على درب النبوة .. من مواجهة كفر قريش إلى مقاومة طغيان العدو الصهيوأمريكي
تاريخ النشر: 17th, August 2025 GMT
في رحلة التاريخ الطويلة للأمة الإسلامية، كانت الجاهلية القديمة نقطة سوداء عانى منها الإنسان قبل بزوغ فجر الإسلام، وجاء النبي محمد صلوات الله عليه وآله، ليقود مع المؤمنين المسيرة المباركة لتحطيم هذه الجاهلية التي قامت على الجهل، والظلم، والشرك، والفساد، فكان لهم بأخلاقهم، وصبرهم، وإيمانهم، وقوة ثقتهم بالله وبنصره، الدور الأبرز في إنهائها وتأسيس مجتمع إيماني قائم على العدل والتوحيد.
يمانيون / تقرير / طارق الحمامي
واليوم، تعيش الأمة جاهلية العصر الحديث، التي تختلف في أدواتها وأشكالها لكنها بنفس الروح الاستكباريّة والهيمنة، التي تمثلها القوى الصهيونية الأمريكية، التي تحاول فرض نظام عالمي قائم على الظلم والتفرقة والقهر.
النبي صلوات الله عليه وآله في مواجهة الجاهلية الأولى
حين بعث الله نبيّه محمدًا صلوات الله عليه وآله وسلم، كانت الجاهلية الأولى قد بلغت ذروتها في الانحراف والفساد،
عبادة أصنام، استبداد قريش، ظلم النساء، تفرقة طبقية، وحكم يقوم على القوة والمال لا على القيم والحق.
في هذا الواقع المظلم، جاء الإسلام برسالة تحرير شاملة، تدعو إلى التوحيد والعدل ومقارعة الطغيان، فجاءت المواجهة مع الجاهلية حتمية، بل فرضًا إلهيًا، لأن مشروع الإسلام لا يمكن أن يتعايش مع الباطل والظلم والوثنية.
الجهاد في سبيل الله .. فريضة التحرير والتغييرمنذ اللحظة الأولى، لم تكن الدعوة الإسلامية دعوة انعزالية أو مهادنة للباطل، بل كانت مشروع تغيير شامل، يهدف إلى إقامة دين الله في الأرض، ونشر العدل، وهدم أركان الطغيان. ولذا، شرع الله فريضة الجهاد في سبيله، دفاعًا عن العقيدة، وردًا على ظلم الكافرين، وكسرًا لهيمنة الجاهلية، قال تعالى: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِـمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)) الحج .
فكان الجهاد تربية للأمة، وامتحانًا لإخلاصها، ووسيلة لبناء القوة الذاتية والمناعة ضد الطغيان، وقد حدد الله غايته في قوله:(وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ) (الأنفال: 39)
مراحل المواجهة .. من التهيئة إلى التحريرالمرحلة المكية وهي مرحلة الاستضعاف ، والتي ركز فيها النبي صلوات الله عليه وآله على التربية ، حيث كانت بداية المواجهة بتربية الصف المؤمن على الإيمان والتقوى والصبروالثبات، رغم ما واجهوه من أذى وتعذيب وحصار، هذه المرحلة أعدّت النفوس لتقبل التضحية والفداء.
المرحلة المدنية وهي مرحلة بناء الدولة وبدء المواجهة المسلحة ، بعد أن أُذن للنبي صلوات الله عليه وآله بالهجرة إلى المدينة، وتأسيس الدولة، بدأت أولى المواجهات في بدر، ثم أُحد، والخندق، فأصبح الجهاد واقعًا عمليًا، وكان المسلمون في كل مرة يزدادون قوة وثباتًا.
مرحلة التمكين والفتح ، بعد صلح الحديبية، بدأت الدعوة تنتشر، ثم جاء فتح مكة، الذي أعلن نهاية الجاهلية رسميًا، حيث تحطمت الأصنام بيد رسول الله صلوات الله عليه وآله ، وهتف في الناس (قل جاء الحق وزهق الباطل، إن الباطل كان زهوقاً) .
التمكين الإلهي ثمرة الصبر والجهاد
لقد وعد الله عباده الصادقين بالنصر، لكنه ربط ذلك بالإيمان والعمل والثبات،(وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) سورة النور- آية (55) ، وقد تحقّق هذا الوعد، في بدر حيث نصر الله فئة قليلة على فئة كثيرة، وفي الأحزاب حيث أرسل الله جنودًا من فوقهم، وفي فتح مكة، حيث دخل النبي صلوات الله عليه وآله منتصرًا، متواضعًا، محطمًا آخر أصنام الجاهلية.
