أطياف
صباح محمد الحسن
وتحاول الحكومة السودانية إيجاد مخرج من دائرة الاتهامات التي وضعتها فيها الولايات المتحدة الأمريكية، عقب إعلان وزارة خارجيتها فرض عقوبات عليها على خلفية استخدام الأسلحة الكيميائية.
وقد وقفت حكومة السودان قبل يومين أمام منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لتنفي هذه الاتهامات
وفي خضم جهود الولايات المتحدة لإثبات اتهامها، وانشغال الحكومة بالنفي، نشر فريق مراقبي قناة “فرانس 24” في باريس، أمس الأول، تقريرًا كشف عن أدلة تشير إلى استخدام القوات المسلحة السودانية لغاز الكلور في هجماتها على مصفاة الجيلي النفطية ومحيطها شمال الخرطوم، وذلك في حادثتين وقعتا خلال شهر سبتمبر من عام 2024، أثناء محاولة الجيش استعادة السيطرة على المنطقة من قوات الدعم السريع.
ويُعد هذا التقرير من أخطر ما نُشر في هذا السياق، لما انطوى عليه من إحراج بالغ للحكومة السودانية، التي وجدت نفسها في مواجهة مباشرة مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، لأنه جاء في وقت حساس تزامن مع مشاركتها في الدورة الـ110 للمجلس التنفيذي للمنظمة. وقد سارع الوفد السوداني إلى تقديم نفي رسمي، مؤكدًا التزام الحكومة الكامل بأحكام الاتفاقية الدولية لحظر استخدام الأسلحة الكيميائية، ومشددًا على حرصها المستمر على تنفيذ بنودها بكل جدية ومسؤولية.
وجاء هذا التأكيد ضمن بيان رسمي قدمه وفد جمهورية السودان تحت بند النقاش العام، حيث عبّر عن دعم السودان للجهود الدولية الرامية إلى بناء عالم خالٍ من الأسلحة الكيميائية، وتعزيز السلم والأمن الدوليين، لا سيما في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه النظام الدولي.
وأشار البيان إلى استمرار انخراط الحكومة السودانية في حوار بنّاء مع الولايات المتحدة الأمريكية بشأن المزاعم التي أُعلنت في مايو 2025 حول استخدام أسلحة كيميائية في عام 2024. وأوضح الوفد أن هذه المزاعم تخضع لتحقيقات دقيقة، وأن السلطات السودانية تتعامل معها بمنتهى الجدية، في إطار التزاماتها الدولية. كما نوه بأن مجلس السيادة الانتقالي قد أصدر القرار رقم (2025/139)، والذي ترتب عليه تشكيل لجنة فنية تضم مختصين من الجهاز الوطني لحظر الأسلحة الكيميائية، إلى جانب كوادر طبية، وخبراء في الطب العدلي والأدلة الجنائية، وممثلين عن جهات وطنية أخرى ذات صلة، وذلك بهدف التحقق من الوقائع وتقديم نتائج موضوعية تستند إلى المعايير. الدولية المعتمدة.
وفي المقابل، أورد فريق التحقيق التابع لقناة “فرانس 24” في تقريره أنه استخدم تقنيات التحقيق مفتوحة المصدر، وبعد مراجعة صور الهجمات التي جمعها المراقبون، أكد خمسة خبراء أن تلك الصور تتوافق مع نمط الإسقاط الجوي لبراميل الكلور. وأوضح الفريق أن الجيش السوداني وحده يمتلك الطائرات القادرة على تنفيذ هذا النوع من القصف.
كما تتبع فريق المراقبين مصدر أحد براميل الكلور المستخدمة في الهجمات، حيث تبين أنه تم استيراده من الهند بواسطة شركة سودانية تُعنى بتوفير الإمدادات للجيش السوداني، وكان الغرض المعلن وفقًا للمصدر الهندي “حصريًا لمعالجة مياه الشرب”. ويُعد الكلور مادة حيوية وإنسانية في السودان، تُستخدم لتنقية المياه في بلد يعاني خطر تفشي وباء الكوليرا.
وفي معرض الرد، أكد الوفد السوداني أن اللجنة الوطنية تواصل أعمالها، رغم الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد نتيجة الحرب المفروضة منذ أبريل 2023، والتي أثرت بشكل مباشر على البنية المؤسسية والقدرات الفنية للجهات المعنية.
واختتم الوفد بيانه بدعوة جميع الدول الأطراف في اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية إلى دعم تحقيق شفاف تجريه الأمانة الفنية للمنظمة.
