تحول لافت داخل الحزب الديمقراطي في أميركا: تزايد الانتقادات لإسرائيل بسبب حرب غزة
تاريخ النشر: 5th, August 2025 GMT
السناتور براين شاتز قال: "التجويع المتعمد من قبل حكومة ضد مدنيين هو أمر يستحق الاستنكار، بغض النظر عن الموقف من الحرب" وفقاً لصحيفة "بولتيكو". اعلان
في تطور غير معتاد من أحد أبرز المدافعين عن إسرائيل داخل الحزب الديمقراطي، بدأ النائب الأميركي ريتشي توريس، بطرح تساؤلات علنية حول السياسات الإسرائيلية في قطاع غزة، بعد انتشار صور صادمة لأطفال فلسطينيين يعانون من الجوع الشديد، بحسب تقرير نشرته صحيفة "بولتيكو" الأميركية.
ورغم أن تحول توريس لا يصل إلى مستوى القطيعة مع إسرائيل، فإن مجرد إقراره بوجود أزمة إنسانية حادة في غزة يعكس تحوّلًا متناميًا بين الديمقراطيين الوسطيين، الذين بدأوا يبتعدون عن الدعم غير المشروط للدولة العبرية، وهو ما شكل أحد ركائز سياسة الحزب لعقود.
وقال توريس في مقابلة أجريت الأسبوع الماضي: "جميع الأطراف، بما في ذلك الولايات المتحدة وإسرائيل، تتحمل مسؤولية أخلاقية لبذل كل ما في وسعها لتخفيف المعاناة والجوع السائد في قطاع غزة".
وأضاف: "أعترف بوجود أزمة حقيقية في غزة، وأدرك أن هذه الحرب تفتقر إلى أهداف استراتيجية واضحة".
Related غزة: المجاعة تحصد 5 أرواح جديدة والحصيلة الإجمالية ترتفع إلى 180 ضحية بينهم 93 طفلاترامب يريد إطعام غزة وقادة ديمقراطيون للرئيس: "هذه فرصتك للوفاء بوعدك لإنهاء الحرب"نتنياهو يعلن أنه سيصدر هذا الأسبوع تعليمات للجيش حول أهداف الحرب في غزة تحول أوسع داخل الحزب الديمقراطيتوريس ليس وحيدًا في هذا التوجه. إذ بدأ العديد من الديمقراطيين المعتدلين في التعبير علنًا عن رفضهم للعمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، في ظل تزايد غضب الناخبين مع اقتراب انتخابات التجديد النصفي في العام 2026.
وفي تطور غير مسبوق، صوّت غالبية أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين مؤخرًا لصالح قرار يحظر بيع البنادق الهجومية للشرطة الإسرائيلية، في موقف يعكس تحوّلاً عميقًا منذ اندلاع الحرب بعد هجوم حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
كما أيد 24 عضوًا ديمقراطيًا مشروع قرار ثانٍ لمنع بيع الذخائر الثقيلة لإسرائيل، رغم فشله في التمرير بعد معارضة جماعية من الجمهوريين. ويأتي ذلك في وقت أظهر فيه استطلاع حديث لمؤسسة Gallup أن نسبة تأييد الديمقراطيين للعمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة تراجعت إلى أدنى مستوياتها، إذ بلغت 8% فقط، مقارنة بـ71% بين الجمهوريين.
السيناتور الديمقراطي تيم كين (فرجينيا) قال: "ما يحدث الآن لا يجدي نفعًا".
أما السناتور براين شاتز (هاواي)، فاعتبر أن: "التجويع المتعمد من قبل حكومة ضد مدنيين هو أمر يستحق الاستنكار، بغض النظر عن الموقف من الحرب" وفقاً لصحيفة "بولتيكو".
انقسامات متزايدة بين الديمقراطيينالسيناتور جون فيترمان، المعروف بمواقفه المؤيدة لإسرائيل، صوّت ضد القرارات، معتبرًا أن اللوم يقع على حماس وإيران، لا على تل أبيب، رغم اعترافه بمشاهدة صور الأطفال الجائعين.
وفي المقابل، شنّ السيناتور بيرني ساندرز حملة لفرض قيود على الدعم العسكري لإسرائيل، محذرًا من أن الدعم الجمهوري الحالي قد لا يدوم مع تغيّر الرأي العام، حيث قال: "قريبًا سيبدأ بعض الجمهوريين في إدراك أن ناخبيهم لا يريدون أن تذهب أموال دافعي الضرائب لدعم حكومة إسرائيلية تجوّع الأطفال."
النائب توريس من جانبه سعى إلى تسليط الضوء على أوضاع الرهائن الإسرائيليين، وقال: "صمت العالم تجاه تجويع حماس والجهاد الإسلامي للرهائن الإسرائيليين يصم الآذان مثل نفاقه".
وأضاف أن "الإعلام الأميركي يتجاهل عمدًا نشر صور الأجساد الهزيلة للرهائن الذين يعانون الجوع في الأسر".
نتنياهو في مرمى الانتقاداتمحللون داخل الحزب الديمقراطي أشاروا إلى أن أسلوب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في إدارة الحرب، وليس فقط الضغوط الانتخابية، هو ما دفع إلى هذا التحول اللافت في الخطاب السياسي الأميركي.
نيد برايس، المتحدث السابق باسم وزارة الخارجية في إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، قال: "نعم، هناك حوافز سياسية تدفع الديمقراطيين للتغيير، لكن الأهم هو إدراك أن منح إسرائيل شيكًا على بياض، خاصة مع هذه الحكومة، يتناقض مع قيمنا ومصالحنا"، مضيفاً: "الطريقة التي يخوض بها نتنياهو الحرب جعلت هذا التحول شبه لا رجعة فيه".
وأيد هذا التوجه مسؤول سابق في إدارة بايدن، رفض الكشف عن اسمه، مؤكدًا أن تصويت غالبية الديمقراطيين على قرارات تحد من دعم إسرائيل كان "أمرًا غير وارد قبل أشهر فقط"، لكنه استدرك بأن الأزمة الحالية لم تصل بعد إلى مستوى التوتر السياسي الذي شهدته حرب العراق، بالنسبة للديمقراطيين.
"تآكل" الدعم الشعبي لإسرائيلفي مدينة نيويورك، التي تضم واحدة من أكبر الجاليات اليهودية في العالم، رشّح الديمقراطيون زهران ممداني لمنصب العمدة، رغم الحملات المكثفة ضده بسبب مواقفه المعارضة لإسرائيل. وتشير استطلاعات محلية إلى أن غالبية الناخبين هناك يعتبرون ما تقوم به إسرائيل في غزة "إبادة جماعية".
النائب توريس حذّر من تآكل الدعم الشعبي لإسرائيل في الولايات المتحدة، قائلاً: "إذا كان هناك تراجع في الدعم، فلا ينبغي على الحكومة الإسرائيلية تجاهله".
واعتبر كريس كوفي، مستشار سياسي في نيويورك ومقرّب من توريس، أن مشاهد الأطفال الجائعين في غزة هي ما تسبب في الانقسام المتزايد داخل الحزب الديمقراطي، موضحًا: "ما كان يُعتبر رأيًا هامشيًا أصبح اليوم يمثّل تيارًا سائدًا في الحزب".
وختم بالقول: "حين يبدأ شخص مثل ريتشي توريس، الذي يُعد الأشد تأييدًا لإسرائيل، بطرح تساؤلات صعبة، فإن ذلك سيدفع الجميع إلى إعادة التفكير".
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثةالمصدر: euronews
كلمات دلالية: دونالد ترامب غزة إسرائيل روسيا قطاع غزة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني دونالد ترامب غزة إسرائيل روسيا قطاع غزة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب غزة المساعدات الإنسانية ـ إغاثة بنيامين نتنياهو دونالد ترامب غزة إسرائيل روسيا قطاع غزة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني مجاعة المساعدات الإنسانية ـ إغاثة بنيامين نتنياهو حركة حماس ضحايا إيران داخل الحزب الدیمقراطی فی غزة
إقرأ أيضاً:
صاندي تايمز: الضغط الداخلي المتصاعد أجبر كير ستارمر للتخطيط للاعتراف بفلسطين
كشفت صحيفة "صاندي تايمز" البريطانية، في تقرير مشترك أعده الصحفيان هاري يورك وهوغو دانيال، عن خطط يجري إعدادها داخل رئاسة الحكومة البريطانية للاعتراف بدولة فلسطينية خلال شهر أيلول/سبتمبر المقبل.
وأشار تقرير الصحيفة إلى أن هذا التوجه، رغم ارتباطه بمحددات سياسية خارجية، يأتي بالدرجة الأولى استجابة لضغوط متصاعدة من الداخل البريطاني، وخاصة من قواعد حزب العمال وموجة المعارضة اليسارية المتنامية.
