واشنطن- رغم تأكيد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الإجراء الذي اتخذه اليوم (أمس الثلاثاء) ضد كبار زعماء حركة حماس "كان عملية إسرائيلية مستقلة تماما" وأن "إسرائيل بادرت به ونفذته، وتتحمل المسؤولية الكاملة عنه" إلا أن المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت أشارت إلى علم البيت الأبيض المسبق بالهجوم عن طريق البنتاغون.

ووقعت الضربة الاسرائيلية في الدوحة وسط جهود أميركية متجددة للتوصل إلى اتفاق لتسليم الأسرى ووقف لإطلاق نار في غزة، وفي وقت اجتمع فيه قادة حركة حماس لمناقشة اقتراح الرئيس دونالد ترامب.

وتعد قطر، إضافة لمصر والولايات المتحدة، وسيطا رئيسيا في هذه الجهود منذ هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 في وقت ما زالت تحتفظ فيه حركة حماس بـ20 أسيرا إسرائيليا من الأحياء.

كما جاء الهجوم الإسرائيلي بعد يوم واحد من اجتماع وزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر -والمقرب من نتنياهو- بمبعوث ترامب للشرق الأوسط ستيف ويتكوف بالبيت الأبيض أول أمس الاثنين.

#عاجل | البيت الأبيض: ترمب لم يكن يقصد قصف قادة حماس في #الدوحة في منشوره الذي أعطى فيه تحذيرا أخيرا للحركة pic.twitter.com/UqIja6SxAt

— قناة الجزيرة (@AJArabic) September 9, 2025

إفلات تام

وفي حديث مع الجزيرة نت، أشار السفير ديفيد ماك، مساعد وزير الخارجية السابق لشؤون الشرق الأوسط، والخبير حاليا بالمجلس الأطلسي، إلى أن الهجمة الإسرائيلية "تعكس إيمان نتنياهو وشركائه في الائتلاف اليميني المتشدد بالقضاء على قادة حركة حماس المتبقين، حيثما أمكنهم ذلك، بما في ذلك في الدول العربية أو في تركيا".

في حين أعتبر جو هوفمان، الخبير في الشؤون العسكرية بمعهد كاتو بواشنطن، أن "الضربات الإسرائيلية في قطر تعد محاولة متعمدة أخرى لتخريب المفاوضات التي ترعاها الولايات المتحدة لإنهاء الحرب في غزة" وأضاف "إنه يظهر أنهم لا ينوون إنهاء هذه الحرب، وأن إسرائيل تعتقد أنها تستطيع التصرف كما تشاء مع الإفلات التام من العقاب".

إعلان

وأعتبر هوفمان في حديث للجزيرة نت أن "ترامب أظهر مرة أخرى عدم رغبته في إنهاء دعمه غير المشروط لإسرائيل حتى عندما تقوض أفعالهم المصالح الأميركية واستقرار الشرق الأوسط بشكل مباشر".

وأشار إلى "قرار واشنطن بتبني أهداف إسرائيل المتطرفة، سواء في الأراضي الفلسطينية المحتلة أو المنطقة الأوسع، بمعزل عن أي منطق إستراتيجي ملموس" معتبرا أنه "رمز لسياسة الولايات المتحدة الفاشلة الأوسع نطاقا في الشرق الأوسط، والتي لا تزال خارجة عن نطاق السيطرة".

مصير المفاوضات

وعن مصير مفاوضات وقف إطلاق النار والإفراج عن المتبقين من الأسرى، الأحياء منهم والموتى، قال السفير ديفيد ماك للجزيرة نت "إن هذه الهجمات تعد مؤشرا على انهيار المفاوضات الجارية" معتبرا أن "المفاوضات بشأن المحتجزين الإسرائيليين الـ20 المتبقين باتت أقل أهمية من مواصلة العمليات العسكرية في غزة".

في حين قال البروفيسور في جامعة الدفاع الوطني التابعة للبنتاغون بهجت جودت -في حديث للجزيرة نت- إن "الضربة جاءت تنفيذا لتعهد القادة الإسرائيليين بمهاجمة حركة حماس في كل مكان وطوال الوقت".

