ترامب وحماس.. المستأجر السيئ أفضل من العقار الشاغر!
تاريخ النشر: 17th, October 2025 GMT
لماذا تتقلب مواقف ترامب حيال حماس؟
بدأ دونالد ترامب الأسبوع مثنيا على حركة حماس لـ"حفظها النظام" في قطاع غزة، وأنهى الأسبوع مهددا بـ"الدخول وقتلها" ما لم تتوقف عن قتل الناس، قد يبدو هذا، بالنسبة لمعظم القادة، اضطرابا، أما بالنسبة لترامب، فهو تكتيك محسوب.
إن تعامله مع إعادة بسط حماس لسيطرتها في غزة يكشف عن قوة وهشاشة منهجه في آن.
لكن سرعان ما وجه ترامب برد فعل عنيف. اتهم مسؤولون إسرائيليون حماس بالإعدامات، وحذر القادة الأميركيون من إضفاء الشرعية على منظمة إرهابية.
وفي غضون ثمان وأربعين ساعة قلب ترامب موقفه. أعلن عبر حسابه على منصة "تروث سوشال": "إذا استمرت حماس في قتل الناس، فلن يكون لدينا خيار سوى الدخول وقتلهم".
بيد أن هذا الانقلاب الكلي في موقفه ليس عشوائيا، وينسجم مع منطق ترامب نفسه الذي يظهر بحلة اللامنطق أحيانا.
التناقض المحسوب
تقلبات الرئيس الأميركي ليست ترددا وحسب، بل آلية ثابتة لإدارة بحثه عن المزيد من النفوذ. فمن خلال التأرجح بين التساهل والترهيب، يبقي ترامب جميع الأطراف معتمدة على خطوته التالية. ترى حماس في "تفهمه لها" درعا مؤقتا، وترى إسرائيل في موقفه العام دعما مشروطا. يعتقد كل طرف أنه يستطيع استمالته مباشرة، وهو ما يمنحه السيطرة على الجميع. ففي عالمه، ليس اللامتوقع عيبا، بل شكل من أشكال القوة.
البراغماتية الترامبية
على عكس الرؤساء الأميركيين السابقين، ليس لدى ترامب أي أوهام حول إصلاح حماس. وهو لا يتعامل معها كحركة يجب تغيير سلوكها، بل كقوة أمر واقع محلية يجب إدارتها في هذه اللحظة الانتقالية. وما تسامحه معها الآن إلا لأن في ذلك ما يحمي صورة وسمعة الاتفاق الذي دفع الجميع إليه، ولا يريد له أن يلوَّث بأي "أخبار سيئة". في نظرته العقارية للجيوسياسة، التي تشكل عمق تفكيره، المستأجر السيئ أفضل من العقار الشاغر.
وكأن ترامب يحاول تأجيل التحدي الذي يعلم أنه سيصل إليه لاحقا، عندما تبدأ عملية إعادة الإعمار، ويرفض ذلك "المستأجر" المغادرة.
صورة القوة
التغيير المفاجئ في موقف ترامب غالبا ما يتقاطع أيضا، مع حاجات ومتطلبات السياسة الداخلية. قد يعجَب الناخبون الأميركيون بصنع الصفقات، لكنهم يعاقبون الضعف تجاه الإرهابيين. إن التهديد بـ"الدخول وقتلهم" يعيد إحياء العلامة التجارية الترامبية المألوفة: قاسية، حاسمة، وغير مقيدة بالشكليات الدبلوماسية. إنه يطمئن إسرائيل، ويرهب حماس، ويقدم نفسه بصورة المسيطر، حتى لو انطوت مواقفه على بعض الارتجال.
ومع ذلك، فإن لهذه الطريقة حدودا. تشوش التراجعات المستمرة على هيبة الردع، فإذا تبع كل تهديد انفتاح، وكل انفتاح تهديد، لن يعرف أي من الطرفين متى يجب أن يأخذ ترامب على محمل الجد. وعليه يؤدي التقلب الذي يمنح ترامب النفوذ والقوة، إلى تآكلهما مع الوقت، لأنه لن يحقق أكثر من امتثال قصير الأجل من قبل إسرائيل أو حماس، على حساب الثقة طويلة الأجل.
الحساب الأعمق
خلف هذه الفوضى يكمن منطق بارد. فدبلوماسية ترامب في غزة مبنية على ثلاث افتراضات:
1. يجب على شخص ما السيطرة على غزة الآن، حتى لو كان هذا الشخص حماس.
2. الرئيس الأميركي هو فقط من يملك النفوذ للتسامح مع حماس يوما، وتهديدها في اليوم التالي.
3. زخم الاتفاق أهم من اتساق بنوده. إذا صمد وقف إطلاق النار وفتح الباب أمام المراحل التالية، يمكن لترامب إعادة تغليف التناقضات على أنها مرونة.