الجاهلية الحديثة.. خطر أكبر وأدوات مختلفة
الجاهلية لم تنتهِ بفتح مكة، بل هي تتجدد في كل عصر بأدوات مختلفة، جاهلية اليوم لم تعد أصنامًا من حجر، بل أصنامًا من سلطة وإعلام، ومال وسلاح، وشهوات وقوانين وضعية تهيمن على العالم وتستعبد الإنسان، وقد تجسدت هذه الجاهلية الحديثة اليوم في الهيمنة الأمريكية والغربية التي تفرض سيطرتها على الشعوب المستضعفة، والعدو الصهيوني الذي يمارس أبشع أنواع الإجرام بحق الشعب الفلسطيني وأرض الأمة، والأنظمة العميلة والمطبعة التي تقف في صف الطغاة وتخذل قضايا الأمة.
إنها جاهلية عالمية متوحشة، تمتلك أدوات القوة الظاهرة، لكنها مفلسة من القيم والمبادئ، وهي امتداد لذات الجاهلية التي واجهها النبي صلوات الله عليه وآله، لكنها بثوب حديث وأخطر، كما قال عنها الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه): (ونحن في مواجهة الجاهلية الكبرى ، والجاهلية الخبيثة، والجاهلية المسلحة بأفتك الأسلحة)
المسيرة القرآنية .. امتداد لخط الجهاد النبوي
في وجه هذه الجاهلية الجديدة، لا يمكن أن تقف الأمة موقف المتفرج، ولا أن تحصر الإسلام في طقوس فردية، بل لا بد من مشروع إيماني تعبوي متكامل، يعيد للأمة دورها وشخصيتها وهويتها، وهذا ما مثّلته المسيرة القرآنية المباركة، التي انطلقت من اليمن بقيادة الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه)، وحمل رايتها من بعده السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي يحفظه ، ووضعت الأمة أمام خيارين، إما الاستسلام لهيمنة الطاغوت، أو التحرك الجهادي الواعي انطلاقًا من القرآن الكريم، وتسعى لإحياء فريضة الجهاد، وتربية أمة قوية في مواجهة قوى الاستكبار، على نهج رسول الله صلوات الله عليه وآله.
ضرورة مواجهة الجاهلية الحديثة بنفس نهج النبي صلوات الله عليه وآله
كما قاوم النبي صلوات الله عليه وآله، ومن معه من المؤمنين الجاهلية الأولى بالجهاد ، وبالحكمة، والصبر، والالتزام بالمنهج القرآني، فإن الأمة اليوم مطالبة بإحياء هذه المسيرة القرآنية المباركة كأمل ودرع في مواجهة جاهلية العصر الحديث، والتمسك بالقيم القرآنية التي تدعو إلى العدل، الوحدة، الصبر، والثبات، وبناء وعي إسلامي جامع يقود الأمة لاستعادة مكانتها وعزتها، وتوحيد جهودها السياسية والاجتماعية، والدعم المادي والمعنوي لقضايا الأمة العادلة، وعلى رأسها دعم غزة والصمود الفلسطيني في مواجهة الاعتداءات الصهيونية.
غزة مثال حي لمواجهة الجاهلية الحديثة
تجسد غزة، بالصمود والتضحيات، نموذجًا حيًا لمواجهة الجاهلية الحديثة، على الرغم من الحصار والاعتداءات الوحشية، فإن أهل غزة ومن خلفهم أحرار الأمة يؤكدون أن الصمود والثبات هو السبيل لكسر شوكة الاستكبار والهيمنة، إن إسناد غزة اليوم يمثل معركة أخلاقية وفكرية تنبع من المنهج القرآني الذي يمثل نبراس أمل الأمة في الخروج من دوامة الجاهلية الحديثة.
خاتمة
قال رسول الله صلوات الله عليه وآله : (بُعثتُ بين جاهليتين، أخراهما أشد من أولاهما) ، حديثٌ لا يكشف فقط عن موقع البعثة النبوية بين مرحلتين من الفساد والضياع، بل هو نبوءة وتحذير يبيّن أن الجاهلية الثانية، التي ستأتي بعد الإسلام، أشد خطرًا، وأعمق ظلمة، وأكثر فتنة من الأولى، فالجاهلية الأولى كانت قائمة على الأصنام، وعبادة الحجر، والتفاخر بالدم والنسب، وقد واجهها النبي محمد صلوات الله عليه وآله بالجهاد، والقرآن، والتوحيد، وبناء أمة مؤمنة لا تخاف في الله لومة لائم، وكانت النهاية أن سقطت الجاهلية تحت أقدام المؤمنين، وعلت كلمة الله، وانتصر الحق بنور القرآن والسيف في سبيل الله.
