حلوى المولد.. من عادة اجتماعية إلى عبادة قلبية
تاريخ النشر: 17th, August 2025 GMT
مع اقتراب ذكرى المولد النبوي الشريف، تبرز تساؤلات متكررة حول حكم شراء حلوى المولد والتهادي بها، وهل هي عادة دنيوية بحتة أم تدخل ضمن الطاعات والقربات؟ وقد أجمع العلماء على أن الاحتفال بمولد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم والفرح به من أفضل الأعمال وأعظم القربات، وأن شراء الحلوى في هذه المناسبة يدخل في دائرة المباح الذي يتحول إلى مستحب إذا اقترن بالنية الصالحة.
روت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم "كان يحب الحلواء ويحب العسل" (رواه البخاري وأصحاب السنن وأحمد)، ومن هنا اعتاد المسلمون شراء الحلوى في ذكرى مولده، تعبيرًا عن محبتهم لِما كان يحبه، وفرحًا بمولده الشريف.
كما أن التهادي بها يندرج تحت قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
«تهادوا تحابوا» (رواه الإمام مالك في الموطأ).
وإذا انضاف إلى ذلك إدخال السرور على الأهل وصلة الأرحام، كان العمل مندوبًا إليه، ومضاعف الأجر إذا قصد به الفرح بميلاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لأن "للوسائل أحكام المقاصد".
أكد كبار العلماء والمحدثين عبر العصور على استحباب إظهار الفرح والسرور بالمولد النبوي بمختلف الوسائل المشروعة.
يقول الحافظ السيوطي في "حسن المقصد في عمل المولد":"يستحب لنا إظهار الشكر بمولده بالاجتماع وإطعام الطعام ونحو ذلك من وجوه القربات وإظهار المسرات".
ونقل عن ابن الجزري قوله:"إذا كان أبو لهب الكافر يُخفَّف عنه العذاب في النار كل ليلة اثنين لفرحه بميلاد النبي ﷺ، فما الظن بالمسلم الموحد الذي يفرح بمولده ويبذل في محبته؟ لا شك أن جزاءه دخول الجنة بفضل الله".
شراء حلوى المولد والتهادي بها عادة محمودة تتحول إلى عبادة إذا اقترنت بمحبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيمه. وهي سنة حسنة تندرج ضمن المظاهر المشروعة للاحتفاء بالمولد الشريف، إلى جانب قراءة القرآن، وتلاوة السيرة النبوية، وإقامة مجالس الذكر والمدائح.
فالفرح بمولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو فرح بالرحمة المهداة للعالمين، و"ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب"، وما لا يتم الفرح إلا به فهو مستحب ومندوب إليه.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حلوى المولد مولد النبي الحلوى المولد النبوي الشريف ذكرى المولد النبوي الشريف النبی صلى الله علیه وآله وسلم حلوى المولد
إقرأ أيضاً:
فضل التسبيح بذكر "سبحان الله وبحمده" عند الله تعالى
التسبيح.. تعد تسبيحة سبحان الله وبحمده، من أحب الكلام إلى الله سبحانه وتعالى؛ إذ قال سيدنا رسول الله ﷺ: «أَلَا أُخْبِرُكَ بِأَحَبِّ الْكَلَامِ إِلَى اللهِ؟» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَخْبِرْنِي بِأَحَبِّ الْكَلَامِ إِلَى اللهِ، فَقَالَ: «إِنَّ أَحَبَّ الْكَلَامِ إِلَى اللهِ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ». [أخرجه مسلم]
فضل التسبيح والذكر:ويعد التسبيح والذكر غذاء الروح، وذخيرة المؤمن للآخرة، وهو مِنْ أَيْسَرِ الأعمال عليه؛ ولهذا وَجَّهَنَا إليه سيدنا رسول الله ﷺ حينما أخبر الصحابيَّ الجليل أبا ذر الغِفَارِيَّ رضي الله عنه بأحب الكلام إلى الله تعالى، وهو: تسبيحه، أي: تنزيهه عن كل نقصٍ لا يليق بجلاله وكماله.
