صحيفة الاتحاد:
2025-08-15@23:29:05 GMT

د. عبدالله الغذامي يكتب: مجالس السمر

تاريخ النشر: 16th, August 2025 GMT

السمر فن أدبي قديم من خصائصه أنه ليلي وليس نهارياً، ومنه كانت «ألف ليلة وليلة»، وكلمة نسمر تعني فتح فضاءات الأحاديث من دون شروط، ومن هنا تتصنع القصص والحكايات، ومنه سمر البادية على أطراف خيام القبيلة، ويختص هنا بجلسة على ربوة عالية تصاحب النجوم والقمر وتحت صفحة السماء، حيث الفضاء المفتوح مدى ومعنى، وقد عشت هذه التجربة في طفولتي في مزرعة خالي على أطراف البلدة، وكذلك على سطح بيتنا المتصل بسطوح الجيران، حيث سمر النساء من جاراتنا يجتمعن في سطح يجمع باقي السطوح عبر بيبان خاصة للسطوح المتجاورة.

والحديث في حالة السمر هو حديث نفسي وجسدي، جسدياً بعد عناء يوم كامل في شؤون الحياة ونفسياً هو حالة استرخاء ذهني وإجازة عقلية، يجوز فيه ما لا يجوز في غيره كحال الشعر، حيث يكون حديث الدعة فلا جد ولا التزام ولا مؤاخذة، فالإنسان الذي يقيد نفسه وعلاقاته وفق نظام اجتماعي ومستوى في الخطاب والسلوك يضيق من قيود النظام فيفر منها لحرية التفكير والتعبير معاً، ويسمر مع من تختارهم نفسه، ومن آداب الحديث في السمر هو رفع الكلفة والتسامح مع المتحدث مهما شطح به الخيال، ولا يدخل ذلك في المحاسبة ولا في التحرز.
والشعر والسرد معاً أهم سمات الحيوية البشرية، وكل إنسانٍ هو شاعر وحكاء في الوقت ذاته، ونحن نصنع حكاياتنا ونحول تجاربنا إلى سردية ذاتية نرويها حتماً ونقصها لغيرنا ويسأل بعضنا بعضاً عنها، كأن نقول كيف حالك في كل حالة لقاء، وهذه ليست سؤالاً عن الصحة ولكنها استجداءٌ للحكي وفتح شهية لعمران اللحظة بالقول ومنه جاءت كلمة (السمر)، ولعل الكلمة تحيل لسواد الليل وسمرته بين الظلمة وضوء النجوم، فهي عتمةٌ أكثر منها ظلمةً، مما يحمل إيقاعاً هادئاً يختلف عن صخب إيقاع النهار وعمله الشاق، وكذلك فإيقاع حياتنا هو قصائد موزونة بشرط الحياة، أي أننا قصائد وإن كانت عاقلةً، وليس كل الشعر إلهاماً، فبعضه هو ما نحفظه ونتمتم به أو نغنيه ولو همساً بخلواتنا وهذه حال عامة، وتتحول لحالات خاصة حينما يكون الإنسان شاعراً بالصنعة وبالمعنى المصطلحي أو روائياً كما المعنى العرفي، ولذا فالشعر والسرد لا يمكن أن نضعهما في موضع سؤال عن مضامينها، أي هما في حال استثناء رمزي ومعنوي، وهما رخصة شرعية وقانونية وعقلية، ولولا هذه الرخصة لأثمنا كلنا من قهر الجدية والعقلانية.
كاتب ومفكر سعودي
أستاذ النقد والنظرية/ جامعة الملك سعود - الرياض

أخبار ذات صلة د. عبدالله الغذامي يكتب: في رثاء القلم د. عبدالله الغذامي يكتب: مثل شجرة سقطت في غابة

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الغذامي عبدالله الغذامي

إقرأ أيضاً:

ما معنى كفالة الطفل اليتيم شرعا؟.. الإفتاء توضح

تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا يقول صاحبه: ما المقصود بكفالة اليتيم؟ وهل المراد بكفالته النفقة عليه فقط؟ أو يُقْصَدُ بها رعايته في كل مصالحه؟

وأجابت دار الإفتاء عن السؤال قائلة: كفالة اليتيم هي رعايته وتعهده بما يُصْلِحُهُ في نفسه وماله، قال الحافظ ابن الجوزي الحنبلي في "كشف المشكل من حديث الصحيحين" (2/ 282، ط. دار الوطن): [معناها: القيام بأمره وتربيته] اهـ.