ومعلوم أن الحكومة رفضت السماح للجان الدولية للتحقيق الأمر الذي يجعل لجنتها الوطنية غير جديرة بالثقة سيما في مثل هذه القضايا الخطيرة
ومعلوم أن الكلور تم استخدامه في الحرب العالمية الأولى، ولم يُتهم أي نظام في العالم باستخدامه سوى النظام السوري والنظام السوداني.
طيف أخير
هتاف رئيس مجلس الوزراء “عاش الرئيس أفورقي” هو دليل واضح على أن كامل إدريس عجز عن إثبات أنه رجل دولة، حتى لنفسه!!
الوسومصباح محمد الحسنالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: صباح محمد الحسن الأسلحة الکیمیائیة
إقرأ أيضاً:
غرف الطوارئ السودانية شبكة شبابية رُشحت مرتين لجائزة نوبل للسلام
غرف الطوارئ السودانية شبكة شبابية تطوعية نشأت بعد اندلاع الحرب في السودان عام 2023، بهدف تقديم الإغاثة والدعم للمدنيين المتضررين من النزاع.
تضم الشبكة أكثر من 700 غرفة تنشط في مجالات الصحة والإجلاء والدعم النفسي وحماية النساء والأطفال، ونالت إشادة دولية واسعة، كما رُشّحت مرتين لجائزة نوبل للسلام تقديرا لجهودها الإنسانية في ظل ظروف الحرب الطاحنة.
ما غرف الطوارئ السودانية؟هي مبادرة مجتمعية تطوعية شبابية نشأت بعد اندلاع الحرب في السودان بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في 15 أبريل/نيسان 2023، وتهدف إلى تقديم المساعدات الإنسانية الأساسية للمدنيين المتضررين من النزاع، بما في ذلك الغذاء والرعاية الصحية والدعم النفسي والإجلاء.
وتتكون غرف الطوارئ من مجموعات من المتطوعين الشباب من مختلف التخصصات، بينهم أطباء ومهندسون ومعلمون وناشطون في مجالات الإغاثة والعمل المجتمعي.
وتستند هذه المبادرة إلى مفهوم "النفير"، وهو تقليد سوداني قديم يرتكز على التعاون والتكافل الاجتماعي، إذ يتكاتف أفراد المجتمع طوعا لمساعدة من يواجه ضائقة أو يحتاج لإنجاز مهمة جماعية مثل البناء أو الحصاد أو الإغاثة في أوقات الأزمات.
مجالات العمل
بحسب هند الطائف العضو في غرف الطوارئ بولاية الخرطوم، فإن الغرف تضطلع بمهام حيوية عدة، تشمل:
دعم التكايا المجتمعية والمراكز الصحية، وتوفير منظومات الطاقة الشمسية لتيسير عملها. تقديم المساعدة في عمليات الإجلاء للأشخاص الراغبين في الانتقال من منطقة إلى أخرى. تقديم الدعم للنساء والفتيات المعنّفات أو اللواتي تعرضن لانتهاكات، سواء عبر توفير البروتوكولات الخاصة بحالات الاغتصاب والتحرش الجنسي، أو بتقديم الدعم النفسي والطبي لهن. إنشاء مساحات آمنة للنساء وأخرى صديقة للأطفال تُقدم فيها أنشطة توعوية وترفيهية. تنظيم حملات مناصرة إعلامية تسلّط الضوء على القضايا الإنسانية والمجتمعية. إعادة تأهيل المدارس وتوفير الوجبات الغذائية للأطفال والمعلمين. تنفيذ حملات للإصحاح البيئي، وتوفير الأدوية في الصيدليات ومياه الشرب النظيفة للمجتمعات المحلية.وتضم غرف الطوارئ، البالغ عددها أكثر من 700 غرفة، مكاتب متخصصة من بينها مكتب الحماية والمكتب الطبي والمكتب النسوي ومكتب التمويل وغيرها.
إعلانويتميز الهيكل التنسيقي للغرف بكونه أفقيا ومجتمعيا، إذ تنقسم غرف الأحياء إلى لجان محلية، وتُشكل مجموعة غرف الأحياء وحدة إدارية مستقلة ثم تُنظم غرف المحليات، التي تتجمع لاحقا لتكوّن غرفة ولاية.
ويُشكل بعد ذلك مجلس تنسيق العمل القاعدي، الذي يضم ممثلين من جميع ولايات السودان البالغ عددها 18 ولاية، ويهدف إلى التنسيق بين الغرف والمنظمات التي تُقدم الدعم.
وتُمول غرف الطوارئ عبر دعم من منظمات دولية ووطنية، إضافة إلى تبرعات يقدمها الخيرون والأفراد ورجال الأعمال.
