تأثير الحر الشديد على التقدم في العمر
تاريخ النشر: 4th, September 2025 GMT
في ظل ارتفاع درجات الحرارة عالميًا، تتزايد المخاوف بشأن تأثير موجات الحر المتكررة على صحة الإنسان، حيث لا يقتصر الأمر على الشعور بالإرهاق والجفاف فحسب، بل يمتد ليؤثر بشكل مباشر في تسارع الشيخوخة.
وكشفت دراسة حديثة نشرت نتائجها مجلة تايم الأميركية نقلًا عن دورية Nature Climate Change، أن التعرض المستمر لموجات الحر يساهم في تسريع عملية الشيخوخة، ويزيد من احتمالية الإصابة بمشاكل صحية على المدى الطويل.
وأجرى فريق من الباحثين دراسة شملت ما يقرب من 25 ألف شخص في تايوان، خلال الفترة من عام 2008 حتى 2022، وهي فترة شهدت نحو 30 موجة حر متتالية. وعرف الباحثون موجة الحر بأنها فترة ارتفاع مستمر في درجات الحرارة لعدة أيام متواصلة.
واستندت الدراسة إلى تحليل البيانات الطبية للمشاركين، حيث قام الباحثون بقياس العمر البيولوجي من خلال مجموعة من الفحوص شملت وظائف الكبد والكلى والرئة، إضافة إلى ضغط الدم ومستويات الالتهابات. كما استعانوا بعناوين إقامة المشاركين في العامين السابقين لكل فحص طبي، لربط بياناتهم الصحية بدرجات الحرارة التي تعرضوا لها.
وأظهرت النتائج أن ارتفاع شدة الحرارة يؤدي إلى زيادة في العمر البيولوجي للشخص، إذ تبين أن كل زيادة قدرها 1.3 درجة مئوية في معدل الحرارة التراكمية ترفع عمر الفرد البيولوجي بما يتراوح بين 8 و12 يومًا.
وفي هذا السياق، أوضح كوي قوه، الباحث الرئيسي في الدراسة وأستاذ علم الأوبئة البيئية بجامعة هونغ كونغ، أن "الأثر قد يبدو ضئيلاً على المستوى الفردي، لكنه مع مرور الوقت وعلى نطاق سكاني واسع، قد يشكل عبئًا كبيرًا على الصحة العامة".
وتسلط هذه النتائج الضوء على المخاطر الخفية لموجات الحر المتزايدة بفعل تغير المناخ، ما يعزز الحاجة لاتخاذ إجراءات وقائية لحماية الأفراد، خاصة الفئات الأكثر عرضة، من الآثار الصحية طويلة المدى.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: صحة الوفد 100 يوم رياضة درجة الحرارة العالمية
إقرأ أيضاً:
فخ العُمر والخبرة
سعيد المالكي
بينما يقف الكثير من شباب البلد، ذكورًا وإناثًا، على قارعة طريق البحث عن عمل، منتظرين بصيص نور في نفقٍ لا يعرفون نهايته، يتذكّر جيلُنا مشاهد كانت تبدو عادية تمامًا: نتخرَّج، نبتسم، نحتفل، ثم نحمل شهاداتنا إلى وظيفة كريمة تنتظرنا وكأننا أبناءها الضالّون الذين عادوا.
كانت شهادة التخرج بالنسبة لمعظمنا بطاقة عبور، أما اليوم فقد أصبحت لدى البعض مجرد شهادة ربما توضع في أحد أدراج المنزل أو لإرفاقها في موقع إلكتروني للحصول على العبارة الشهيرة: سنوافيكم بالرد في حال توافرت شواغر مناسبة!
وللإنصاف، فالحكومة تبذل ما بوسعها لاحتواء أعداد الخريجين الجدد وتوفير مسارات توظيف في مختلف مؤسسات القطاع الحكومي العام دون تعجيز أو اشتراط خبرات مسبقة. إلّا أن الكثير من شركات القطاع الخاص إذا لم تكن جميعها، تبتكر من الشروط التعجيزية ما لا يعرفها علم الرياضيات.