أما الجاهلية المعاصرة، فهي أشد لأنها، لا تعلن كفرها صريحًا، لكنها تحارب الله ورسوله باسم الحرية والحداثة،لا تعبد الأصنام، لكنها تُقدّس الدولار، وتخضع للبيت الأبيض،لا تقاتل بالسيوف، بل بالحصار، والإعلام، والتطبيع، والحرب الناعمة، ومن هنا فإن فريضة الجهاد اليوم، بكل أشكاله، أصبحت أوجب من أي وقت مضى، لأن العدو لا يستهدف الأرض فقط، بل الهوية، والدين، والعقيدة، والقرآن، والكرامة.
والمسيرة القرآنية، بما تمثّله من عودة صادقة إلى القرآن، وتجديد لمعنى الجهاد، وإحياء للموقف الإيماني في زمن الخضوع والسكوت، هي المشروع الذي يحمل راية رسول الله صلوات الله عليه وآله في هذه الجاهلية الثانية.
فهي ليست فقط دعوة إيمانية، بل موقف تاريخي ومسؤولية أممية، لمواجهة قوى الكفر الحديث، المتمثلة في الصهيونية وأمريكا وأدواتها، نصرة للمستضعفين، وإسنادًا للمجاهدين في فلسطين وغزة وساحات المواجهة، وكما كُتب النصر للنبي الأكرم صلوات الله عليه وآله ، والذين آمنوا معه، حين واجهوا الجاهلية الأولى، فإن وعد الله لا يتخلف، (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ).
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: رسول الله صلوات الله علیه وآله المسیرة القرآنیة هذه الجاهلیة فی مواجهة
إقرأ أيضاً:
ما هي صيغة الصلاة على النبي لزيادة الرزق؟.. لا يعرفها كثيرون
يبحث الكثيرون عن ما هي صيغة الصلاة على النبي لزيادة الرزق ؟ ، وقد عرفوا ذلك الفضل العظيم للصلاة على الي -صلى الله عليه وسلم- ، والتي تعد مفتاح كل الأبواب المغلقة، حيث يقبلها الله عز وجل من الجميع حتى من العاصي، ولأن الرزق من الحاجات الدنيوية التي لا ينقطع الإنسان عن طلبها والسعي إليها ما دامت الحياة الدنيا، من هنا تأتي أهمية معرفة ما هي صيغة الصلاة على النبي لزيادة الرزق ؟ ، لعل بها تنحل العقد التي تضيق علينا الرزق.
ورد عن حقيقة ما هي صيغة الصلاة على النبي لزيادة الرزق ؟، أنه لا يعرف في السنة الصحيحة صلاة مخصوصة لطلب الزيادة في الرزق، وهناك من الأسباب المشروعة لزيادة الرزق ما يحسن أن نشير إليه وننبه عليه منها الاستغفار وصلة الرحم والدعاء وتقوى الله وكثرة الصدقة والإكثار من الحجِ والعمرة والمتابعة بينهما.
وورد أن الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم - بصيغها تنفي الفقر ، فقد ذكرها ابن القيم في فوائد الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم - أنها تنفي الفقر، وذكرها تقي الدين المقريزي في إمتاع الأسماع و عدها من فوائد الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم -.
وذكر القرطبي في تفسيره : عن سهل بن سعد الساعدي قال: شكا رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الفقر وضيق المعيشة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ إذا دخلت البيت فسلم إن كان فيه أحد، وإن لم يكن فيه أحد فسلم علي، واقرأ " قل هو الله أحد " مرة واحدة ] ففعل الرجل فأدر الله عليه الرزق، حتى أفاض عليه جيرانه ( وذكره السيوطي أيضا).
أفضل صيغة للصلاة على النبيورد أن هناك عدة صِيغ للصلاة على النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وذكر العلماء أن أفضلها هي الصلاة الإبراهيمية: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ».
