اليوم تمر الذكرى الـ52 على انتصار أكتوبر على العدو الصهيونى وما زلت أتذكر تفاصيل هذا الانتصار العظيم رغم أننى كنت فى المرحلة الابتدائية.
كنا فى اليوم العاشر من شهر رمضان الكريم عندما فاجأتنا الإذاعة المصرية بالبيان الأول للعبور فى تمام الساعة الرابعة و6 دقائق.
أذكر عقب هذا البيان تغير كل شىء فى الشارع المصرى، فرحة لا يمكن وصفها بعد سنوات من الانكسار عقب نكسة يونيو ١٩٦٧، امتلأت الشوارع بالمواطنين الذين خرجوا تلقائياً يرفعون الأعلام ويهتفون «الله أكبر».
فى المساجد دوت التكبيرات، وفى الإذاعة المصرية انطلقت الأغانى الوطنية، تبادل المصريون الأحضان والدموع، فبعد ست سنوات من مرارة الهزيمة عام ١٩٦٧ جاءت لحظة العبور لتعيد الكرامة والعزة لكل مصرى.
فقد انطلقت مع دقات الثانية ظهراً ساعة الصفر، وبدأت الطائرات المصرية أولى الضربات الجوية المكثفة على مواقع العدو فى عمق سيناء، لتفتح الطريق أمام أعظم عملية عبور فى التاريخ العسكرى الحديث. وفى وقت قياسى، نجح أبطال القوات المسلحة فى اقتحام قناة السويس وتحطيم خط بارليف الحصين، ذلك الحاجز الذى قيل عنه إنه «لا يقهر».
أما فى البيوت والمقاهى فكانت جموع الشعب المصرى تلتف حول أجهزة الراديو فى انتظار بيانات جديدة عن بطولات الجيش المصرى بعد البيان الأول للعبور، تتابع انتصارات الجيش المصرى بلهفة، وكل خبر عن نجاح الجيش كان يستقبل بالزغاريد.
ورغم حالة الزهو والفرحة المصاحبة للانتصار كانت هناك حالة من الخوف والقلق تسيطر على أغلب الأسر التى لديها مقاتلون على الجبهة، وكنا من بين هذه الأسر، فقد كان لدينا ثلاثة أبطال فى ساحة القتال، أخى محمد مسعد الهلوتى مجند بسلاح المدفعية، وخالى ممدوح محمد رمضان نقيب احتياط بسلاح المشاة وكان من أوائل الذين عبروا قناة السويس وزوج خالتى النقيب مصطفى أبوالهدى بسلاح الحرب الكيماوية.
كنا وقتها ما زلنا فى حى بولاق أبوالعلا الشعبى العريق وكنت أذهب مع والدتى بعد الإفطار، إلى بيت جدى فى السبتية نتلمس أى أخبار عن خالى النقيب ممدوح رمضان، وإلى ورشة القطن للاطمئنان على زوج خالتى النقيب مصطفى أبوالهدى، إلى أن توقف القتال يوم ٢٨ أكتوبر، وعادوا بعد ذلك سالمين منتصرين، مع زملائهم من أبطال الجيش المصرى، وبعد أن سجل التاريخ واحدة من أعظم البطولات العسكرية فى العصر الحديث، وتحطيم أسطورة «الجيش الذى لا يقهر»، واستعادة العزة والكرامة العربية بعد سنوات من الانكسار والهزيمة.
ولم يكن العبور مجرد عملية عسكرية، بل كان معجزة هندسية وبطولة إنسانية، شارك فيها الجنود والمهندسون والمقاتلون فى تلاحم غير مسبوق، ليصنعوا ملحمة أعادت لمصر والأمة العربية ثقتها بنفسها.
ورغم مرور ٥٢ عاماً على هذا الانتصار العظيم ما زلت أتلمس هذه الذكرى العظيمة فى أغانى وأفلام النصر التى خلدت العبور العظيم وبطولات الجيش المصرى، وخاصة أفلام النجم الرائع الراحل محمود ياسين، التى أحرص على متابعتها حتى الآن «الرصاصة لا تزال فى جيبى» و«بدور» و«الوفاء العظيم»، ومعها فيلم «أيام السادات» لرئيس جمهورية التمثيل الرائع أحمد زكى، وما زلت أستمع فى ذلك اليوم إلى أجمل الأغانى التى صاحبت انتصار أكتوبر ومنها «بسم الله الله أكبر»، أول أغنية أذيعت عن حرب أكتوبر عام 1973، وكتب كلماتها عبدالرحيم منصور ولحنها بليغ حمدى فى وقت قياسى مستلهماً الكلمات من هتافات الجنود المصريين. وواجه بليغ حمدى صعوبة فى العثور على مطربين بسبب تشديد الإجراءات الأمنية، فاستعان بمجموعة من عمال وموظفى مبنى الإذاعة والتليفزيون، وأغنية «عبرنا الهزيمة» للعظيمة شادية، و«أم البطل» لشريفة فاضل وأغنية «عاش اللى قال» و«صباح الخير يا سينا» أيضاً لعبدالحليم، وأغنية «على الربابة» لوردة الجزائرية.
وفى الختام فإن حرب أكتوبر ليست مجرد ذكرى للنصر فقط وإنما هى رمز متجدد للعزة والبطولة والتضحية والفداء من أجل مصر.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: العبور العظيم الإذاعة المصرية الجیش المصرى
إقرأ أيضاً:
سفير عمان يهنئ الشعب المصرى بذكرى نصر أكتوبر المجيد
حرص سفير عمان عبدلله بن ناصر الرحبي علي تهنئة الشعب المصري بمناسبة الذكرى المجيدة لنصر السادس من أكتوبر.
وقال سفير عمان :يسرّني أن أتقدم إلى جمهورية مصر العربية الشقيقة، قيادةً وشعبًا،غص بأصدق التهاني وأطيب التبريكات، مستحضرين بكل فخر واعتزاز تضحيات الأبطال الذين سطّروا أعظم ملاحم البطولة والفداء دفاعًا عن الكرامة والسيادة الوطنية.
إن هذه المناسبة التاريخية الخالدة تظل مصدر إلهام للأجيال، ودليلًا حيًا على ما يمكن تحقيقه بالإرادة الصلبة، ووحدة الصف، والإيمان بعدالة القضية.
وكل التقدير والاعتزاز للقوات المسلحة المصرية الباسلة، التي تُعدّ الركيزة الصلبة لأمن مصر واستقرارها، ولأمن المنطقة بأسرها.
نسأل الله أن يديم على مصر الشقيقة نعمة الأمن والتقدم، وأن يحقق لها المزيد من العزة والازدهار.
السفير عبدالله بن ناصر الرحبي سفير سلطنة عمان بجمهورية مصر العربية ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية