حين تذكر القاهرة، لا يكتمل المشهد إلا بوجه نجيب محفوظ، ذلك الرجل الذي حوّل أزقة الحارات، وصوت الباعة، وهمسات الجدران العتيقة إلى أدب خالد، فلم يكن مجرد روائي، بل كان مؤرخًا لروح مصر، يلتقط التفاصيل الصغيرة التي يتجاهلها الجميع، ويحوّلها إلى مرايا تكشف أعماق المجتمع والإنسان، عبر ثلاثيته الخالدة وأعماله التي عبرت حدود الزمان والمكان، أعاد تشكيل الوعي العربي، ومنح الحارة المصرية جواز سفر إلى العالمية.

هو الأديب الذي كتب بلغة البسطاء، فقرأه العالم بلغات شتى، ليصبح أول عربي يعتلي عرش «نوبل» للآداب، ولا شك أن نجيب محفوظ ليس مجرد اسم في سجل الأدب، بل هو ذاكرة حيّة تمشي بين السطور.

نشأة نجيب محفوظ

وُلد نجيب محفوظ عبد العزيز إبراهيم أحمد الباشا في 11 ديسمبر 1911 بحي الجمالية في القاهرة، لأسرة متوسطة، والده موظف وأمه ربة منزل.

التحق محفوظ بجامعة القاهرة عام 1930، وحصل على ليسانس الفلسفة، وكان قد أعد رسالة ماجستير عن الجمال في الفلسفة الإسلامية، لكنه انصرف إلى الأدب والترجمة، فترجم عام 1932 كتاب «مصر القديمة» للإنجليزي جيمس بيكي، وفي العام نفسه نشر أول قصة قصيرة له بعنوان «فترة من الشباب»، وبعد سنوات أصدر روايته الأولى «عبث الأقدار» عام 1939، ثم واصل مشروعه في كتابة روايات تاريخية مثل «رادوبيس» و«كفاح طيبة»، غير أن اهتمامه سرعان ما انصب على تصوير الحارة المصرية وحياة الناس البسطاء، لتظهر أعماله الكبرى مثل «الثلاثية»، «أولاد حارتنا»، و«الحرافيش».

بداية نجيب محفوظ مع الأدب

بدأ محفوظ رحلته الأدبية من بوابة القصة القصيرة، حيث نشر أولى قصصه في مجلة الرسالة عام 1936، وفي عام 1939 صدرت روايته الأولى عبث الأقدار، تلتها كفاح طيبة ورادوبيس، وهي ثلاثية تاريخية فرعونية عكست رؤيته المبكرة للتاريخ.

نقطة التحول في حياة نجيب محفوظ

لكن التحول الأهم في مسيرته جاء عام 1945 مع روايات القاهرة الجديدة وخان الخليلي وزقاق المدق، حيث اتجه إلى الواقعية الاجتماعية التي صارت علامة مميزة في أدبه، ثم انتقل إلى مرحلة الرمزية والتأمل الفلسفي في أعمال مثل الشحاذ، الباقي من الزمن ساعة، وأشهرها أولاد حارتنا، التي أثارت جدلًا واسعًا وأدت إلى منعها فترة طويلة، كما كانت سببًا في محاولة اغتياله.

على امتداد مسيرته، تحولت القاهرة في أدب محفوظ من مجرد مكان إلى بطلٍ رئيسي، حاضرٍ في تفاصيل شخوصه وأحداثه، فصارت رواياته تأريخًا روائيًا للحياة المصرية الحديثة، من الفرعونية والتاريخية إلى الاجتماعية والفلسفية، ولذا اعتبره النقاد فيلسوفًا خسرته الفلسفة، لكن كسبته الرواية العربية.

جوائز نجيب محفوظ

نال محفوظ منذ بداياته عددًا كبيرًا من الجوائز، منها: جائزة قوت القلوب الدمرداشية عن «رادوبيس» (1942)، جائزة وزارة المعارف عن «كفاح طيبة» (1944)، جائزة مجمع اللغة العربية (1946)، جائزة الدولة في الآداب عن «بين القصرين» (1957)، وسام الاستحقاق (1963)، جائزة الدولة التقديرية في الآداب (1968)، وسام الجمهورية (1972)، فضلًا عن تكريمات محلية ودولية ودكتوراه فخرية من جامعة القاهرة والجامعة الأمريكية، وجائزة كفافيس (2004)، وقد تُوجت مسيرته بالحصول على جائزة نوبل في الأدب يوم 13 أكتوبر 1988.

