59 إصابة بمتلازمة غيلان باريه النادرة في غزة ووفاة 3 منهم.. بسبب التجويع
تاريخ النشر: 5th, August 2025 GMT
أعلنت وزارة الصحة بغزة اليوم الثلاثاء عن تسجيل 95 إصابة بمتلازمة غيلان باريه النادرة بينهم 45 طفلا، وذلك بعد يوم من إعلان 3 وفيات بالمتلازمة، وحذرت الوزارة من انتشار مقلق وسريع لها بين الفلسطينيين جراء تلوث المياه وسوء التغذية الناجمة عن سياسة التجويع الإسرائيلي.
وأعلنت الوزارة أمس الاثنين عن 3 حالات وفاة -بينهم طفلان لم يتجاوزا 15 عاما- بمتلازمة غيلان باريه جراء سوء التغذية وفشل محاولات إنقاذهم لعدم توفر العلاج، محذرة من كارثة حقيقية معدية ومحتملة.
وجاء إعلان الوزارة في بيان للمدير العام للوزارة منير البرش الذي قال وفقا لوكالة الأناضول: إن هذه المتلازمة التي تصنف ضمن الأمراض النادرة، باتت تنتشر بشكل مقلق في قطاع غزة، خاصة بين الأطفال. وأكد أن قطاع غزة سجل 95 إصابة بهذه المتلازمة خلال مدة قصيرة لم يحددها، بينهم 45 طفلا، في حين لا يتجاوز المعدل الطبيعي للإصابة بها حالة واحدة سنويا.
وتحدث متلازمة غيلان باريه -وهي اضطراب عصبي نادر- عندما يهاجِم الجهاز المناعي للإنسان عن طريق الخطأ جزءا من شبكة الأعصاب التي تحمل الإشارات من الدماغ والحبل الشوكي إلى باقي الجسم.
وتبدأ متلازمة غيلان باريه فجأة، وقد تشتد حدتها على مدار ساعات أو أيام أو أسابيع حتى تصبح عضلات معينة عاجزة عن الحركة تماما.
وفي 22 يوليو/ تموز الماضي، أعلنت وزارة الصحة بغزة تسجيل 45 حالة شلل رخو حاد بالقطاع خلال يونيو/حزيران ويوليو/تموز، في ارتفاع غير مسبوق بسبب تدهور الأوضاع البيئية والصحية وسوء التغذية.
والشلل الرخو الحاد هو حالة طبية خطيرة ترتبط بمتلازمة غيلان باريه وحالات طبية أخرى، ويتميز بضعف أو شلل عضلي سريع، ويصيب الأطفال بشكل رئيسي وفقا لمنظمة الصحة العالمية، وغالبا ما يؤثر في العضلات المسؤولة عن التنفس أو البلع.
إعلانوتكون بعض حالات متلازمة غيلان باريه خفيفة جدا، وفي حالات أخرى تتسبب بشلل شبه مدمر، مما يجعل الشخص غير قادر على التنفس، وقد تؤثر في ضغط الدم أو معدل ضربات القلب، وفي هذه الحالات يكون الاضطراب مهددا للحياة.
ويمكن لمتلازمة جيلان باريه أن تؤثر في أي شخص من أي جنس أو عمر، ولا تعد معدية أو موروثة، والسبب الدقيق لها غير معروف، ولكن الدراسات تشير لوجود سبب متعلق بسوء التغذية، وتتبع معظم الحالات عدوى فيروسية أو بكتيرية، وهذا يدفع الجهاز المناعي لمهاجمة الجسم نفسه.
وأرجع البرش انتشار هذا المرض النادر بغزة إلى تلوث المياه وسوء التغذية الناجمة عن سياسة التجويع الإسرائيلي. كما عدّ هذا الانتشار الذي وصفه بالسريع للمرض بغزة مؤشرا خطيرا على انهيار الوضع الصحي وتفاقم الكارثة الإنسانية بسبب الحصار ومنع دخول العلاجات والمغذيات الأساسية.
وتعد العدوى ببكتيريا العطيفة الصائمية (Campylobacter jejuni) التي تُسبب التهاب المعدة والأمعاء (بما في ذلك أعراض الغثيان والقيء والإسهال)، أحد أكثر عوامل الخطر شيوعا لمتلازمة غيلان باريه وفقا لمنظمة الصحة العالمية.
