عربي21:
2025-08-05@04:27:28 GMT

ما مستقبل العلاقات الأمريكية الإيرانية؟

تاريخ النشر: 5th, August 2025 GMT

ألقت حرب الأيام الاثني عشر الأخيرة بين إسرائيل والولايات المتحدة على إيران، المزيد من الضوء على مستقبل العلاقات الأمريكية الإيرانية. وقيل إن تلك المواجهة قد تقود إلى حدوث تحوّل في العلاقات بين الطرفين، على اعتبار أن الحروب دائما ما تقود المتحاربين إلى طاولة المفاوضات، التي فيها يتغير المنهج في التعامل، لكن التحوّل الذي ينشده البعض في العلاقات الأمريكية الإيرانية ليس بالضرورة يسير في الاتجاه الصحيح.

والسبب في ذلك هو وجود تيارين في الإدارة الأمريكية الحالية، الأول هم الصقور الذين يقولون إن النظام الإيراني في حالة ضعف في الوقت الراهن، وأن أذرعه المنتشرة في عدد من الدول العربية قد أجهزت إسرائيل عليها، بالتالي هذه فرصة ذهبية للإجهاز على النظام والتخلص منه، وصولا إلى إنتاج حالة جديدة في الشرق الأوسط.

أما التيار الثاني، الذي يمكن أن نطلق عليه تيار الواقعية السياسية، فإنهم يخالفون زملاءهم في الرأي، ويقولون بعدم إمكانية تحقيق السيناريو الأول، ليس حُبا بالنظام الإيراني، إنما لعدم وجود بديل جاهز للحلول محل النظام الإيراني الحالي. وهؤلاء يستشهدون على رأيهم هذا بالقول، إن المعارضات الإيرانية في الخارج هزيلة، ولا تملك أية رؤية سليمة للزمن المقبل، وليس لديها توجه حقيقي. ثم يواصلون إعلان رأيهم بالقول، إنه من الأصح والأسلم تحقيق تغيير هادئ في النظام، على يد المجتمع الإيراني بدلا من إسقاطه، والوسيلة لتحقيق ذلك هي عبر نزع المقومات التي جعلت النظام الإيراني يستمر حتى اليوم.

أما بالنسبة لموقف ترامب من موضوعة العلاقات الأمريكية الإيرانية، فكما هو معروف كان موقفه مليئا بالتناقضات، وهذا طبعا عائد إلى تعبيره وأسلوبه من جهة، ومن جهة ثانية هو يعكس الانقسام الحاصل في صف المستشارين وفريق العمل الذي يحيط به. لكن بدا وكأن موقفه مؤيد لفكرة تيار الصقور، الداعي إلى إسقاط النظام الإيراني فعليا.

ولكن بعد أن تبين على أكثر من مستوى، الجموح الإسرائيلي في إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، من دون اتضاح معالم هذه الخريطة للجانب الأمريكي، مضافا إلى ذلك عدم حصول إنجاز كبير في المواجهة الإسرائيلية مع إيران، صحيح أن إسرائيل حققت الكثير من النجاحات الموضعية، على أساس الاختراق الاستخباراتي واسع النطاق في إيران، لكنها لم تحقق الهدف وهو تداعي النظام ثم إسقاطه. هذان العاملان جعلا التوجه لدى ترامب، خاصة أنه أفرغ مجلس الأمن الوطني من الكثير من الصقور، جعلاه ميالا أكثر إلى التوجه الواقعي، لكن على شرط أن تبدي طهران ستعدادا واضحا للانخراط في المؤسسات الدولية، وتحديدا تلك التي تشرف وتهيمن عليها الولايات المتحدة.

بمعنى مدى التقارب من إيران، ومدى استعداد إيران للانتهاء من حالة التقوقع والعزلة الذاتية على مختلف المستويات.

وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الإيرانيين كانوا قد حاولوا إغراء الجانب الأمريكي خلال المفاوضات باستثمارات ضخمة، أي أن إيران مستعدة للترحيب بالشركات الأمريكية للاستثمار فيها بترليونات الدولارات، بالتالي كان هذا عاملا سيحرك ترامب شخصيا، لكن ما تجب الإشارة إليه هو، أن عامل الثقة يلعب دورا كبيرا في العلاقات الدولية، والمشكلة في العلاقات الأمريكية الإيرانية هو أن هذا العامل مفقود تماما، رغم أن الطرفين حاولا ترميمه في المحادثات التي سبقت الحرب في عُمان، فإيران اليوم تشعر بأنها قد تعرضت إلى حالة من الخداع الاستراتيجي مرتين، من قبل ترامب خلال الحرب الأخيرة مع إسرائيل، بالتالي باتت ثقة طهران بإمكانية بناء علاقة مع الإدارة الأمريكية الحالية شيئا صعبا، في الوقت الحاضر.

كما أن المسار الدبلوماسي الذي تطرحه الدبلوماسية الأمريكية والأوروبية على إيران مليء بالألغام، فما تريده إدارة ترامب والأسرة الأوروبية أولا، هو تخلي طهران عن برنامجها النووي، وحظر تخصيب اليورانيوم على أراضيها. وسبق أن صرّح المفاوض الأمريكي ويتكوف إلى «فوكس نيوز»، بأنه لن يقبل أن تخصب إيران اليورانيوم ولو نصف في المئة على أراضيها، بينما هذا خط إيراني أحمر. ثانيا، التخلي عن البرنامج الباليستي.

ثالثا، الانكفاء الذاتي وعدم التدخل في شؤون الدول الإقليمية، والتوقف عن مساعدة حلفائها من الكيانات الإقليمية. وكل هذا يعني بشكل واضح لصانع القرار الإيراني، تجريد إيران من كل قدراتها الدفاعية بما يجعلها لقمة سائغة في أية مواجهة مقبلة. لذلك فإن طهران تواجه لحظة مصيرية وجودية، وخياراتها صعبة ومكلفة، وهي تجد نفسها اليوم بين مطرقة الاستسلام المطلق وسندان القتال حتى النهاية. وإذا قررت المواجهة حتى النهاية فإن المسار الدبلوماسي سيصبح صعبا ومعقدا، ما لم تدخل الصين وروسيا في هذا المسار.

لكن هذين الحليفين ليس لديهما الرغبة في إرضاء طهران على حساب واشنطن. فعلاقة بوتين بترامب أهم لروسيا من أية علاقة جيوسياسية أخرى، على الرغم من أن إيران قدمت الطائرات المسيرة والصواريخ البالستية لروسيا في حربها ضد أوكرانيا. لكن موسكو ليست مستعدة لتقديم أسلحة أو نظام دفاع جوي لطهران.

كما أن الصين ليس في وارد سياستها الحالية أن ترضي طهران على حساب واشنطن، رغم أنها تشتري أكثر من 90% من النفط الإيراني. وطبعا هذا شيء مهم جدا لتمويل إيران. إن التدمير الذي لحق بالمنشآت النووية الإيرانية في حرب الاثني عشر يوما الأخيرة، يدفع بالبرنامج النووي الإيراني، ربما سنوات أو عقود إلى الوراء. بالتالي أصبح بإمكان إيران أن تنحو منحى أقرب إلى التصور الواقعي، يقابله واقعيون في الولايات المتحدة الأمريكية يقولون، إن التخصيب حق سيادي، لكن بإشراف دولي ووفق ضوابط دولية، خلافا لما قاله ويتكوف مؤخرا.

كل هذا يرسم أفقا للتوصل إلى شكل من أشكال التوافق الإيراني الأمريكي، الذي من شأنه أن يؤسس لعلاقات مختلفة. لكن هذا لا يعني على الإطلاق أن هذا التوجه هو التوجه الراجح إيرانيا، لأن الخوف مما فعلته الضربة الإسرائيلية الأمريكية الأخيرة، خاصة مع الخرق الاستخباراتي الكبير في الداخل الإيراني، هو سيد الموقف اليوم في تفكير صانع القرار الإيراني، لكن حتى لو افترضنا أن النظام الإيراني قد قرر تحويل علاقته مع الولايات المتحدة، من علاقة صدامية إلى علاقة أقل صدامية، فإن هذا المسار سيبدو صعبا بفعل العامل الخارجي، فالصين وروسيا وباكستان وتركيا والسعودية ودول أخرى، كلها ستتضرر من هذا التوجه وتعمل على عرقلته. وطبعا سيكون المتضرر الأول هز إسرائيل، التي سوف تعمل بحزم على منع هذا التحول.

