التراحم الاجتماعي لمواجهة التحديات.. قال الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية السابق: إن قضية التراحم بين العالمين هي قضية الإسلام الأولى، وقد حث الإسلام في تكامله على الرحمة ودعا إلى التراحم والرفق في الأمور كلها.

فقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107].

وقال صلى الله عليه وسلم مخبرًا عن نفسه: «إنما أنا رحمة مهداة».

 

التراحم المجتمعي

وأوضح عبر موقع دار الإفتاء الرسمى، أن التشريع الإسلامي إنما يجسد موضوع الرحمة والتراحم المجتمعي، وهو ما يلاحظ من استقراء التشريع وتتبعه بشكل كامل.

شوقي علام بعد تعيينه بمجلس الشيوخ: جعلنا الله عند حسن ظن قيادتنا وشعبناشوقي علام: التعليم حق أصيل للطفل وتتحمل مسئوليته الأسرةشوقي علام: حماية السائح ليست فقط التزامًا قانونيًا بل واجب شرعي عليناشوقي علام: الصحابة تركوا الآثار في البلاد المفتوحة دون المساس بها

مكانة الرحمة والتكافل في الإسلام
وأضاف ان التشريع في أمره ونهيه إنما يحقق المصلحة في جانب الأوامر ويدفع المفسدة في جانب النواهي، وكلاهما رحمة للعالمين، فضلًا عن أن المنظور الشرعي يلحظ مصلحة الخلق في الدنيا والآخرة، فالإسلام في نظرته إلى التراحم إنما ينظر إليها نظرة كليةً شاملة، بحيث نشعر أن التشريع يحيط الإنسان بالرحمة منذ ولادته وحتى يوم الدين.


وتابع: والتطبيق العملي للتشريع في إجراءاته المتنوعة يهتم بقضية التكافل والتراحم، نجد ذلك مبثوثًا في أمور الشريعة كلها، كالإعانة للطوائف المحتاجة، كما نرى أن تشريعات الزكاة جاءت متكاملة لتصب في صالح المحتاجين، والحكمة منها هي كفاية المحتاج، حيث لا يشعر بالتهميش والدونية؛ بما يدفعه للتفاعل مع المجتمع مؤثرًا فيه ومتأثرًا به إيجابًا لا سلبًا.


ونوه ان هذه الطوائف المحتاجة في مجملها هي طوائف مستهلكة قابلة للاستهلاك بشكل عام فكلما ملكت مالًا استهلكته، ومردود ذلك جيد عند الاقتصاديين لما يمثله من دوران عجلة الاقتصاد فيرتد أثر ذلك على المجتمع بعمومه، ولهذا قال الرسول الكريم: «ما نقصت صدقة من مال».

 فالمعطي وإن كان له فضل العطاء، فإن ثمرة الصدقة تعود إلى المتصدق بدورها، عن طريق دوران عجلة الإنتاج وانتعاش الاقتصاد وحركة السوق، وذلك لب نظرية التشغيل التي نادى بها الاقتصادي الإنجليزي جون ماينرد كينز لإعادة دوران عجلة الاقتصاد بعد الكساد الكبير، وهو كذلك ثمرة نظرية الزكاة في الإسلام، عن طريق تزويد الفقراء والمحتاجين بالصدقات بما يخلق لديهم القدرة على الاستهلاك ومن ثم تشغيل عجلة الإنتاج.


وذكر أن تشريعات الزكاة تشمل ثمانية مصارف حددها العلماء، ومصرف في "سبيل الله" يتسع لجملة الخير كله، وقد بحثنا حكم إعطاء الزكاة للاجئين والمتضررين من السيول والكوارث في دار الإفتاء، فوجدنا الفقهاء بحثوه بحثًا ماتعًا اعتبروا فيه المتضرر كالمنقطع مثله مثل ابن السبيل حتى يجتاز ظرفه الطارئ هذا، وعليه قِيس المتضررون من الكوارث والسيول على مصرف ابن السبيل.

