ذكرت وكالة "فرانس برس"، في تقرير ميداني، أن المدنيين السودانيين العالقين وسط المعارك الطاحنة بين الجيش وقوات الدعم السريع يواجهون ظروفا إنسانية قاسية في المدن المحاصرة بغرب البلاد، حيث يعجزون عن الحصول على الغذاء ويضطر بعضهم إلى أكل أوراق الأشجار للبقاء على قيد الحياة.

وتسببت الحرب المستمرة في السودان منذ أكثر من عامين في مقتل عشرات الآلاف ودخول ملايين المدنيين في دائرة المجاعة، مع انتشار الأمراض والأوبئة وانعدام المساعدات الإنسانية في المناطق التي يفرض فيها الحصار.



وأجرت "فرانس برس" مقابلات مع سكان ثلاث مدن محاصرة من قبل قوات الدعم السريع، هي الفاشر عاصمة شمال دارفور، وكادوقلي وديلينغ في جنوب كردفان، حيث يسعى مقاتلو الدعم السريع إلى السيطرة عليها من الجيش السوداني.

في مدينة الفاشر، قال عمر آدم، وهو نازح من مخيم أبو شوك، إن القصف لا يتوقف طوال اليوم، مضيفاً: "نقضي أغلب الوقت داخل الملاجئ التي حفرناها قرب المنازل".




وأشار إلى أن المواطنين يحفرون ملاجئ بدائية في الساحات العامة وأمام بيوتهم للوقاية من القصف، وأن كل شيء في المدينة "انعدم حتى الأمبز"، وهو علف حيواني مصنوع من قشور السمسم والفول السوداني.

وأكد أن مغادرة المدينة أصبحت "باهظة وغير آمنة"، بينما أشارت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان، دينيس براون، إلى تقارير عن "عمليات قتل غير قانونية واختطاف واعتقالات تعسفية" ضد المدنيين أثناء محاولاتهم الخروج من الفاشر.

وكشفت صور الأقمار الصناعية التي حللها "مختبر البحوث الإنسانية" بجامعة ييل الأمريكية، بحسب "فرانس برس"، أن قوات الدعم السريع بنت جداراً بطول 68 كيلومتراً حول الفاشر، لا يترك سوى مخرج واحد يتعرض فيه المدنيون للابتزاز مقابل العبور.

وفي المدينة نفسها، قالت حليمة عيسى، وهي أم لثلاثة أطفال فقدت زوجها في قصف مدفعي، إن أسرتها تعتمد على "وجبة التكية"، وهو مطبخ عام يقدم وجبات مجانية للسكان. وأضافت: "حين تتوقف التكية عن العمل لا نأكل، وإذا مرض أحد الأطفال لا علاج".

وبحسب "تنسيقية لجان مقاومة الفاشر"، بلغ سعر جوال الأمبز أكثر من مليوني جنيه سوداني (نحو 600 دولار)، وهو مبلغ لا تستطيع معظم الأسر تحمله.

وفي شهادة لطبيب من مستشفى الفاشر ـ طلب عدم ذكر اسمه لدواعٍ أمنية ـ قال للوكالة إنه لم يغادر المستشفى منذ ثلاثة أشهر بسبب "نقص الأدوية حتى الشاش الذي نغطي به الجروح انعدم"، مضيفا أن الطاقم الطبي اضطر لاستخدام "قماش الناموسيات لربط الجروح"، وأن تعقيم الأدوات الطبية أصبح شبه مستحيل لانعدام المعقمات.




وأوصفت "تنسيقية لجان مقاومة الفاشر" المدينة بأنها "مشرحة مفتوحة تنزف من كل الجهات"، مشيرة في بيان إلى أن "القذائف تنهمر كما المطر"، وأن "الأجساد تُنتشل من تحت الركام بلا أسماء ولا وجوه، فقط أرقام في سجل طويل من المجازر".

أما في جنوب كردفان، فقالت هاجر جمعة (28 عاما) إن قوات الدعم السريع تحاصر مدينة كادوقلي بالكامل، مضيفة: "نحصل على وجبة واحدة في اليوم، وفي كثير من الأيام لا وجبات نهائياً، فنلجأ لأوراق الشجر والنباتات".

