تعرف إلى واقع القطاع الطبي في غزة بعد عامين على حرب الإبادة (خريطة تفاعلية)
تاريخ النشر: 7th, October 2025 GMT
لم تكن المستشفيات في قطاع غزة طوال عامين من حرب الإبادة الإسرائيلية، سوى أهداف عسكرية مباشرة لآلة الحرب المدمرة، إذ قصفت واقتحمت وتحول كثير منها إلى ركام.
فعلى امتداد 24 شهرا، تبدلت صورة المستشفيات من "ملاذ للمرضى والجرحى" إلى ساحات قصف وحصار، لتنهار المنظومة الصحية تحت وطأة آلاف الجرحى والمرضى الذين تركوا بلا دواء ولا غرف عمليات ولا عناية طبية.
واليوم، لم يتبق في غزة سوى بضع مستشفيات متهالكة تعمل جزئيا وسط عجز خانق في الأسرة والأدوية والكوادر.
فيما أخرجت الغالبية من الخدمة، تاركة عائلات بأسرها بلا علاج، وأطفالا يفارقون الحياة جوعا أو نزفا أمام أبواب المستشفيات المدمرة.
ومنذ بدئها حرب الإبادة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تمنع إسرائيل دخول المساعدات الإنسانية والطبية والوقود للفلسطينيين، إلا قليلا منها للمؤسسات الدولية، لا يلبي احتياجات المواطنين.
المدير العام لوزارة الصحة في غزة منير البرش، قال إن عدد المستشفيات العامة والخاصة في القطاع يبلغ 38 مستشفى جميعها تعرضت للاستهداف المباشر.
وأوضح للأناضول، أن الوزارة تمكنت من تأهيل 16 مستشفى فقط لتعمل بشكل جزئي، فيما خرجت 22 مستشفى من الخدمة كليا.
وأضاف البرش أن القدرة الاستيعابية الحالية لا تتجاوز 2000 سرير، بعدما كانت قبل الحرب تصل إلى 6000 سرير.
وأشار إلى وجود نقص كبير في الأدوية التي بات نحو 50 بالمئة من أرصدتها صفرا، إلى جانب نفاد 65 بالمئة من المستلزمات.
ولفت إلى أن استهداف الكوادر الصحية والتنكيل بها، أسفر عن 1671 شهيدا، ونحو 362 معتقلا بسجون إسرائيل منذ اندلاع الحرب.
وفي هذا الإطار يرصد مراسل الأناضول أبرز المستشفيات المستهدفة إسرائيليا منذ بداية حرب الإبادة:
مستشفى غزة الأوروبي
كان أول استهداف لمستشفى غزة الأوروبي الواقع بمدينة خان يونس جنوبي القطاع، في 17 أكتوبر 2023، حيث أعلنت وزارة الصحة في غزة آنذاك تضرر أجزاء منه جراء قصف إسرائيلي طال مدخله.
ومنذ ذلك الحين، توالت عمليات الاستهداف والإخلاء خلال حرب الإبادة، حتى وصل الأمر في مايو/ أيار 2025 إلى توقفه عن العمل بالكامل.
ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، أدى إغلاق المستشفى الحكومي إلى قطع خدمات حيوية، بما في ذلك جراحة الأعصاب، ورعاية القلب، وعلاج السرطان، وهي خدمات غير متوفرة في أي مكان آخر في غزة.
أنشئ المستشفى عام 2000 بطاقة استيعابية بلغت نحو 308 أسرة، ويخدم شريحة تقدر بنحو 500 ألف مواطن، ويعد من أبرز المرافق الطبية في جنوب القطاع.
مجمع الشفاء
اقتحم الجيش الإسرائيلي مجمع الشفاء بمدينة غزة، أول مرة في 16 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، لمدة 10 أيام، واعتقل طواقم طبية ونازحين وقتل آخرين ودمر محتويات المستشفى وعددا من مبانيه.
وبين 18 مارس/ آذار و1 أبريل/ نيسان 2024، جرى الاقتحام الثاني للمستشفى ذاته ودمرت القوات الإسرائيلية أقسامه وحرقتها وارتكبت مجازر داخلها وبمحيطه وأخرجته من الخدمة تماما.
ومجمع الشفاء حكومي تابع لوزارة الصحة الفلسطينية، ويعد أكبر مؤسسة صحية في قطاع غزة، وقد تأسس عام 1946، وتطور مع الوقت فأصبح أكبر مجمع طبي يضم 3 مستشفيات متخصصة.