الصلاة النارية لتفريج الكروبتعد "الصلاة النارية" أو "التازية" أو "التفريجية" أو "القرطبية" فهذه كلها أسماء لنفس الصيغة من صيغ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فقد سميت "الصلاة "التازية" نسبة إلى بعض أهل الله واسمه السيد "إبراهيم التازى"، وسميت الصلاة "التفريجية" نظرا لحدوث الفرج الشديد على من يواظب عليها، كما سميت بالصلاة "القرطبية" نسبة للإمام القرطبي، وأخيرا سميت بالصلاة "النارية" تشبيها لسرعة تأثيرها وتحقق المطلوب ببركتها بالنار في سرعة حركتها.
والصلاة النارية ليست بركوع ولا سجود، إنما هي صيغة من صيغ الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، والتي يقول فيها المصلى: «اللهم صل صلاة كاملة وسلم سلاما تاما على نبي تنحل به العقد، وتنفرج به الكرب وتقضى به الحوائج وتنال به الرغائب وحسن الخواتيم ويستسقى الغمام بوجهه الكريم وعلى آله»، وقد ورد العديد من الصيغ ولكن هذه هي الصيغة التي تعلمها الكثير من المشايخ.
هذه الصيغة يصلى به العبد عندما يكون له حجة عند الله بأي عدد يستطيعه، وإذا أراد أن يعمل بنفس العدد كما عمل بها العلماء والمشايخ فيرددها "4444"، يعنى هذا أن يرددها المصلى بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم "أربعة آلاف وأربعمائة وأربعة وأربعون مرة"، ولا زيادة في هذا العدد ولا نقصان.
وردت هذه الصلاة في كتب الصلوات وكتب الأدعية وتلقاها العلماء بالقبول، وهذه الصلاة لا يلزمها التتابع في نفس المرة، كما يجوز اشتراك أكثر من شخص فى أدائها على الهيئة المذكورة، كما أكد العلماء الكبار على أن تحقيق الصلاة في جلسة واحدة أو عدة جلسات بها تكون قوة الذكر، لذلك يجوز الجمع أو التفريق.
ولم يرد في كتاب الله من يحرم صيغة هذه الصلاة، بل على العكس فقد ورد في الآيات فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بشكل مطلق كما جاء في قوله الكريم: «إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا» [الأحزاب : 56]، فلم يقيدنا العزيز الرحيم بصيغة معينة وحرم علينا صيغة أخرى.
وكذلك ورد في السنُة المطهرة في تفاسير شُراح الحديث بجواز إحداث ذكر في العبادة بشرط أن لا يخالف المأثور، كما جاء في الحديث الشريف: عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِىِّ قَالَ: «كُنَّا يَوْمًا نُصَلِّي وَرَاءَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ قَالَ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ . قَالَ رَجُلٌ وَرَاءَهُ : رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ : مَنِ الْمُتَكَلِّمُ؟ قَالَ: أَنَا. قَالَ: رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلاَثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا ، أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّلُ» رواه البخاري.
فضائل الصلاة على النبيأكد الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء، أن حديث «أَجْعَلُ صَلاتِي كُلَّهَا، قَالَ: «تُكْفَى هَمَّكَ» رواية صحيحة، رواه الترمذي (2457) وأحمد (20736) وابن أبي شيبة في "المصنف" (8706) وعبد بن حميد في "المسند" (170) والبيهقي في "الشعب" (1579).
وذكر «عويضة» سند الحديث: حَدَّثَنَا السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى، أنا قَبِيصَةُ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الطُّفَيْلِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: قُلْتُ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلاةَ عَلَيْكَ، فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلاتِي؟.
وتابع: قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ: "مَا شِئْتَ". قُلْتُ: الرُّبُعَ. قَالَ: "مَا شِئْتَ، وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ". قُلْتُ: الثُّلُثَ. قَالَ: "مَا شِئْتَ، وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ". قُلْتُ: النِّصْفَ. قَالَ: "مَا شِئْتَ، وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ". قُلْتُ: الثُّلُثَيْنِ. قَالَ: "مَا شِئْتَ، وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ". قُلْتُ: أَجْعَلُ صَلاتِي كُلَّهَا. قَالَ: "تُكْفَى هَمَّكَ، وَيُغْفَرُ ذَنْبُكَ».
وأوضح أن معنى الصلاة هنا «الدعاء»، فإذا جعل الإنسان وقتًا يصلي فيه على النبي -صلى الله عليه وسلم- كثيرًا، فالله -جل وعلا- يأجره على ذلك، والحسنة بعشر أمثالها، إلى ما لا يحصى من الفضل، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إذًا تكفى همك، ويغفر ذنبك». إذا أكثر من الصلاة عليه -عليه الصلاة والسلام-.
