تشهد الأزمة الإنسانية في قطاع غزة تدهورا مستمرا، بينما تتواصل التهديدات الإسرائيلية بتوسيع العمليات العسكرية لاحتلال القطاع بالكامل.

وبحسب حلقة (2025/8/6) من برنامج "مسار الأحداث" فإن المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية الإسرائيلي (الكابينت) سيناقش الخميس خطة عسكرية تتضمن استدعاء 4 إلى 6 فرق عسكرية لاحتلال مدينة غزة ومخيمات وسط القطاع، مع تشجيع الفلسطينيين على الخروج من القطاع في عملية قد تستغرق 4 إلى 5 أشهر.

وفي ظل هذه التطورات العسكرية، أكد برنامج الأغذية العالمي وصول الجوع وسوء التغذية في غزة إلى أسوأ المستويات منذ بدء الحرب قبل عامين، مشددا على ضرورة إدخال مساعدات غذائية واسعة النطاق دون عوائق.

وعلى الصعيد الدولي، أوضح الممثل الأعلى السابق للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية، جوزيب بوريل، وجود انقسام كبير داخل الاتحاد حول الموقف من الأزمة.

ولفت بوريل إلى أن دولا أعضاء مثل إسبانيا وأيرلندا وبلجيكا وسلوفينيا تتحدث بشكل قوي وواضح عن الوضع وتطالب المؤسسات الأوروبية باتخاذ موقف قوي، بينما دول أخرى ترفض اتخاذ أي قرار.

كما اعترف الممثل الأعلى السابق للاتحاد الأوروبي بتقديم مقترحات متعددة لاستخدام الفقرة الثانية من اتفاقية الارتباط مع إسرائيل وإلغاء العلاقات السياسية، لكن هذه المقترحات رُفضت بشدة.

وأكد بوريل عدم وجود عدد كاف من الدول الأعضاء لدعم هذه القرارات، مما يعكس حجم الانقسام الأوروبي.

التناقض الأوروبي

وفي السياق الأوروبي ذاته، تحدث رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عن ضرورة بذل كل ما في المستطاع لتخفيف الوضع المروع في غزة، مشيرا إلى الحاجة لإمداد القطاع بكميات كبيرة من المساعدات.

وأعلن ستارمر أن بلاده ستعترف بدولة فلسطينية في سبتمبر/أيلول المقبل إذا لم توافق إسرائيل على معالجة الأزمة الإنسانية.

إعلان

بيد أن بوريل انتقد التناقض في الموقف البريطاني، حيث تتحدث لندن عن الاعتراف بفلسطين مع استمرار طائراتها في التحليق فوق القطاع لتزويد الجيش الإسرائيلي بالمعلومات الاستخباراتية، واعتبر هذا التناقض جزءا من الأزمة العميقة التي تعيشها الدول الأوروبية.

ومن الجانب الفلسطيني، وصف الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية، مصطفى البرغوثي، ما يجري بأنه مخطط لإبادة الوجود الفلسطيني.

وأوضح أن الهدف ليس مجرد إعادة احتلال غزة، وإنما تطهير عرقي لسكان القطاع عبر إجبارهم على الانتقال إلى معسكر اعتقال في منطقة بين ممر موراغ وفيلادلفيا ثم إجبارهم على الرحيل نهائيا.

وفي هذا الإطار، انتقد الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مؤسسة غزة الإنسانية التي قتلت أكثر من 1300 شخص أثناء محاولتهم الوصول للمساعدات، وجرحت أكثر من 7 آلاف آخرين.

واعتبر البرغوثي هذه الآلية شكلا من أشكال إدارة التجويع وليس تقديم المساعدات الإنسانية.

الدعم الأميركي

وعلى النقيض من التردد الأوروبي، أكد المحلل الإستراتيجي في الحزب الجمهوري، أدولفو فرانكو، استمرار الدعم الأميركي الكامل لإسرائيل.

وأوضح فرانكو أن الرئيس دونالد ترامب سيدعم حكومة بنيامين نتنياهو، المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية، خلال الثلاثين يوما القادمة إذا قررت احتلال بقية القطاع، مشيرا إلى أن 17 إلى 20% من غزة ما زالت خارج السيطرة الإسرائيلية.

وحمّل المحلل الإستراتيجي الأميركي حركة المقاومة الإسلامية (حماس) مسؤولية استمرار الحرب، مؤكدا أن بلاده ستدعم الإجراءات العسكرية الإسرائيلية إذا لم تتخل الحركة عن السلطة وتوافق على وقف مؤقت لإطلاق النار، بحسب رأيه.

