دولة بلا ملامح.. بين فشل الحكومات وفساد الأحزاب
تاريخ النشر: 6th, October 2025 GMT
آخر تحديث: 6 أكتوبر 2025 - 9:28 ص بقلم: عماد الناصري في بلد يُفترض أن يكون وطنًا جامعًا لكل أبنائه، تحوّلت الدولة إلى كيان مشوَّه بلا ملامح واضحة، تديره حكومات عاجزة وفاسدة، لم تفشل فقط في بناء دولة مدنية عادلة، بل تعمّدت تحويل مؤسساتها إلى أدوات للنهب والسطو وتقاسم الغنائم.أحزاب السلطة، بشقيها العربي والكردي، دخلت في تحالف غير معلن لتقاسم مقدّرات الدولة، وتواطأت على خنق أي بادرة إصلاح حقيقي أو مشروع لبناء نظام ديمقراطي رصين.
فمنذ سقوط الدكتاتورية وحتى اليوم، لم نرَ سوى وعود جوفاء، وشعارات تُرفع في موسم الحاجة، ثم تُداس عند أول تقاطع مع مصالح السلطة والنفوذ. تحوّلت هذه الأحزاب إلى مافيات عائلية تدير البلاد بعقلية ما قبل الدولة الحديثة، حيث الولاء للزعيم والحزب والطائفة، لا للوطن ولا للمواطن. بات التدخّل في كل صغيرة وكبيرة من تفاصيل الحياة اليومية أمرًا معتادًا، بل فاضحًا. فحتى وظيفة إدارية بسيطة لا تُمنح إلا بـ”توصية حزبية”، وفقًا لمعادلات المحسوبية والمنسوبية ودرجة الولاء الشخصي، فيما يُطبّق القانون فقط على الفقراء والضعفاء، بينما يتنعم كبار الفاسدين بحصانات وتحالفات تقيهم الحساب والمساءلة. أما القضاء، الذي يُفترض أن يكون الحصن الأخير للعدالة، فقد سقط هو الآخر في مستنقع التسييس والانحياز، فتحوّل إلى أداة طيّعة بيد الأحزاب المتنفذة. لا يُعيَّن القاضي على أساس النزاهة والكفاءة، بل وفقًا لرغبات زعماء الكتل، فاندثرت العدالة وضاعت هيبة القانون. ففي عراق اليوم، لا مكان للقانون إلا إذا صادف هوى الزعيم أو صبّ في مصلحة الحزب. وتتكرر أمام أعيننا كل أربع سنوات مهزلة تُسمّى “انتخابات”، بينما هي في الواقع مسرحية مُعدة سلفًا، تُحسم نتائجها خلف الكواليس قبل أن تُفتح صناديق الاقتراع. البرلمان المنبثق عنها لم يعد يمثل إرادة الشعب، بل مصالح الكتل والأحزاب، وقد تحوّل إلى كيان طفيلي يمتص ما تبقى من موارد الدولة، عبر رواتب فلكية، ومخصصات لا يستحقونها، وصفقات فاسدة تُبرم في العتمة.والأدهى من ذلك، أن من يتصدّرون المشهد اليوم ينقسمون إلى فئتين: الأولى، “معارضون” سابقون في المنافي، لولا سقوط النظام البعثي لما تجاوزوا حدود المساعدات الاجتماعية في أوروبا، فكيف لهم اليوم أن يقودوا دولة؟ والثانية، فئة انتهازية، برزت بعد 2003، استغلت الفوضى العارمة لبناء إمبراطوريات مالية على أنقاض المال العام، تحت عباءة الدين والطائفة والقومية والمظلومية، دون أن تمتلك أي مشروع وطني أو رؤية حقيقية لبناء دولة. وفي ظل هذا الانحدار، نشأت طبقة طفيلية من المتملقين والمنتفعين، ممن احترفوا “اللوكية” والتزلّف، وتنافسوا في تمجيد الزعماء وتقديس الأحزاب مقابل منصب أو راتب. لم تعد الكفاءة ولا الشرف معيارًا في التعيين، بل درجة الطاعة والخضوع. أحزاب السلطة لا يضيرها إن كان المسؤول السابق بعثيًا، أو فاسدًا، أو حتى صاحب سوابق، ما دام يؤدي فروض الولاء الحزبي ويُسبّح بحمد الزعيم.ما نعيشه ليس خللاً عابرًا، بل انهيارًا بنيويًا شاملًا، تقوده منظومة مفسدة ومُخرّبة عن سبق إصرار. وإن لم تتشكل مواجهة حقيقية وجذرية لهذا الخراب الممنهج، فإن القادم أسوأ، والدولة تقترب أكثر فأكثر من حافة الانهيار الكامل.إن ما يحدث اليوم ليس مجرد فشل في الإدارة، بل خيانة صريحة لمعنى الدولة ومفهوم الوطن، من قبل منظومة لا تؤمن أساسًا بفكرة المواطنة أو السيادة. لقد آن الأوان لنرفع الصوت عاليًا، بلا خوف ولا تردد: هذا الوطن ليس ملكًا للأحزاب. وهذه الدولة ليست مزرعة للزعامات. القضاء ليس سوطًا بيد المتنفذين. والبرلمان ليس مطبعة رواتب وامتيازات.
