مستخدمو تيك توك: الأخبار هنا أبسط وأسهل وأسرع
تاريخ النشر: 3rd, August 2025 GMT
ناقشت صحيفة أتلانتك الأميركية تزايد الإقبال على تطبيق "تيك توك" من أجل الحصول على المحتوى الإخباري، في وقت يطوّع فيه بعض المؤثرين المهتمين بالأحداث الجارية خوارزمية التطبيق الصيني لتمرير الأخبار إلى المستخدمين.
واستعرض الكاتب في الصحيفة أموغ ديمري، تجارب مؤثرين ومستهلكي الأخبار عبر "تيك توك"، الذي يواصل اكتساب شعبية كوسيلة إخبارية، وسط غياب واسع لوسائل الإعلام التقليدية على التطبيق.
ووفقا لاستطلاع أجراه مركز بيو للأبحاث في الخريف الماضي، فإن 17% من البالغين و39% من البالغين دون سن 30 عاما في الولايات المتحدة، يتابعون الأخبار الجارية على "تيك توك" بانتظام، مع الإشارة إلى أن أقل من 1% من جميع حسابات "تيك توك" التي يتابعها الأميركيون هي وسائل إعلام تقليدية.
تجربة بارناسوينقل الكاتب تجربة صانع المحتوى آرون بارناس، الذي شاهد بعد الساعة 7:46 مساء منشور الرئيس الأميركي دونالد ترامب على منصة "تروث سوشيال" وأعلن فيه عن الضربات الجوية على إيران، في 21 يونيو/حزيران الماضي، لينشر بارناس في تمام الساعة 7:52 مقطع فيديو مدته دقيقة واحدة عبر "تيك توك"، يظهر فيه وهو ينظر إلى الكاميرا، ويقرأ منشور الرئيس الذي حدد المواقع النووية التي استهدفتها الولايات المتحدة، ويضيف ملاحظة تشكك بأن إيران ستستجيب لدعوة ترامب للسلام.
ويقول الكاتب: مع كشف وسائل الإعلام التقليدية عن مزيد من التفاصيل في تلك الليلة، لخص بارناس نتائجها في 9 تقارير أخرى، سجل بعضها من سيارته، مضيفا أن بارناس لم يقدّم تفاصيل دقيقة أو تقارير أصلية، لكن ما كان يقدمه هو السرعة، فضلا عن فهم عميق لكيفية الوصول إلى الناس على "تيك توك".
ويعتمد مستخدمو التطبيق الشهير ليس فقط على "المؤثرين الإخباريين" مثل بارناس، وفق الكاتب، ولكن أيضا على مقاطع فيديو ترويجية لأجندات سياسية، ومقاطع أخرى ذات صلة بالأخبار يصعب وصفها للأشخاص الذين لا يستخدمون "تيك توك"، الذي قد لا يبدو مصدرا واضحا أو موثوقا للأخبار، والذي يخشى المشرعون الأميركيون كذلك من إمكانية التلاعب بخوارزميته لتعزيز مصالح الصين.
وتقدم خوارزمية "تيك توك" لكل مستخدم موجزا مخصصا من مقاطع فيديو قصيرة وجذابة، وهو ترتيب من غير المرجح أن يقدم تغطية شاملة للأحداث الجارية، وفق الكاتب.
إعلانوقد قام بارناس، البالغ من العمر 26 عاما، بتفعيل إشعارات "إكس" و"تروث سوشيال" لتلقي منشورات كل أعضاء الكونغرس وقادة العالم البارزين، ولدى تقديره بأهمية أي تنبيه يرد إلى هاتفه، يضغط على زر التسجيل ويبدأ بتصوير فيديو.
إن تعامل بارناس السريع مع الأخبار جعله عملاقا إعلاميا بمفرده، وفق وصف الكاتب، إذ لديه حاليا 4.2 ملايين متابع على "تيك توك"، في حين وصلت مقاطع الفيديو التي ينشرها على المنصة إلى أكثر من 100 مليون مستخدم أميركي في الأشهر الستة الماضية، كما أن نشرة بارناس الإخبارية "سب ستاك" هي الأكثر اشتراكا في فئة الأخبار، وقد أجرى مؤخرا مقابلة مع السيناتور كوري بوكر، ووزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو.
ورغم أن نموذج بارناس على "تيك توك" يعتمد بشكل كبير على التقارير الصادرة عن وسائل إعلام أخرى، وقد يكون سيل المعلومات الذي يقدمه على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع مزعجا لأولئك الذين لم تتكيف عاداتهم في استهلاك وسائل الإعلام مع التطبيق، لكنه يصل إلى جمهور لا تصل إليه وسائل الإعلام الأخرى، إذ يعتقد بارناس أن العديد من مشاهديه هم "شباب لا يشاهدون الأخبار ولم يشاهدوها قط ولن يشاهدوها أبدا"، مضيفا: "إنهم ببساطة لا يملكون القدرة على التركيز".
