكي. وترامب شخص هش يستمع إلى أفكار هؤلاء وهؤلاء، ويقتنع بها مؤقتا، فهو سريع التأثر بما يقال له، ثم بعد أن يقرر، بناء على ما تلقى من توصيات؛ يتراجع قليلا أو كثيرا حين يثور العالم على قراراته، فهو مقود وليس قائدا، كما يتصور كثيرون.. هو ليس أكثر من دمية في يد أعمدة الاقتصاد الأمريكي، لذلك تجد معظم قراراته متصلة بالمكاسب المادية، وهو ما رأيناه فيما تحصّل عليه من أموال الجزية من دول الخليج، على سبيل المثال لا الإحاطة، وقد امتد غروره إلى غزة؛ فأراد امتلاكها لتكون منتجعا سياحيا يدر عليه شخصيا وعلى بلده الأرباح الوفيرة، إضافة إلى دافع العظمة المصطنعة التي تُخيل له حصوله على مكاسب معنوية، تتصل بغروره وكبريائه، تلك التي يراها في أحلام اليقظة الوردية، تماما كما يرى أنه يستحق جائزة نوبل للسلام!

إلى ذلك، فإن ترامب لا يصدر في تصرفاته وتصريحاته عن منهج واضح يحدد خطواته، ويقيم عليه طريقة حكمه، وينظم أولوياته، فمن يراقب حركة ترامب وتصريحاته، يلاحظ فوضى وترددا وتراجعا، وسرعة في اتخاذ القرار، كما يلاحظ أنه يمدح الأقوياء، ويتقرب منهم بعد لقائه بهم، ثم سرعان ما يغير سلوكه تجاههم بمصادمة أو رأي هجين أو ردة فعل..

بناء على ما تقدم، فإن تقبّل ترامب لخطة حماس يتصل مباشرة بعوامل منها:

أولا: طمع ترامب في تحقيق انتصار سريع قبل قرار اللجنة الخاصة بجائزة نوبل؛ فهو مهووس بتحقيق حضور قوي بصفته رئيسا لأقوى دولة في العالم، ويرى أن من حقه الحصول على الجائزة بناء على أكاذيب روجها لنفسه، وأثارت سخرية العالم، حين قال: "أنهيت 9 حروب، وعدم حصولي على نوبل إهانة كبيرة لأمريكا"، إذا هو يرى نفسه مستحقا للجائزة بقوة الولايات المتحدة وحضورها الفاعل على المسرح الدولي، وهو يعلم يقينا أنه لا يستحقها. وهي المرة الأولى التي أسمع فيها من يطالب بجائزة نوبل بهذه الطريقة الفجة التي أثارت سخرية العالم، بمن فيه إعلاميون وأكاديميون وساسة أمريكيون. وفي تصريح لأكاديمية سويدية، قالت: "جوائز نوبل مهددة بسياسات ترامب"، وتهكم أحد الإعلاميين على ترامب بالقول: "هل سيغزو ترامب السويد لإجبارها على منحه جائزة نوبل"؟!

ثانيا: لا أستبعد مطلقا بأن ترامب باتفاق سري مع نتنياهو، أراد إنقاذ الأخير بعد أن تفكك المجتمع الإسرائيلي وبات قاب قوسين أو أدنى من قنبلة اجتماعية تأكل الأخضر واليابس، وربما تكون استعادة الأسرى لدى حماس مفتاح فرج لنتنياهو، بحيث يبدو محررا وزعيما قويا أجبر حماس على تسليم الأسرى، وهو ما من شأنه إيقاف الاحتجاجات والتظاهرات العارمة التي عصفت به وبحكومته.

ثالثا: غضب الشعب الأمريكي الذي هز أركان الدولة، والغضب الشعبي في أوروبا ومعظم دول العالم، هذا الغضب الذي وُجّه نحو الكيان المحتل والولايات المتحدة على حد سواء؛ فإنهاء العدوان على قطاع غزة، هو إنهاء إسرائيلي أمريكي، كما يراه العالم كله، ناهيك عن الغضب الرسمي لبعض الدول المهمة في أوروبا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا، وبعض دول آسيا، إضافة إلى رغبة ترامب في إرضاء بعض دول الخليج وإندونيسيا وتركيا، ثم التخفيف من وقع الهجوم الإسرائيلي على قطر الذي أثار موجة من الغضب الخليجي والعربي وكثير من دول العالم، مع إدراك الجميع بأن ترامب كان يعلم بالضربة، لكنه بالاتفاق مع نتنياهو، قام بعملية تمويه مكشوفة لإخفاء تورطه في الهجمة..

