الجفاف يفتك بالثروة الحيوانية في جنوب العراق
تاريخ النشر: 14th, August 2025 GMT
بغداد – يواجه العراق كارثة اقتصادية وبيئية وشيكة، إذ تتسبب موجة جفاف هي الأشد منذ عقود في نفوق أعداد كبيرة من المواشي في محافظات الوسط والجنوب.
وأكدت وزارة الموارد المائية العراقية أن هذا العام هو الأكثر جفافا منذ عام 1933، موضحة أن تغذية نهري دجلة والفرات انخفضت إلى 27% فقط مقارنة بالعام الماضي. وتشير التقديرات إلى أن معدل نفوق الثروة الحيوانية تجاوز 30%، وهذا يهدد بانهيار قطاع يعتمد عليه آلاف السكان كمصدر رئيسي للرزق.
وحذّر الخبير البيئي المتخصص في شؤون الأهوار، جاسم الأسدي، من تداعيات خطيرة على بيئة الأهوار العراقية واقتصادها المحلي، مؤكدا أن استمرار الأوضاع الحالية قد يؤدي إلى نفوق ما يصل إلى 45% من رؤوس الماشية، وخاصة الجاموس، خلال فصل الصيف القادم. وقال الأسدي للجزيرة نت إن الأهوار شهدت موجات جفاف متكررة منذ تسعينيات القرن الماضي، لكن الجفاف الذي بدأ عام 2021 يُعد "الأقسى" على الإطلاق، إذ أدى إلى انخفاض حاد في مناسيب المياه وجفاف مساحات واسعة من البحيرات والمناطق الرطبة، تاركا فقط المجاري المائية العميقة.
ولم تقتصر الأزمة على نقص المياه، بل تفاقمت نتيجة ارتفاع الملوحة والتلوث الناجم عن مياه الصرف الصحي، وهذا أثر على صحة الجاموس وإنتاجيته. ووفقا للأسدي، انخفض إنتاج الحليب للجاموسة الواحدة إلى لترين فقط يوميا، كما يبست الأعلاف الخضراء وتعرضت للتلف، ما وضع مربي الجاموس في موقف صعب لعدم قدرتهم على توفير بدائل علفية. وأوضح أن نسبة نفوق الجاموس في عموم الأهوار العراقية وصلت بين 32% و35% خلال السنوات الماضية، مرجحا ارتفاعها إلى 45%، محذرا أيضا من فقدان أكثر من 95% من المخزون السمكي.
وأشار إلى أن الوضع الراهن مرتبط بعوامل مناخية أبرزها انخفاض منسوب المياه في السدود العراقية إلى أقل من 6 مليارات متر مكعب، مع توقع تراجعها إلى أقل من 4 مليارات بحلول نهاية أكتوبر/تشرين الأول المقبل إذا لم تُتخذ إجراءات عاجلة. كما حمّل الجهات المعنية جزءا من المسؤولية بسبب عدم إيلاء ملف مربي الجاموس الاهتمام الكافي، لافتا إلى أن غياب تمثيل انتخابي ثابت لهذه الفئة جعلها مهمشة في السياسات العامة.
إعلانوتظهر التقديرات أن الإيرادات المائية للعراق تراجعت من نحو 70 مليار متر مكعب إلى 40 مليارا، وسط توقعات بانخفاض نصيب الفرد من المياه إلى 479 مترا مكعبا سنويا بحلول عام 2030، في حين أن معيار منظمة الصحة العالمية يبلغ 1700 متر مكعب سنويا للفرد.
تأثيرات مباشرة على الريف والثروة الحيوانيةوأكد عضو الاتحاد المحلي للجمعيات الفلاحية، أحمد سوادي حسون العيساوي، خطورة الوضع الذي تمر به محافظات الوسط والجنوب، مشيرا إلى أن الثروة الحيوانية تتعرض لخسائر قد تصل إلى مستويات غير مسبوقة. وقال العيساوي للجزيرة نت إن مناطق في البصرة والناصرية والعمارة والديوانية والنجف هي الأكثر تضررا من الجفاف، بسبب اعتماد سكانها على الثروة الحيوانية المرتبطة ببيئة الأهوار التي جفت بالكامل في بعض المواقع.
وبيّن العيساوي أن التأثير تفاقم بفعل الارتفاع الحاد في درجات الحرارة المرتبطة بالتغير المناخي، وهذا جعل أنواعا من المواشي مثل الجاموس أكثر عرضة للنفوق. وتوقع ارتفاع نسبة النفوق إلى ما بين 50% و70% إذا لم تُتخذ حلول فورية، محذرا من أن حياة الريف باتت مهددة بالانهيار نتيجة توقف الزراعة وتراجع الثروة الحيوانية.
كما أشار إلى أن انعدام المياه في بعض المناطق منذ أكثر من 3 أشهر أجبر المزارعين على استخدام مياه الإسالة (مياه الشبكة) لسقي الحيوانات، في ظل عدم توفر الأعلاف بسبب الجفاف، الأمر الذي دفع البعض إلى نحر مواشيهم أو بيعها أو تركها للموت. وأكد أن هذا الوضع أدى إلى انتشار الأوبئة بسبب تحول ما تبقى من المياه إلى برك ملوثة.
وأفاد رئيس مرصد العراق الأخضر، عمر عبد اللطيف، بأن أزمة الجفاف في المحافظات الجنوبية أدت إلى نزوح داخلي واسع، متوقعا أن يتجاوز عدد المتضررين 15 ألف نسمة.
وقال عبد اللطيف للجزيرة نت إن محافظة ذي قار وحدها شهدت نزوح أكثر من 10 آلاف عائلة من القرى والأرياف منذ عام 2023 حتى الآن، في ظل تأثيرات متراكمة على الأمن الغذائي ومستويات المعيشة.
وأضاف أن الدعم الذي قدمته المؤسسات الرسمية للعائلات المتضررة لا يرقى إلى حجم الأزمة، مشيرا إلى أن محافظة ذي قار فقدت منذ عام 2023 نحو 11 ألف رأس جاموس، إذ انخفض عدد الجواميس من 21 ألفا إلى 10 آلاف فقط. وأوضح أن مربي الجاموس يواجهون تحديات إضافية منها منعهم من الانتقال إلى مناطق تتوفر فيها المياه بسبب القيود الأمنية، وهذا يجبرهم على البقاء في بيئات جافة دون حلول بديلة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات الثروة الحیوانیة منذ عام إلى أن
إقرأ أيضاً: