الجزيرة:
2025-10-08@02:25:26 GMT

خطة أفغانستان الخمسية.. وعود التنمية في واقع صعب

تاريخ النشر: 3rd, September 2025 GMT

خطة أفغانستان الخمسية.. وعود التنمية في واقع صعب

كابل- اعتمدت حكومة أفغانستان خطة تنموية لـ5 سنوات تحت اسم "إستراتيجية التنمية" واصفة إياها بأنها وثيقة شاملة لتحقيق الأهداف الإستراتيجية الكبرى للبلاد، غير أن خبراء ومحللين أفغانا يرون أن الخطة -رغم شموليتها الرسمية- تفتقر إلى المقومات الأساسية للتنفيذ، وقد تحمل طابعا سياسيا أكثر من كونها مشروعًا عمليًا يستجيب للاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية العاجلة للشعب الأفغاني.

الرؤية الرسمية

في 26 أغسطس/آب الماضي أعلن المتحدث باسم الحكومة الأفغانية -مولوي ذبيح الله مجاهد- خلال مؤتمر صحفي في مركز الإعلام الحكومي، أن قيادة طالبان صادقت على الوثيقة، معتبرًا إياها إستراتيجية شاملة وموحدة وطويلة المدى تمتد 5 سنوات.

وأوضح مجاهد أن الخطة وُضعت بالاعتماد على القدرات والموارد الداخلية، وتهدف إلى توحيد جميع المؤسسات الحكومية ضمن مسار واحد لإدارة التنمية بشكل فعال.

وتقوم الخطة على 3 أركان رئيسية:

الحكم الرشيد والعلاقات الدولية. الأمن والنظام العام. الاقتصاد والتنمية الاجتماعية.

وتشمل 10 قطاعات رئيسية، من بينها الاقتصاد والزراعة، والموارد الطبيعية والطاقة، والنقل والاتصالات، والتعليم والصحة وحماية البيئة، إضافة إلى 15 برنامجًا أولويًا تغطي جوانب الحكم والأمن والاقتصاد والتنمية الاجتماعية والاستثمار في الموارد المحلية.

وأكد مجاهد أن الوثيقة تحدد رؤية التنمية في البلاد، وتوفر إطارا موحدا لتنسيق عمل الوزارات والإدارات التابعة لطالبان، وتحقيق الاستخدام الفعال للموارد، وتحسين إدارة المشاريع الاقتصادية والاجتماعية.

مسؤولون وخبراء أفغان خلال المؤتمر الصحفي لإطلاق الخطة الخمسية، حيث حضر عدد من ممثلي الوزارات والمنظمات الدولية (الجزيرة)

وقد شملت الخطة قطاعات متعددة مثل التعليم والصحة والتنمية الاجتماعية، ولاحظ مراقبون أن الوثيقة الرسمية لم تتطرق بشكل صريح إلى قضايا أخرى مثل تعليم الفتيات وحق النساء في العمل.

إعلان

وفي المؤتمر الصحفي، قال مجاهد "إن تعليم الفتيات مسألة ثانوية"، ويرى محللون أن غياب هذه المحاور يمثل ثغرة جوهرية في أي خطة تنموية، خصوصًا أن أكثر من نصف المجتمع -أي النساء- محروم من فرص التعليم والعمل، مشيرين إلى أن استمرار تجاهل هذه الملفات قد يعرقل فرص النمو الاقتصادي والاجتماعي، ويزيد من اعتماد البلاد على المساعدات الخارجية.

عوامل نجاح الخطة

يقول خبراء اقتصاد إن نجاح الخطة مرهون بالقدرة على تحسين إدارة الموارد المالية واستثمار الإمكانات المحلية بفعالية، ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة لخلق فرص عمل مستدامة، وتطوير قطاعات الزراعة والطاقة والبنية التحتية لضمان نمو اقتصادي طويل الأمد، وتحقيق الأمن الغذائي عبر تحسين الإنتاج الزراعي وتوزيع الموارد بشكل عادل.

في هذا السياق، يقول الخبير الاقتصادي بشير دوديال للجزيرة نت "من دون وضع سياسات واضحة لدعم التجارة والاستثمار وتشجيع مشاركة المرأة في سوق العمل، ستظل إمكانات النمو الاقتصادي محدودة، الحكومة بحاجة إلى خطط عملية ترتكز على استخدام الموارد المحلية بكفاءة وتحفيز الابتكار في القطاعات الإنتاجية".

