كعادته فاجأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العالم كله بمنع الوفد الرسمي الفلسطيني من دخول بلاده والمشاركة في الاجتماعات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة، وبينما كان العرب، وكل العالم الحر ينتظر أن يرى ملاحم اعترافات دول العالم بالدولة الفلسطينية كى تكون صفعة على وجه الغرور والغطرسة الصهيونية يحاول ترامب أن يلغى إرادة كل هذه الدول ويدوس عليها بحذاء الغطرسة والقوة ويحرم شعبًا عظيمًا من حقه في الحرية والاستقلال وأن تكون له دولة مثل كل شعوب العالم.

ففي يوم الجمعة الماضي الموافق 29 أغسطس الماضي 2025 أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أن الوزير ماركو روبيو بصفته مسؤولاً تنفيذياً في الإدارة أمر بسحب أو رفض إصدار تأشيرات لعدد من كبار مسؤولي منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية لمنعهم من التوجه إلى نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر، بما في ذلك اجتماعات رفيعة المستوى المصاحبة التي تسبق افتتاح أعمال الجمعية العامة في 23 سبتمبر 2025. حيث تضمن القرار منع دخول الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن و 80 دبلوماسيًّا فلسطينيًا من دخول أمريكا.

وبرّرت القرار بزعم انتهاكات متعلقة بدعم الإرهاب والدبلوماسية الأحادية والضغط من أجل اعترافات دولية أحادية بالدولة الفلسطينية، وزعمت الخارجية الأمريكية أن القرار يتعلق بمصالح الأمن القومي ومحاسبة السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير على عدم الوفاء بالتزاماتهما وتقويض آفاق السلام.

واتهمت الولايات المتحدة الأمريكية الفلسطينيين بشن حرب قانونية عن طرق اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية لمقاضاة إسرائيل واعتبرت ذلك تقويضًا لما أسمتها بالعملية السلمية، ومن جهته رحب وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر بالقرار ووصفه بأنه مبادرة شجاعة لمحاسبة الفلسطينيين على تحريض الكراهية ومكافأة الإرهاب.

بينما وصف الفلسطينيون والإعلام الدولي القرار باعتباره انتهاكًا للقانون الدولي ولاتفاقية دولة المقر التي تلزم الولايات المتحدة الأمريكية بمنح تأشيرات الوفد الفلسطيني حتى ولو كانت على خلاف سياسي مع الدولة العضو.

كما وصف القرار بأنه طغيان وتجبر كونى جديد تمارسه إدارة ترامب ضد الدولة الفلسطينية وفى مواجهة كل دول العالم التي قررت الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الثالث والعشرين من سبتمبر المقبل، ويعتبر القرار جزءًا من سياسة إدارة ترامب المتوافقة مع الموقف الإسرائيلي الرافض لأى اعتراف لحقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة.

رفض دولى

وسائل إعلام عالمية وخبراء متخصصون وصفوا القرار بأنه غير مسبوق من حيث حجمه بسحب ورفض تأشيرات لوفد من دولة أو سلطة تحضر اجتماعاً دولياً وأشارت إلى ما حدث عام 1988 عندما منعت الإدارة الأمريكية الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات من دخول نيويورك فحينها انعقدت قمة بديلة في جنيف بسويسرا حيث حظى الرئيس الفلسطيني في حينها بترحيب حار جدًّا من الدول الأعضاء بالأمم المتحدة مما اعتبر صفعة على وجه الإدارة الأمريكية.

اتفاقية المقر

ويرى الخبراء أن القرار يتعارض مع اتفاقية المقر التي وقعتها الولايات المتحدة الأمريكية مع منظمة الأمم المتحدة عام 1947 والتزامات الولايات المتحدة كدولة مضيفة، والتى تقيد قدرة الدولة المضيفة على منع وصول الممثلين إلى مقر المنظمة، وتهدف إلى تيسير عمل الوفود الدولية داخل الولايات المتحدة الوثيقة تمنح للأمم المتحدة حقوقًا خاصة لتأمين حرية الحركة وقيام الاجتماعات.