الإيجاز والقيمة الترفيهيةوبحسب الكاتب، يصمم مستهلكو محتوى الأحداث الجارية عبر "تيك توك" على أنهم قادرون على فهم ما يجري في العالم، حتى لو اضطروا إلى استقراء الحقائق من "الميمات"، مؤكدين على أن الإيجاز والقيمة الترفيهية تعوضان عن نقص التفاصيل الواقعية.
وينقل الكاتب عن مايلز مالتبيا، محلل أمن سيبراني، يبلغ من العمر 22 عاما من شيكاغو قوله: "الكثير من الأشياء موضحة بعبارات أبسط على تيك توك"، ويؤكد مايلز أن هذا الاعتبار، بالإضافة إلى سهولة الاستخدام، يجعله المكان المثالي للحصول على جميع الأخبار بالنسبة له.
صانع المحتوى على تيك تيوك بارناس لديه حاليا 4.2 ملايين متابع، في حين وصلت مقاطع الفيديو التي ينشرها على المنصة إلى أكثر من 100 مليون مستخدم أميركي في الأشهر الستة الماضية.
بواسطة أتلانتك
أما أشلي أكوستا، وهي طالبة في السنة الأخيرة بجامعة بنسلفانيا، فأشادت باستقلالية بارناس، وأنه رئيس نفسه، خارج عالم وسائل الإعلام المؤسسية، وقارنته بوسائل إعلام مثل "إيه بي سي" التي طردت مؤخرا مراسلها "تيري موران"، بسبب منشور له على منصة "إكس" وصف فيه ترامب بـ"كاره عالمي". وبالنسبة لنيك باريجي، خريج جامعة تكساس في أوستن، فيرى كذلك أن بارناس مصدر أخبار قيم، معبرا بالقول "تتلقى دعاية أقل، لا يروج لأجندة معينة".
وواصل الكاتب استعراض تجارب مستخدمين وتضمين آرائهم، إذ سأل العشرينية أوليفيا سترينجفيلد، وتعمل في مجال التسويق، إذا كانت تعتبر "تيك توك" أفضل مصدر للأخبار، لتجيب بالنفي، لكنها عبرت عن أن تقديم الأخبار يجري على المنصة بطريقة أكثر جاذبية وسرعة وأريحية، مضيفة "ليس لدي الوقت للجلوس وقراءة الصحف كما كان يفعل والداي".
تكييف مع الخوارزميةويقول روبرت كوزينيتس، أستاذ في جامعة جنوب كاليفورنيا، وقد أحرى دراسة استهلاك "جيل زد" لوسائل الإعلام على "تيك توك"، إن المستخدمين نادرا ما يبحثون عن الأخبار، بل هي التي تجدهم، إذ يزيّن المؤثرون الأخبار لجعلها صديقة للخوارزمية.
إعلانوفي ختام تقريره، قال الكاتب إن مستخدمي المنصة يواصلون توسيع تعريف الأخبار عليها، في حين سيواصل من وصفهم بالمبدعين الرياديين المهتمين بالأحداث الجارية اختبار صيغ تقديم الأخبار لجذب المزيد من المشاهدين إلى المنصة، ويضيف أنه حتى إذا تم بيع "تيك توك" أو إغلاقه، فمن المؤكد أن تطبيقات مشابهة ستملأ الفراغ، ويختم "يبدو أن التحدي المتمثل في تغليف الأخبار لتوزيعها بواسطة خوارزمية الصندوق الأسود سيستمر".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات وسائل الإعلام تیک توک
إقرأ أيضاً:
بين الكاتب والمكتوبجى
الصحافة حرفة قبل أن تكون رسالة، فكيف يمكن لمن يمارس تلك الحرفة أن يحمل تلك الرسالة وقد أصابه القلق والخوف من أن يعضه الجوع، وأن يكون مصيره التشرد؟ الواقع الذى يعيشه من يمتهن الصحافة الآن هو الدافع الأول لطرح السؤال، وقبل أن نخوض فى هذا الواقع، أعرض بعض ما قيل عن تلك المهنة ورسالتها.
قيل عن الصحافة إنها رسالة خالدة، وأنها ركن من أعظم الأركان التى تشيد عليها دعائم الحضارة، وأن كل أمة متمدنة يجب عليها أن تحترم الصحافة، وقيل عنها: لا شىء يدل على أخلاق الأمة ومكانتها مثل الجرائد، فهى المنظار الأكبر الذى ترقب فيه حركاتها وسكناتها، هى رائد الإصلاح ورياح التقدم، إنها لسان الأمة وبرهان ارتقائها، فأمة بدون صحافة لا عين لها فتبصر، ولا قلب لها فتشعر.. ما سبق قليل من كثير يوضح أهمية الرسالة فى حياة أى أمة.