وأضاف أنه "في الوقت ذاته، يمثل الهجوم ضربة قوية للتفاوض" معتبرا أنه لن يقتصر الأمر على قادة حماس فقط باعتبار أنه لا فائدة من التفاوض مع إسرائيل، بل سيشمل ذلك أيضا الوسطاء مثل قطر ومصر، وقال "لقد أغلق الهجوم الإسرائيلي الباب أمام أي مفاوضات".

البيت الأبيض: الرئيس ترمب تحدث مع أمير #قطر ورئيس وزرائها وأكد لهما أن مثل هذا الأمر لن يتكرر، ولم يكن يقصد قصف قادة حماس في #الدوحة في منشوره الذي أعطى فيه تحذيرا أخيرا للحركة، وعلمنا بالعملية قبل وقت قصير من وقوعها#الأخبار pic.twitter.com/DxWgeShtyR

— قناة الجزيرة (@AJArabic) September 9, 2025

مصداقية أميركا

وبالنظر إلى أن استضافة قطر لأكبر قاعدة عسكرية أميركية في المنطقة، وعن الرسالة التي تبعثها هذه الضربة إلى حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط، قال السفير ماك "بالطبع لن ترد الولايات المتحدة بطريقة عسكرية ضد إسرائيل، وكشريك للعرب المعتدلين، لا يمكن الاعتماد على إدارة ترامب".

ووجه حديثه بشكل خاص لمصر والأردن قائلا إن "عليهم اتخاذ الاحتياطات، فمعاهدات السلام والعلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ليست كافية لحماية مصالحهم الأمنية".

في حين أشار البروفيسور جودت إلى أنه "ليس من الواضح ما إذا كانت واشنطن تعلم مسبقا، لكن الرسالة الواضحة هي أن الوجود الأميركي لا يمكن أن يمنع الهجمات الإسرائيلية".

وذكّر بأنه لدى حماس مكاتب في الدوحة بناء على طلب واشنطن، مثل حركة طالبان، وأن الولايات المتحدة أرادت أن يكون لديها قناة للتفاوض مع حماس "لكن الآن هذا الباب مغلق، وتشكل الضربة انتكاسة للعلاقات بين قطر ودول مجلس التعاون الخليجي مع الولايات المتحدة، ولجهود التطبيع".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات الولایات المتحدة البیت الأبیض الشرق الأوسط حرکة حماس

إقرأ أيضاً:

سمية الغنوشي: تسريبات إبستين تكشف تفكك نفوذ اللوبي الإسرائيلي وتفضح الفساد داخل واشنطن

قالت الكاتبة التونسية سمية الغنوشي، في مقال نشره موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، إن التسريبات الأخيرة المتعلقة بالملياردير الأمريكي الراحل جيفري إبستين أعادت فتح الباب أمام ما حاولت مؤسسات الحكم في واشنطن إبقاءه مطويا لسنوات طويلة، ليس من باب الفضائح الشخصية كما تروج وسائل الإعلام، بل من باب “النفاذ إلى ماكينة السلطة الأمريكية” التي تشكل وفق ما تكشفه الوثائق “مثلثا غير مقدس يجمع المال والسياسة والجنس”.

وترى الغنوشي أن هذه التسريبات لا تقتصر على فضح سقوط إبستين نفسه، بل تكشف عن شبكة نفوذ أجنبية “تعلمت كيف تحكم الولايات المتحدة عبر الإغراء والاعتماد والابتزاز”، مؤكدة أن المعلومات الواردة “ليست نظريات مؤامرة ولا أوهاما معادية للسامية، بل هي ما تؤكده الوثائق وسلوك واشنطن على حد سواء”.

