القاهرة تجمع بين ضبط النفس والحزم في أزمة السد| مصر تخاطب مجلس الأمن: النيل «خط أحمر» وإثيوبيا لا تملك شرعية فرض الأمر الواقع
تاريخ النشر: 10th, September 2025 GMT
لا تزال أزمة سد النهضة الإثيوبي تتصدر المشهد السياسي والدبلوماسي في المنطقة، باعتبارها واحدة من أكثر القضايا حساسية وارتباطًا بمصير الشعوب. وبينما تواصل إثيوبيا خطواتها الأحادية في تشغيل السد وتقديمه كأمر واقع، تتحرك القاهرة بخطوات محسوبة، تجمع بين الدبلوماسية والحزم، لتؤكد أن نهر النيل خط أحمر لا يمكن تجاوزه.
بدت فعاليات الاحتفال التي نظمتها أديس أبابا لتشغيل السد محاولة لإضفاء غطاء سياسي وإعلامي على مشروع يخالف الأعراف الدولية. ورغم هذه المحاولات، شددت القاهرة على أن السد يظل "إجراءً أحاديًا باطلًا" لا يترتب عليه أي أثر قانوني. فالمياه العابرة للحدود، وفقًا للقانون الدولي، ملكية مشتركة بين الدول المتشاطئة، وأي محاولة للاستحواذ عليها أو فرض السيطرة عليها بشكل منفرد تُعد تجاوزًا مرفوضًا.
الموقف المصريمنذ انطلاق المشروع بشكل أحادي، تبنت مصر سياسة ضبط النفس، فاختارت الحوار الدبلوماسي واللجوء إلى المنظمات الدولية، ليس ضعفًا أو عجزًا، بل إيمانًا بأهمية التعاون المشترك. وعلى الرغم من التعنت الإثيوبي والتسويف المتواصل، بقيت القاهرة متمسكة بمسار القانون الدولي، لتكشف أمام العالم أن الأزمة لم تعد مجرد مشروع تنموي، بل ورقة سياسية توظفها أديس أبابا لحشد الداخل على حساب استقرار المنطقة.
وشدّد اللواء محمد حمد، الخبير الاستراتيجي، على أن مصر ترسل رسائل واضحة عبر تحركاتها الأخيرة في مجلس الأمن، مفادها أن الحقوق التاريخية في نهر النيل خط أحمر لا يمكن تجاوزه.
إثيوبيا ومحاولات فرض الأمر الواقعيرى الخبير أن تنظيم إثيوبيا فعاليات للترويج لانتهاء وتشغيل السد ما هو إلا محاولة لإضفاء شرعية شكلية على مشروع يخالف القانون الدولي والأعراف المتعارف عليها. وأوضح أن هذه الخطوات لن تغيّر من واقع أن السد ما يزال يفتقر إلى أي سند قانوني، وأنها مجرد محاولة سياسية لفرض الأمر الواقع على حساب حقوق مصر والسودان.
ضبط النفس المصري واستراتيجية كسب الدعم الدوليوأشار حمد إلى أن القاهرة، رغم ما تواجهه من استفزازات، ما زالت تضبط النفس وتطرق أبواب المؤسسات الدولية، وهو ما يعكس فهمًا عميقًا لأهمية كسب المواقف العالمية. فمصر، بحسب تعبيره، نجحت في وضع إثيوبيا في صورة الدولة المتمردة على الشرعية الدولية، مما يزيد من عزلتها ويكشف أن الأزمة ليست مجرد مشروع تنموي، بل قضية سياسية ذات دوافع داخلية لدى أديس أبابا.
رسائل مصر وخطوطها الحمراءأكد الخبير أن القاهرة بعثت برسالة مفادها أن الأمن المائي لمصر ليس موضع مساومة. وأضاف أن أي تصور بقبول مصر بالأمر الواقع هو "وهم سياسي"، فتمسكها بالمسار القانوني لا يعني التخلي عن حقها في اتخاذ إجراءات أخرى يقرها ميثاق الأمم المتحدة إذا لزم الأمر.