الحث على التراحم والتكافل
ولفت الى أن هناك نصوص كثيرة تحث على التراحم والتكافل، وهي من الكثرة بحيث يصعب حصرها، حيث يصف ربنا نفسه بالرحمة ابتداءً، وعليه يبتدئ المسلم عمله صغيرًا كان أو كبيرًا بـ "باسم الله الرحمن الرحيم"، وكل عمل الإنسان يجب أن يكون مشتقًّا من الرحمة ليثمر التراحم، حيث: «الراحمون يرحمهم الرحمن»، وهذا التعبير الرائع يصلح عنوانًا لكل إنسان مسلم، بحيث يجب أن تكون حياته رحمة وتراحمًا مع غيره.

 فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمؤمنين رؤوفًا رحيمًا، لم يضرب حيوانًا ولا نباتًا ولا جمادًا، كان يحث عل الرفق في كل شيء، والرفق من ثمرات التراحم واستحضاره يولد الرحمة بكل ما في الوجود حتى الجماد؛ دخلت امرأة النار في هرة حبستها، ودخلت بَغِيٌّ الجنةَ في كلب سقته. ثم يرتفع صلوات ربي عليه وسلامه بالرحمة إلى ذراها عندما يعامل الإنسان إلى درجة أنه لم يضرب زوجًا ولا ولدًا ولا خادمًا ولم يضرب على الجملة أحدًا بيده قط، وإنما هي يد الكرم والعطاء والرحمة، التي ترتكز في النفوس فتجد ثمرة ذلك على سلوك المسلم العام.


واختم كلامه قائلًا: تأتي إلى دار الإفتاء أسئلة كثيرة عن الزكاة والصدقات والإعانات، بما يعكس شعورًا جمعيًّا بضرورة التعاون والتكافل والتراحم، والوعي بهذه القضية يعكس ثقافة المجتمع ومدى حضور النموذج النبوي الموروث من رسولنا الكريم، والإنسان المسلم نموذج حضاري خُلق لنفع المجتمع فتجده ملبِّيًا كل نداء للخير.

طباعة شارك مكانة الرحمة والتكافل في الإسلام الزكاة الحث على التراحم والتكافل التراحم الرحمة التراحم الاجتماعى

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الزكاة التراحم الرحمة

إقرأ أيضاً:

بالفيديو.. مرافعة تاريخية لـ النيابة العامة في قضية المتهمة بقتل زوجها وأطفاله الستة بالمنيا

نشرت الصفحة الرسمية للنيابة العامة عبر موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» مقطع فيديو يتضمن مرافعة النيابة العامة في القضية رقم 13282 لسنة 2025 جنايات مركز ديرمواس، وذلك في إطار تنفيذ إستراتيجية النيابة العامة للتدريب، فقد أُعدَّت هذه المرافعة تحت إشراف إدارة التفتيش القضائي، تفعيلًا لدور المرافعة باعتبارها من أهم أدوات تحقيق العدالة وإعلاء كلمة القانون.

كانت قد قررت محكمة جنايات المنيا، إحالة أوراق المتهمة بقتل أطفال دلجا الستة ووالدهم، عن طريق دس السم في الخبز لهم، بدافع غيرتها من عودة طليقته إلى عصمته، بدير مواس بمحافظة المنيا، لفضيلة المفتي لإبداء الرأي الشرعي في إعدامها.

وكانت قد أحالت النيابة العامة المتهمة بقتل زوجها وأطفاله الستة في قرية دلجا التابعة لديرمواس، إلى محكمة الجنايات المختصة، وجاء القرار بعد ثبوت ارتكابها جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار باستخدام مادة سامة، بالإضافة إلى الشروع في قتل الزوجة الأولى للزوج.