إنها نسخة عالية المخاطر من فلسفته التجارية: أبرم الصفقة أولا، ثم اهتم بالتفاصيل والأوراق لاحقا. فمهما بدت النتيجة مفككة الآن سيكون دائما بوسع ترامب أن يوقف القتال.
المخاطرة القادمة
رهان ترامب هو أنه يمكن إدارة عدم الاستقرار من خلال الكاريزما والخوف. إذا أطاعت حماس سينسب الفضل إلى نفسه في تقييدها، وإذا تحدته سيمتلك التبرير الكافي لاستئناف القوة. في كلتا الحالتين، هو الضرورة التي لا غنى عنها. فهذه الاستراتيجية لا يمكن أن تستمر من دونه، لأنها تعتمد على التدخل المستمر من الرجل الذي يقف في مركز العاصفة.
إن تعامل ترامب المتناقض مع حماس ليس ارتباكا، إنه أسلوب حكم. فهو يشتري الطاعة من خلال الغموض، ويحقق السلام من خلال الذعر. لكن الاتفاقات المبنية على الخوف والارتجال نادرا ما تعيش طويلا بعد رحيل الاستعراضي الذي هندسها وفرضها على الجميع.
خلال أيام معدودة فقط، انقلب موقف ترامب من حماس رأسا على عقب! بدأ الأسبوع مثنيا على الحركة لـ"حفظها النظام"، وأنهى الأسبوع مهددا بـ"الدخول وقتلها". هذا ليس ارتباكا. إنه منطق ترامب في أوضح صوره ليبقي الجميع تحت السيطرة.
عندما شرعت حماس ببسط سيطرتها الأمنية، كان القبول بها "ضرورة قبيحة" في ظل عدم جهوزية أي بديل، وعندما أحس أن ردة الفعل في وواشنطن ستجعله يبدو في موقع "شرعنة الإرهاب" قلب ترامب الطاولة سريعا.
التساهل مع حماس يخدم صورة الصفقة، فزخم الاتفاق أهم من اتساق بنوده وتفاصيله.
والتهديد، على الضفة الأخرى، يخدم السياسة الداخلية، ويرضي الناخب الأميركي ويحيي العلامة التجارية الترامبية المألوفة: قاسية، حاسمة، ومسيطرة.
هذا التذبذب ليس ترددا، بل آلية للنفوذ. بالتأرجح بين الإغراء والترهيب، يبقي ترامب خيوط اللعبة في يده. حماس ترى فيه درعا مؤقتا ضد التحلل التام، وإسرائيل مضطرة لقبول شروطه كي تضمن استمرار الدعم.
أسلوب ترامب ليس ارتباكا، بل استراتيجية تحكم تشتري الطاعة بالغموض والسلام بإخافة المتقاتلين.
لكن لهذا حدوده أيضا!
فتقلب المواقف يشوّش على هيبة الردع ويؤدي إلى تآكل الثقة.
والدبلوماسية المبنية على الخوف والارتجال نادرا ما تعيش طويلا بعد رحيل الاستعراضي الذي هندسها.
المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات دونالد ترامب حماس الشرعية إعادة الإعمار النفوذ السلام الإرهاب دونالد ترامب حركة حماس حرب غزة الولايات المتحدة إسرائيل دونالد ترامب حماس الشرعية إعادة الإعمار النفوذ السلام الإرهاب أخبار فلسطين من خلال
إقرأ أيضاً:
التعرف على هوية جثة الرهينة العاشر الذي عاد إلى إسرائيل من غزة
(CNN)-- تم التعرف على جثمان الرهينة العاشر العائد إلى إسرائيل من غزة بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الأخير، وفقًا لما أعلنه كيبوتس الرهينة، السبت.
وقال متحدث باسم الكيبوتس في بيان: "يعلن كيبوتس نير عوز عودة إلياهو (تشرشل) مارغليت، لدفنه"، مشيرا إلى أن مارغليت قُتل في الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/ تشرين الأول قبل عامين، ونُقل جثمانه لاحقًا إلى غزة.
وأضاف: "سنذكره دائمًا كرجل طيب القلب، امتلأ عالمه بالعائلة والكيبوتس والطبيعة والحيوانات".
وسلّم الصليب الأحمر جثمان مارغليت، الجمعة، إلى الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك) في غزة، فيما أكدت حماس أيضًا تسليم الجثمان إلى الصليب الأحمر. وصرح المتحدث باسم الحركة، حازم قاسم، في بيان أن حماس "ستواصل العمل لإتمام عملية التبادل كاملةً".
ويوجد الآن 18 رهينة متوفين في غزة، في الوقت الذي تتصاعد فيه حدة الإحباط في إسرائيل بسبب تأخر إعادة جثث الرهائن المتبقين، وهو شرطٌ مُحدد في اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ الأسبوع الماضي.