وبحسب التقرير، فإن رئيس الوزراء كير ستارمر يشترط هذا الاعتراف بتنفيذ الاحتلال الإسرائيلي جملة من الالتزامات، أبرزها وقف الحرب الدموية في قطاع غزة، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية العاجلة إلى السكان المحاصرين الذين يعانون من الجوع وسوء التغذية بشكل كارثي.
وترى الصحيفة أن توقيت الإعلان لم يكن اعتباطياً، بل جاء نتيجة لثلاثة عوامل رئيسية: ضغوط داخلية، وتطورات جيوسياسية، وتحركات أوروبية حاسمة.
تململ داخل حزب العمال
بحسب صاندي تايمز، فإن طريقة إدارة حزب العمال للحرب على غزة أثارت موجة نقد غير مسبوقة من داخل قواعده ومن تيارات يسارية صاعدة.
وقد ساهمت هذه الانتقادات في زعزعة تماسك الحزب الحاكم، وأظهرت شروخاً في جدار شعبيته حتى داخل الدوائر الانتخابية التي فاز بها بفارق ضئيل العام الماضي.
في هذا السياق، أبرزت الصحيفة أن الضغوط لا تأتي فقط من الناشطين المناصرين لفلسطين أو من حزب الخضر، بل أيضاً من نواب مستقلين جدد دخلوا البرلمان على أساس دعمهم للقضية الفلسطينية، بالإضافة إلى الحزب الجديد الذي أطلقه زعيم حزب العمال السابق جيرمي كوربن.
مرشحون مستقلون يهددون هيمنة العمال
أشارت الصحيفة إلى أن الذكرى السنوية الأولى لفوز ستارمر الساحق على المحافظين، في تموز/ يوليو 2024، تزامنت مع نشاط سياسي لافت لجيرمي كوربن، الذي حضر تجمعاً في إلفورد، حيث كادت لين محمد مرشحة فلسطينية-بريطانية٬ أن تطيح بمرشح حزب العمال ووزير الصحة ويز ستريتنغ، بفارق لم يتجاوز 528 صوتاً.
وشهد التجمع أيضاً حضور أندريه فينستين، السياسي الجنوب أفريقي اليهودي والناشط المخضرم في حزب المؤتمر الوطني، والذي خسر أمام ستارمر في دائرة هولبورن-سانت بانكرس في الانتخابات الماضية.
ورغم أن عدد النواب المستقلين المنتخبين لا يزال محدوداً، إلا أن الصحيفة تشير إلى أن كوربن استطاع مع عدد من النواب المؤيدين لفلسطين تأسيس حزب جديد، يحمل اسماً مؤقتاً هو "حزبكم"، ويتوقع أن تقوده إلى جانبه النائبة السابقة عن حزب العمال زارا سلطانة، الممثلة حالياً لمنطقة كوفنتري ساوث.
استطلاعات الرأي: جيل الشباب يميل إلى "حزبكم"
بحسب استطلاع أجراه مركز مور إن كومون، فإن 29 بالمئة من الناخبين البريطانيين من "جيل Z" – أي المولودين بين منتصف التسعينات ونهاية العقد الأول من الألفية – يفضلون حزب كوربن الجديد، مقابل 27 بالمئة فقط ما زالوا مع حزب العمال.
وترى الصحيفة أن ستارمر، عبر منحه حق التصويت للفئة العمرية بين 16 و17 عاماً، أنشأ دون قصد٬ قاعدة انتخابية خصبة لصالح كوربن، خصوصاً في عشر دوائر انتخابية رئيسية يهيمن فيها المسلمون والناخبون الشباب، والتي قد تقلب موازين الانتخابات المقبلة.
دعم فلسطيني يتجاوز الهويات
تكشف صاندي تايمز أن التأييد للقضية الفلسطينية لم يعد حكراً على الجاليات العربية أو المسلمة، بل امتد ليشمل قطاعات واسعة من البريطانيين، خاصة من اليساريين البيض من أبناء الطبقة المتوسطة.
ويرى أندريه فينستين أن دعم فلسطين أصبح معبّراً عن مظلة أوسع من القضايا الاجتماعية التي تشهد تراجعاً في ظل سياسات الحكومة، مثل أزمة السكن، وتكاليف المعيشة، وفقر الأطفال، والرعاية الاجتماعية.
