أبو إيفانكا يتبنى نظرية أبو ابراهيم: لماذا تراجع اللوبي الصهيوني في أمريكا؟
تاريخ النشر: 8th, September 2025 GMT
من الحسنات النادرة للرئيس الأمريكي "أبو إيفانكا" ترامب أنه بين الفينة والأخرى يخرج بتصريحات "فاضحة" حتى للمقربين منه، ويعري ما يدور داخل الغرف المغلقة ويضعه في سياق علني بعيدا عن لغة الخشب أو ما يطلق عليه الأعراف الديبلوماسية؛ هذه المرة تجاوز النطاق العربي الذي اعتدنا من خلاله إماطة اللثام عن الوجه الحقيقي للعديد من الأنظمة العربية التي "تستأسد" كلما تعلق الأمر بالشعوب والقضايا المصيرية، وتتحول إلى "نعامة" في حضرة سيد البيت الأبيض المتفنن في التنكيل بها بطرقه الخاصة والذائعة الصيت منذ فترة حكمه الأولى.
المهم أن "أبو إيفانكا" هذه المرة اخترق جدارا حصينا ظل لعقود غير قابل للمس أو حتى الاقتراب؛ ونقصد هنا بحديثه عن الوضع الجديد للكيان الصهيوني في أمريكا، ووضع النقاط على حروف الفجوة الهائلة التي أحدثتها "طوفان الأقصى" في المعادلة وكيف "تضرر" بشكل كبير اللوبي الصهيوني في بلاد العم سام.
"أبو إيفانكا" هذه المرة اخترق جدارا حصينا ظل لعقود غير قابل للمس أو حتى الاقتراب؛ ونقصد هنا بحديثه عن الوضع الجديد للكيان الصهيوني في أمريكا
الرئيس الأمريكي لم يتوان في التصريح لموقع "ديلي كولر" بأنه كان هناك وقت لا يمكنك فيه التحدث ضد إسرائيل أن أردت أن تكون سياسيا، أما اليوم فالأمر تغيّر جذريا؛ مضيفا: "قبل عشرين عاما كان لإسرائيل أقوى لوبي في الكونغرس، أما اليوم فلم يعد كذلك"؛ كاشفا أن الكيان الغاصب "حتى لو انتصر، فإنه سيخسر في معركة الرأي العام".
قد يعتبر البعض أن هذا الكلام بات معروفا، لا سيما في ظل ما نشاهده اليوم من مظاهرات وتصريحات لاذعة على وسائل الإعلام المحلية الأمريكية المنتقدة للإصرار على المضي قدما في الدعم السخي اللا محدود لآلة القتل الصهيونية؛ لكننا نتحدث هنا عن الشخصية الأولى في أمريكا، وهذه خطوة غير مسبوقة واعتراف مدو بالمستجدات المرتبطة بالحرب الهمجية على قطاع غزة الصامد؛ لا سيما أن الرئيس يتلقى يوميا تقارير استخباراتية متجددة، صحيح أنه من سابع المستحيلات أن تتدرج لتندرج تحت خانة الأفعال الملموسة على الأرض من ترامب نفسه ولن تغير شيئا من الواقع المعاش حاليا؛ لكنها تعني الكثير للقادم، دون أغفال أنها تفضح سطوة اللوبي الصهيوني على الأعضاء في الكونغرس وأنهم ظلوا تحت نفوذه. كما ولا بد من التذكير بنتائج استطلاع جديد أجرته جامعة هارفارد ومؤسسة هاريس، أظهر أن 60 في المئة من الشباب الأمريكي بين 18 و24 عاما يدعمون حركة المقاومة حماس ضد الكيان الغاصب في هذه الحرب. وهذا دليل مهم على أن فئة الشباب وهم المعنيون بحكم البلاد مستقبلا أصبحوا يملكون قرارهم المستقل ويعرفون الحقيقة البشعة للصهاينة؛ بالإضافة إلى نتائج أخرى صادرة عن مؤسسة "بيو" أجرته في آذار/ مارس الماضي، حيث كشف أن الشارع الأمريكي لم يعد راضيا على الكيان الذي خسر 11 نقطة من نفوذه داخل أمريكا.