إبستين: واجهة لجهاز استخبارات لا مجرد محتال
وتؤكد الكاتبة أن الملفات تكشف أن إبستين لم يكن مجرد محتال بارع صعد من مدرس رياضيات متواضع إلى عالم النخبة المالية، بل كان “واجهة اجتماعية لجهاز استخباري صمم ليفسد ويبتز ويهيمن”.

وتوضح أن شبكة علاقاته لم تكن صدفة، فمساعدته الأقرب غيسلاين ماكسويل هي ابنة روبرت ماكسويل الذي ارتبط اسمه منذ عقود بالتعاون الوثيق مع أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية. كما دفعت أموال إبستين إلى مشاريع يقودها رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك، الذي زاره مرارا حتى بعد إدانته في قضية تتعلق بالقاصرات، وكان يتولى إدارة شركة الأمن التكنولوجي الإسرائيلية Carbyne التي ضخ فيها إبستين جزءا من أمواله.

وترى الغنوشي أن هذه الروابط توضح أن الشبكة كانت جزءا من “منظومة تأثير أجنبية متغلغلة في مفاصل واشنطن”، وأن نفوذها وإن كان ما يزال كبيرا “بدأ يتجاوز حدوده”.


تراجع تاريخي في نفوذ أيباك… داخل الكونغرس
وتشير الغنوشي إلى أن العامين الأخيرين شهدا مؤشرات لافتة على تراجع سطوة اللوبي المؤيد لإسرائيل أيباك… لدرجة أن رحلاته السنوية لأعضاء الكونغرس باتت “تنهار”.

وفي حين شارك 24 نائبا ديمقراطيا جديدا في رحلاته عام 2023، لم يشارك هذا العام سوى 11 من أصل 33، فيما انسحب سبعة نواب في اللحظات الأخيرة رغم حجز التذاكر مسبقا. وحتى النائب الديمقراطي البارز هكيم جيفريز، المعروف بمشاركاته المتكررة، امتنع عن الذهاب.

وتضيف الغنوشي أن نوابا آخرين بدأوا بإرجاع التبرعات المرتبطة باللوبي، من بينهم عضو الكونغرس عن ولاية ماساتشوستس سيث مولتون، بينما أعلن كل من مورغان ماكغارفي وفاليري فوشي وديبورا روس توقفهم عن قبول أموال من أيباك.

وتنقل عن استطلاعات المعهد العربي الأمريكي أن الناخبين—خصوصا الشباب والديمقراطيين—باتوا يعتبرون دعم اللوبي للمرشحين “عامل خسارة انتخابية”، بعدما كان لعقود طويلة عاملا حاسما في الفوز.

وتذكر أن سياسيين وإعلاميين باتوا يواجهون ممثلي اللوبي مباشرة، ما أفقده "هالة الحصانة" القديمة، مستشهدة بمواقف محرجة واجهها السيناتور كوري بوكر عندما سئل إن كان نتنياهو "مجرم حرب"، إضافة إلى توتر غافين نيوسوم وجوش شابيرو عندما طرحت أمامهم أسئلة عن تأثير اللوبي على السياسة الأمريكية.

وتلفت إلى أن الأمر لم يقتصر على الديمقراطيين، إذ بدأ جمهوريون مثل تاكر كارلسون ومارجوري تايلور غرين وتوماس ماسي يهاجمون اللوبي علنا، في مشهد كان “مستحيلا قبل سنوات قليلة”.

وتنقل الغنوشي عن كاتب يهودي تقدمي قوله: “لم يعودوا يخافون من أيباك… بل يخافون من الارتباط بأيباك.” وترى أن مقطع الفيديو الذي نشره اللوبي مؤخرا، وفيه يصر على أنه “ممول من أمريكيين”، يعكس “حالة ذعر واضحة لا قوة”.

شرعية تتآكل… لكن النفوذ الخارجي ثابت
وتؤكد الغنوشي وجود مفارقة في المشهد الأمريكي: إذ بينما ينهار نفوذ اللوبي داخليا ويتراجع الدعم الشعبي له، يبقى تأثيره على السياسة الخارجية الأمريكية مستقرا وقويا.