وفاة نجيب محفوظ

تُوفي نجيب محفوظ في 29 أغسطس 2006 عن عمر ناهز 95 عامًا، إثر قرحة نازفة، وذلك بعد عشرين يوماً من دخوله مستشفى الشرطة في حي العجوزة بمحافظة الجيزة لإصابته بمشكلات صحية في الرئة والكليتين، وكان قبلها قد دخل المستشفى في يوليو من العام ذاته لإصابته بجرح غائر في الرأس إثر سقوطه في الشارع.

اقرأ أيضاًذكرى رحيل أيقونة الأدب العربي.. نجيب محفوظ الحاضر في وجدان الأجيال

الأحد.. متحف نجيب محفوظ يستضيف الروائية ريم بسيوني لمناقشة «رائحة البحر»

جريدة القاهرة تحتفي بالمسيرة الأدبية لنجيب محفوظ

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: نجيب محفوظ وفاة نجيب محفوظ ذكرى وفاة نجيب محفوظ حياة نجيب محفوظ جوائز نجيب محفوظ نجیب محفوظ

إقرأ أيضاً:

3 علماء يحصلون على جوائز نوبل في الطب

فاز العلماء ماري برونكو وفريد رامسديل وشمعون ساكاجوتشي، بجائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء أو الطب لعام 2025، عن "اكتشافاتهم المتعلقة بالتحمل المناعي المحيطي"، حسبما أعلنت الهيئة المانحة للجائزة اليوم الاثنين.

ويتم اختيار الفائزين في مجال الطب ، من قبل جمعية نوبل في جامعة كارولينسكا الطبية السويدية، ويحصلون على مبلغ جائزة قدره 11 مليون كرونة سويدية (1.2 مليون دولار)، بالإضافة إلى ميدالية ذهبية يقدمها ملك السويد.

انقسامات داخل الفصائل الفلسطينية تُهدد فرص تطبيق خطة ترامب لإنهاء الحرب في غزةصحف عبرية: السخرية من إسرائيل تتصدر المشهد لاستضافة وفدنا بالقاهرة تزامنا مع احتفالات أكتوبروزير الخارجية يلتقي المندوب الدائم لدولة الإمارات لدى اليونسكومسؤول فلسطيني يكشف أن حماس تتمسك بالإفراج عن 6 من كبار الأسرىإسرائيل تعيد 28 إسبانيا محتجزين من أسطول الصمود

وقالت الهيئة المانحة للجائزة في بيان: "لقد أرست اكتشافاتهم الأساس لمجال بحثي جديد وحفزت تطوير علاجات جديدة، على سبيل المثال للسرطان وأمراض المناعة الذاتية".

تأسست جوائز نوبل من خلال وصية ألفريد نوبل، المخترع السويدي للديناميت ورجل الأعمال الثري. وقد مُنحت منذ عام 1901 للمساهمات البارزة في العلوم والأدب والسلام، مع انقطاعات بشكل رئيسي خلال الحربين العالميتين.

أُضيفت جائزة الاقتصاد لاحقًا، ويُموّلها البنك المركزي السويدي (ريكسبانك).

ويتم اختيار الفائزين من قِبل لجان خبراء من مؤسسات مختلفة. تُمنح جميع الجوائز في ستوكهولم، باستثناء جائزة السلام، التي تُقدّم في أوسلو - وهو إرثٌ مُحتملٌ للاتحاد السياسي بين السويد والنرويج خلال حياة نوبل. 

من بين الحائزين السابقين على جائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء أو الطب علماءٌ مشهورون مثل ألكسندر فليمنج، الذي تقاسم جائزة عام ١٩٤٥ لاكتشافه البنسلين. في السنوات الأخيرة، كرّمت الجائزة الإنجازات الكبرى، بما في ذلك تلك التي مكّنت من تطوير لقاحات كوفيد-١٩.

طباعة شارك الطب ٣ علماء نوبل للطب جائزة نوبل

مقالات مشابهة

  • خبراء يستبعدون نيل ترامب نوبل السلام
  • بريطاني وفرنسي وأميركي يحصلون على جائزة نوبل للفيزياء
  • منح جائزة نوبل في الفيزياء لثلاثة علماء
  • إنجاز في الحوسبة الكمية.. 3 علماء يتقاسمون جائزة نوبل للفيزياء
  • يوسف القعيد: نجيب محفوظ رفض الذهاب لمكتبي أثناء زيارة أحد أقاربه بالمستشفى
  • ثلاثة علماء يفوزون بـ«نوبل الطب 2025»
  • تقارير سرية لـ50 عاما ومكافأة مجزية.. تفاصيل كثيرة تحيط بجائزة نوبل
  • 3 علماء يحصلون على جوائز نوبل في الطب
  • وفاة الكاتبة الشهيرة جيلّي كوبر عن 88 عاماً.. أيقونة الأدب البريطاني المعاصر
  • رحيل العم علي السيابي.. ذاكرة الحارة ووجهها الطيب