وكان يعمل في مجمع الشفاء الطبي 25 بالمئة من العاملين في المستشفيات بقطاع غزة كله، وكان يقدم خدمات علاجية وصحية لأعداد كبيرة من المواطنين.
مستشفى أصدقاء المريض
في 10 فبراير/ شباط الماضي 2024، أقدم الجيش الإسرائيلي خلال توغله بمدينة غزة على تدمير وحرق مستشفى أصدقاء المريض.
وفي 12 يوليو/ تموز 2024، تعرض المستشفى مجددا لقصف جوي إسرائيلي وقذائف مدفعية، ما أدى إلى تدميره وخروجه من الخدمة بالكامل.
المستشفى تأسس عام 1980 في حي الرمال بغزة، وتصل قدرته الاستيعابية إلى 19 سريراً لكن مع الهجمات الإسرائيلية رُفعت قدرته إلى أكثر من 100 سرير، وفق مصادر طبية فلسطينية.
ويتبع المستشفى لجمعية أصدقاء المريض الخيرية، وهي مؤسسة أهلية غير ربحية تأسست عام 1980.
مستشفى كمال عدوان
في ديسمبر / كانون الأول 2023، دمر الجيش الإسرائيلي أجزاء واسعة من مستشفى كمال عدوان الحكومي في بلدة بيت لاهيا شمالي القطاع، بما في ذلك أجهزته الحيوية.
وفي مايو 2024، عاود الجيش الإسرائيلي استهداف المستشفى عبر غارات جوية أدت إلى تدمير مولدات الطاقة الخاصة به.
وفي 19 يناير/ كانون الثاني 2024، أعلن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية الأممي "أوتشا" أن المستشفى استأنف عمله جزئيا في منتصف الشهر ذاته، لكنه ظل يواجه تحديات كبيرة.
لكن أواخر ديسمبر 2024، اعتقل الجيش الإسرائيلي مدير المستشفى الدكتور حسام أبو صفية (52 عاما)، عقب اقتحامه مجددا وتدميره وإخراجه من الخدمة.
والمستشفى هو الرئيسي بمحافظة شمال قطاع غزة، ويتكون من 4 مبان ويضم أقسام الطوارئ والاستقبال العام واستقبال الأطفال والجراحة العامة وجراحة العظام والباطنة والأطفال والعناية المركزة والأشعة ومختبر وصيدلية إضافة لأقسام إدارية وخدماتية.
مستشفى العودة
في نوفمبر 2023، حاصر الجيش الإسرائيلي مستشفى العودة بمدينة جباليا شمالي القطاع، لمدة 18 يوما، ودمر الطوابق العلوية للمبنى، بالإضافة إلى تدمير سيارات الإسعاف الموجودة عند المدخل.
وفي ذلك الوقت، اعتقلت قوات الجيش عدنان البرش، أشهر جراحي غزة، أثناء وجوده بالمستشفى إلى جانب مجموعة من الأطباء، قبل إعلان استشهاده بسجون إسرائيل في وقت لاحق.
وفي يناير 2024، قصفت المدفعية الإسرائيلية المستشفى واستهدفت أحد مبانيه، ما أدى إلى تضرر العديد من الأجهزة الطبية.
وفي مايو 2025، أعلنت إدارة المستشفى أن الجيش الإسرائيلي باشر إجلاء المرضى والطواقم الطبية قسرا من داخله.
ومنذ ذلك الوقت، لا يُعرف مصير المستشفى الذي تعرّض لأضرار جسيمة جراء الضربات الإسرائيلية خلال الأشهر الماضية.
المستشفى الإندونيسي
في نوفمبر 2023، دمر الجيش الإسرائيلي أجزاء من المستشفى الإندونيسي (حكومي) في بلدة بيت لاهيا، وأحرق عددا من طوابقه وأخرجه من الخدمة جزئيا.
وبعد انسحاب الجيش الإسرائيلي، استأنف المستشفى عمله بشكل محدود، لكنه تعرض مجددا في 30 يونيو/ حزيران 2025 لاقتحام جديد من قوات الجيش الإسرائيلي، التي توغلت داخله وأخرجته من الخدمة بالكامل.
مستشفى الأمل
في شباط/ فبراير 2024، شن الجيش الإسرائيلي غارات على مستشفى الأمل التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، بمدينة خان يونس.
