حمّلت منظمات إنسانية دولية٬ مؤسسة أمريكية تُدار من قبل الاحتلال الإسرائيلي، إلى جانب عدد من الشركات الأمنية والخاصة، مسؤولية المجازر الدامية التي وقعت في مواقع توزيع المساعدات بقطاع غزة، والتي أودت بحياة أكثر من 400 فلسطيني، وأدت إلى إصابة الآلاف، منذ أواخر أيار/ مايو الماضي.

وتُعد "مؤسسة غزة للإغاثة الإنسانية" -التي أُنشئت حديثاً في ولاية ديلاوير الأمريكية في شباط/ فبراير الماضي٬ الجهة المركزية المتهمة بالضلوع في عمليات توزيع مساعدات غذائية مشبوهة، أفضت إلى فوضى وسقوط مئات الضحايا.

 

وتقول مصادر حقوقية إن المؤسسة ليست سوى واجهة لعملية عسكرية أمنية معقدة، شاركت في إعدادها جهات إسرائيلية وأمريكية، تحت إشراف مباشر من "مجموعة بوسطن الاستشارية" (BCG).

خطة "المساعدات المشروطة" وفشلها الميداني
وبحسب مصادر مطلعة، فإن مجموعة BCG عقدت لقاءات سرية مع حكومة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بهدف إعداد خطة لإعادة تشكيل الوضع السكاني في غزة، عبر تجميع السكان في أربع مناطق محددة، بدعوى تسهيل إيصال المساعدات وإعادة الإعمار. 

غير أن الخطة فشلت على الأرض، بسبب رفض السكان وأوضاع الحرب، ما دفع المنفذين إلى اللجوء إلى وسائل أخرى أكثر عنفاً وتحكماً.

في هذا السياق، دخلت شركة "GDC" أو "شركة التوصيل العالمية" على الخط، وهي شركة ذات طابع أمني-لوجستي، أسسها رجل الأعمال الإسرائيلي الأمريكي مردخاي (موتي) كاهانا عام 1968، والمعروفة بدورها في إجلاء يهود من مناطق النزاع وتقديم خدمات لوجستية للمنظمات المرتبطة بالاحتلال الإسرائيلي.

لكن في غزة، كانت المهمة مختلفة تماماً٬ إذ تفيد مصادر فلسطينية أن الشركة تقوم بجمع بيانات بيومترية عن سكان القطاع، وتفرض عليهم العيش في مناطق محددة أشبه بمعسكرات احتجاز، في إطار خطة لضبط حركتهم ومراقبتهم وتهجيرهم التدريجي، تحت غطاء "مساعدات إنسانية مشروطة".

شبكة دعم متشعبة تضم "بلاك ووتر" 
وتشير الوثائق والمعلومات المتداولة إلى أن شركة GDC تعمل بتنسيق وثيق مع منظمات إسرائيلية أمريكية نافذة، مثل "المجلس الإسرائيلي الأمريكي" (IAC)، و"الوكالة اليهودية لأجل إسرائيل"، و"اللجنة اليهودية الأمريكية". كما ترتبط بعلاقات شراكة عملياتية مع شركة "Constellis" الأمنية، المعروفة سابقاً باسم "بلاك ووتر"، والمتهمة بارتكاب مجازر في العراق وأفغانستان.

ويُشتبه في تورط شركة Constellis في عمليات قتل وإصابة مدنيين فلسطينيين في غزة، أثناء عمليات توزيع المساعدات، بالتعاون مع مؤسسة "غزة للإغاثة الإنسانية" وGDC، في إطار استراتيجية أمنية تهدف إلى تقويض النسيج الاجتماعي الفلسطيني، وإحداث تغييرات ديمغرافية في مناطق محددة من القطاع، وفق ناشطين حقوقيين.


انتقادات دولية ودعوات لإنهاء المشروع
وفي ظل تفاقم الكارثة الإنسانية، تصاعدت الدعوات الدولية المطالبة بوقف أنشطة المؤسسة، حيث أصدرت 171 منظمة غير حكومية، من بينها "أوكسفام"، و"أطباء بلا حدود"، و"هيئة إنقاذ الطفولة"، و"العفو الدولية"، و"المجلس النرويجي للاجئين"، بياناً مشتركاً دعت فيه إلى تفكيك هذه المنظومة "القاتلة" لتوزيع المساعدات في غزة.