ويُحذّر محللون من أن غياب هذه الخطط الواضحة، إضافة إلى قيود على عمل النساء، قد يحد من قدرة الاقتصاد على النمو ويؤدي إلى استمرار اعتماد أفغانستان على المساعدات الخارجية.

ويرى مراقبون أن نجاح الخطة مرهون بإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية شاملة، تشمل إشراك جميع فئات المجتمع، بما فيها النساء والفتيات في التعليم والعمل، فضلا عن تحسين العلاقات مع المجتمع الدولي لاستقطاب الاستثمارات والمساعدات التنموية.

تحديات أكبر

من جانب آخر، يرى محللون أن الواقع على الأرض يعكس تحديات أكبر كما أن الخطة تفتقر إلى آليات تنفيذ واقعية، خاصة في ظل غياب دستور واضح وشفافية في إدارة الموارد المالية، وأن التركيز على العناوين الكبرى من دون حلول عاجلة لمشكلات البطالة والفقر وانعدام الأمن الغذائي، الأمر الذي يجعل من الخطة مشروعًا سياسيًا أكثر من كونه برنامجًا عمليًا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.

ويقول المحلل السياسي عزيز معارج للجزيرة نت "إن الحكومة تجاهلت مشكلات الناس اليومية، مثل خلق فرص عمل أو إعادة دمج العائدين من إيران وباكستان، وركزت على أهداف بعيدة المدى غير مدعومة بإمكانات عملية واضحة، طالبان تريد فقط طمأنة الناس بأنها ستظل في السلطة خلال السنوات الخمس القادمة، في حين أن الاحتياجات الملحة للشعب تتعلق بخلق فرص عمل، ومعالجة الفقر، والتصدي للجوع، وتأمين سكن العائدين".

ويقول الأكاديمي غوث جانباز للجزيرة نت "الحكومة لا تعير أي اهتمام لإنشاء آليات الحكم المعتادة مثل الدستور، أو تشكيل حكومة ذات كفاءة ومشروعية وطنية، بل تركز فقط على تعزيز سلطتها، عندما نواجه غياب العناصر الأساسية للحكم، مثل الشرعية والدستور وعدم وجود نظام واضح لإدارة الموارد والقدرات الفنية على مستوى البلاد، فمن أي تنمية يمكننا الحديث؟ معظم هذه التصريحات دعائية فقط".

نساء يتجولن في المعالم المزارات التاريخية في كابل (الجزيرة)

وأشار خبراء آخرون إلى أن إعادة المساعدات التنموية والاستثمارات الدولية إلى أفغانستان ستكون ممكنة فقط عندما تقوم طالبان بالإصلاحات المطلوبة من المجتمع الدولي، بما في ذلك إعادة فتح المدارس للفتيات والالتزام بالشروط التي حددتها قرارات مجلس الأمن الدولي.

التفاعل الدولي

قبل يومين من المؤتمر الصحفي، طلب وزير الاقتصاد الأفغاني، دين محمد حنيف من رؤساء بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان (يوناما) ومنظمات الإغاثة الدولية، التركيز بالتوازي على المشاريع التنموية إلى جانب المساعدات الإنسانية، بهدف خلق فرص عمل ودعم الاقتصاد الأسري.

إعلان

وتعكس هذه المبادرة الرسمية رغبة الحكومة في إبراز بعض التعاون مع المجتمع الدولي، رغم الانتقادات المتعلقة بالشفافية والآليات التنفيذية للخطة الخمسية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات فرص عمل

إقرأ أيضاً:

ما موقف دول جوار أفغانستان من عودة واشنطن إلى باغرام؟

كابل- أثارت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن رغبة بلاده في استعادة قاعدة باغرام الجوية شمال العاصمة كابل، ردود فعل قوية من 4 دول مجاورة لأفغانستان هي روسيا والصين وباكستان وإيران، التي أجمعت على رفض أي وجود عسكري أميركي جديد في المنطقة، محذرة من "تهديدات للأمن والاستقرار الإقليمي".

وجاء هذا الموقف في بيان مشترك صدر عقب اجتماع وزراء خارجية هذه الدول في موسكو أواخر سبتمبر/أيلول الماضي، مؤكدين ضرورة احترام سيادة أفغانستان و"رفض إقامة أي قواعد أجنبية داخلها أو حولها".

وقال المتحدث باسم الحكومة الأفغانية ذبيح الله مجاهد للجزيرة نت إن الحكومة "ترفض مطلب ترامب بشأن عودة قواته إلى القاعدة، والشعب الأفغاني لن يقبل تسليم أراضيه لأي جهة مهما كانت، وقد أجرينا مفاوضات بشأن فتح السفارات في كابل وواشنطن".