وتعود الواقعة إلى خلافات أسرية بين المتهمة، وهي الزوجة الثانية، وزوجها وأسرته، بعدما قرر الزوج إعادة زوجته الأولى إلى عصمته، هذا القرار أثار حفيظة الزوجة الثانية، التي أقدمت على تنفيذ جريمة بشعة للتخلص من أبناء الزوج الستة وزوجها نفسه، انتقامًا من الزوجة الأولى.

وكشفت التحقيقات أن المتهمة استغلت اعتيادها على إعداد الخبز في منزلها وإرساله إلى أسرة زوجها، فمزجت مبيدًا حشريًا شديد السمية يُعرف بـ «الكلورفينابير» بقطعة خبز، وقدّمته لأحد الأطفال، وبعد أن تدهورت حالته الصحية أيقنت فعالية المادة السامة، وبعد أربعة أيام أعادت الكرة بخلط المبيد ذاته في عدة أرغفة خبز وأرسلتها إلى باقي الأطفال ووالدهم، مما أسفر عن وفاتهم جميعًا، في حين نجت الزوجة الأولى لامتناعها عن تناول الخبز.

واعتمدت النيابة العامة في إقامة الدليل على المتهمة على أقوال الشهود وتحريات الشرطة، إضافة إلى تسجيلات كاميرات المراقبة التي رصدت اثنين من الأطفال يحملان الخبز المسموم من منزل المتهمة إلى مسكنهم، كما أسفرت معاينة النيابة رفقة خبراء الطب الشرعي عن ضبط بقايا الخبز وأدوات الطهي الملوثة بالمادة السامة، وتأكد وجود آثار المبيد فيها بعد الفحص المعملي.

وأكد تقرير الصفة التشريحية أن الوفاة جاءت نتيجة تعرض الضحايا للمادة السامة التي تسببت في انهيار التنظيم الحراري للجسم وفشل الأجهزة الحيوية، وهذه النتائج جاءت متطابقة مع التحقيقات وأقوال الشهود، مما عزز من قوة الأدلة ضد المتهمة.

وأثناء استجوابها، اعترفت المتهمة تفصيليًا بارتكاب الجريمة، وروت خطوات تنفيذها بدقة، بل وأجرت محاكاة تصويرية للواقعة، وهو ما أكد تورطها المباشر في ارتكاب الجريمة البشعة التي راح ضحيتها الأب وأبناؤه الستة.

وبإحالة المتهمة إلى محكمة الجنايات، تنتظر قرية دلجا وأهالي محافظة المنيا الحكم القضائي في واحدة من أبشع الجرائم التي شهدتها المحافظة في السنوات الأخيرة، والتي خلفت صدمة عميقة في المجتمع المصري لما حملته من قسوة غير مألوفة داخل الأسرة الواحدة.

اقرأ أيضاً«لفرض إتاوة».. القبض على سايس وضع أحجار بجوار الرصيف بمحيط مبنى ماسبيرو

18 سنة سجن. أحكام مشددة على 7 متهمين في قضايا مخدرات بالمنيا

مقالات مشابهة

  • رسائل الإسلام للتجار والاعتدال في البيع والشراء
  • يوسف المنسي: القدوة الحقيقية تُرى بالسلوك ولا تُقال في الشعارات
  • الترشيد واعتدال الانفاق في الإسلام .. الإفتاء توضح كيفية تجنب التبذير
  • بوتين يشكر ميلانيا ترامب لمساعيها في قضية الأطفال الأوكرانيين
  • عقوبة القتل في الإسلام ومصير فاعله في الآخرة
  • حكم رعاية كبار السن وبرّهم بالشرع
  • بالفيديو.. مرافعة تاريخية لـ النيابة العامة في قضية المتهمة بقتل زوجها وأطفاله الستة بالمنيا
  • "سيد المسكين" الترند المجني عليه على صفحات التواصل الاجتماعي
  • دعاء الرحمة والسكينة "اللهم اصلح الحال وارح البال"