وتزعم الولايات المتحدة الأمريكية بأنها لا تعيق حضور بعثة فلسطين الدائمة لدى الأمم المتحدة بل تستهدف أفراداً لا يحملون بالضرورة صفة دبلوماسية دائمة أو الذين ليست تأشيراتهم ذات صبغة خاصة بالأمم المتحدة وهذا التبرير تسعى به واشنطن لتفادي الوقوع في انتهاك صريح لنص الاتفاقية..

وهذا القرار يفتح نزاعاً سياسياً، وقانونياً قد يعرّض واشنطن لانتقادات وربما شكاوى سياسية أمام الجمعية العامة أو مجلس حقوق الإنسان على جهود الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية.

المحاولة الأمريكية قد تُبطئ، أو تُعرقل حضور القيادة الفلسطينية في نيويورك، لكن لا تمنع احتمال حصول اعترافات أحادية من دول أوروبية (مثل فرنسا والمملكة المتحدة وأستراليا وكندا التي أعلنت صراحة أنها ستعترف بالدولة الفلسطينية وربما تولّد سياسة واشنطن تصعيدًا دوليًا ينعكس بدعم أكثر للفلسطينيين من عواصم أخرى

وقد تتعرّض واشنطن لانتقادات رسمية من أمين عام الأمم المتحدة والدول الأعضاء، وربما لخطابات تنديد وطلبات تفسيرات رسمية وهو ما يفتح نقاشًا حول مدى قدرة دولة مضيفة على استخدام قوانين التأشيرات لأهداف سياسية ضيقة والإضرار بعمل المنظمة.

وفي هذا الاتجاه يرى محللون قانونيون أمميون أن المسألة ليست فقط قانون تأشيرات بل مسألة احترام مبدأ الحياد والالتزام بتسهيل عمل الأمم المتحدة، وإن التمييز بين البعثة الدائمة وبين أعضاء الوفود هو تصرف يعرّض سمعة الولايات المتحدة كدولة مضيفة للخطر.

سيناريوهات محتملة

1- قد تسمح الولايات المتحدة الأمريكية بدخول عدد محدود من المسؤولين أو أن تسمح بإذاعة خطاباً مسجلاً للرئيس الفلسطيني أو بمشاركة افتراضية له مع أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة لتفادي أزمة دبلوماسية كبيرة.

2- ربما تشهد أروقة الأمم المتحدة في الثالث والعشرين من سبتمبر تصعيدًا أمميًا ضد أمريكا باعتبارها دولة معتدية على المنظمة الدولية، وتستخدم مقر المنظمة في تنفيذ سياساتها ومعاقبة مخالفيها.

3- حرمان القيادة الفلسطينية من المشاركة العملية قد يُبعدها عن طاولة صناعة الحلول، ما قد يطيل أمد الأزمة في غزة، والضفة ويمكن إسرائيل من تنفيذ سياسة الأمر الواقع بضم الأراضي الفلسطينية، وجعل إقامة الدولة الفلسطينية أمرًا مستحيلاً.

وهكذا تبدو إدارة ترامب أكثر تطرفًا من الموقف الإسرائيلي، وهى تدعم الرؤية التوراتية داخل الدولة الصهيونية التى لا تعترف بأى حق للشعب الفلسطيني في إقامة دولته، أو حماية المدنيين والتمتع بحق الحياة بها بل والمطالبة بطردهم إلى خارج أوطانهم في إطار سياسة التفرقة العنصرية والإبادة الجماعية والتهجير التى تنفذها حكومة مجرم الحرب بنيامين نتنياهو برعاية، ودعم شامل من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

اقرأ أيضاًمصر ترحب بإعلان رئيس الوزراء الأسترالي اعتزام بلاده الاعتراف بالدولة الفلسطينية

فصول من كتاب «نتنياهو وحلم إسرائيل الكبرى».. «11» الطـــريق للســـيطرة عـلى المـياه بالمنطـقة

الأردن يدين اقتحام نتنياهو للضفة الغربية ويؤكد دعم الدولة الفلسطينية المستقلة

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الدولة الفلسطينية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حلم الدولة الفلسطينية الولایات المتحدة الأمریکیة بالدولة الفلسطینیة الدولة الفلسطینیة الجمعیة العامة للأمم المتحدة الأمم المتحدة

إقرأ أيضاً:

الولايات المتحدة تستعد لإطلاق عمليات عسكرية جديدة ضد فنزويلا

واشنطن- الوكالات

تستعد الولايات المتحدة لإطلاق عمليات عسكرية جديدة ضد فنزويلا، وذلك بالتزامن مع نشر الجيش الأميركي مزيدا من القوات في البحر الكاريبي.

