العالم يسابق الزمن في جنيف للتوصل إلى معاهدة لوقف التلوث البلاستيكي
تاريخ النشر: 5th, August 2025 GMT
كيف يمكن حماية البشر والبيئة من طوفان البلاستيك الذي يزداد ضرره على الطبيعة وصحة الإنسان؟ بدءاً من اليوم الثلاثاء في جنيف، يحاول ممثلو أكثر من 160 دولة القيام بمحاولة أخيرة للتوصل إلى اتفاق دولي ملزم قانونياً لمكافحة التلوث البلاستيكي، مع الأمل في التوقيع على المعاهدة العام المقبل.
أخبار ذات صلةويشير الخبراء إلى أن التلوث البلاستيكي لا يعرف حدوداً، إذ يلوث المحيطات والهواء والتربة، كما أنه يدخل بشكل متزايد في السلسلة الغذائية وأجسام البشر.
ووفقاً لتقديرات برنامج الأمم المتحدة للبيئة، تم إنتاج نحو 500 مليون طن من البلاستيك عالمياً في عام 2024، انتهى ما يقرب من 400 مليون طن منها كنفايات. ويحذر برنامج الأمم المتحدة للبيئة من أن حجم هذه النفايات قد يتضاعف ثلاث مرات بحلول عام 2060 إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق. ومن غير المرجح أن تكون القواعد العالمية المرتقبة صارمة بقدر ما هو مطبق حالياً في الاتحاد الأوروبي الذي يضم 27 دولة، فيما يخص إنتاج البلاستيك وتقليل استخدامه والتخلص منه. وكانت جمعية الأمم المتحدة للبيئة قد وافقت في مارس 2022 على بدء مفاوضات لصياغة معاهدة لمكافحة التلوث البلاستيكي، إلا أن جولة المفاوضات الأخيرة التي عقدت في كوريا الجنوبية أواخر عام 2024 لم تفض إلى اتفاق. المصدر: وكالات
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: التلوث البلاستيكي جنيف البلاستيك التلوث البلاستیکی
إقرأ أيضاً:
المملكة العربية السعودية ومفاوضات معاهدة البلاستيك: قيادة واقعية لحلول بيئية مستدامة
في 23 يوليو 2025، نشرت صحيفة The Guardian البريطانية تقريرًا بعنوان “الاختراق الكامل: كيف أغرقت صناعة البلاستيك محادثات معاهدة عالمية حيوية”، تحدثت فيه عن التأثير الكبير للقطاع الصناعي في مفاوضات الأمم المتحدة بشأن معاهدة الحد من التلوث البلاستيكي.
وبينما أبرز المقال شكاوى بعض المشاركين من ضغوط الشركات، فقد أشار بوضوح إلى دور بعض الدول، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، في الدفاع عن نهج مختلف للمشكلة. من المهم هنا أن نُعلّق على هذا الطرح بنظرة متوازنة.
فبينما يُسلّط التقرير الضوء على الهواجس البيئية، إلا أنه يغفل السياق الأوسع الذي تتحرك فيه دول ذات سيادة مثل المملكة، والتي لا تسعى إلى العرقلة كما يُفهم من بعض العناوين، بل إلى صياغة حلول قابلة للتطبيق تراعي التوازن بين البيئة والاقتصاد. المملكة العربية السعودية، باعتبارها إحدى الدول الرائدة في قطاع الطاقة والصناعة، تؤمن بأن معالجة أزمة البلاستيك لا ينبغي أن تُختزل في إجراءات متسرعة كفرض سقف إنتاج شامل، بل في بناء منظومة متكاملة تشمل تطوير التقنيات النظيفة، وتحسين إدارة النفايات، وتشجيع التدوير، وخلق اقتصاد دائري مستدام. وهي رؤية تتسق مع الحقائق العلمية؛ إذ يُظهر تقرير منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD) لعام 2022 أن العالم لا يُعيد تدوير سوى 9% من نفاياته البلاستيكية، مما يؤكد أن المشكلة في الإدارة، لا فقط في الإنتاج.
ما ورد في تقرير الغارديان من تصوير للمملكة كـ “قائدة تحالف” يسعى لتقويض جهود البيئة، يفتقر إلى الإنصاف. فالمملكة لم تكتف بالمشاركة الدبلوماسية فحسب، بل كانت وما زالت من أكبر الداعمين الفعليين لبرامج الأمم المتحدة البيئية، بمساهمات تتجاوز 20 مليون دولار بين عامي 2020 و2024، فضلًا عن استضافتها ليوم البيئة العالمي في 2024، وزيارات متعددة لمسؤولي UNEP إلى الرياض، في إطار شراكة بيئية متقدمة.
وقد عبّر صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان، وزير الطاقة، عن رؤية المملكة بقوله: “نحن لا ننكر التحديات البيئية، بل نملك الإرادة والمعرفة والموارد لمواجهتها، ولكننا نرفض اختزال الحلول في قرارات عاطفية لا تراعي العدالة البيئية والتنموية.”
وهذا الموقف يتجلى كذلك في رؤية 2030، التي وضعت الاستدامة في قلب التحول الوطني، من خلال مشاريع ضخمة للطاقة النظيفة، والتشجير، وتقنيات التقاط الكربون، وإدارة النفايات الصناعية.
وقد جاءت هذه الرؤية المناخية المتقدمة لتعكسها أيضًا قرارات الحكومة السعودية في أعلى مستوياتها. ففي اجتماع مجلس الوزراء المنعقد بتاريخ 29 يوليو 2025، استعرض المجلس مستجدات جهود المملكة في تطوير تقنيات الاقتصاد الدائري للكربون، ومن أبرز ما تم الإعلان عنه تشغيل وحدة اختبارية لتقنية التقاط الكربون من الهواء مباشرة في مدينة الرياض.
ويمثل هذا الإنجاز خطوة مهمة ضمن مساعي المملكة لاستكشاف حلول تقنية مبتكرة وواعدة تعزز تحقيق الطموحات المناخية بما يتماشى مع رؤية السعودية 2030. المملكة لا تسعى إلى تقويض أي جهد بيئي دولي، بل تُطالب بنقاش علمي وواقعي يأخذ في الاعتبار تباين الدول في قدراتها وظروفها الاقتصادية. وهي تؤدي دورًا مسؤولًا في المفاوضات، لا بوصفها عائقًا، بل بصفتها شريكًا مؤثرًا يُقدّم بدائل واقعية تضمن الاستدامة دون المساس بالحق في التنمية.
وقد أثبتت المملكة من خلال مبادرة السعودية الخضراء أنها تتبنى التحول البيئي كخيار وطني استراتيجي، عبر زراعة 10 مليارات شجرة وخفض الانبعاثات بأكثر من 278 مليون طن سنويًا بحلول 2030.
وهو التزام يفوق ما تعهدت به العديد من الدول الصناعية الكبرى. كما تُعزز المملكة حضورها في المحافل البيئية الدولية، لا بصفتها مدافعة عن صناعات تقليدية، بل كمصدر لحلول ومبادرات عملية. ومن أبرزها مبادرة الاقتصاد الدائري للكربون التي أطلقتها خلال رئاستها لمجموعة العشرين عام 2020، ونالت تأييدًا عالميًا بوصفها إطارًا مرنًا يوازن بين البيئة والتنمية.