منذ بدء عملها، واجهت غرف الطوارئ السودانية جملة من التحديات التي أعاقت أداءها الميداني، ومن أبرزها نقص التمويل مقارنة بحجم احتياجات المجتمع، إذ لا تكفي الموارد المتاحة لتغطية احتياجات المتضررين، بحسب مصادر.
كما تعاني أيضا من وجود منظمات وسيطة بينها وبين الجهات المانحة نتيجة عدم تسجيلها بصورة رسمية، وهو ما يؤدي إلى تقليص قيمة المنح المقدمة ويحد من فاعلية إيصال الدعم في الوقت المناسب.
إلى جانب ذلك، تشكل البيروقراطية الإدارية -إجراءات إدارية رسمية معقدة- إحدى العقبات التي تسبب في تأخر وصول المساعدات الإنسانية، إضافة إلى غياب الحماية الكافية للمتطوعين، مما يجعلهم عرضة لمخاطر جسيمة تشمل الاستهداف والاعتقال والتعذيب.
وبحسب هند الطائف، فقد تجاوز عدد المتطوعين الذين فقدوا حياتهم حتى عام 2025 أثناء أداء مهامهم الإنسانية مئة متطوع.
ويضاف إلى ذلك تصنيف بعض المتطوعين بشكل خاطئ على أنهم يتبعون لأحد أطراف الحرب، الأمر الذي عرضهم لمزيد من المخاطر.
ترشيحها لجائزة نوبل للسلامفي الثالث من أكتوبر/تشرين الأول 2024، أعلن معهد أبحاث السلام في أوسلو عن ترشيح غرف الطوارئ السودانية لنيل جائزة نوبل للسلام، واصفا إياها بأنها "رمز للأمل والصمود في وقت تمر فيه البلاد بأزمة إنسانية حادة".
وأشار بيان المعهد إلى أن هذه الغرف أدت دورا رئيسيا في تقديم المساعدات الإنسانية الأساسية لملايين السودانيين، بما في ذلك الرعاية الطبية للنازحين والفئات الأكثر ضعفا.
وبحسب بيان المعهد، تعمل هذه الغرف بشكل لا مركزي وتواجه تحديات أمنية ونقصا في الموارد، ورغم ذلك تستمر في تقديم الخدمات الإنسانية الأساسية للأشخاص المتضررين من النزاع.
وفي يناير/كانون الثاني 2025، ظهرت غرف الطوارئ ضمن قائمة مرشحي معهد أبحاث السلام لنيل جائزة نوبل للسلام.
وقال هنريك أوردال، مدير المعهد إن "غرف الطوارئ تمثل دليلا دامغا على قوة الصمود المحلي والعمل الجماعي في مواجهة الحرب الوحشية"، مضيفا أن عمل أفرادها يسلط الضوء على الجهود المترابطة اللازمة لتعزيز العدالة والسلام في العالم.
وأوضح المعهد أن "منح جائزة نوبل للسلام لمبادرة إنسانية مثل غرفة الطوارئ السودانية من شأنه أن يبرز الأهمية الحاسمة للوصول إلى المساعدات المنقذة للحياة في أوقات النزاع".
فوزها بجوائز أخرىفي أواخر أبريل/نيسان 2025، أعلن الاتحاد الأوروبي منح جائزته لحقوق الإنسان لشبكة غرف الطوارئ في السودان، تكريما لدورها الإنساني في مواجهة تداعيات الحرب في البلاد.
إعلانوقال مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إن غرف الطوارئ أظهرت شجاعة استثنائية والتزاما راسخا بتقديم المساعدات أثناء الحرب.
وفي 17 سبتمبر/أيلول من العام نفسه، أعلنت لجنة جائزة رافتو النرويجية لحقوق الإنسان منح جائزتها للعام 2025 إلى غرف الطوارئ السودانية، تقديرا لجهودها في حماية الحق في الحياة.
وتُمنح جائزة البروفيسور ثورولف رافتو التذكارية لحقوق الإنسان سنويا للأفراد أو المنظمات الذين تميزوا في عملهم من أجل حقوق الإنسان والديمقراطية.
وبعد أسبوعين من حصولها على جائزة رافتو، حصدت غرف الطوارئ السودانية جائزة مؤسسة "رايت ليفليهود" في ستوكهولم، التي تُعرف أيضا بـ"نوبل البديلة".
وفازت غرف الطوارئ بالجائزة "لبنائها نموذجا مرنا للتكافل وسط الحرب وانهيار الدولة، يتيح دعم ملايين الأشخاص بكرامة"، وفقا للمؤسسة المانحة للجائزة.