لم تكن تصريحات رئيس وزراء إسرائيل الإرهابي "بنيامين نتنياهو" الأخيرة، بشأن مهمته التاريخية والروحية بتحقيق "حلم إسرائيل الكبرى"، ضربًا من المبالغة أو التهويل، بل هي قناعة مترسخة في العقلية الصهيونية، لا سيما اليمين المتطرف منها، والتي يمثلها بوضوح "نتنياهو"، الذي قال بصفاقة إنه سيحقق الحلم اليهودي بدولة "من جدول مصر إلى نهر الفرات" تشمل غالبية الدول العربية المحيطة بفلسطين التاريخية، وهو الحلم الذي لم يستطع الآباء الصهاينة تحقيقه.
والواقع أن تحقيق الحلم اليهودي المنشود على يد "نتنياهو" ينطلق من ثلاث ركائز أساسية، هي:
أولًا- إيمان "نتنياهو" بأفكار أكثر الصهاينة تشددًا على الإطلاق، وهو "فلاديمير جابوتنسكي" المعروف بـ "رائد الصهيونية التصحيحية"، والتصحيحية هنا لا تعني التصويب ولكن "التشدد"، والذي كان لا يؤمن بأي تسامح مع العرب، سواء في فلسطين المحتلة أو خارجها، بل هناك لغة واحدة يجب تبنيها تجاههم: "السحق والإبادة". وهذا الرجل هو الأب الروحي لليمين المتطرف كـ "مناحم بيجين" و"الليكود" وامتدادهم الأيديولوجي "نتنياهو"، علمًا بأن الأخير هو ابن المؤرخ "بن صهيون نتنياهو" أحد أقرب مساعدي "جابوتنسكي".
ثانيًا- التحالف القوي - والآثم- بين "نتنياهو" والرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، الذي لا يدخر جهدًا في سبيل دعم إسرائيل وحرب الإبادة الجماعية التي تمارسها ضد أهلنا في غزة منذ السابع من أكتوبر 2023م، وذلك بكافة أنواع الأسلحة والذخائر، أو بتعطيل قرارات مجلس الأمن ضد ممارسات "نتنياهو" الإجرامية عبر حق النقض "الفيتو"، إضافة إلى دعمه لمخطط التهجير الذي يسعى "نتنياهو" لتحقيقه، فضلًا عن دعمه لعدوان إسرائيل على إيران خلال حرب الـ (12) يومًا بل والمشاركة في ضرب المنشآت النووية الإيرانية.
ثالثًا- تُعد تصريحات "نتنياهو" عن إسرائيل الكبرى امتدادًا لوثيقة تاريخية مهمة اسمها "خطة ينون" أصدرها "عوديد ينون".. ، المستشار السابق لرئيس وزراء إسرائيل السابق الإرهابي "أرييل شارون"، والمسؤول الكبير السابق في وزارة الخارجية الإسرائيلية والصحفي في "جيروزاليم بوست".. وذلك عبر مقال نشره في فبراير 1982م بمجلة "كيفونيم" العبرية بعنوان "استراتيجية لإسرائيل في الثمانينيات"، والتي نشرها أيضًا في كتابه "الأرض الموعودة: خطة الصهيونية من الثمانينيات"، حيث انطلقت الخطة من مبدأين أساسيين استراتيجيين ينبغي لإسرائيل مراعاتهما: العمل على تحول إسرائيل إلى قوة إقليمية إمبريالية، والعمل على تحويل المنطقة برمتها إلى دويلات صغيرة عن طريق تفكيك جميع الدول العربية القائمة حاليًا. وإذا طبقنا ما جاء بالخطة على الوضع السوري الحالي والسيطرة على أجزاء واسعة من الجنوب لتأكدنا من خطورة هذه الخطة التي يسير على هداها "نتنياهو" حاليًا.
يذكر أن المفكر الأمريكي اليهودي "نعوم تشومسكي" - وهو مفكر موضوعي- قد وصف هذه الأفكار اليمينية المتطرفة بإسرائيل بقوله: "إن تاريخ الصهيونية بأكمله ولاحقًا تاريخ إسرائيل، لا سيما منذ عام 1967م، هو تحول تدريجي نحو مواقف أولئك الذين كانوا يُعتبرون سابقًا متطرفين يمينيين".
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
نتنياهو: غيرنا وجه الشرق الأوسط لنضمن استمرار إسرائيل
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال تصريحاته مساء اليوم الثلاثاء، غيرنا وجه الشرق الاوسط لنضمن استمرار إسرائيل، موضحًا أن الحرب على الجبهات السبع هي حرب مصيرية من أجل إسرائيل، وفقًا للقاهرة الإخبارية.
وعلى صعيد آخر، قالت دائرة شؤون القدس في منظمة التحرير الفلسطينية إن مرور عامين على حرب الإبادة التي شنّها الاحتلال على قطاع غزة عام 2023، يذكّر بأن ما جرى لم يكن مجرد معركة عسكرية عابرة، بل جزء من مشروع استعماري.
وأضافت :"هذا المشروع يستهدف اقتلاع الوجود الفلسطيني وتحويل المأساة الإنسانية إلى أداة سياسية لفرض الهيمنة".
وأوضحت الدائرة أن غزة ما تزال حتى اليوم تعيش تحت أنقاض الحرب والجوع والحصار، مؤكدة أن سياسة العقاب الجماعي وحرمان المدنيين من الغذاء والدواء والمأوى تمثل جريمة مستمرة ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية.
وأضافت أن ما يجري في القدس والمسجد الأقصى من اقتحامات وتضييقات أمنية وتوسع استيطاني ممنهج، يندرج ضمن السياسة ذاتها التي دمّرت غزة، مشيرة إلى أن الهدف واحد وهو تغيير هوية الأرض وتقويض الوجود الفلسطيني.
وأكدت الدائرة أن الاحتلال يواصل حربه ضد الفلسطينيين بأدوات مختلفة، من القصف في غزة إلى الحصار في القدس، ومن القتل المباشر إلى سياسات الخنق والتجويع، في انتهاك صارخ للقانون الدولي، محذّرة من أن تقاعس المجتمع الدولي عن المحاسبة يشجع الاحتلال على المضي في جرائمه.
واختتمت دائرة شؤون القدس بيانها بالتأكيد على أن غزة ليست وحدها، وأن معركتها امتداد لمعركة القدس والأقصى، داعية إلى إنهاء الاحتلال ومحاسبة مجرمي الحرب باعتبار ذلك المدخل الوحيد لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.