ويعتقد المقربون من كوربن أن حزبه الجديد قادر على المنافسة الجادة في ما بين 30 إلى 50 مقعداً برلمانياً، إذا ما تحالف مع أطراف تقدمية كحزب الخضر، ما يضع حزب العمال في مواجهة احتمال فقدان الغالبية مستقبلاً.
توني بلير وحرب العراق
وتنقل الصحيفة عن مراقبين تشبيههم للوضع الحالي بما حدث خلال فترة توني بلير وحرب العراق، حيث تسببت السياسات الخارجية في تآكل ثقة الجمهور بالحزب الحاكم.
وتشير إلى أن عشرات النواب والوزراء في حكومة ستارمر يواجهون الآن ضغوطاً انتخابية من نشطاء مؤيدين لفلسطين في دوائرهم، إلى حد تعرض بعضهم لهجمات شخصية.
وتبرز من بينهم شبانة محمود، وزيرة العدل، وجيس فيليبس، وزيرة الداخلية، اللتان كادتا تخسران مقعديهما في برمنغهام أمام مرشحين مناصرِين لفلسطين العام الماضي.
خطة ستارمر... وثلاثة دوافع للإعلان
كشفت مصادر في مقر رئاسة الوزراء 10 داونينغ ستريت٬ أن مستشار الأمن القومي جوناثان باول هو من تولى إعداد خطة الاعتراف منذ أشهر، وتم تضمينها بشكل مبدئي في البرنامج الانتخابي.
إلا أن التوقيت الحالي للإعلان استند إلى ثلاثة عوامل أساسية وهي:
- التأثير السياسي الفوري: رغبة ستارمر في إعلان اعتراف يفضي إلى نتائج ملموسة على الأرض، تحديدًا وقف المجاعة في غزة.
- غياب الدعم الأمريكي: ما دفعه للسعي إلى تحالف من دول مجموعة السبع والدول العربية للضغط على الاحتلال الإسرائيلي.
- الدفع الأوروبي: إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 24 تموز/يوليو الماضي عن نية بلاده الاعتراف بدولة فلسطين شجع لندن، خصوصاً مع إعلان كندا عن توجه مماثل.
كما قاد ستارمر بالتنسيق مع ماكرون حملة دبلوماسية عربية، أسفرت عن دعوة سعودية-قطرية-مصرية لحركة حماس لنزع سلاحها كشرط أساسي لقيام دولة فلسطينية.
رغم هذه الخطوة، هاجم رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إعلان ستارمر، فيما اعتبر فريق كوربن أن الاعتراف "غير كافٍ ومتأخر جداً"، واتهموا رئيس الوزراء بالتقصير في دعم فلسطين.
ومن المنتظر أن تنظم جماعات مؤيدة لفلسطين مظاهرات أمام مكاتب عشرات النواب تحت شعار "حصار حزب العمال"، سعياً لتأجيج الضغط الشعبي والسياسي، وإجبار الحزب على اتخاذ مواقف أكثر صرامة تجاه إسرائيل.
وفي مشهد رمزي، رُفع علم فلسطيني ضخم خارج مقر شركة "إيكوتريسيتي"، المملوكة للمتبرع البارز لحزب العمال ديل فينس، ما يعكس تحول الرأي العام حتى داخل أوساط داعمي الحزب التقليديين.
ديوزبري نموذجاً: جراح سياسية لا تندمل
في مدينة ديوزبري شمال إنجلترا، التي فاز فيها إقبال محمد٬ الناشط المؤيد لفلسطين٬ كأول نائب مستقل منذ أكثر من قرن، يعكس المزاج الشعبي حجم الغضب تجاه حزب العمال.
وتشير صاندي تايمز إلى أن سكان المدينة، التي يعاني نصفها من الفقر والتهميش، باتوا يرون في الحزب "خيانة لمبادئه"، ولم تعد وعود ستارمر كافية لإعادة بناء الثقة.
يقول إقبال محمد، وهو في الـ35 من عمره، أثناء تجوله مع عائلته: "لقد حدثت أضرار جسيمة... ومن الصعب التعافي منها".
أما عبد الله، وهو مدير متجر عطور، فيرى أن "الاعتراف بفلسطين أمر جيد بنسبة 100%"، لكنه يشدد على أن تحسين مستويات المعيشة يجب أن يتصدر أولويات أي حكومة. ويضيف: "لن أعطي صوتي مجددًا لحزب العمال، ما لم تحدث تغييرات جذرية".