ونقلت وكالة رويترز، عن مسؤولين أميركيين قولهم، إن الولايات المتحدة تستعد لإطلاق مرحلة جديدة من العمليات المتعلقة بفنزويلا في الأيام المقبلة، في الوقت الذي تصعّد فيه الإدارة الأميركية من ضغوطها على حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو.

وانتشرت تقارير عن تحرك يلوح في الأفق في الأسابيع القليلة الماضية مع نشر الجيش الأميركي قوات في منطقة البحر الكاريبي وسط تدهور العلاقات مع فنزويلا.

وقال اثنان من المسؤولين الأميركيين إن هذه العمليات ستكون على الأرجح الجزء الأول من تحرك جديد يستهدف مادورو.

ولم يستبعد مسؤول كبير في الإدارة الأميركية، السبت، أي شيء فيما يتعلق بفنزويلا، مضيفا: "الرئيس ترامب (الرئيس الأميركي دونالد ترامب) مستعد لاستخدام كل عنصر من عناصر القوة الأميركية لوقف تدفق المخدرات إلى بلادنا وتقديم المسؤولين عنه إلى العدالة".

كانت إدارة ترامب تدرس الخيارات المتعلقة بفنزويلا لمكافحة ما وصفته بدور مادورو في توريد المخدرات غير المشروعة التي أودت بحياة أميركيين، ونفى الرئيس الفنزويلي أي صلة له بتجارة المخدرات.

وقال مسؤولان أميركيان لرويترز، إن الخيارات قيد الدراسة تشمل محاولة الإطاحة بمادورو.

ويجري حشد عسكري في منطقة البحر الكاريبي منذ شهور، ووافق ترامب على تنفيذ وكالة المخابرات المركزية الأميركية عمليات سرية في فنزويلا.

وحذّرت إدارة الطيران الاتحادية الأميركية أمس الجمعة شركات الطيران الكبرى من "وضع خطير محتمل" عند التحليق فوق فنزويلا، وحثتها على توخي الحذر.

وأقر مسؤولان أميركيان بوجود محادثات بين كراكاس وواشنطن، ولم يتضح ما إذا كانت تلك المحادثات يمكن أن تؤثر على توقيت أو حجم العمليات المحتملة.

ووصلت أكبر حاملة طائرات تابعة للبحرية الأميركية، وهي حاملة الطائرات جيرالد آر. فورد، إلى منطقة البحر الكاريبي في 16 نوفمبر مع مجموعتها القتالية، لتنضم إلى سبع سفن حربية أخرى على الأقل وغواصة نووية وطائرات إف-35.

مقالات مشابهة

  • الولايات المتحدة تستعد لإطلاق عمليات عسكرية جديدة ضد فنزويلا
  • السعودية استفادت أكثر من الولايات المتحدة خلال زيارة بن سلمان
  • الولايات المتحدة والإمارات تبحثان وقف إطلاق نار إنساني في السودان
  • جنوب أفريقيا: الولايات المتحدة تعيد النظر في مقاطعة قمة العشرين
  • الأمم المتحدة تعتمد قراراً بشأن حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير
  • الاحتلال يتوقع من الولايات المتحدة الحفاظ على تفوقه العسكري بالشرق الأوسط
  • الرئيس السيسي: نتطلع لاعتراف المزيد من الدول بالدولة الفلسطينية
  • مصر ترحب باعتماد الأمم المتحدة قرار حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير
  • إثر مغادرته واشنطن.. ولي العهد يبعث برقية شكر لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية
  • ولي العهد يبعث برقية شكر لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية إثر مغادرته واشنطن