ويمكن أن يصاب الأشخاص أيضا بمتلازمة غيلان باريه بعد الإصابة بالإنفلونزا أو غيرها من العدوى الفيروسية، بما في ذلك الفيروس المضخم للخلايا، وفيروس إبشتاين بار، وفيروس زيكا.
وفي دراسة نشرت عام 2017 كان مستوى فيتامين بي 6 منخفضا لدى النصف المصابين بالمرض المشاركين في الدراسة، وكان مستوى الثيامين منخفضا لدى جميع المرضى.
وتعالج متلازمة غيلان باريه في المستشفى، وعادة ما يبقى المريض في المستشفى عدة أسابيع، وقد يحتاج بعض المرضى البقاء لأشهر، ويعد العلاج الرئيسي لهذه المتلازمة هو العلاج المناعي الذي يوقف هجوم الجهاز المناعي على الأعصاب.
وفي 24 يوليو/تموز الماضي، حذرت منظمة أوكسفام للإغاثة الدولية في بيان، من أن الأمراض في قطاع غزة قد تتحول إلى كارثة قاتلة، وذلك بسبب الجوع وصعوبة الحصول على المياه النظيفة وانعدام المأوى والرعاية الصحية.
ويعيش قطاع غزة واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخه، حيث تتداخل المجاعة القاسية مع حرب إبادة جماعية تشنها إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وشملت حرب الإبادة الجماعية بغزة القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة -بدعم أميركي- أكثر من 210 آلاف فلسطيني بين قتيل وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات بمتلازمة غیلان باریه متلازمة غیلان باریه قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
"غيلان باريه".. مرض نادر يُهدد حياة أطفال غزة
غزة- مدلين خلة - صفا لم تكن الصغيرة لارا البطراوي (8 أعوام) قادرة على ارتداء ملابسها، فطلبت من والدتها مساعدتها في ذلك، وما أن أمسكت طفلتها حتى سقطت أرضًا غير قادرة على التقاط أنفاسها، لتغط في نوم عميق دون حركة. اعتقدت الأم أن ما تعانيه طفلتها هزال شديد ناتج عن سوء التغذية، لذا أخذت تبحث عن مكمل غذائي تطعمه لها عندما تستيقظ من نومها. صدمة كبيرة صباح اليوم التالي شكّل صدمة بالنسبة للأم، حين وجدّت طفلتها قد بللت فراشها وأخذ الزبد يخرج من فمها، تقول: "لا أعلم كيف تمالكتُ نفسي وعجلت بها إلى المستشفى". تضيف الأم في حديث لوكالة "صفا"، "لا تزال الصدمة تسيطر على عقلي، فلارا النشيطة ترقد على ظهرها دون حراك في مستشفى الرنتيسي للأطفال بغزة منذ 38 يومًا، بعدما أصبحت عاجزة لا تقوى على فعل شيء". وتتابع "لارا شاطرة ستتحسن قريبًا وتعود للعب مع أختها وبنات الحارة كما كانت". معاناة الأم لا تتوقف عند مرض ابنتها، فهي التي استُشهد زوجها قبل عام وخمسة شهور، لتبقى وحدها في رعاية خمسة أيتام، أكبرهم في العاشرة من عمره، وأصغرهم طفلة تبلغ العامين، أُصيبت أيضًا بشكل مفاجئ بضمور في المخ. وتعاني لارا من إصابة في عضلات الجهاز التنفسي، الأمر الذي أدى إلى حدوث قصور في التنفس، جعلها تحتاج الى تنفس صناعي لانقاذ حياتها، وهي بذلك دخلت مرحلة الخطر العالية. والاثنين، أعلنت وزارة الصحة بغزة عن تسجيل ثلاث حالات وفاة بمتلازمة "غيلان باريه" في القطاع، بينهم طفلان، وذلك نتيجةً لالتهابات غير نمطية وتفاقم وضع سوء التغذية الحاد. وأوضحت أن الفحوصات الطبية كشفت عن وجود فيروسات معوية غير شلل