كل ما سبق يعكس التحول الاستراتيجي المهم في علاقة "الأب الروحي" بابنته المدللة وكيف سقطت العديد من الأصنام وانهارت، ولعل هذا يقودنا لعبارة مهمة وردت على لسان الشهيد يحيى السنوار قبل انطلاق معركة "طوفان الأقصى" بفترة لا بأس بها، حين قال: علينا جعل هذا الكيان في عزلة عن العالم ووقف اندماجه وانخراطه في المنطقة ومع باقي الدول الأخرى.
يعكس التحول الاستراتيجي المهم في علاقة "الأب الروحي" بابنته المدللة وكيف سقطت العديد من الأصنام وانهارت، ولعل هذا يقودنا لعبارة مهمة وردت على لسان الشهيد يحيى السنوار قبل انطلاق معركة "طوفان الأقصى" بفترة لا بأس بها
إنه ينتصر علينا من قبره:
وشهد شاهد من أهلها حين كتب رئيس قسم العمليات السابق في الجيش الصهيوني، يسرائيل زيف، مقالا على موقع القناة 12 كشف فيه أن "أبو إبراهيم" (السنوار) يقف في قبره على أعتاب نصر كبير؛ وأن "صورة إسرائيل في الرأي العالمي تنهار، ودعم الدول الصديقة ينتقل إلى الفلسطينيين؛ وها هم ينجحون في رفع إعلان العالم عن إقامة دولة فلسطينية إلى منصة الأمم المتحدة هذا الشهر"، مؤكدا أن الحرب فقدت شرعيتها، وأن "السائق المشلول (يقصد نتنياهو) يقود الكيان نحو الهاوية، خاضعا لضغوط حلفائه المتطرفين مثل سموتريتش الساعي إلى ضم غزة، والحريديم الذين لا يهتمون سوى بالميزانيات والإعفاءات من الخدمة العسكرية".
واختتم مقاله بأن "الاحتلال المحتمل لغزة لن يحقق أهداف الحرب، بل يفتت وحدة المجتمع ويقوّض معنويات الجنود".
نجاح باهر لمعركة السردية:
تعمدتُ الحديث اليوم عن "اعتراف" الرئيس الأمريكي وبعده الجنرال الصهيوني الوازن دون التطرق للغليان المتزايد في الشوارع الأوروبية والمواقف الرسمية أيضا؛ من باب الكشف على أن معركة السردية تواصل حصد النجاح وفي شتى الميادين والمجالات والدول في مختلف أنحاء العالم، بل وامتدت لتشمل مراكز صنع قرار وبؤرا حساسة ظلت لعقود حدائق خلفية للكيان يعيث فيها فسادا؛ بعد أن صارت روايته هناك "مقدسة" وغير قابلة للطعن، ومجرد التفكير في التشكيك فيها ضرب من الجنون وستكون تكلفته واسعة وغير محمودة العواقب وكان الكل يتحاشاها.
واليوم انقلبت الآية كليا وصارت الصورة تنكشف أكثر فأكثر، وتزداد الزوايا ضيقا على الاحتلال ومن يرددون أسطوانته المشروخة. وهنا اختم بمقولة معبرة للمفكر المصري الراحل الدكتور عبد الوهاب المسيري الذي قضى سنوات من عمره في تفكيك الأكاذيب الصهيونية بأسلوبه الأكاديمي وعقله الراجح المتزن، حيث سبق وكتب: "الكيان هو حاملة طائرات أو قاعدة أمريكية، وستظل أمريكا تقوم بصيانتها للقيام بوظيفتها. الحل الوحيد للقضاء عليه هو جعله عبئا على المصنع، في اللحظة التي تتخطى كلفة صيانتها عائدات بقاءها ستقوم أمريكا بإغراقها".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء ترامب إسرائيل غزة صورة إسرائيل امريكا غزة صورة ترامب قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مدونات قضايا وآراء مدونات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الصهیونی فی فی أمریکا
إقرأ أيضاً:
خطة إنقاذ الكيان!