خطوة محسوبة بين الدبلوماسية والحزمأوضح حمد أن خطاب مصر لمجلس الأمن جاء مدروسًا، إذ جمع بين إبداء حسن النية والالتزام بالدبلوماسية، وبين رسم حدود واضحة لا يمكن تجاوزها. فهي تبقي باب التعاون مفتوحًا، لكنها في الوقت نفسه تضع قيودًا صريحة على أي استمرار للنهج الأحادي الإثيوبي.
نهر النيل ليس ورقة مساومةتثبت القاهرة، من خلال خطواتها المتعاقبة، أنها قادرة على الجمع بين الحكمة الدبلوماسية والصلابة الاستراتيجية. فهي لا ترفض التنمية في إثيوبيا ولا تعارض حقها في الاستفادة من مواردها، لكنها ترفض أن يكون ذلك على حساب حياة أكثر من مئة مليون مصري يعتمدون على النيل كمصدر وحيد للمياه. ومع استمرار الأزمة، يبقى الموقف المصري ثابتًا: لا مساومة على الحقوق التاريخية، ولا قبول بمحاولات الهيمنة الأحادية، فالنيل بالنسبة لمصر ليس مجرد نهر، بل شريان حياة ووجود.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: مصر النيل الأزرق قانون الأمم المتحدة نهر النيل القاهرة نهر النیل
إقرأ أيضاً:
عقب حكمها لتثبيت قرار صدام وخالد.. الأعلى للدولة يرفض محاولة إحياء المحكمة الدستورية
رفض المجلس الأعلى للدولة أي محاولات لتسييس القضاء أو استخدامه كأداة لتكريس الانقسام المؤسسي، مؤكدا تمسكه بأن الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا هي المرجعية الوحيدة للرقابة الدستورية في ليبيا.
وأضاف المجلس في بيان له، أنه تابع بقلق بالغ ما صدر عن “المحكمة الدستورية العليا”، من حكم يقضي بتحصين قرارات مجلس النواب المتعلقة بتعيينات القائد العام للجيش الليبي وترقيات الضباط، معتبرا إياها محاولة لتقويض السلطات القائمة عبر شرعنة خطوات أحادية من طرف واحد، وتهديدا للتوازن المؤسسي وتعميق الانقسام.
كما حمل الأعلى للدولة مجلس النواب المسؤولية عن المضي في تشريعات أحادية تفتقر إلى التوافق، معتبرا مسارها يهدد وحدة البلاد ومؤسساتها.
واعتبر المجلس أن هذه الخطوة تعد خطرا مباشرا على وحدة السلطة القضائية، من خلال خلق ازدواجية بين المحكمة العليا صاحبة الاختصاص الأصيل وهذه المحكمة المستحدثة، فضلا عن كونها دليلا على تسييس المؤسسة المستحدثة التي حُصنت بقرارات أحادية.
ودعا المجلس المجتمع الدولي وبعثة الأمم المتحدة إلى عدم التعاطي مع هذه المحكمة المستحدثة، مؤكدا دعمه الكامل لاستقلال القضاء الليبي ووحدته، والحفاظ على سيادة القانون ووحدة المؤسسات.
يذكر أن مجلس النواب، أقرّ في ديسمبر 2022، قانونا لإنشاء محكمة دستورية عليا في مدينة بنغازي، لتحل محل الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا في طرابلس، وهو قانون لاقى اعتراضا من المجلس الأعلى للدولة والمجلس الرئاسي اللذين رفضاه جملة وتفصيلا.
وقضت المحكمة الدستورية العليا، في جلستها المنعقدة أمس الإثنين، بقبول طلب التفسير الدستوري المقدم من رئيس الحكومة المكلفة من البرلمان بشأن قرار رئاسة مجلس النواب المتعلق بترقية ضابط وتعيينه قائدا عاما للجيش الليبي، معتبرة أن القرار من الأعمال التشريعية الصادرة عن مجلس النواب.
المصدر: المجلس الأعلى للدولة
المجلس الأعلى للدولةرئيسي Total 0 Shares Share 0 Tweet 0 Pin it 0