رابعا: إن ترامب كما سبق وذكرت ليس له منهج خاص وقيم ومبادئ خاصة ينطلق منها في أدائه السياسي، فهو يقول الشيء وضده، ويعلن ثم يتراجع، ويؤكد ثم يصمت، فلا أحد يستطيع فهمه ولا اتجاه مساراته، ولا ما يمكن أن يفعله غدا..

ينظر ترامب لحماس بوصفها قوة عظمى عنيدة، ويشعر بالسعادة على اعتبار أنه استطاع أن يخترقها ويلين مواقفها، ولا أستبعد أن يغير موقفه من رد حماس في أية لحظة؛ فهو مزاجي مهووس يعاني من أمراض نفسية عديدة، أهمها جنون العظمة الذي لا علاج طبيا له، فقد أكدت حماس أنها بما قدمت في ردها تتمتع بحنكة تفاوضية أعادت رسم المشهد الفلسطيني بعبقرية لا ينكرها أحد، حيث أشاد بها العالم، ووصفها بالعبقرية، بما قد يعني أن حماس استطاعت أن تلعب بعقل ترامب، وكانت أذكى مما تخيل، وهو ما قد يجعل ترامب يحس بأنه تسرع في تقبل تعديلات الحركة، وأنه تعرض لنوع من الخداع، وأنه تسرع في الإشادة بالورقة الحمساوية، فصار أضحوكة تندر بها العالم. وربما كان ذكاء الرد حافزا لجعل ترامب يؤمن بحماس، فقد وصفها بأنها تعمل بشكل أفضل من ذي قبل، وهو تصريح غريب وهجين، من رئيس تعد دولته حماس حركة إرهابية.

ولا شك بأن الكيان المحتل بدوائره السياسية والإعلامية المختلفة كان متفاجئا من الرد الأمريكي وقبوله برد حماس، فقد وصف موقع "حدشوت زمان" الإسرائيلي ما جرى بأنه يعد قلبا للطاولة، وأن المفاوضات تحولت لتصبح بين حماس وترامب، كما ذكرت وسائل إعلام عبرية بأن حماس نجحت في إيقاع ترامب في شباكها.

إن النجاح الذي أحرزته حركة حماس في ردها على خطة ترامب واحتفاء ترامب به؛ يؤشر على عمل مؤسسي مسؤول، ويثبت أن الحركة ليست مليشيات عمياء تضرب خبط عشواء. فهي تحمل بكلتا يديها ميزانا حساسا يعطي الأشياء وزنها الحقيقي، وأنها تميز بين الماء والنار، وتحس بوجع المواطن، وتحكم على الأمور بناء على معطيات ميدانية وعقلانية.. لقد أثبتت حماس أنها على قدر المسؤولية، وأنها تتمتع بحكمة عالية ووعي استثنائي تجاوز السياسات العربية بمراحل كبيرة..

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء ترامب حماس غزة نتنياهو حماس غزة نتنياهو ترامب قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة بناء على بعد أن وهو ما

إقرأ أيضاً:

نتنياهو: إيران تطور صواريخ قادرة على ضرب أمريكا.. وتل أبيب تحمي العالم الحر

ظهر رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو٬ عشية الذكرى الثانية 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، في مقابلة مع الإعلامي الأمريكي اليهودي بن شابيرو عبر بودكاست، متحدثا عن الحرب في غزة، ومستقبل الصراع، والعلاقات مع الولايات المتحدة، ومكانة الاحتلال الإقليمية.

وقال نتنياهو المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية في المقابلة التي استمرت قرابة عشرين دقيقة: "نحن على وشك إنهاء الحرب، ولكن ليس بعد"، مؤكدا أن "ما بدأ في غزة سينتهي في غزة بإطلاق سراح رهائننا الـ46، ووضع حد لحكم حماس الإرهابية"٬ رغم أن العدد الرسمي للرهائن المحتجزين في غزة يبلغ 48 شخصا، منهم 20 فقط أحياء، وفق المعطيات الإسرائيلية الرسمية.

وأضاف: "لم يتم تدمير حماس بعد، ولكننا سنصل إلى ذلك. لا يمكن أن نُنهي الحرب ونترك حماس في السلطة بينما الصواريخ ما زالت توجه نحونا".



"أقوى من أي وقت مضى"
استهل نتنياهو حديثه بالإشارة إلى هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر، الذي وصفه بأنه "أفظع حدث يشهده الشعب اليهودي منذ المحرقة"، مضيفا: "ظن الجميع أن إسرائيل انتهت، لكن بعد عامين سحقنا المحور الإيراني ومعظم فروعه. لقد خرجت إسرائيل من الحرب أقوى دولة في المنطقة، وما زال أمامنا مهام لتحقيق النصر الكامل".