استهل خطته السحرية لإنقاذ الكيان بالإطراء طويلاً على كرم «إسرائيل»، بمنحها الشعب الفلسطيني قطاع غزة والتفضل على أبناء غزة بانسحاب مجاني من أراضي القطاع وإعطائها لهم منة، لكن كانت مكافأة الإحسان – كما يقول رئيس أمريكا – من قبل الغزيين الشر والإرهاب والسابع من أكتوبر.
-حديث دونالد ترامب عن قطاع غزة بهذا الشكل السطحي والمبتذل، ينم عن جهل مستفحل وحماقة مركبة ونوايا أكثر قبحاً وخبثاً، بينما تسابق العالم وفي المقدمة الأنظمة العربية إلى الترحيب والمباركة لخطة الرئيس الذي ما فتئ يتباهى بأنه أكثر الرؤساء الأمريكيين دعما للكيان الصهيوني وسرد الكثير من إنجازاته وهو يشرح خطته التي في ظاهرها السلام وفي باطنها العذاب والكذب والخداع والاحتيال على حقوق ومكتسبات شعب قدم عظيم التضحيات في مسيرة نضاله المتواصل للانعتاق من نير الاحتلال.
-حاول ترامب ومعه كثير من أنظمة الدجل والنفاق أن يجعل من الحنظل البري عسلا وأن يلبس الذئاب ثياب الحملان وأن يستخدم الدبلوماسية الناعمة مطية للانقضاض الاستراتيجي على حقوق الشعوب وإرداتها في الحرية والاستقلال وتقرير المصير.
-حملت الخطة الترمبية العديد من الأهداف الخبيثة، منها ما هو آني ومنها بعيد المدى وأخرى على صلة بالبعد الاستراتيجي، أما الهدف القريب فتمثل في محاولة إنهاء العزلة الدولية لكيان الاحتلال الآخذة بالاتساع يوما بعد آخر بسبب ما يرتكبه من جرائم الإبادة الجماعية بغزة ومجازره الوحشية بحق المدنيين من أبناء القطاع واستخدامه الفج للجوع سلاحا في حربه القذرة والمجاهرة بذلك على لسان مسؤولية المتطرفين وغيرها من الانتهاكات الصارخة التي باتت تؤرق الضمير العالمي وأدت الى ضغوطات شعبية هائلة في أكثر من بلد أوروبي على الحكومات الحليفة للكيان، لتباشر بعضها في اتخاذ إجراءات عقابية غير مسبوقة ضد حكومة الإرهاب الصهيوني.
-ألقى ترامب الحالم بجائزة نوبل للسلام بكل غروره وغطرسته لتجميل صورة القتلة في «تل أبيب» وحشر المقاومة والحق الفلسطيني في زاوية ضيقة من خلال تحميلها مسؤولية استمرار الحرب والتهديد مجددا بجحيمه الذي لا يرحم في حال رفضت الخطة إياها، لكن المفاوض الفلسطيني أثبت عبقرية وحنكة دبلوماسية كبيرة وهو ما تجلى بوضوح في رد حماس الذي امتص كل ذلك الهجوم السياسي الكاسح واستطاع بدهاء إعادة الكرة إلى ملعب الاحتلال وحشر نتنياهو وفريقه المتطرف في الزاوية الضيقة.
-فشلت خطة ترامب إلى حد كبير في تحقيق الهدف المنظور وستفشل حتما في تحقيق أهدافها الاستراتيجية الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية وإعادة تشكيل وعي عربي يقبل بفكرة وجود «إسرائيل» ككيان طبيعي وصاحب حق في الأرض والمقدسات، لكن ذلك مشروط بالعمل الفلسطيني والعربي والإسلامي المشترك، وفق استراتيجية شاملة وواضحة المعالم، تتكامل فيها نتائج الصمود الشعبي ومكاسب مجاهدي المقاومة مع الحنكة السياسية والكفاءة الدبلوماسية القادرة على تفويت الفرص على العدو وداعميه ومساعيهم المحمومة لزرع بذور الفرقة والتشظي بين أبناء فلسطين وخلق انطباع عام لدى الرأي العالمي والإقليمي بأن الشعب الفلسطيني بات وحيدا في مواجهة قدره ومصيره.