إن من التحديات التي يواجهها الشعر الشعبي تكمن في كيفية قراءة النصوص بشكل صحيح، وكيفية تلقّيها دون أن تفقد جماليتها، وحيويتها، ونبضها، فمن المتعارف عليه ـ تقليدياـ هو أن «الشعر الشعبي شعر شفاهي»، أي أن الكتابة والتدوين طارئان عليه، حيث لا يزيد عمر فترة التدوين للشعر العاميّ عن أربعين عاما تقريبا، ولذلك فقراءته من المتلقي أمر لم يعتد عليه، وهو لذلك يحتاج إلى قارئ متمكن، ومتذوق، يستطيع أن يقرأه دون أن يُفقده قيمته الفنية، والجمالية، ودون أن «يعك» في قراءته، ويُنقص من بهائه.
ويبقى على الشاعر في المقام الأول أن يكتب قصيدته بشكل صحيح، كي تصل إلى المتلقي بشكل سليم، وهو يحتاج إلى دقة في الإملاء الكتابي، ودقة في «رسم» الكلمة في الوقت نفسه، ففي أحيان كثيرة يعتمد الشعر الشعبي على التسكين في موضوعات يصعب التسكين فيها، وقد تحتاج الكلمة إلى الإدماج مع الكلمة التي تليها كي يخرج الوزن سليما، وهو كذلك بحاجة إلى علامات الترقيم لكيلا تختلط الكلمات مع بعضها، وأحيانا يحتاج الشاعر إلى كتابة الكلمات كما تنطق، لا كما اعتادها القارئ، ولذلك تبقى مسألة دقة الكتابة، والملاحظة عنصرين أساسيين للقراءة الصحيحة، والنطق السليم للأبيات.
وفي أحيان كثيرة، يحتار الكاتب أو الشاعر في طريقة الرسم الحروفي للقصيدة، خاصة في بعض الفنون الشعبية التي نسمعها، ولا نستطيع كتابتها كما ينطقها الشاعر، ولا يمكن في الوقت نفسه كتابتها كما اعتادها القارئ، وهذا تحدٍ آخر، فمثل هذه الفنون كـ «المسبّع» و«الميدان» يصعب كتابتها بشكل دقيق، وتبقى لذتها في نطق الشاعر لها، أما كتابتها فقد تفقدها متعتها، وانسيابيتها، وجمالها، وفي كل الأحوال يحتاج القارئ إلى أدوات خاصة به، يمتلكها كي يقرأ أي نص شعبي بطريقة سليمة، وهي سمة قد لا تجدها إلا في الشعراء، أو في المتذوقين من الدرجة الأولى للشعر العامي.
ورغم كل المحاذير التي يتخذها الشاعر القارئ، إلا أن القراءة الصحيحة للشعر المكتوب قد تخون المتلقي، فقد يقرأها مكسورة، أو غير مفهومة، أو غير متسقة مع المعنى العام، ولذلك يبقى دور القارئ الواعي، والمتذوق الفطن الذي يستطيع القراءة في كل الظروف، وبكل اللهجات، يعينه على ذلك كاتب/ شاعر متمكن يجيد الإملاء، ويكتب قصيدته بشكل سليم، كي يتلقاها المتلقي بشكلها الذي يريده لها شاعرها، أما التخبط في الكتابة، أو الكتابة بشكل خاطئ فذلك يصعّب الأمر لدى المتلقي، ويحد من تواصله مع النص، ويشكّل قطعا لا يمكن وصله بين الشاعر، والقصيدة والقارئ، ولذلك على الشاعر أن يحرص على كتابة نصوصه بطريقة صحيحة لأن ذلك هو أول نقاط الالتقاء بين المتلقي والنص.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
محلل سياسي: تراجع شعبية دونالد ترامب إلى نحو 28%
شهد عدد من المطارات الأمريكية اضطرابات في حركة الطيران، نتيجة تعطل الرحلات الجوية على خلفية غياب عدد كبير من العاملين في القطاعات الفيدرالية، وفي مقدمتهم المراقبون الجويون، وذلك في ظل الإغلاق الحكومي الذي تعيشه الولايات المتحدة حالياً بسبب الخلافات الحادة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري بشأن تمويل تشغيل الحكومة الفيدرالية.
وقال الدكتور مهدي عفيفي، المحلل السياسي، خلال مداخلة هاتفية لبرنامج "الساعة 6" المذاع على قناة الحياة وتقدمه الإعلامية عزة مصطفى، إن الإغلاق الحكومي أدى إلى توقف عدد كبير من الموظفين الفيدراليين عن العمل، بعد أن طُلب منهم البقاء في منازلهم دون رواتب لحين التوصل إلى اتفاق لإعادة فتح الحكومة.
وأشار عفيفي إلى أن هذه الأزمة تعكس حالة من الارتباك السياسي العميق في العاصمة واشنطن، خصوصاً مع تراجع شعبية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حيث أظهرت آخر الإحصاءات انخفاض نسبة تأييده إلى نحو 28%، وهي الأدنى لرئيس أمريكي معاصر.
وحذّر عفيفي من أن استمرار حالة الإغلاق والصراع الحزبي قد يؤثر على توجهات الناخبين في الانتخابات النصفية المقبلة لمجلسي النواب والشيوخ، مما قد يمنح الديمقراطيين فرصة لاستعادة السيطرة على الكونغرس. وأوضح أن جوهر الخلاف يتمثل في سعي الجمهوريين إلى تقليص مخصصات برامج الرعاية الصحية التي تم إقرارها في عهدي الرئيسين السابقين باراك أوباما وجو بايدن، في محاولة لكسب رضا القاعدة الانتخابية الداعمة لترامب.