ورغم المواقف الرسمية المنقسمة، أشار البرغوثي إلى تغير كبير في الرأي العام العالمي، حيث بدأت الشعوب تتمرد على حكوماتها بسبب الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني.

واعتبر الأمين العام للمبادرة الوطنية أن وسائل الإعلام الرسمية الأوروبية والأميركية لم تستطع منع وصول الحقيقة للشعوب، مما أدى إلى تغيير مواقف الرأي العام.

وأكد بوريل هذا التوجه بإشارته إلى وجود معركة كبيرة بين الروايات في المجتمعات الأوروبية؛ الرواية الإسرائيلية التي تنفي حدوث مأساة إنسانية وتلقي اللوم على حماس، ورواية الأمم المتحدة والمنظمات الدولية التي تؤكد وجود مجاعة حقيقية بسبب إغلاق الحدود ومنع دخول الشاحنات.

ووسط هذا الانقسام، دافع فرانكو عن مؤسسة غزة الإنسانية باعتبارها آلية لتوزيع المساعدات تحت رعاية الولايات المتحدة والأمم المتحدة، مؤكدا إمكانية حل مشكلة التجويع فورا إذا وافقت حماس على وقف إطلاق النار.

واتهم المحلل الأميركي حماس بإطالة معاناة شعبها لتحقيق مكاسب دبلوماسية.

إلا أن البرغوثي رفض هذه الاتهامات بشدة، مؤكدا استعداد الجانب الفلسطيني للوصول لاتفاق وقف إطلاق النار، وأن نتنياهو والمبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف هما من نسفا الاتفاق بعد أن كان على وشك التحقق.

وتساءل الأمين العام للمبادرة الوطنية عن سبب عدم الحديث عن 12 ألف أسير فلسطيني مقابل الحديث المستمر عن 20 أسيرا إسرائيليا، مما يعكس عمق التفاوت في التعامل مع الأزمة من جميع الأطراف.

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات

إقرأ أيضاً:

خبراء ومحللون لـ«الاتحاد»: الإمارات ركيزة أساسية للجهود الإنسانية والإغاثية في غزة

أحمد مراد، عبد الله أبو ضيف، أحمد عاطف (غزة، القاهرة)

أخبار ذات صلة ترامب: احتلال قطاع غزة بأكمله أمر متروك لإسرائيل انهيار شبه كامل للنظام الصحي في غزة

