يحل اليوم ذكرى رحيل الأديب العالمي نجيب محفوظ الذي غاب عن عالمنا في 30 أغسطس 2006، تاركًا وراءه إرثًا أدبيًا خالدًا رفع الرواية العربية إلى مكانة عالمية مرموقة. فقد أصبح محفوظ أول أديب عربي وحيد حتى اليوم ينال جائزة نوبل في الآداب عام 1988، وهو التكريم الأكبر الذي وُجه للأدب العربي على الإطلاق، مما جعله رمزًا عالميًا واسمًا لا يُنسى في سجل الأدب الإنساني.

تطوير حديقة الأزبكية.. إحياء التراث وإعادة الحياة لقلب القاهرةموعد افتتاح معرض أهلاً مدارس في الجيزةالنشأة

وُلد نجيب محفوظ عبد العزيز إبراهيم أحمد الباشا في 11 ديسمبر 1911 بحي الجمالية في القاهرة لأسرة متوسطة الحال؛ كان والده موظفًا حكوميًا بينما والدته ربة منزل. نشأ محفوظ في أجواء شعبية أثّرت لاحقًا في ملامح أدبه وأبطاله. التحق بكلية الآداب قسم الفلسفة بجامعة القاهرة، وكان على وشك الحصول على الماجستير في الفلسفة الإسلامية، إلا أنه آثر التفرغ للأدب والكتابة، فحوّل الفلسفة إلى رواية حية تنبض بالحياة والشخصيات.

البدايات الأدبية

بدأت مسيرته الأدبية بكتابة القصة القصيرة، حيث نشر أولى قصصه في مجلة الرسالة عام 1936. ثم أصدر روايته الأولى عبث الأقدار عام 1939، تلتها كفاح طيبة ورادوبيس، وهي ثلاثية فرعونية تاريخية جسدت اهتمامه المبكر بالحضارة المصرية القديمة.

الواقعية الاجتماعية

كان عام 1945 نقطة تحول كبرى في مسيرته، إذ اتجه نحو الواقعية الاجتماعية من خلال روايات مثل القاهرة الجديدة، وخان الخليلي، وزقاق المدق. في هذه المرحلة نقل محفوظ نبض الشارع المصري وتفاصيل الطبقات الاجتماعية المختلفة، فكان صوته معبرًا عن آلام الناس وأحلامهم.

الرمزية والفلسفة

لاحقًا اتجه محفوظ إلى الرمزية والتأملات الفلسفية العميقة، فكتب الشحاذ، والباقي من الزمن ساعة، وأشهرها أولاد حارتنا التي أثارت جدلاً واسعًا لما حملته من رموز ودلالات عميقة، حتى مُنعت لفترة طويلة، وكانت سببًا في محاولة اغتياله أواخر التسعينيات.

القاهرة في أعماله

لم تكن القاهرة مجرد مسرح للأحداث في رواياته، بل كانت شخصية رئيسية تنبض بالحياة، من حواري الجمالية وخان الخليلي إلى أحياء الطبقة الوسطى. ولهذا اعتبره النقاد "فيلسوفًا خسرته الفلسفة وكسبته الرواية"، إذ دوّن الحياة المصرية في القرن العشرين بلغة أدبية فريدة.

الجوائز والإرث

حصل محفوظ على جوائز عديدة أبرزها جائزة نوبل للآداب عام 1988، كما تُرجمت أعماله إلى عشرات اللغات ودرست في جامعات العالم، ليبقى حاضرًا كأحد أعمدة الأدب الإنساني، ورائد الرواية العربية الحديثة الذي ألهم أجيالًا من الكُتاب والقراء.

طباعة شارك نجيب محفوظ رحيل نجيب محفوظ ذكرى رحيل نجيب محفوظ أديب نوبل نجيب محفوظ أديب نوبل

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: نجيب محفوظ رحيل نجيب محفوظ ذكرى رحيل نجيب محفوظ أديب نوبل نجيب محفوظ أديب نوبل نجیب محفوظ

إقرأ أيضاً:

رحيل محمد هاشم.. صوت النشر الحر صنع أجيالا وأضاء قلب القاهرة الثقافي

فقدت الساحة الثقافية المصرية اليوم واحدًا من أبرز رموزها وأكثرهم تأثيرًا خلال العقود الثلاثة الأخيرة، برحيل الناشر محمد هاشم، مؤسس دار ميريت وأحد أعمدة حركة النشر المستقل في مصر، ومع إعلان الخبر، عمّت موجة واسعة من الحزن بين الكتّاب والقراء والنشطاء الثقافيين، ممن عرفوا دوره الريادي وشهدوا أثره العميق في تشكيل مشهد أدبي أكثر حرية وجرأة.

أعلن الدكتور أحمد مجاهد، المدير التنفيذي لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، خبر الوفاة عبر صفحته على “فيسبوك”، ناعيًا هاشم بكلمات مؤثرة قال فيها: “لا حول ولا قوة إلا بالله، وداعًا للصديق محمد هاشم أحد العلامات البارزة في مسيرة الثقافة والسياسة بمصر”، مضيفًا أنه نشر بالأمس فقط منشورًا يشكو فيه من إصابته بالإنفلونزا التي منعته من حضور خطوبة ابنته.

الخبر وقع كالصاعقة على الوسط الثقافي، فمحمد هاشم لم يكن مجرد ناشر، بل كان شخصية محورية ساهمت في صياغة موجة جديدة من الكتابة المصرية والعربية منذ أواخر التسعينيات.

