من بين ثمار الإبداع المتناثرة هنا وهناك، تطفو على السطح قطوف دانية، تخلق بنضجها متعة تستحق التأمل، والثناء، بل تستحق أن نشير إليها بأطراف البنان قائلين: ها هنا يوجد إبداع..
هكذا تصبح "قطوف"، نافذة أكثر اتساعًا على إبداعات الشباب في مختلف ضروبها؛ قصة، شعر، خواطر، ترجمات، وغيرها، آملين أن نضع عبرها هذا الإبداع بين أيدي القراء، علّه يحصل على بعض حقه في الظهور والتحقق.
إلى شيرين أبوعاقلة
وكل الصحفيين المقهورين فى فلسطين
يقول مراسل ف القطاع:
هنشوف معاكم من بعيد..
«عيل بيلعب جنب بيت
ومعاه حَمَام أبيض جميل،
حَدَف الحمام فوق للسما
طار الحمام رفرف بعيد
شَاوِر بغُصن زَتون يمين.. راح الحمام،
شَاوِر بغُصن زَتون شِمال.. رِجع الحَمام،
وفجأة وقع الواد ومات.
نزل الحَمام على جثته بصوت الهَديل
قالوا الشهود:
كان صوته أعلى م الرصاص،
وهتفوا عايزين القصاص،
فبَاتوا طالبين الخلاص».
نزل الخبر..
نفس المشاهد والتتابع ع الشاشات
ف العالم الأول ودول الحريات،
لكنه كان برواية تانية مطولة،
وأضاف مذيع النشرة واتعنطز وقال:
هنشوف معاكم من بعيد
لقطات فريدة موثقة
فيها الحقيقة الكاملة.
«العنصر الإجرامى مات قبل اشتباك،
ولقى المُخرب مصرعه
ف محاولة فاشلة ومجرمة
لنقل بيانات أو وثائق قد تحرّض ضدنا
رصدوها طايرة مع الحمام،
وعن الحمام.. مسروق أكيد،
ودى أرضنا..
أما الرصاص ده رَدْنا».
وتهمة تالتة هتعفوا عنها بسرعة سُلطات الدفاع،
وهيّ تخريب الطبيعة.. وقطع شجرة مثمرة
من غير ما ياخد إذن مصلحة الجناين والمشاتل ف البلاد.
ونوضح إن الشجرة مَوْضِع الاعتداء،
دى كان زارعها جدنا من ألف عام قبل التاريخ.
وف الختام..
حابين نأكد إننا حَرَس السلام
ولحقنا مجرم مبتدئ
من قبل ما ينشف دراعه قوام قوام
ويشيل سلاح ضد الكيان،
عيل صحيح..
لكنه مش مصدر أمان،
ممكن يهدد أمن كل الكون بحاله ده لو نحب
وإحنا الحقيقة المطلقة
والباقى وَهْم هينتهى.
ومن يومها..
مات 100 مُراسل ع المباشر ف القطاع
بسُترة الإعلام PRESS،
لما اتحجب صوت العرب.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: قطوف إبداعات الشباب
إقرأ أيضاً:
«الهريفي على أرض الحقيقة»
حينما يكون الناقد الرياضي صادقًا مع نفسه، ومتمسكًا برأيه المدعوم بالمنطق والفكر العميق، فإنه بالضرورة سيجد طريقه نحو التأثير، مهما حاول البعض أن يقلل من قيمته أو يشكك في صدقه. وهذا ما يميز الكابتن فهد الهريفي، اللاعب السابق والمحلل الذي اختار أن يسير في درب مختلف عن السائد، فلم يتكئ على المجاملة، ولا انجرف مع تيار الرأي العام الذي اعتاد بعض النقاد أن يذوبوا داخله، بل ارتكز على قاعدة صلبة من المعرفة الفنية والتجربة الميدانية الطويلة التي عاشها لاعبًا مؤثرًا في الملاعب السعودية.
الهريفي، بطريقته الواثقة، أثبت أن النقد الرياضي لا يكون مؤثرًا إلا إذا استند إلى الحقائق بعيدًا عن الأهواء والانفعالات. ففي الموسم الماضي، حين كان فريق النصر يعاني من تذبذب المستوى، لم يتردد في توجيه النقد الصريح، وطالب بإبعاد أكثر من لاعب أجنبي لم يقدموا ما يليق بطموحات الفريق. لم يكتفِ بذلك، بل أشار بوضوح إلى المراكز التي تحتاج إلى تدعيم، محددًا رؤيته بجرأة قلّ أن نجد مثلها في ساحة الإعلام الرياضي، حيث يغلب الصوت العالي على عمق الطرح،
اللافت أن هذه الرؤية لم تذهب أدراج الرياح، بل وجدنا المدرب البرتغالي خيسوس يتبناها عمليًا، ويعيد صياغة شكل الفريق بما يتوافق مع ما طرحه الهريفي. هنا، ظهرت قيمة الناقد الذي لا يتحدث لمجرد الحضور الإعلامي، بل يضع يده على مكامن الخلل، ويقدم حلولًا واقعية. وما إن بدأ النصر في جني ثمار تلك التغييرات، حتى تراجع الهريفي عن النقد اللاذع، وانتقل إلى مساحة الثناء والإشادة بما تحقق، وهو أمر يعكس موضوعيته؛ فهو لا ينتقد لمجرد المعارضة، ولا يثني بدافع الميول، بل يتعامل بميزان منصف يضع المصلحة العامة فوق الاعتبارات الأخرى،
ومع ذلك، يظل هناك من يزعجهم هذا النهج، فهم لا يريدون للهريفي أن يكون على جادة الصواب، لأنهم اعتادوا السير في ركب جماعي بلا رأي مستقل. هؤلاء يرون أن الخروج عن دائرة المألوف تهديد لهم، وأن وضوح الصوت المختلف يعرّي ضعف حججهم. غير أن الهريفي لم يكترث لمثل هذه الأصوات، وواصل مسيرته النقدية الواثقة، مؤمنًا بأن الحقيقة لا تحتاج إلى صخب كي تصل، بل يكفيها أن تُقال بصدق ومن موقع خبرة.
إن تجربة فهد الهريفي تستحق أن تُقرأ بعناية، ليس فقط كنموذج لناقد رياضي متميز، بل كرسالة أوسع تؤكد أن الاستقلالية في الرأي هي القيمة الأهم في أي مجال. فعندما يكون الطرح قائمًا على المعرفة والتجربة، فإنه يتحول إلى بوصلة للآخرين، حتى وإن رفض بعضهم الاعتراف بذلك علنًا. والحق أن الرياضة السعودية بحاجة إلى أصوات من هذا النوع، أصوات تملك الشجاعة في النقد، والعدل في الإنصاف، والجرأة في مواجهة الخطأ، من أجل أن تكون الساحة الرياضية أكثر نضجًا ووعيًا.
الهريفي لم يحرج خصومه فقط، بل كشف هشاشة المواقف المبنية على المجاملة، وأثبت أن الكلمة الصادقة تبقى عصيّة على التهميش. ومن هنا فإن استمراره في هذا الخط النقدي الجاد يعزز قيم الحوار الرياضي ويرسخ قاعدة مهمة، مفادها أن الحقيقة لا تضيع؛ مهما حاول البعض طمسها، وأن الناقد الذي يبني طرحه على الفكر لا يمكن إلا أن يكون مؤثرًا مهما طال الزمن.