مخاوف

تُعد قاعدة باغرام، التي كانت القلب العملياتي للوجود الأميركي في أفغانستان بين عامي 2001 و2021، رمزا للحرب الطويلة التي أنهتها واشنطن بانسحابها "الفوضوي" منها في أغسطس/آب 2021.

وتثير العودة المحتملة للولايات المتحدة مخاوف من إحياء المواجهة الجيوسياسية بينها ومنافسيها في آسيا، وترى موسكو أن الوجود العسكري الأميركي في أفغانستان يشكل اختراقا مباشرا لمنطقة نفوذها التقليدي بالمنطقة. وتخشى من أن تتحول القاعدة إلى مركز مراقبة لأنشطتها في جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابقة، مثل طاجيكستان وأوزبكستان، حيث تنتشر قواعد روسية دائمة.

يرى السفير الأفغاني السابق لطيف بهاند أن العودة الأميركية ستُفسَّر في روسيا كتحرك هجومي لا دفاعي، لأنها تمنح واشنطن قدرة مراقبة فورية لعمق آسيا الوسطى، وهو المجال الذي تعتبره موسكو منطقة نفوذها التاريخية.

وأوضح للجزيرة نت أن روسيا لن تسمح بتحول أفغانستان إلى منصة عسكرية جديدة للولايات المتحدة، مشيرا إلى أن الوجود الأميركي هناك قد يشجع دول آسيا الوسطى على إعادة التفكير في شراكاتها الأمنية مع موسكو، وأن أي تمركز أميركي جديد سيقوض جهودها في قيادة "صيغة موسكو" الخاصة بالتسوية الأفغانية، ويعيد واشنطن لاعبا أساسيا في فضاء تعتبره روسيا عمقا إستراتيجيا.

إعلان

ويعتقد مراقبون أفغان أن معارضة موسكو تأتي أيضا من خشيتها أن تُستخدم القاعدة في رصد نشاطها العسكري في أوكرانيا والقوقاز، خاصة مع تزايد التوتر مع حلف شمال الأطلسي (الناتو).

تهديد

أما الصين فتنظر إلى أفغانستان من زاويتين أمنية واقتصادية، وتخشى أن يؤدي الوجود الأميركي إلى تهديد مبادرة "الحزام والطريق" التي تمر عبر باكستان وآسيا الوسطى وتعد أحد أعمدة سياستها الاقتصادية الخارجية. ويقول السفير الأفغاني السابق جاويد أحمد، للجزيرة نت، إن عودة واشنطن إلى قلب المنطقة قد تهدد هذه المبادرة التي تمثل جوهر النفوذ الاقتصادي الصيني.

ويضيف أن بكين تخشى أن تتحول قاعدة باغرام إلى مركز استخباري متقدم لمراقبة أنشطتها في إقليم شنغيانغ وآسيا الوسطى، وربما التأثير على استقرارها الداخلي. ويشير إلى أنها تفضل أن تكون أفغانستان دولة حيادية ومستقرة، لا منصة لأي نفوذ أجنبي، مؤكدا أن الوجود الأميركي يربك التوازن الإقليمي الذي تعمل بكين على تثبيته منذ انسحاب واشنطن.

من جانبها، تجد باكستان نفسها في موقع بالغ الحساسية وتتبنّى موقفا أكثر حذرا، إذ تخشى أن تؤدي أي عودة للقوات الأميركية إلى توتر علاقتها مع حركة طالبان. وترى أن الاستقرار في أفغانستان يجب أن يكون "نتاج حوار داخلي" لا عبر تدخل خارجي، كما أنها باتت أقرب إلى الصين اقتصاديا عبر الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني، مما يجعلها أكثر انسجاما مع موقف بكين الرافض للوجود الأميركي.

Voir cette publication sur Instagram

Une publication partagée par أفغانستان بالعربي (@afghanarabc)

ويقول عضو مجلس الشيوخ الباكستاني السابق أفراسياب ختك إن إسلام آباد تخشى أن تؤدي أي عودة للولايات المتحدة إلى توتر علاقاتها مع طالبان التي تعتبر ذلك انتهاكا لسيادة أفغانستان. ويضيف، للجزيرة نت، أنها لا ترغب في تكرار تجربة ما بعد 2001 حين تحولت إلى ساحة ضغوط سياسية وأمنية بسبب وجود القوات الأميركية في المنطقة.