وُلد محمد هاشم عام 1958 بمدينة طنطا، وبدأ مسيرته المهنية صحفيًا وكاتبًا، جذبته الكتابة منذ سنواته الأولى، لكنه وجد نفسه لاحقًا في موقع أكثر تأثيرًا: موقع الناشر الذي يفتح الباب للأصوات الجديدة ويمنح المساحة للنصوص الخارجة عن المألوف.

في عام 1998، أسس هاشم دار ميريت في وسط القاهرة، في زمن لم تكن فيه حركة النشر المستقل قد نشأت بعد. جاءت ميريت كحلمٍ متمرد، صغير في حجمه، كبير في أثره. 
وقد أسسها هاشم بفلسفة واضحة: النشر يجب أن يكون حرًا، محرّرًا من الرقابة والخوف، ومفتوحًا للكتابة التي تُقلق السائد.

ومع السنوات، تحولت ميريت إلى منصة للأصوات الشابة التي كانت تبحث عن مساحة للتعبير، وقدمت كتّابًا صاروا لاحقًا من أبرز أسماء الأدب المصري المعاصر.

تميّز مشروع هاشم بأنه لم يكن تجاريًا بقدر ما كان ثقافيًا مقاومًا، ودار ميريت لم تكن مجرد دار نشر، بل بيتًا مفتوحًا للكتّاب والفنانين. مقرها في وسط البلد أصبح ملتقى أدبيًا يوميًا، تلتقي فيه الأجيال وتتقاطع فيه التيارات الفكرية، وتُصنع فيه – على طاولة صغيرة – التحولات الكبرى في الكتابة الجديدة.

احتضنت الدار نصوصًا جريئة، اجتماعية وسياسية وفنية، ونشرت أعمالًا أثارت نقاشات واسعة، ورفضت الاستسلام للرقابة، وقدّم هاشم عشرات الكتب التي خرجت من النطاق المحلي إلى الشهرة العربية، وكانت سببًا في إطلاق موجة من الأدب المعاصر المتحرر من القوالب التقليدية.

وبفضل روحه الداعمة، تحولت ميريت إلى مدرسة: مدرسة في الحرية، وفي احترام الكاتب، وفي الإيمان بأن الكلمة الصادقة قادرة على تغيير الوعي.

على المستوى الإنساني، كان محمد هاشم شخصية محبوبة، بسيطة، صريحة، لا يخشى قول رأيه، ولا يتردد في دعم موهبة يراها تستحق. كثير من الكتّاب يعتبرون أن بداياتهم الحقيقية كانت على يديه، وأنه كان “اليد الخفية” التي دفعتهم نحو الجرأة والثقة.

لم يسعَ يومًا إلى الأضواء، ولم يتعامل مع الكتابة كسلعة، بل كرسالة. وقد عرف عنه انحيازه الدائم للحريات، ومواقفه السياسية الواضحة دفاعًا عن العدالة وحقوق الإنسان.

برحيل محمد هاشم، تفقد الثقافة المصرية أحد أهم حراس الكلمة الحرة، وواحدًا من أكثر الفاعلين الذين أثّروا في شكل الكتابة ونقلوها إلى آفاق جديدة، لقد بنى ميراثًا ثقافيًا سيظل حاضرًا في الكتب التي نشرها، والكتّاب الذين آمن بهم، والجيل الذي فتح أمامه أبواب النشر الحرّ.

ستظل «ميريت» شاهدة على بصمته، ليس فقط كدار نشر، بل كفكرة… وموقف… ورجل أحب الثقافة بصدق، ودفع ثمن هذا الحب من عمره وصحته وراحته، اليوم يرحل محمد هاشم، لكن أثره باقٍ، صامتًا أحيانًا، مرتفعًا أحيانًا أخرى.. تمامًا كما أحب أن يكون.

طباعة شارك الساحة الثقافية الناشر محمد هاشم مؤسس دار ميريت أعمدة حركة النشر مشهد أدبي

مقالات مشابهة

  • في ذكرى ميلاده.. أعمال درامية استلهمت أحداثها من روايات نجيب محفوظ
  • رحيل محمد هاشم.. صوت النشر الحر صنع أجيالا وأضاء قلب القاهرة الثقافي
  • "دروب مصر ".. مبادرة جديدة لإعادة قراءة الجمالية في ذكرى ميلاد نجيب محفوظ
  • دروب مصر.. مبادرة جديدة لإعادة قراءة الجمالية في ذكرى ميلاد نجيب محفوظ
  • في ذكرى ميلاده.. «نجيب محفوظ» رجل صاغ القاهرة من طين الحكايات وصنع للروح العربية مرآتها الحقيقية
  • غدًا.. ورشة «دروب مصر» بمتحف نجيب محفوظ بمناسبة الذكرى الـ 114 لميلاده
  • من شوارع القاهرة إلى جائزة نوبل.. كيف صنع نجيب محفوظ مجده؟
  • بمناسبة ذكرى ميلاد محفوظ.. انطلاق ورشة "دروب مصر"
  • يوسف القعيد: نجيب محفوظ كان منظمًا بشكل صارم وصاحب رسالة وتفانٍ في إيصالها
  • ذكرى رحيل محمود أبو زيد .. مبدع النصوص الإنسانية وعرّاب الشخصيات المُركّبة