وفي الشهر نفسه، اقتحمت القوات الإسرائيلية المستشفى ودمرت أجزاء منه واعتقلت وقتلت عددا من العاملين فيه.
تأسس المستشفى على أرض مساحتها حوالي 4.5 دونمات (الدونم يعادل ألف متر مربع) عام 1997، وهو يتكون من 5 طوابق.
ويضم المستشفى 100 سرير في أقسام الجراحة، والنساء والولادة، والعمليات العامة والخاصة بالعيون والأعصاب والمخ وزراعة المفاصل، والعلاج النفسي، والأشعة، والمختبر وطب الأسنان، وجميعها تعمل بشكل جزئي الآن.
مستشفى ناصر
في شباط/ فبراير 2024، اقتحم الجيش الإسرائيلي "مستشفى ناصر" بخان يونس، المكتظ بالجرحى والمرضى وآلاف النازحين، ودمر عددا كبيرا من أجهزته الطبية ومستودع الأدوية وأجزاء من مبانيه.
وفي 25 آب / أغسطس 2025، شن الجيش الإسرائيلي هجوما على المستشفى أسفر عن استشهاد 22 فلسطينيا، بينهم 4 من العاملين في المجال الطبي و5 صحفيين.
وهذا المستشفى الحكومي هو الأهم جنوبي القطاع، وكان يخدم مواطني مدينتي خان يونس ورفح قبل الحرب الإسرائيلية.
وبعد انسحاب القوات الإسرائيلية منه حاولت وزارة الصحة بغزة ومنظمات دولية مثل الصليب الأحمر ومنظمة الصحة العالمية استئناف العمل فيه ولكن بشكل محدود.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية غزة غزة الاحتلال طوفان الاقصي عامان على الإبادة المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الجیش الإسرائیلی حرب الإبادة مجمع الشفاء من الخدمة أجزاء من فی غزة
إقرأ أيضاً:
تعرف على الهدن وجولات التفاوض خلال عامين من حرب غزة
على مدى عامين من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، تكررت محاولات التهدئة والتفاوض دون أن تنجح في كبح آلة الحرب أو وضع حد لمأساة الغزيين.
وبين كل جولة وأخرى، كانت الأبواب توصد أمام الحلول الدبلوماسية مع إصرار حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب من قِبل المحكمة الجنائية الدولية– على الحسم العسكري ورفض أي اتفاق نهائي لوقف النار.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4كيف أفشلت المقاومة أهداف الاحتلال في غزة على مدار عامين؟list 2 of 4القدس في عامَي الحرب.. انتهاكات طالت البشر والحجر والشجرlist 3 of 4عامان من الإبادة.. أطفال غزة بقبضة الموت تجويعا ومرضاlist 4 of 4بعد عامين من الإبادة: هنا غزة، هل تسمعوننا؟ أوقفوا الحربend of listوخلال تلك الفترة الطويلة، تعاقبت المبادرات والوساطات، وتبدلت الخرائط السياسية، لكن المشهد الإنساني في غزة ظل على حاله من القتل والحصار والدمار، فيما تتسع دائرة الجهود الدولية بحثا عن مخرج من نفق الحرب.
واستعرض تقرير أعدّته مراسلة الجزيرة نسيبة موسى، تسلسل أبرز الهدن والمفاوضات منذ اندلاع الحرب وحتى اليوم، حيث شهدت هذه المدة أكثر من محاولة لوقف القتال أو تبادل الأسرى، جميعها اصطدمت بتعنّت الحكومة الإسرائيلية ومراوغتها السياسية.
أول هدنةففي نوفمبر/تشرين الثاني 2023، نجحت الوساطة القطرية المصرية في إبرام أول هدنة بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، استمرت 7 أيام فقط، وأسفرت عن الإفراج عن 109 أسرى إسرائيليين مقابل 240 أسيرا فلسطينيا، قبل أن تنهار الهدنة وتستأنف إسرائيل عملياتها العسكرية.
مع بداية ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه، وسّعت قوات الاحتلال اجتياحها البري لتشمل مدينة خان يونس جنوبي القطاع، في فصل جديد من حرب الإبادة التي أودت بحياة الآلاف ودمّرت مساحات واسعة من البنية التحتية.