شدّد خبراء ومحللون على أن المساعدات الإماراتية الموجهة إلى غزة، تشكّل ركيزة أساسية للجهود الإنسانية والإغاثية في القطاع، في ظل الظروف الإنسانية القاسية، التي يعيشها السكان، مشيدين بحرص الدولة على تلبية الاحتياجات الأساسية لسكان القطاع، عبر مبادرات إنسانية وإغاثية متكاملة توفر الغذاء والمياه والدواء.
واعتبر هؤلاء، في تصريحات لـ«الاتحاد»، أن الإمارات تُعد من أبرز الداعمين لحقوق الشعب الفلسطيني، مما يظهر في مواقفها الثابتة والمشرّفة في المحافل الدولية دفاعاً عن الحقوق الفلسطينية، ودعماً لحل الدولتين استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية، باعتباره السبيل الوحيد لتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة.
وأوضح مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، أمجد الشوا، أن الدعم الإماراتي لقطاع غزة، كان له أثر كبير في مواجهة الجوع وتداعيات الحصار، مشيراً إلى أن عشرات آلاف الأطنان من الأغذية والأدوية التي أرسلتها الإمارات ساعدت، بشكل مباشر وفعّال، في الحد من الأزمة الإنسانية المتفاقمة في القطاع.
وذكر الشوا، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن عملية إدخال المساعدات الإنسانية تمت رغم العقبات المستمرة وصعوبات فتح المعابر، فضلاً عن الإجراءات التعسفية التي حالت دون إدخال أكثر من 130 ألف طن من المساعدات العالقة على الحدود، لافتاً إلى أن أهمية المساعدات الإماراتية، تبرز في ظل الانهيار الصحي الخطير، بعد توقف المستشفيات الكبرى عن العمل، وارتفاع احتمالية تفشي الأوبئة، بسبب نقص المياه النظيفة.
وشدّد على ضرورة الاهتمام بالمنظومة الغذائية الخاصة بالأطفال، والتي تعاني تدهوراً خطيراً يجبر العائلات على اللجوء إلى مصادر تغذية غير آمنة، داعياً إلى الإسراع في استئناف إدخال المساعدات بعد توقفها المؤقت.
وأشار الشوا إلى أن المساعدات الإماراتية أثبتت فعاليتها في دعم سكان غزة وتعزيز صمودهم، لا سيما مع تصاعد التوجهات الإسرائيلية الرامية إلى إضعاف دور الأمم المتحدة، واستبدال منظومة الإغاثة الدولية بشركات خاصة تُستخدم كوسائل للضغط السياسي والتهجير.
من جهته، اعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس، الدكتور أيمن الرقب، أن الإمارات تُعد من أبرز الداعمين لحقوق الشعب الفلسطيني، وهو ما يظهر جلياً في مواقفها الثابتة والمشرفة في المحافل الدولية دفاعاً عن القضية الفلسطينية، إضافة إلى جهودها المتواصلة لدعم أهالي غزة إنسانياً وإغاثياً، سواء قبل اندلاع الحرب الحالية أو بعدها.
وقال الرقب، في تصريح لـ«الاتحاد»، إن الدعم الإماراتي لقطاع غزة لا يقتصر على المواقف السياسية والدبلوماسية الداعمة لإنهاء الحرب، بل تجسّد أيضاً في مبادرات إنسانية ومساعدات متواصلة، لا سيما مبادرتي «طيور الخير» و«الفارس الشهم 3»، بالإضافة إلى جهودها الرامية لدعم «الأونروا».
وأضاف أن الدور الإنساني المحوري الذي تضطلع به الإمارات في قطاع غزة، يمتد بجذوره إلى عهد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، وهو مستمر حتى الآن بنفس درجة التفاني والإخلاص، مؤكداً أن الدولة تؤكد باستمرار على مركزية القضية الفلسطينية، وتدعو المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته تجاه الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة.
في السياق، أكد نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور مختار الغباشي، أن المساعدات الإماراتية الموجهة إلى غزة، تشكّل ركيزة أساسية للجهود الإنسانية والإغاثية في القطاع، في ظل الظروف الإنسانية القاسية التي يعيشها السكان نتيجة الحصار والعدوان المستمر.
وذكر الغباشي، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن الإمارات تحرص على تلبية الاحتياجات الأساسية لسكان القطاع، مثل الغذاء والدواء والمياه، عبر مبادرات إنسانية وإغاثية متكاملة.
وشدّد على أهمية الجهود الإماراتية الرامية إلى دعم حل الدولتين، استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، باعتباره السبيل الوحيد لتحقيق السلام العادل والشامل.
وشدّد المتحدث باسم تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح، عماد محسن، على أهمية المساعدات الإماراتية، لا سيما أنها تأتي في وقت بلغت فيه المجاعة في غزة مستويات غير مسبوقة، مشيداً بمبادرة «طيور الخير» التي تتضمن إسقاط مساعدات جوية على مناطق النزوح.
وأوضح محسن، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن المبادرات الإنسانية الإماراتية لم تقتصر على إيصال الدعم لأهالي القطاع، بل سلّطت الضوء على حجم الكارثة، وأسهمت في دفع دول أخرى إلى المشاركة في جهود الإغاثة الجوية.
وأشار إلى أن المساعدات الإماراتية شكّلت بارقة أمل لآلاف العائلات المحرومة من الغذاء والماء والمأوى، داعياً إلى مضاعفة حجم الدعم العربي والدولي لضمان دخول آلاف الشاحنات عبر المعابر البرية، باعتبار ذلك خطوة أساسية لمنع الانهيار الكامل في قطاع غزة.
وأفاد محسن بأن الأولوية الملحة في الوقت الراهن تتمثل في فتح المعابر فوراً، ورفع القيود المفروضة على دخول المساعدات، مؤكداً أن استمرار الحصار يؤدي إلى تعميق معاناة الجوع، ويزيد من خطر المجاعة، خاصة على الأطفال الذين يدفعون الثمن الأكبر.

مقالات مشابهة

  • خبراء ومحللون لـ«الاتحاد»: الإمارات ركيزة أساسية للجهود الإنسانية والإغاثية في غزة
  • صحيفة إسبانية: الكارثة الإنسانية في السودان تتفاقم في ظل انتشار الجوع والكوليرا
  • رئيس الوزراء البريطاني: سنعترف بدولة فلسطين في سبتمبر حال استمرار الأزمة الإنسانية بغزة
  • الأزمة في غزة مستمرة.. استهداف طوابير الجوعى يخلف أكثر من 52 قتيلًا
  • منظمة حقوقية تحذّر: إبادة جماعية مرتقبة في غزة وسط صمت دولي
  • فوج جديد من القافلة الثامنة يدخل غزة.. لحظة تدفق المساعدات الإنسانية إلى القطاع
  • هل يواجه الاقتصاد الأوروبي خريفًا قاتمًا؟
  • بسبب غزة: بوريل يدين الاتحاد الأوروبي
  • «موجات الحر» تفاقم تداعيات الأزمة الإنسانية في غزة