وأكد الطبيب المتطوع حسن أحمد من مستشفى الأطفال في كادوقلي أن "الناس يموتون كل يوم أمامنا، وكان من السهل إنقاذهم في الظروف العادية"، مشيراً إلى أن الصيدليات شبه فارغة ولا توجد أدوية.

وحذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" من أن 63 ألف طفل يعانون سوء تغذية حادا في جنوب كردفان.

كما شمل الحصار مدينة ديلينغ، حيث قال مجاهد موسى (22 عاما) إن الأسعار "تتضاعف يوميا"، ما يدفع الكثير من السكان إلى الفرار نحو القرى المجاورة.

وأوضح الصديق عيسى، المتطوع في إحدى مجموعات الإغاثة، أن "الأجهزة الأمنية" استولت على شحنة من بسكويت الأطفال كانت أرسلتها "يونيسف"، مشيراً إلى أن الجيش باع محتوياتها في الأسواق.

كما نقلت "فرانس برس" عن شهود قولهم إن الجيش احتجز شحنة مساعدات أخرى من برنامج الأغذية العالمي دون توزيعها على المحتاجين.




وفي سياق متصل، أدانت المحكمة الجنائية الدولية، الأسبوع الماضي، علي محمد علي عبد الرحمن، المعروف باسم "علي كوشايب"، كأول قائد ميليشيا يحاكم على ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور السوداني قبل أكثر من عشرين عامًا.

ووجهت المحكمة إلى كوشايب 27 تهمة تشمل القتل، والاغتصاب، والاضطهاد، والتعذيب، فيما ستُحدد عقوبته في جلسات لاحقة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية السودانيين دارفور كردفان السودان أفريقيا دارفور كردفان المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الدعم السریع فرانس برس إلى أن

إقرأ أيضاً:

قتلى بقصف لقوات الدعم السريع وتحرك جديد للجنائية الدولية بشأن دارفور

سقط 12 شخصا بين قتيل وجريح إثر قصف لقوات الدعم السريع شرقي مدينة الأبيض في ولاية شمال كردفان وسط السودان، في حين عقدت المحكمة الجنائية الدولية اجتماعا في لاهاي مع النائب العام السوداني.

وقال مصدران عسكريان للجزيرة إن مسيّرة تابعة لما سمياها مليشيا الدعم السريع قصفت ظهر اليوم السبت ساحة قرب من مركز للشرطة في حي طيبة جنوب شرقي مدينة الأبيض.

وأكد المصدران أن القصف أدى إلى مقتل 3 أشخاص على الأقل وإصابة 9 آخرين وُصفت حالة بعضهم بالخطرة.

وفي وقت سابق، قال مصدر عسكري للجزيرة إن الجيش قصف مواقع للدعم السريع في بلدة أم عدارة جنوبي كردفان.

وأضاف المصدر أن قوات الدعم السريع قصفت مدينة أم روابة، مما أدى إلى إصابات بين المدنيين.

وأشار إلى أن طائرة مسيّرة لقوات الدعم السريع استهدفت مواقع للجيش في مدينة كوستي بولاية النيل الأبيض جنوبي البلاد، مشيرا إلى أن الاستهداف أدى إلى تدمير عربة قتالية للجيش وإصابة ركابها.

وتشهد ولايات إقليم كردفان الثلاث (شمال وغرب وجنوب) اشتباكات ضارية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ أسابيع أدت إلى نزوح عشرات الآلاف في الآونة الأخيرة.

مصادر أمنية للجزيرة: 3 قتلى و9 جرحى في غارة بمسيرة تابعة للدعم السريع على حي سكني بمدينة الأبيض في كردفان#الأخبار pic.twitter.com/umSvJmHrGk

— قناة الجزيرة (@AJArabic) December 13, 2025

خفض التمويل

وعلى صعيد الوضع الإنساني، قال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إنه سيضطر إلى خفض حصص الغذاء المقدمة للمجتمعات التي تواجه المجاعة في السودان اعتبارا من الشهر المقبل بسبب نقص التمويل.

ووصف نائب رئيس البرنامج الوضع في السودان بأنه أسوأ كارثة على مستوى الغذاء في العالم، حيث يعاني 20 مليون سوداني من سوء التغذية، بينهم 6 ملايين يقفون على حافة المجاعة.