وقال الإمام النووي في "رياض الصالحين" (ص: 116، ط. مؤسسة الرسالة): [كافِل اليتيم: القائمُ بأموره] اهـ. قال شارحه العلامة ابن علان الصديقي الشافعي في "دليل الفالحين" (3/ 81، ط. دار المعرفة): [دينًا ودنيا، وذلك بالنفقة والكِسوة، والتربية والتأديب، وغير ذلك] اهـ.

فتح باب الالتحاق بالمدن الجامعية لطلاب وطالبات الأزهر.. اعرف التفاصيلعلي جمعة يرد على الخلط بين التصوف وتصرفات أتباعهزوجي حلف علي بالطلاق 3 مرات فما الحكم؟.. أمين الفتوى يجيبالاهتمام يتطلب ولا ما يتطلبش؟ هاني تمام يحسم الأمر


واشارت الى ان الفقهاء وَسَّعوا معناها حتى جعلوها شامِلةً لكُلِّ مَصلحةٍ لليتيم صغُرَتْ أم كَبُرَت؛ قال العلامة الزرقاني في "شرح الموطأ" (4/ 534، ط. مكتبة الثقافة الدينية): [مِن جملة كفالة اليتيم إصلاح شعره، وتسريحه، ودهنه] اهـ.


وأوضحت أن الكفالة على نوعين: ماليةٌ، وأدبية، وهي بنوعيها من أنواع التبرع، وهو: بَذْل الْمُكَلَّفِ مَالًا أَوْ مَنْفَعَةً لِغَيْرِهِ فِي الْحَالِ أَوِ الْمَآلِ بِلا عِوَضٍ، بِقَصْدِ الْبِرِّ وَالْمَعْرُوفِ غَالِبًا، وفي الكفالة المتعارَف عليها بين مؤسسات المجتمع المدني -والتي تقوم بها دُور الأيتام عمومًا- يبذل الكافل للمكفول المالَ والمنفعةَ معًا، فهي مُتَحَقِّقَةٌ شرعًا ويترتب عليها الثواب بحصول أَحَدِ نوعيها أو كليهما -الماليِّ منها والأدبيِّ-؛ قال الإمام النووي في "شرح مسلم" (18/ 113، ط. دار إحياء التراث العربي): [وهذه الفضيلة تحصل لمَن كفله من مال نفسه أو من مال اليتيم بولايةٍ شرعية] اهـ.

وبينت بناء على ذلك انَّ الشريعةَ قصدت بكفالة اليتيم رعايتَه في جميع شؤون حياته ومعيشته مأكلًا ومشربًا وملبسًا ومسكنًا وتأديبًا وتعليمًا وتثقيفًا وزواجًا، وغير ذلك من ضروريات الحياة وحاجيَّاتها؛ كما يصنع الوالدان بولدهما سواءً بسواءٍ؛ حتى يصل إلى مرحلة الاستقلال التامة نفسيًّا واجتماعيًّا وماليًّا بحيث يكون قادرًا على بناء أسرته قائمًا بشؤونه مُنفِقًا على نفسه وعلى مَن يعول.

طباعة شارك كفالة الطفل اليتيم الطفل اليتيم اليتيم الكفالة الإفتاء

مقالات مشابهة

  • الكوليرا تجتاح دارفور.. أكثر من 6 آلاف إصابة و260 وفاة
  • التهور في اتخاذ القرارات.. مجازفة أم قلة وعي؟
  • كامل أبو علي لـ"الوفد": المصرى يسير بخطى ثابتة وتحملت مديونيات مجالس سابقة
  • كلمة واحدة قد تهدم تاريخك.. هل ستعتذرين؟
  • رأي.. عمر حرقوص يكتب: نتنياهو.. إسرائيل الكبرى بأهداف متعددة
  • المصرى يسير بخطى ثابتة واستقرار بدون مشكلات
  • طمئنونا.. إن كنتم على قيد الحياة!
  • الإرهابي كزازي عمر يسلم نفسه للسلطات العسكرية في برج باجي مختار
  • ما معنى كفالة الطفل اليتيم شرعا؟.. الإفتاء توضح