ترحّب الأرض بالأخيار، لكن من يحفظ القرآن منزلته عالية. ولما حفظ الشيخ حسن مشاط القرآن، أحد علماء مكة المكرمة الكبار، وهو في الأربعين من عمره قال: ورد أنّ الأرض لا تأكل حافظ القرآن.
وقد تساءل أكثر من قارئ لمقالة الدور السادس، ومقالة الدور السابع المنشورتين في الأسبوعين الماضيين.. هل من دور ثامن فأجبت بالنفي.
وبقليل من تأمل للسيرة النبوية، نجد العقل الرشيد من معالمها، فمثلاً اختصمت قبائل قريش بعد إعادة بناء الكعبة؛ فيمن يرفع الحجر الأسود، وكادت أن تقتتل، ثم قالوا: نحتكم إلى أول داخل يدخل إلينا، فجاء محمد- صلى الله عليه وسلم؛ وذلك قبل بعثته وسمع منهم، فقال: هاتوا ثوبًا؛ ولما جاؤوا بالثوب، وضع الحجر الأسود عليه، وقال: كل قبيلة ترفع من طرف الثوب الذي بجوارها. فلما رفعوه أخذ الحجر الأسود ووضعه في مكانه. وهكذا حلت المشكلة.
قال الشاعر السيد عبيد مدني- رحمه الله- وهو من أعيان أهل المدينة:
ليــــس للعقل شأن لو تساوى الناسُ فيه
كثرة الأخطاء تبدي عزةَ الرأي الوجيه
لكنّ عالمنا عامر بالعقلاء، وهو أيضًا عامر بالباطل وشريعة الغاب والمصلحة والكيل بمكيالين، فما السبب؟ السبب -والله أعلم- أن العقل وحده لا يكفي، ولا يمكنه الوصول إلى الرأي الوجيه إلا بالقرآن. قال تعالى: (وكذلك أوحينا إليك روحًا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورًا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم). ولما سئلت أمنا عائشة- رضي الله عنها- عن خُلُق الرسول قالت: كان خُلُقه القرآن.
طيب، كيف كان مسلكه عليه السلام قبل البعثة وقبل تنزيل القرآن؟ لقد وصفته خديجة- رضي الله عنها- عندما جاءها يرجف فؤاده بعد مقابلة جبريل، قال لها: لقد خشيت على نفسي. فقالت: كلا، والله لا يخزيك الله أبدًا، إنك لتصدق الحديث، وتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق.
إن النبوة فوق المكتسبات البشرية، غير أنّ المرء يستطيع أن يقترب من هذه المكانة العالية بحفظ القرآن في صدره وبمكارم الأخلاق في تعاملاته؛ لئن تحقق ذلك، فقد بنى لنفسه” دقيسي” قريبًا من النبي محمد- صلى الله عليه وسلم.
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
محافظ الغربية يهنئ الفائزين في الدورة الــ32 للمسابقة العالمية للقرآن الكريم
هنأ اللواء أشرف الجندي محافظ الغربية أبناء المحافظة الفائزين في المسابقة العالمية الثانية والثلاثين للقرآن الكريم، مشيدًا بما حققوه من إنجازات مشرفة رفعت اسم الغربية عاليًا في واحدة من أعرق وأهم المسابقات القرآنية على مستوى العالم، مؤكدًا أن هذا التفوق يعكس عمق ارتباط أبناء مصر بكتاب الله، ويجسد ثمرة أسر واعية ومؤسسات دينية وتعليمية غرست في نفوس الأجيال حب القرآن والعلم والانضباط.
وأعرب محافظ الغربية عن خالص تهانيه وتقديره لفضيلة الشيخ عبد الفتّاح عبد الحميد أبو زهرة، ابن عزبة السرايا بمركز قطور، بعد فوزه بالمركز الأول عالميًا في فرع القراءات السبع مع التوجيه، معتبرًا أن هذا الإنجاز الكبير تتويج لمسيرة علمية راسخة وجهد متواصل، ونموذج مشرف لعالم أزهري حمل القرآن علمًا وخلقًا ورسالة، وأسهم بعلمه في ترسيخ مكانة مصر في المحافل القرآنية الدولية.
كما هنأ المحافظ ابنة المحافظة أسماء وليد، ابنة قرية المنشأة الكبرى بمركز السنطة، لحصولها على المركز الثالث عالميًا في فرع القراءات السبع مع التوجيه، مؤكدًا أن تفوقها يعكس صورة مشرفة لفتاة مصرية جمعت بين الاجتهاد وحفظ كتاب الله وإتقان علومه، لتكون قدوة حقيقية لأبناء جيلها، ودليلًا واضحًا على أن الاستثمار الحقيقي هو في الإنسان وبناء وعيه على أسس دينية صحيحة.
كما اعرب المحافظ عن سعادته بالإنجاز اللافت الذي حققه ثلاثة أشقاء من أبناء قرية ميت عساس التابعة لمركز سمنود، بعد فوزهم بالمركز الأول في فرع الأسرة القرآنية وهم محمود سعد إبراهيم عبد الكريم، وعبد الله سعد إبراهيم عبد الكريم، وآية سعد إبراهيم عبد الكريم، حيث أكد محافظ الغربية أن هذا التفوق الأسري يعكس دور الأسرة المصرية الواعية في تنشئة أبنائها على حب القرآن والالتزام بقيمه، ويبعث برسالة قوية بأن البيوت العامرة بكتاب الله تخرج أجيالًا قادرة على التميز والريادة.
وأكد اللواء أشرف الجندي أن محافظة الغربية تفخر بأبنائها من حفظة كتاب الله، وتضع دعمهم وتشجيعهم في مقدمة أولوياتها، مشددًا على أن هذه النماذج المضيئة تمثل ركيزة أساسية في بناء الإنسان المصري، وتسهم في ترسيخ الهوية الوطنية والدينية المعتدلة، مشيرًا إلى أن ما حققوه ليس إنجازًا فرديًا فقط، بل هو فخر لمحافظة بأكملها، ورسالة أمل للأجيال القادمة بأن طريق القرآن هو طريق التفوق والرفعة والاحترام في الدنيا والآخرة.
واختتم محافظ الغربية تهنئته بتمنياته الصادقة بمزيد من النجاح والتوفيق لأبناء المحافظة، مؤكدًا أن الغربية ستظل داعمة لكل موهبة جادة، وحاضنة لكل تميز حقيقي، وأن راية القرآن ستبقى خفاقة بأبناء مصر في كل المحافل الدولية.