#في_الميزان
د. #هاشم_غرايبه
المتأمل في أحوال الأمم عبر كل الحقب التاريخية، لا بد أن يلاحظ تميز أمتنا عن غيرها، باستيعاب الآخر واحترام حرية الاختلاف، بل هنالك مبالغة أحيانا بتقبل مخالفة الأقلية لمنهج الأغلبية.
ففي الأمم الأخرى يعتبر عدم اتباع منهج الأغلبية انشقاقا، فتتعرض هذه الأقلية للعزل والتهميش بحجة عدم الاندماج، وقد تتعرض للمضايقات والضغوط والحرمان من بعض حقوق المواطنة، كما يحدث حاليا في بعض بلدان العالم الثالث مثل الهند وميانمار والفلبين، وحتى في بلدان العالم الأول التي تدعي الديموقراطية واحترام حقوق الإنسان مثل الدول الأوروبية، حبث رأينا أكثر الأقطار ادعاء بالتنوير والانفتاح، لا تتقبل ثقافة الآخر، وتمارس الضغوط عليه لاتباع معتقدها وثقافتها، ورأينا ذلك ساطعا في معركة الحجاب في أغلب الأقطار الأوروبية.
فيما نجد لدينا احتراما كبيرا للأقليات سواء منها الدينية أو غير الدينية، وحرصا شديدا على عدم إيذاء مشاعرهم بعدم انتقاد معتقداتهم، رغم أن هنالك قناعات يقينية بفسادها، كونها مخالفة لمنهج الله، الذي لا يختلف اثنان على أنه المعيار الوحيد للتمييز بين الحق والباطل، ومعرفة الصواب من الخطأ في كل أمر.
ولو فحصنا نسبة توزيع المغانم والمناصب في دولنا، لوجدنا أن حصة هؤلاء الأقلية منها أكثر بكثير مما يستحقونه بمعيار نسبتهم المجتمعية، والتي لا تزيد كمعدل عام في الوطن العربي عن 5 %، لكن تجد أن من يشغلون الوظائف العليا من هذه الأقليات تصل الى 20 %، وفي الأردن مثلا ترى ذلك جليا بشكل لافت، إذ تزداد هذه النسبة كلما ارتقت المناصب في المؤسسات العلمية كالجمعية العلمية الملكية، والصحية كالمدينة الطبية والمالية كالبنك المركزي.
قد نفهم تفسير تلك المحاباة على المستوى الرسمي، أنها بسبب الضغوط الغربية على الحكومات العربية، لكن ما تفسير وجودها على مستوى القطاع الخاص وخاصة في مجال البنوك والشركات المالية وكبار الشركات الصناعية والتجارية؟.
لعل أسباب ذلك التميز والانفتاح على ثقافة الآخر، لدرجة المبالغة أحيانا، هو الطبيعة المتسامحة للمجتمعات العربية، فالثقافة الجمعية التي تراكمت مبنية على أساس الثقافة الاسلامية التي مبدؤها: “لكم دينكم ولي دين”، ولا إكراه في الدين، فمن شاء الهداية يؤمن، ومن شاء الضلال يكفر، ولا تزر وازرة وزر أخرى.
ولعمق القناعة بصواب اتباع منهج الله، لا تجد قلقا من وجود مخالفين، فمن عرف الاسلام لا يمكن أن يعود عنه، لأنه لا يوجد لدى أي معتقد مخالف ما يقنع العقل بالتحول عنه الى غيره، لذلك تجد المسلمين مطمئنين مسالمين.
بالمقابل فالمجتمعات الهندوسية أو البوذية لا تملك الا معتقدات فلسفية تهويمية، لا تسندها عقيدة وتشريعات، فلا يمكنها الصمود أمام منهج الله، لذلك يخشى عليها متبعوها من الزوال، فيلجؤون الى التعصب الانغلاقي وسيلة وحيدة أمام العقل المحاجج.
أما المجتمعات الأوروبية التي ما اتبعت دعوة المسيح إلا بعد أن (عدّلتها) لتتوافق مع معتقداتها الوثنية الشركية التي كانت عليها، فلا يمكن القول أنها تتبع المسيحية، وأبسط دليل أن تعاليمها تسامحية، لكننا في التطبيق لم نجد أي تسامح لدى الأوروبيون، فكل تاريخهم دماء ودمار، لذلك هم يقولون أن ثقافتهم هي مسيحية وليس معتقدهم، وذلك لأجل رفض الاسلام وليس قناعة بالمسيحية، ويستحضرون التعصب لها لتشكيل حاجز صد أمام دخول مواطنيهم فيه.