وأكدت هذه المنظمات أن مشروع المؤسسة أدى إلى "تجويع المدنيين وإطلاق النار عليهم"، داعية إلى استعادة آلية أممية موحدة لتنسيق المساعدات تحت إشراف الأمم المتحدة، بما ينسجم مع القانون الإنساني الدولي.

بدوره، كشف المفوض العام لوكالة "أونروا"، فيليب لازاريني، أن أكثر من 130 منظمة إنسانية ناشطة في غزة طالبت بإنهاء مشروع "مؤسسة غزة الإنسانية"، الذي وصفه بأنه "لم يقدّم سوى الموت جوعاً ورصاصاً للمدنيين". 

وقال في منشور له سابق على منصة "إكس"، إن المنظمة الأممية تؤيد استعادة التنسيق الإنساني وفق آليات دولية تضمن حماية المدنيين وتقديم المساعدة فعلياً.

ووفق بيانات المنظمات الإنسانية، فإن عدد ضحايا هذا المشروع منذ انطلاقه في 27 أيار/ مايو الماضي، تجاوز 500 شهيد من المدنيين، بينهم أطفال ونساء، فيما أُصيب أكثر من 4 آلاف شخص خلال محاولاتهم الوصول إلى الغذاء في مواقع التوزيع.

وتكشف المعلومات المتواترة عن البنية الأمنية والمالية التي تقف خلف "مؤسسة غزة للإغاثة الإنسانية" أن ما يجري في القطاع ليس مجرد خلل في إدارة المساعدات، بل مشروع مبيت لإعادة تشكيل الواقع السكاني تحت غطاء العمل الإنساني. 

وبينما تطالب المنظمات الدولية بوقف هذا "العبث الإجرامي"، تبقى الأنظار معلّقة على المجتمع الدولي، ومدى قدرته على كبح تغوّل الشركات المرتزقة والمنظمات المرتبطة بالاحتلال الإسرائيلي داخل واحدة من أشد المناطق تضرراً على وجه الأرض.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية المساعدات غزة فلسطيني لازاريني فلسطين غزة مساعدات لازاريني غزة الانسانية المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مؤسسة غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة: ارتفاع ضحايا المساعدات الإنسانية في قطاع غزة إلى 798 شخصًا

نددت الأمم المتحدة بقتل الفلسطينيين أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، مفيدة بأن عددهم ارتفع إلى 798 شخصًا.

وأوضحت المتحدثة باسم مكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان رافينا شامداساني في تصريح صحفي بجنيف أنه حتى السابع من يوليو بلغ عدد الضحايا 798 شخصًا، بينهم 615 شخصًا قضوا في محيط مواقع توزيع المساعدات بمؤسسة غزة الإنسانية، و183 آخرون يفترض أنهم لقوا حتفهم أثناء توجههم نحو قوافل الإغاثة.

ويتعرض قطاع غزة لقصف مكثف من جانب الاحتلال الإسرائيلي على المناطق السكنية والمرافق الطبية ومراكز إيواء النازحين، في ظل أوضاع إنسانية كارثية تتفاقم بفعل النقص الحاد في الغذاء والمياه والدواء، وسط تحذيرات من انهيار كامل للقطاع الصحي والبيئي.

مقالات مشابهة

  • مدير الإغاثة الطبية : مؤسسة غزة الإنسانية تمارس القتل
  • إنذارات بإخلاء مناطق بغزة تشمل مستشفى ومقرا أمميا على وقع مجازر جديدة
  • الأمم المتحدة: ارتفاع ضحايا المساعدات الإنسانية في قطاع غزة إلى 798 شخصًا
  • عام على احتجاجات بنغلاديش: محكمة خاصة تتهم الشيخة حسينة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية
  • 8 منظمات أوروبية تطالب بوقف فوري للإبادة الجماعية الصهيونية في غزة
  • مصادر فلسطينية : 80 شهيداً وعشرات الجرحى في مجازر العدو الصهيوني بغزة منذ فجر اليوم (تفاصيل)
  • مؤسسة غزة الإنسانية.. جوانب خفية صادمة حولتها لـأداة قتل
  • منظمات دولية تحذر من مشروع المدينة الإنسانية في غزة
  • «الوطني الفلسطيني»: مجازر الاحتلال الإسرائيلي بحق العائلات أبشع أشكال الإبادة الجماعية