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه إيران الولايات المتحدة إيران الولايات المتحدة الاحتلال البرنامج النووي مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة مقالات سياسة سياسة مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العلاقات الأمریکیة الإیرانیة النظام الإیرانی فی العلاقات

إقرأ أيضاً:

إيران: اتفقنا على مواصلة المفاوضات مع الترويكا الأوروبية

أعربت وزارة الخارجية الإيرانية اليوم الاثنين عن استعدادها للدخول في أي مسار تفاوضي بجدية تامة، وقالت إنها اتفقت على مواصلة مفاوضات إسطنبول مع الترويكا الأوروبية بشأن ملفها النووي.

وأضافت أنه من الطبيعي إعادة تقييم تعاون طهران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعد الهجوم الذي تعرضت له منشآتها النووية.

وأوضحت أن تعليق إيران التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية كان استنادا لقرار البرلمان، مشيرة إلى أن وفد الوكالة سيزور طهران لبحث الأمر.

وأكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي اليوم في مؤتمر صحفي، أنه لا يوجد حاليا أي مفتش من الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إيران.

وأضاف أنه يجب أن تنظم كل أشكال التعاون مع الوكالة وفقا لقانون البرلمان الإيراني.

وقبل أيام، صرح بقائي أنه سيتم تقديم دليل إرشادي بشأن مستقبل تعاون إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بناء على قانون أقره البرلمان في الآونة الأخيرة يفرض قيودا على هذا التعاون.

ونص القانون، على أن أي تفتيش مستقبلي للمواقع النووية الإيرانية من جانب الوكالة الدولية للطاقة الذرية يتطلب موافقة المجلس الأعلى للأمن القومي في طهران.

وفي 19 يونيو/حزيران الماضي، اتهمت إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأنها "شريك" في الحرب الإسرائيلية عليها.

والشهر الماضي، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه ليس في عجلة من أمره للتفاوض مع إيران لأن مواقعها النووية "دمرت"، لكن الولايات المتحدة، بالتنسيق مع الترويكا الأوروبية، وافقت على تحديد نهاية أغسطس/آب المقبل موعدا نهائيا للتوصل إلى اتفاق.

وعقدت الولايات المتحدة 5 جولات من المحادثات مع إيران قبل غاراتها الجوية في يونيو/حزيران، التي قال ترامب إنها "قضت" على برنامج تقول واشنطن وحليفتها إسرائيل إنه يهدف إلى تطوير قنبلة نووية.

إعلان

وواجهت هذه المحادثات نقاط خلاف رئيسية، مثل طلب واشنطن من طهران وقف تخصيب اليورانيوم محليا.

مقالات مشابهة

  • إيران تؤكد التزامها بالاتفاق النووي
  • إيران تصر على محاسبة واشنطن عن الهجمات النووية في أي مفاوضات قادمة
  • إيران: اتفقنا على مواصلة المفاوضات مع الترويكا الأوروبية
  • إيران.. إنشاء مجلس أمني جديد بعد الحرب مع إسرائيل
  • وزير الخارجية الإيراني: وكالة الطاقة الذرية وافقت على نهج جديد للتعاون
  • المشروع الإيراني يهتز أمام حل الدولتين.. والحوثي يصرخ دفاعًا عن الفوضى
  • إيران تنفي إغلاق بعض السفارات في طهران
  • الخارجية الإيرانية تنفي إغلاق السفارات في طهران وتعتبرها “حرباً نفسية صهيونية”
  • بالفارسية.. الخارجية الأمريكية تحذر رعاياها من السفر إلى إيران