وبرأيه، تحاول باكستان اليوم الموازنة بين شراكتها القديمة مع واشنطن وتحالفها الاقتصادي العميق مع الصين، مؤكدا أن موقفها الرافض ينطلق من حسابات براغماتية.

أما بالنسبة لإيران، فإن المخاوف أكثر حدة، وهي تعتبر عودة واشنطن إلى كابل تدخلا سافرا في الشأن الأفغاني، ويوضح السفير الأفغاني السابق عبد الغفور ليوال، للجزيرة نت، أن أي تمركز أميركي جديد في باغرام يعني وجودا عسكريا على بُعد أقل من 600 كيلومتر من العمق الإيراني، وهو ما تعتبره طهران تهديدا مباشرا لأمنها القومي.

وترى طهران -وفقا له- في هذه الخطوة عودة إلى سياسة تطويقها من الشرق والغرب، خاصة بعد تكثيف واشنطن وجودها البحري في الخليج ومياه عمان. كما تخشى من أن تستخدم الولايات المتحدة قاعدة باغرام لمراقبة شبكاتها في غرب أفغانستان.

Voir cette publication sur Instagram

Une publication partagée par أفغانستان بالعربي (@afghanarabc)

توجه مشترك

من ناحيته، يعتقد المحلل السياسي نور أحمد شريف، في حديثه للجزيرة نت، أن هذه الدول الأربع تختلف في دوافعها، لكنها تتفق في رفض أي وجود أجنبي جديد، خشية أن يعيد عسكرة المنطقة. ويضيف أن واشنطن تعتبر باغرام قاعدة لوجستية مهمة لمراقبة ما تصفه بالتهديدات الإرهابية، لكن جيران أفغانستان ينظرون إليها كبوابة لتجدد النفوذ الأميركي.

إعلان

ويخلص شريف إلى أن الملف الأفغاني عاد مجددا إلى قلب الصراع بين القوى الكبرى، حيث تختلط الحسابات الأمنية بالاقتصادية في منطقة تتشكل فيها خريطة نفوذ جديدة.

يتفق الخبراء على أن الموقف المشترك لروسيا والصين وإيران وباكستان يعكس توجها نحو تقويض الهيمنة الأميركية وبناء نظام أمني آسيوي مستقل، لكنهم يرون في المقابل أن أفغانستان تبقى ساحة مفتوحة للتجاذب، يصعب أن تنأى بنفسها عن التنافس بين واشنطن وبكين وموسكو.

ويقول وزير الدفاع الأفغاني السابق شاه محمود مياخل للجزيرة نت "كلما حاولت واشنطن العودة إلى كابل، توحدت القوى الإقليمية ضدها، لكنها في الوقت نفسه لا تملك بديلا قادرا على ملء الفراغ الأمني في أفغانستان، وهذا ما يجعل الملف مفتوحا على كل الاحتمالات".

وقد اتخذت أفغانستان والصين وروسيا وإيران وباكستان، انطلاقا من فهمها المشترك للتهديدات التي تُشكلها عودة الولايات المتحدة إلى قاعدة باغرام، موقفا موحدا وحاسما، لأن أي عودة عسكرية أميركية، سواء كانت للقاعدة أو بأي شكل آخر، "ستزيد من تأجيج عدم الاستقرار".

مقالات مشابهة

  • باسم يوسف لا يعجبه واقع صناعة الزخم بشأن فلسطين.. ماذا قال؟
  • الأردن يحقق تقدماً كبيراً في تنفيذ الخطة الوطنية الثانية
  • برلمانية: تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص يفتح آفاقاً جديدة لتنمية الاقتصاد وتقليل الأعباء
  • ورشة حول واقع التصدير الزراعي والسمكي باليمن ضمن مهرجان خيرات اليمن الثاني
  • برلماني: تعزيز دور القطاع الخاص خطوة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة ودفع عجلة الاقتصاد
  • تعرف إلى واقع القطاع الطبي في غزة بعد عامين على حرب الإبادة (خريطة تفاعلية)
  • ما موقف دول جوار أفغانستان من عودة واشنطن إلى باغرام؟
  • بسبب الفساد وسوء التخطيط.. وعود فك الزحامات المرورية تخنق البغداديين تحت الجسور
  • مقررةأممية: إسكات أصوات الصحفيين يزيد من صعوبة إدراك واقع غزة
  • برعاية الشيخة فاطمة.. التنمية الأسرية تنظم الملتقى الثامن لكبار المواطنين