المصدر: شبكة اخبار العراق
إقرأ أيضاً:
بوتين يزور دولة طاجيكستان.. اليوم
يبدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم الأربعاء زيارة إلى طاجيكستان بمستوى زيارة دولة، وهو أعلى مستوى وفق البروتوكول الدبلوماسي.
ويبدأ برنامج الرئيس مساء 8 أكتوبر، بوضع إكليل من الزهور عند نصب إسماعيل السماني، الذي يعتبر مؤسس أول دولة طاجيكية. يلي ذلك مأدبة عشاء غير رسمية بحضور الرئيسين فلاديمير بوتين وإمام علي رحمون.
وفي صباح اليوم التالي، الخميس 9 أكتوبر، ستُعقد مراسم الاستقبال الرسمي في قصر الأمم في دوشنبه، مع تقديم وفدي البلدين والتقاط صورة جماعية.
بعد ذلك، يتضمن الجدول محادثة بين بوتين ورحمون وجها لوجه ومفاوضات ثنائية بمشاركة وفود موسعة. من المخطط مناقشة جميع مجالات التعاون، بما في ذلك المجالات السياسية والأمنية والتجارية والاجتماعية والثقافية والإنسانية. كما سيتبادل القادة وجهات النظر حول القضايا الأكثر إلحاحا في جدول الأعمال الدولي والإقليمي.
وقال مساعد الرئيس الروسي يوري أوشاكوف: "من المتوقع أن يوقع الرئيسان في ختام المفاوضات بيانا مشتركا حول تعميق علاقات الشراكة والتحالف الاستراتيجي. وسيحدد البيان معالم جديدة للتفاعل الروسي الطاجيكستاني".
بعد ذلك، سيتبادل الوفدان الوثائق الموقعة، وسيلقي الرئيسان بيانين للإعلام. بعد ذلك، وكما أعلن الكرملين، سيقام حفل استقبال رسمي بمشاركة وفدي البلدين.
ويرافق بوتين إلى دوشنبه وفد مميز يضم أكثر من 20 شخصا بشكل عام، بينهم نائبا رئيس الوزراء أليكسي أوفرتشوك ومارات خوسنولين.
كما سيزور طاجيكستان، وفقا لأوشاكوف، وزير الدفاع أندريه بيلاوسوف، ووزير الداخلية فلاديمير كولوكولتسيف، ووزير التنمية الاقتصادية مكسيم ريشيتنيكوف، ووزير المالية أنطون سيلوانوف، ووزير العدل قسطنطين تشويتشينكو، ووزير الصناعة والتجارة أنطون أليخانوف، ووزير العمل أنطون كوتياكوف، ووزير التربية سيرغي كرافتسوف، ووزير الصحة ميخائيل موراشكو، ووزير النقل أندريه نيكيتين.
بالإضافة إلى هؤلاء، يضم الوفد رئيس قوات حرس الوطن فيكتور زولوتوف، ومدير الخدمة الفيدرالية للتعاون العسكري التقني دميتري شوغايف، ورئيسة الهيئة الفيدرالية لحماية حقوق المستهلك ورفاهية الإنسان آنا بوبوفا، ورئيس هيئة الطاقة الذرية الروسية أليكسي ليخاتشوف، والمديرة العامة للمركز الروسي للتصدير فيرونيكا نيكيشينا، وآخرون.
وسيشارك بوتين في دوشنبه أيضا في اجتماعات متعددة الأطراف. ففي 9 أكتوبر، ستعقد القمة الثانية "آسيا الوسطى - روسيا".
كما أفادت وزارة الخارجية الطاجيكستانية، سيجري مناقشة القضايا المتعلقة بتطوير التفاعل متعدد الأوجه. وسيكون تنسيق الجهود في مكافحة الإرهاب والتطرف والاتجار غير المشروع بالمخدرات والتحديات العابرة للحدود الأخرى في مركز الاهتمام. ومن المخطط اعتماد بيان ختامي وخطة عمل مشتركة في ختام القمة.