ورغم سمو تلك الرسالة فقد عانت الصحافة ومن يمارسها على مر تاريخها فترات عصيبة من التعنت والاضطهاد والقسوة، تشتد وتلين حسب سياسات السلطة الحاكمة، فاخترع الحكم العثمانى مثلًا دور «المكتوبجى» ليمارس الرقابة على الصحف رغم جهله باللغة العربية، وكان من غرائب هذا «المكتوبجى» ما سجله «سليم سركيس» خلال توليه تحرير جريدة «لسان الحال» فى بيروت عما عاناه هو وغيره فى كتابه «غرائب المكتوبجى عام 1896».
ومن غرائب هذا «المكتوبجى» كما يحكى «سركيس» عن تلك الفترة في بيروت، أنه عندما طبع يوسف أفندى حرفوش كتابًا فى الأمثال وورد فيه المثل الشهير «الحركة فيها بركة»، أمر بحذف المثل زاعمًا أن لفظ الحركة تفيد الثورة!، ومن غرائبه أيضًا عندما كتبت جرائد بيروت أن أحمد أفندى سلطانى زايل «أى تارك ومغادر» الثغر لزيارة شقيقه محمد أفندى سلطانى المقيم فى الأستانة، حذف المراقب النون والياء من سلطانى وصار الاسم «محمد أفندى سلطا»، لأن السلطان لا يكون إلا لعبدالحميد!، ومما ذكره «سركيس» فى كتابه: أنه عندما ضجر عبدالقادر أفندى القبانى صاحب «ثمرات الفنون» من كثرة حذف المقالات، زار «المكتوبجى» راجيًا منه أن يحدد لهم خطة يسيرون عليها فى تحرير صحفهم وأن يريهم القانون الذى يخضعون له، فنظر إليه وقال: ألا تدرى أين القانون؟ فأجاب قبانى أفندى سلبًا، فوضع إصبعه على دماغه وقال: إن القانون هنا!
تلك العلاقة بين الكاتب والمكتوبجى يمكنها أن تمر رغم صعوبتها ووحشتها، يمكن التعايش معها وتفهمها رغم قسوتها ومرارتها، ولكن الأَمَّر الذى لا يمكن أن يمر هو حال من يمارسون تلك المهنة الآن، فقد أصبح قطاع عريض منهم يطارده شبح التشرد، وبات شغلهم الشاغل البحث عن عمل خارج نطاق تلك المهنة لسد حاجتهم وحاجة أولادهم قبل أن يعضهم الفقر.
لا يخفى على أحد أن هناك قطاعًا عريضًا ممن يمارس مهنة الصحافة الآن يكافح من أجل البقاء فى مواجهة ارتفاع جنونى للأسعار متسلحًا برواتب متدنية تسير كالسلحفاة فى سباق غير متكافئ مع سرعة هذا الجنون المتصاعد، وبينما لم يصل الكثير والكثير منهم إلى الحد الأدنى للأجور الذى أقره القانون، يجد البعض أنفسهم فى مواجهة مُلَّاك صحف لا يشعرون بهم ولا يألمون لهم، مُلَّاك لديهم أجندات ومصالح ومكاسب مختلفة، يشهرون أسلحة التهديد بالإغلاق وإعلان الإفلاس إذا لزم الأمر.
فى النهاية: أعلم أن هناك من يكره الصحافة كما السلطان عبدالحميد الثانى عندما قال بعد خلعه من عرش السلطنة: «لو عدت إلى يلدز لوضعت محررى الجرائد كلهم فى آتون كبريت»، وأعلم أن هناك من يتوجس خيفة من أرباب القلم كما نابليون الأول عندما قال إنه يخاف من ثلاث جرائد أكثر من مائة ألف جندى، ومنهم من يسير على نهج «نقولا الثانى» قيصر روسيا عندما قال: «جميل أنت أيها القلم ولكنك أقبح من الشيطان فى مملكتى».. وبين تلك الكراهية والخوف أو التفاهم، يوجد صحفى يريد أن يأكل ويشرب، يريد أن يعيش مطمئنًا بدلًا من تهديده بشبح التشرد أو الخوف من عضة جوع.
أخيرًا: الصحافة لسان الأمة والمرآة التى تريها نفسها اليوم وغدًا وبعد غد.. وما يعانيه قطاع كبير ممن يمارسون تلك المهنة لابد أن يكون له حل عاجل.
[email protected]