الأطفال، مما يؤكد وجود بيئة خصبة لانتشار الأمراض المعدية بشكل خارج عن السيطرة. وقال مدير عام الوزارة منير البرش إن هذه المتلازمة التي تصنف ضمن "الأمراض النادرة، باتت تنتشر بشكل مقلق في قطاع غزة، خاصة بين الأطفال". وأشار إلى أن هذه المتلازمة تبدأ "بفقدان مفاجئ في القدرة على تحريك العضلات، إذ تُصيب الأطراف السفلية أولًا، ومن ثم تمتد إلى الأعلى، وقد تتسبب بصعوبة في التنفس تؤدي للوفاة". ومتلازمة "غيلان باريه" هي اضطراب يؤثر غالبًا على الأعصاب في جميع أنحاء الجسم، ما يؤدي إلى تلفها، ويحدث بسبب مهاجمة الجهاز المناعي لأجزاء من الجهاز العصبي ومن أبرز أعراضها، "الضعف العام، الوخز والخدر في الأطراف والشلل الكامل". مخاطر المرض مدير دائرة الطب الوقائي في وزارة الصحة الطبيب أيمن أبو رحمة، يقول: إن "السبب الرئيس للإصابة بمتلازمة غيلان باريه هو دخول أحد أنواع الجراثيم عن طريق الفم (نزلة معوية) إلى الجسم، ما يؤثر على الجهاز العصبي الطرفي ويسبب ارتخاءً في الأطراف السفلية على شكل تصاعدي إلى الأطراف العليا". ويُضيف أبو رحمة في حديث لوكالة "صفا"، أن المشكلة تزداد عندما تُصاب عضلات الجهاز التنفسي، فيحدث قصور في التنفس، مما يجعل الطفل يحتاج إلى تنفس صناعي لإنقاذ حياته. ويشير إلى أنه في هذه المرحلة تكون نسبة الخطورة على حياة الطفل عالية، فلا يستطيع العيش بدون تنفس صناعي بسبب شلل عضلات الجهاز التنفسي. ويتابع "نحن نفتقد كل وسائل التشخيص لهذه المتلازمة، من الأدوات المخبرية اللازمة لتشخيص الجراثيم، والرنين المغناطيسي، لذلك فإننا نقوم بالتشخيص بناءً على الأعراض والمعطيات الكلينيكية ونبدأ العلاج". ولا تقتصر تأثيرات المرض على الجهاز التنفسي_ وفقًا لأبو رحمة_ بل تطال قصور في وظائف الكبد والفشل الكلوي، في حال لم يتم استخدام العلاج المناسب. ويشير إلى أن المرض مناعي بالدرجة الأولى وغير معدي، لكن الإصابة به تكون عن طريق الجراثيم والبكتيريا التي تنتشر بكثرة في القطاع، ما يجعل الإصابة به كبيرة على صعيد الأطفال وكبار السن. ويبين أبو رحمة أن متلازمة "غيلان باريه" تتشابه كثيرًا مع مرض شلل الأطفال، لذلك يلجأ الأطباء إلى تقسيم المصابين إلى أطفال دون سن 15سنة، وأكثر من 15 وكبار سن، مبينًا أن الفئة الأكثر إصابة به هم دون عمر الخمس سنوات. انتشار مقلق ويحذر من أن تسجيل إصابة 95 حالة بالمتلازمة، بينهم 45 طفلًا، خلال شهري حزيران/يونيو وتموز/يوليو، ووفاة طفلين ومسن يتجاوز الـ70 عامًا، يدق ناقوس خطر يجب الإسراع في إدخال العلاج له. ويعاني قطاع غزة من شح كامل في الأدوية اللازمة لعلاج هذا النرض، وخاصة "بلازما فوريسس" و"الغلوبين" المناعي الوريدي، والذي يُستخدم لتعزيز الجهاز المناعي في حالات نقص المناعة أو الحالات الالتهابية. وفق أبو رحمة ويضيف "في حال لم تتحسن الظروف في العاجل القريب، سنكون أمام زيادة مضطربة في هذه الحالات، وغيرها من الأمراض". ويشير إلى أن الفيروسات التي تُصيب الجهاز التنفسي والبكتيريا التي تُصيب الجهاز الهضمي وتُسبب إسهالًا عند الأطفال كثيرة بفعل التلوث، وبمعنى آخر فإن كل الظروف في غزة مواتية لانتشار مثل هذا المرض.