وفي مايو/أيار 2024، طُرح مقترح جديد تضمن خطة من 3 مراحل، تمتد كل منها بين 40 و42 يوما، على أن تفضي في نهايتها إلى وقف شامل لإطلاق النار وعودة النازحين إلى ديارهم، لكن الحكومة الإسرائيلية رفضت المقترح، وواصلت تصعيدها العسكري هذه المرة على مدينة رفح المحاصرة.
وفي نهاية الشهر نفسه، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن خارطة طريق لوقف كامل لإطلاق النار، تستند إلى مقترح إسرائيلي ذي 3 مراحل.
إعلانورحبت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالخطة من حيث المبدأ، بينما أصر نتنياهو على المضي في الحرب بحجة تحقيق "أهدافها الأمنية".
قرار مجلس الأمنوفي العاشر من يونيو/حزيران 2024، تبنّى مجلس الأمن الدولي القرار رقم 2735، الذي دعا إلى تنفيذ مقترح بايدن ودعم وقف إطلاق النار، ومع ذلك، بقي القرار دون تنفيذ فعلي وسط رفض الحكومة الإسرائيلية لأي التزام بوقف دائم للحرب.
وبحلول ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه، دخل الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب على خط الأزمة، مهددا بـ"جحيم في الشرق الأوسط" إذا لم يُطلق سراح الأسرى الإسرائيليين في غزة قبل تنصيبه، في خطوة أعادت الحراك الدبلوماسي مجددا إلى الواجهة.
ثم جاء يناير/كانون الثاني 2025 ليحمل ملامح اتفاق جديد هو الثاني منذ اندلاع الحرب، إذ أُعلن في منتصف الشهر عن تفاهم لوقف إطلاق النار من 3 مراحل.
بدأت أولى هذه المراحل في التاسع عشر من الشهر ذاته واستمرت 42 يوما، وشهدت الإفراج عن 33 أسيرا إسرائيليا مقابل مئات الأسرى الفلسطينيين.
حصار خانقغير أن إسرائيل أعلنت مطلع مارس/آذار من طرف واحد استئناف الحرب، وفرضت حصارا خانقا على القطاع، لتعود المواجهة أشد ضراوة وتغيب معها أي آفاق حقيقية للسلام.
ومع تصاعد الدمار والجوع، بدأت تتسرب إلى الساحة الإسرائيلية خطط تتحدث عن تهجير سكان غزة وتحويل أراضيهم إلى مشاريع استثمارية، بينما كان أهل القطاع يترقبون أي بادرة لوقف نزيف الحرب.
ومع دخول الحرب عامها الثالث، تبدو غزة غارقة في كارثة إنسانية متواصلة، فيما تتمسك حكومة نتنياهو برفضها لأي مسار سياسي يؤدي إلى وقف إطلاق النار أو صفقة تبادل شاملة، غير أن المشهد تغيّر مجددا مع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن خطة جديدة للسلام تتألف من 20 بندا.
خطة ترامبوتنص الخطة، التي أيدها نتنياهو، على وقف فوري لإطلاق النار والإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين خلال 72 ساعة، إلى جانب نزع سلاح حركة حماس، وانسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة.
كما تتضمن إنشاء سلطة انتقالية بإشراف مباشر من ترامب، وبمشاركة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير أحد مهندسي الخطة.
وردت حركة حماس على المقترح بإيجابية، معلنة استعدادها لإطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين، أحياءً وجثامين، مقابل وقف شامل للحرب وانسحاب كامل من القطاع، كما أبدت موافقتها على تسليم إدارة غزة لهيئة فلسطينية من المستقلين، والدخول فورا في مفاوضات عبر الوسطاء لمناقشة تفاصيل التنفيذ.
وقد شكّل هذا الموقف من حماس نقطة تحول في مسار التفاوض، إذ فُتح الباب أمام جولة جديدة من المحادثات في مدينة شرم الشيخ المصرية، لبحث آليات تطبيق المرحلة الأولى من خطة ترامب المتعلقة بتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار.
وبين هدنة وأخرى، ومبادرة تتلوها أخرى، يبقى الواقع الميداني في غزة على حاله، إذ تتبدل الأسماء والمبادرات لكن المعاناة مستمرة، فيما ينتظر الفلسطينيون أن تثمر أي من هذه الجهود عن سلام حقيقي ينهي أطول الحروب وأكثرها دموية في تاريخ القطاع.