تبدأ الحكاية بإعلان توظيف جذّاب مكتوب بخطّ عريض وبألوان براقة: فرص عمل للشباب! فيفرح الشاب أو الشابة، ويتفاءل، وربما يشعر بأن الحياة ما زالت تُخبّئ شيئًا طيبًا، إلى أن يصل إلى الشرط الذي يقول: خبرة ثلاث سنوات على الأقل.
هنا يُصبح الإعلان أشبه بمقلب اجتماعي مقصود: أنت خريج جديد، لكنك مطالب بخبرة لا يمتلكها سوى من سبقك بثلاث سنوات. ومع ذلك، قد يستطيع بعض الشباب التحايل على هذا الفخ: عمل مؤقت هنا، انسحاب هناك، تنقل من مكتب إلى آخر، أو ببساطة تفعيل زِر الواسطة!
وأحيانًا يتطور المقلب ويُؤجَّل إلى حين يتقدم الشاب أو الشابة للوظيفة المعلن عنها، ويتم قبوله لدخول الاختبار الخاص بها وينجح فيه، حتى تأتيه الصفعة والمفاجأة: أنت ناجح، لكن للأسف عمرك راسب!
وهذا هو ما يسمى بالفخ الأكبر؛ ذلك الشرط الأسطوري الذي أصبح الصخرة التي تتحطم عليها أحلام آلاف الباحثين عن عمل: "ألّا يتجاوز عمر المتقدم 25 عامًا".
يا إلهي! وكأن عمر المرء هو الدليل الوحيد على كفاءته. أو كأن الشباب يمتلكون خاصية تسريع الزمن دون علم البشرية، أو ربما -من باب الدعابة السوداء- أنهم يتعمّدون رفض فرص العمل الكثيرة جدًا- التي لا نراها- فقط كي يتخطّوا شرط العمر ويلقون اللوم على الشركات بعد ذلك!
كيف يمكن مراوغة هذا الفخ؟ هل بتزوير العمر؟ مستحيل، فذلك يعني تزوير شهادة الميلاد، وربما شهادة تطعيم الطفولة معها. هل باختراع جهاز يوقف العمر أثناء انتظار الوظيفة؟ أو لقاحٍ جديد لتثبيت العمر مخصّص للباحثين عن عمل؟ أم هل المطلوب أن يعود الباحث عن عمل إلى رحم أمّه لإعادة حساب السنوات من جديد؟
هل تناسى من يتفنن الآن في وضع العراقيل أنه مرّ بمرحلة الشباب والبحث عن عمل؟ أم أنه وُلِد خبيرًا؟ وما ذنب من قضى نصف عمره محاولًا وطارقًا كل الأبواب، ثم تأتيه الصفعة: تجاوزتَ السِنَّ المطلوب!؟ وكيف سيكسب الشباب خبرة الثلاث سنوات وهم أصلًا غير مقبولين بدونها؟
باختصار.. يريدون موظفًا عمره 23 عامًا ولديه 10 سنوات من الخبرة بعد التخرج. وإن لم تتوفر هذه الخلطة السحرية، فأنت، ببساطة، خارج المنافسة. معادلة خيالية، ويطلبون منا أن نتعامل معها كحقيقة.
ولأننا لا نملك رفاهية الانتظار حتى تخترع البشرية جهازًا يعيد العمر إلى الخلف أو يضاعف الخبرة بلا عمل، يبقى الحل الحقيقي بيد الشركات نفسها: أن تعيد النظر في شروطها، وأن تدرك أن الوطن لا يُبنى بالموظف الخارِق الذي لا وجود له، بل بشبابٍ تُمنح لهم الفرص ليصبحوا خبراء الغد.
أما أن نواصل الدوران في حلقة خاوية: لا نوظفك لأنك بلا خبرة، ولن نمنحك الخبرة لأنَّ عمرك لم ينتظر؛ فهذه وصفة مثالية لإنتاج جيل كامل يقف أمام أبواب الشركات لا ليدخل؛ بل ليتفرّج على الإعلانات التي كُتبت لهم نظريًا، وتعرقلهم عمليًا. وهي وصفة جيدة لخلق الاحتقان والتوتر والاضطراب لدى الشباب، ينعكس سلبًا على المجتمع قبل أن ينعكس عليهم.
رابط مختصر