إعلان

وقال مدير قسم التأهب والاستجابة للطوارئ في البرنامج روس سميث في إفادة مرئية للصحفيين إن البرنامج "سيضطر بدءا من يناير/كانون الثاني إلى خفض حصص الغذاء بنسبة 70% للمجتمعات التي تواجه المجاعة، وبنسبة 50% للمجتمعات المعرضة لخطر الانزلاق إليها".

وأضاف سميث أن الأزمة التمويلية مرشحة للتفاقم خلال الأشهر المقبلة، مشيرا إلى أنه "اعتبارا من أبريل/نيسان سنواجه حالة انهيار على صعيد التمويل"، مما يهدد قدرة البرنامج على الاستمرار في تلبية الاحتياجات الغذائية الأساسية لملايين المحتاجين بالسودان.

"الجنائية الدولية"

من ناحية أخرى، كشفت المحكمة الجنائية الدولية عن عقد لقاء هذا الأسبوع في مقرها بلاهاي جمع نزهة شميم نائب المدعي العام بالنائبة العامة السودانية انتصار أحمد عبد الله.

وأوضحت المحكمة في منشور على منصة إكس أن اللقاء كان بنّاء وتناول الأوضاع في السودان وآفاق التعاون في ما يتصل بالتحقيقات التي يجريها مكتب المحكمة بشأن إقليم دارفور.

وأشارت إلى أنها كانت قد أكدت سابقا مباشرتها تحقيقات بشأن جرائم حرب محتملة وقعت مؤخرا في دارفور.

وفي السياق ذاته، دعا السودان المجتمع الدولي إلى الوقوف مع ما سماه الجانب الصحيح من التاريخ بتكثيف الضغوط وتصنيف قوات الدعم السريع كيانا إرهابيا.

وقال مندوب السودان الدائم لدى الأمم المتحدة السفير مجدي أحمد مفضل في إحاطة للبعثات الدبلوماسية المعتمدة بفيينا بشأن الأوضاع الإنسانية في السودان إن تجاهل المجتمع الدولي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الدعم السريع منذ اندلاع الحرب شجعها على التمادي في ارتكاب المزيد من الجرائم المروعة والفظائع غير المسبوقة.

العقوبات البريطانية

بالمقابل، قال الباشا طبيق مستشار قائد قوات الدعم السريع إن العقوبات التي أعلنتها بريطانيا على 4 من قادة قوات الدعم السريع تفتقر إلى الأسس القانونية والبيانات الموضوعية.

وأوضح طبيق على حسابه في فيسبوك أن المملكة المتحدة لم توفد لجان تحقيق مستقلة للتأكد من الاتهامات الموجهة، مشيرا إلى أن الإجراءات التي اتخذتها متحيزة.

واعتبر أن هذه العقوبات تشجع ما سماها الجماعات الإرهابية التي تقاتل إلى جانب الجيش.

ويشهد السودان حربا بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ أبريل/نيسان 2023 أدت إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح نحو 13 مليون شخص، فضلا عن تفاقم أزمة إنسانية توصف بأنها من الأسوأ عالميا.

مقالات مشابهة

  • مسؤولة ألمانية تبحث مع مناوي وقفاً فورياً لإطلاق النار وتدين انتهاكات الفاشر
  • فرض عقوبات على قادة الدعم السريع السوداني
  • انتهاكات وحشية..حاكم دارفور: أولويتنا حماية المواطنين من اعتداءات الدعم السريع
  • الجيش السوداني يُدمر ارتكازات ومعدات عسكرية للدعم السريع
  • قتلى بقصف لقوات الدعم السريع وتحرك جديد للجنائية الدولية بشأن دارفور
  • المملكة المتحدة تعلن فرض عقوبات على كبار قيادات قوات الدعم السريع
  • الأمم المتحدة: المدنيين في دارفور وكردفان ما زالوا يواجهون عنفا متصاعدا وعشوائيا
  • WP: الفاشر تعيش كارثة إنسانية وصمت العالم يفتح الباب لأسوأ مأساة في السودان
  • انتهاكات بلا سقف.. حصار وقتل واغتصاب.. «الدعم السريع» يوسع دائرة الدم في كردفان
  • شبكة أطباء السودان: 19 ألف محتجز بسجون الدعم السريع بجنوب دارفور