حكم التسبيح باستخدام السبحة:
والتسبيح باستخدام السبحة جائزٌ، بل ومندوبٌ إليه شرعًا؛ لأنه وسيلةٌ إلى ذكر الله تعالى، والوسائل لها أحكام المقاصد؛ فوسيلة المندوب مندوبة، وقد أقره النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وورد عن الصحابة والتابعين من غير نكير، ولا عبرة بمن يدَّعي بِدْعِيَّتَهُ، ولا ينبغي الالتفات إلى هذه الأقوال التي لا سند لها من عقلٍ أو نقل.
مشروعية استخدام السبحة في التسبيح والذكر:
ورد عن صَفِيَّةَ بنت حيي رضي الله عنها قالت: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم وَبَيْنَ يَدَيَّ أَرْبَعَةُ آلَافِ نَوَاةٍ أُسَبِّحُ بِهَا، فَقُلْتُ: لَقَدْ سَبَّحْتُ بِهَذِهِ، فَقَالَ: «أَلَا أُعَلِّمُكِ بِأَكْثَرَ مِمَّا سَبَّحْتِ بِهِ» فَقُلْتُ: بَلَى عَلِّمْنِي، فَقَالَ: «قُولِي: سُبْحَانَ اللهِ عَدَدَ خَلْقِهِ» أخرجه الترمذي وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، أنه دخل مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم عَلَى امْرَأَةٍ وَبَيْنَ يَدَيْهَا نَوًى أَوْ حَصًى تُسَبِّحُ بِهِ فَقَالَ: «أُخْبِرُكِ بِمَا هُوَ أَيْسَرُ عَلَيْكِ مِنْ هَذَا أَوْ أَفْضَلُ؟ قولي: سُبْحَانَ اللهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ فِي السَّمَاءِ، وَسُبْحَانَ اللهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ فِي الأَرْضِ، وَسُبْحَانَ اللهِ عَدَدَ مَا بَيْنَ ذَلِكَ، وَسُبْحَانَ اللهِ عَدَدَ مَا هُوَ خَالِقٌ، وَاللهُ أَكْبَرُ مِثْلَ ذَلِكَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مِثْلُ ذَلِكَ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ مِثْلَ ذَلِكَ» أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه، والنسائي وابن ماجه وصححه ابن حبان والحاكم.
التسبيح
وعن القاسم بن عبد الرحمن قال: "كانَ لأبي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه نَوًى مِنْ نَوَى الْعَجْوَةِ في كِيسٍ، فَكَانَ إِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ أَخْرَجَهُنَّ وَاحِدةً يُسَبِّحُ بِهِنَّ حَتَّى يَنْفَدْنَ". أخرجه الإمام أحمد في "الزهد".
وعَنْ أَبِى نَضْرَةَ الغفاري رضي الله عنه قال: حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ طُفَاوَةَ قَالَ: تَثَوَّيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ بِالْمَدِينَةِ، فَلَمْ أَرَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم أَشَدَّ تَشْمِيرًا وَلَا أَقْوَمَ عَلَى ضَيْفٍ مِنْهُ، فَبَيْنَمَا أَنَا عِنْدَهُ يَوْمًا وَهُوَ عَلَى سَرِيرٍ لَهُ وَمَعَهُ كِيسٌ فِيهِ حَصًى أَوْ نَوًى وَأَسْفَلُ مِنْهُ جَارِيَةٌ لَهُ سَوْدَاءُ وَهُوَ يُسَبِّحُ بِهَا، حَتَّى إِذَا أَنْفَدَ مَا فِي الْكِيسِ أَلْقَاهُ إِلَيْهَا، فَجَمَعَتْهُ فَأَعَادَتْهُ فِي الْكِيسِ، فَدَفَعَتْهُ إِلَيْهِ. أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه، والنسائي.
وعن نعيم بن المحرر بن أبي هريرة عن جده أبي هريرة رضي الله عنه: "أنه كان له خَيْطٌ فِيه أَلْفَا عُقْدَةٍ، فَلَا يَنَامُ حَتَّى يُسَبِّحَ بِهِ". أخرجه عبد الله بن الإمام أحمد في "زوائد الزهد"، وأبو نعيم في "الحلية".
استخدام السبحة أثناء التسبيح
وروي مثل ذلك عن سيدنا سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، وأبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وأبي صفية مولى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والسيدة فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، وغيرهم من الصحابة والتابعين.