ونبه إلى أن هذا الحديث لا ينافي أن يدعو الإنسان ربه ويسأله أموره كلها بالأدعية المشروعة، وأن يكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيجمع بين الأمرين.
فضيلة الصلاة على النبي والسلام عليهوورد عن عمر قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول وصلوا عليّ فإنه من صلّى عليّ مرة واحدة صلى الله عليه عشرًا ثم سلوا لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة» [رواه مسلم].
و قال -صلى الله عليه وسلم-: «من صلّى عليّ حين يصبح عشرًا وحين يمسي عشرًا أدركته شفاعتي» [أخرجه الطبراني في الكبير وحسنه الألباني]. وقال -صلى الله عليه وسلم-: «من صلّى عليّ واحدة صلى الله عليه بها عشرًا» [رواه مسلم وأحمد والثلاثة].
وروي عن عبدالرحمن بن عوف قال: أتيت النبي وهو ساجد فأطال السجود قال: «أتاني جبريل وقال: من صلّى عليك صليت عليه ومن سلّم عليك سلمت عليه فسجدت شكرًا لله» [رواه الحاكم وأحمد والجهضمي وقال الحاكم: صحيح ولم يخرجاه.
وجاء عن يعقوب بن زيد بن طلحة التيمي قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أتاني آت من ربي فقال: ما من عبد يصلي عليك صلاة إلا صلى الله عليه بها عشرًا» فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله أجعل نصف دعائي لك! قال: «إن شئت» قال: ألا أجعل ثلث دعائي!. قال: {إن شئت}. قال: ألا أجعل دعائي كله قال: {إذن يكفيك الله هم الدنيا والآخرة» [رواه الجهضمي.
وورد عن عبدالله بن مسعود عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن لله ملائكة سياحين يبلغونني من أمتي السلام» [رواه النسائي والحاكم وصححه ووافقه الذهبي. وقال -صلى الله عليه وسلم-: «من صلّى عليّ واحدةً صلّى الله عليه عشر صلوات وحط عنه عشر خطيئات ورفع له عشر درجات» [رواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد والنسائي والحاكم].
وورد عن ابن مسعود مرفوعًا: «أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم عليّ صلاة» [رواه الترمذي وقال حسن غريب رواه ابن حبان].
وروي عن جابر بن عبدالله، قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمدًا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته، حلت له الشفاعة يوم القيامة» [رواه البخاري في صحيحه].
فضل الصلاة على النبيأولًا: يؤجر المصلي على النبي - صلى الله عليه وسلّم- بعشر حسنات.
ثانيًا: يرفع المصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- عشر درجات.
ثالثًا: يغفر للمصلي على النبي- صلى الله عليه وسلم- عشر سيئات.
رابعًا: سبب في شفاعة الرسول -صلى الله عليه وسلم- له يوم القيامة.
خامسًا: يكفي الله العبد المصلي على رسول الله ما أهمّه.
سادسًا: تصلي الملائكة على العبد إذا صلى على رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-.
سابعًا: الصلاة على النبي تعتبر امتثالًا لأوامر الله تعالى.
ثامنًا: سبب من أسباب استجابة الدعاء إذا اختتمت واستفتحت به.
تاسعًا: تنقذ المسلم من صفة البخل.
عاشرًا: سبب من أسباب طرح البركة.
الحادي عشر: سبب لتثبيت قدم العبد المصلي على الصراط المستقيم يوم القيامة.
الثاني عشر: التقرّب إلى الله تعالى.
الثالث عشر: نيل المراد في الدنيا والآخرة.
الرابع عشر: سبب في فتح أبواب الرحمة.
الخامس عشر: دليل صادق وقطعيّ على محبّة رسول الله - صلى الله عليه وسلّم-.
السادس عشر: سببٌ لدفع الفقر.
السابع عشر: تشريف المسلم بعرض اسمه على النبي- صلى الله عليه وسلّم-.
الثامن عشر: سببٌ لإحياء قلب المسلم.
التاسع عشر: التقرّب من الرسول - صلى الله عليه وسلم- منزلةً.
العشرون: لا يقتصر فضل الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم-، على هذه الفوائد فقط بل تتعدى لتصل إلى مئات الأفضال التي تعود على المسلم بالنفع والخير في الدنيا والآخرة.