وتوضح أن الرأي العام يتغير بسرعة، لكن "المؤسسات لا تتغير بالوتيرة ذاتها"، ولذلك تبقى قرارات واشنطن الخارجية “منحازة بالكامل لمصالح إسرائيل”، رغم تمرد قواعد الحزب الديمقراطي ورفض كثير من نوابه التمويل أو التعاون مع اللوبي.

وتقول إن نتائج هذا النفوذ “كارثية خارجياً”، مشيرة إلى أن سياسات الولايات المتحدة في العراق ولبنان وغزة وإيران جاءت منسجمة مع “الحسابات الاستراتيجية لإسرائيل”، لا مع المصالح الأمريكية، “وبتكلفة باهظة على الولايات المتحدة نفسها”.


وتذهب الغنوشي إلى أن الداخل الأمريكي يعاني تآكلا ديمقراطيا عميقا، حيث تحولت الانتخابات إلى “مزادات علنية”، وأصبح النواب “أصولا سياسية قابلة للاستثمار”، فيما يعاد تشكيل الرأي العام عبر مؤسسات إعلامية “تمولها الجهات نفسها التي تمول الطبقة السياسية”.

وتقول إن الحياة السياسية الأمريكية أصبحت “أداء مسرحيا” تديره نخب “تجعلها حياتها الخاصة رهائن سهلة للتحكم”.

ترامب: النموذج الأكثر وضوحا
وترى الكاتبة أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يقدم “أوضح مثال على هذا النموذج”، إذ بنى خطابه على شعار “أمريكا أولا”، بينما كانت ارتباطاته—وفق الغنوشي—“مرتبطة بقوة بنفوذ خارجي يقدم إسرائيل على أمريكا”.

وتضيف: “كان شعار أمريكا أولا مجرد مسرح… أما الحقيقة فكانت دائما إسرائيل أولا.”

وتختم الغنوشي بأن الولايات المتحدة باتت أمام سؤال لم يعد ممكنا دفنه أو تجاهله: من يحكم فعليا؟
هل هم الممثلون المنتخبون؟ أم الشبكة التي تمول حملاتهم، وتمتلك أسرارهم، وتستغل نقاط ضعفهم؟

وتسأل: كيف يمكن لدولة أن تدعي السيادة وقادتها “بهذه السهولة يبتزون”؟ وكيف لقوة عظمى أن تقود العالم وهي عاجزة عن إصلاح نفسها؟ وتؤكد أن الولايات المتحدة ستضطر عاجلا أو آجلا للإجابة بالفعل لا بالشعارات، على سؤال جوهري: لمن تنتمي الحكومة الأمريكية؟ للشعب… أم لتل أبيب؟

مقالات مشابهة

  • لماذا لا تكبح الولايات المتحدة جماح الاستيطان الإسرائيلي؟
  • مفاوضات حاسمة في جنيف.. واشنطن وكييف ودول أوروبا تبحث خطة ترامب للسلام
  • حركة حماس: تصاعد خروقات العدو يضع الوسطاء وأمريكا أمام مسؤولية التصدي لمحاولاته تقويض الاتفاق
  • صحيفة: واشنطن تدفع باتجاه "منطقة خضراء" خالية من "حماس" في غزة - تفاصيل
  • جنوب إفريقيا تؤكد: غياب الولايات المتحدة لن يعرقل «قمة العشرين»
  • باحث دولي لـ "الفجر": بن سلمان يعيد هندسة العلاقة مع واشنطن ويغلق الباب أمام التطبيع دون حلّ الدولتين
  • تراجع النفوذ الإسرائيلي في واشنطن.. ومخاوف من انتهاء عصر المظلة الأمريكية
  • سمية الغنوشي: تسريبات إبستين تكشف تفكك نفوذ اللوبي الإسرائيلي وتفضح الفساد داخل واشنطن
  • إثر مغادرته واشنطن.. ولي العهد يبعث برقية شكر لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية
  • ولي العهد يبعث برقية شكر لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية إثر مغادرته واشنطن