وفي الوقت الذي تتواصل فيه محادثات القاهرة بين مفاوضين من الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس بوساطة مصرية وأمريكية، لمحاولة التوصل إلى اتفاق جديد لوقف الحرب وإطلاق الأسرى، شدد نتنياهو على أن "النهاية الحقيقية" للصراع تعني "إطلاق سراح جميع الرهائن، وإبعاد حماس عن السلطة، وضمان ألا تشكل غزة تهديدا مجددا لا لإسرائيل ولا للسلام الإقليمي".

أشاد نتنياهو مرارا بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، معتبرا أنه "قلب الطاولة على حماس" وساهم في "كشف حقيقة الصراع أمام العالم". وقال: "ترامب قالها بوضوح: أطلقوا سراح الرهائن، وأنهوا حكم حماس. لقد نجح في جعل العالم يرى الواقع كما هو".

وفي حديثه عن العلاقات مع واشنطن، وصف نتنياهو الشراكة مع ترامب بأنها "وثيقة وعلنية وسرية في آن واحد"، مشيرا إلى أن "الولايات المتحدة تحتاج إلى حلفاء أقوياء، وإسرائيل حليف مقاتل لا يطلب جنودا أمريكيين، بل يدافع عن نفسه منذ 77 عامًا".

وفي سياق آخر، حذر نتنياهو من أن إيران تطور صواريخ طويلة المدى قد تصل إلى الأراضي الأمريكية، قائلاً: "إيران تعمل على تطوير صواريخ يصل مداها إلى 8 آلاف كيلومتر، وبإضافة 3 آلاف كيلومتر أخرى، فإنها ستستهدف نيويورك وواشنطن وبوسطن وميامي وحتى مارالاغو. إسرائيل منعت ذلك بمساعدة ترامب".

وادعى رئيس وزراء الاحتلال أن تل أبيب "حطمت مشروع الصواريخ النووية العابرة للقارات الإيراني" دون الحاجة إلى حرب عالمية أو تدخل عسكري أمريكي مباشر، مضيفا أن "إسرائيل تحمي فعليا أمريكا والعالم الحر".


"ثورة الدفاع الإسرائيلية"
تطرق نتنياهو إلى خطط بلاده لتحقيق "الاستقلال الأمني الكامل"، مؤكدا أن إسرائيل في طريقها "للاستغناء عن المساعدات العسكرية الأمريكية" من خلال تطوير صناعات دفاعية قائمة على الذكاء الاصطناعي.

وقال: "كما أوقفنا المساعدات الاقتصادية الأمريكية وأصبحنا اقتصادا حرا، سنحقق أيضا استقلالنا الأمني. نحن نقود ثورة في صناعة الدفاع ستجعلنا نعتمد على أنفسنا بالكامل، وسنشارك الولايات المتحدة هذه التطورات".

وأشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي "طور أسلحة هجومية لا تملكها حتى القوى العظمى"، وشارك بعضها مع واشنطن ضمن التعاون في مجال الدفاع الصاروخي، مثل أنظمة "القبة الحديدية" و"حيتس".

اتفاقيات أبراهام

وفي ختام المقابلة، قال نتنياهو إن اتفاقيات أبراهام ستتوسع "بعد انتهاء العمليات في غزة"، مشيرا إلى أن "عدداً من الدول الإسلامية الكبرى خارج الشرق الأوسط تُجري محادثات مع إسرائيل لتطبيع العلاقات".

وأضاف: "لن نحقق هذا السلام قبل إنهاء الحرب وإزالة تهديد حماس. حين نفعل ذلك، سنفتح الباب أمام حقبة جديدة من العلاقات الإقليمية".

مقالات مشابهة

  • بعد عامين على طوفان الأقصى…غزة التي غيرت العالم
  • نتنياهو: إيران تطور صواريخ قادرة على ضرب أمريكا.. وتل أبيب تحمي العالم الحر
  • صدمة الإبادة التي تغيّر العالم.. إذا صَمَت الناس فلن يبقى أحد في أمان
  • "طوفان الأقصى" الذي عرّى الاحتلال
  • ما القمر العملاق الذي يُنير سماء العالم العربي غدا؟
  • الشيطان يكمن في التفاصيل.. ما أبرز البنود التي قد تعرقل مفاوضات شرم الشيخ بين حماس وإسرائيل؟
  • أستاذ علوم سياسية: رد حركة حماس على خطة ترامب موقف عبقري في توقيت حاسم
  • محمد حميد الله.. العالم الذي عاش للإسلام في صمت ورحل في صمت
  • العالم الإسلامي: استجابة حماس لخطة ترامب تمهد لإنهاء الحرب على غزة