ويكشف ذلك تناقضهم، فهم رسميا يعلنون انتهاجهم العلمانية، فيما أغلب دولهم تضع في دساتيرها أنها مسيحية، وشعار الناتو هو الصليب، وهو مرسوم على أعلام سبع دول منهم.
كل ذلك يكشف كم هم يخشون الاسلام، وشراسة عدائهم لأنهم يعلمون أن انتشاره عندهم وشيك. مقالات ذات صلة الزواج المدني الاممي عبر الانترنت..الواقع والاهداف عولميا..رؤية تحليلية.. 2025/10/18
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: في الميزان هاشم غرايبه
إقرأ أيضاً:
بيروت تطالب بانسحاب إسرائيلي كامل من المناطق التي يحتلها في أراضيه
بيروت- أكد رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام، الخميس 16 اكتوبر 2025، أن "مشروع الحكومة هو استعادة الدولة"، على حد قوله.
وفي كلمة له خلال جولته في مدينة صيدا جنوبي البلاد، قال سلام: "نحن في حاجة إلى زيادة عناصر الأمن والجيش خصوصًا مع بدء انسحاب قوات اليونيفيل من الجنوب"، مطالبًا بانسحاب إسرائيلي كامل من المناطق التي تحتلها في الأراضي اللبنانية، وفق وكالة سبوتنيك الروسية.
وأشار إلى أن "الحكومة، منذ أشهر، وهي تعمل على مؤتمر دولي لدعم الأجهزة العسكرية والأمنية"، مؤكدًا أنها "لا تبخل في عملية إعادة الإعمار، ولكن الإمكانات ضئيلة جدا".
وأعرب رئيس الحكومة اللبنانية عن "ثقته في النجاح قريبًا، في عقد مؤتمرَين دوليين حول إعادة الإعمار والتعافي الاقتصادي ودعم الجيش والقوى الأمنية، من أجل إطلاق عجلة إنمائية وإعمارية".
وفي سياق متصل، أكد الرئيس اللبناني جوزيف عون، في وقت سابق، أنه "لا بد من التفاوض مع إسرائيل بهدف حل المشكلات العالقة بين الطرفين"، بالتزامن مع بدء تطبيق المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لإنهاء الحرب في غزة.
وقال عون، في تصريحات أمام وفد من الإعلاميين الاقتصاديين: "سبق للدولة اللبنانية أن تفاوضت مع إسرائيل برعاية أمريكية والأمم المتحدة، ما أسفر عن اتفاق لترسيم الحدود البحرية".
وسأل عون: "ما الذي يمنع أن يتكرَّر الأمر نفسه لإيجاد حلول للمشاكل العالقة؟"، مضيفًا: "اليوم، الجو العام هو جو تسويات ولا بد من التفاوض".
وفي وقت سابق، طلب رئيس الحكومة نواف سلام، من وزير الخارجية، يوسف رجي، تقديم شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن بشأن العدوان الإسرائيلي على منطقة المصيلح.
وقالت رئاسة مجلس الوزراء اللبناني، في بيان لها، إن سلام اتصل "بوزير الخارجية السفير يوسف رجي، وطلب منه تقديم شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن بشأن العدوان الإسرائيلي الأخير، الذي استهدف منشآت مدنية وتجارية في المصيلح"، مشددًا على أنه "يشكل انتهاكا فاضحا للقرار 1701 ولترتيبات وقف الأعمال العدائية الصادرة في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي".
وفي الأسبوع الماضي، شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي سلسلة غارات على بلدة المصيلح، قضاء صيدا، ما أدى إلى مقتل شخص وإصابة سبعة آخرين، إضافة إلى تدمير أكثر من 300 آلية بين جرافات وحفارات، وأضرار جسيمة في شبكة النقل على توتر عالي في منطقة المصيلح في الجنوب.
وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، صباح السبت الماضي، عن استهدافه مواقع تابعة لـ"حزب الله" اللبناني، زعم أنها كانت مخصصة لـ"إعادة إعمار البنى التحتية العسكرية" للحزب، لكن الحكومة اللبنانية نفت هذه المزاعم، مؤكدة أن الضربة الإسرائيلية استهدفت آليات مدنية.
يذكر أنه في الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، دوّت قذائف المدفعية والصواريخ الموجهة على الحدود الشرقية لجنوب لبنان، معلنة فتح صفحة جديدة من الصراع بين "حزب الله" وإسرائيل.
وفي سبتمبر/ أيلول 2024، بلغت المواجهات ذروتها، إذ بدأت بانفجار أجهزة النداء (البيجر) في مناطق عدة من لبنان، تلاه سلسلة اغتيالات طالت قادة في "حزب الله"، وصولاً إلى اغتيال الأمين العام الأسبق للحزب حسن نصر الله.