الإمارات تُرسِّخ مكانتها العالمية في الاستثمارات السحابية ومشاريع مراكز البيانات
تاريخ النشر: 19th, October 2025 GMT
تشهد دولة الإمارات طفرة نوعية في مشاريع مراكز البيانات والبنى التحتية السحابية، مدفوعة بتسارع التحول الرقمي الحكومي، واعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع، ما يعزّز مكانتها مركزاً إقليمياً رائداً للبنية التحتية السحابية ووجهة مفضّلة للاستثمارات الرقمية العالمية.
ووفق تقرير صادر عن مؤسسة «ريسرش أند ماركتس»، ينمو سوق مراكز البيانات في دولة الإمارات بوتيرة سريعة، إذ بلغت قيمته نحو 1.
ولا تقتصر الاستثمارات في هذا القطاع الحيوي على المشغلين العالميين، بل تشمل كذلك صناديق استثمارية ومؤسسات سيادية ومطورين محليين وإقليميين، بما يعكس الأهمية الاستراتيجية للبنية التحتية الرقمية كأصل وطني داعم للنمو الاقتصادي المستدام.
وأكد مسؤولون في شركات محلية كبرى وشركات عالمية، في تصريحات لوكالة أنباء الإمارات «وام»، أن الاستثمارات في مراكز البيانات في الإمارات اكتسبت زخماً كبيراً، لافتين إلى أن السحابات المحلية تُجسّد السيادة الحقيقية للبيانات داخل الدولة، إذ تمكّن المؤسسات من إدارة بياناتها وتشغيل حلول الذكاء الاصطناعي بأمان تام ضمن حدود الدولة. وأكد فهد الحساوي، الرئيس التنفيذي لشركة «دو»، أن الشركة تواصل الاستثمار بقوة في البنية التحتية الرقمية ومراكز البيانات الوطنية، بما يُسهم في دعم الاقتصاد الرقمي وترسيخ سيادة البيانات داخل الدولة.
وحول الاستثمارات المخططة للشركة في شبكات الاتصالات والبنية التحتية الرقمية خلال 2025، أفاد الحساوي بأنها بلغت 545 مليون درهم خلال العام الجاري، مقارنة بـ 442 مليون درهم في الفترة نفسها من عام 2024، فيما ارتفعت الكثافة الرأسمالية إلى 14% مقابل 12.3% في الربع الثاني من العام الماضي، ما يعكس تركيز الشركة على تعزيز استثماراتها في مراكز البيانات وتطوير شبكات الجيل الخامس ومنصة الخدمات السحابية الوطنية السيادية الفائقة.
ولفت الحساوي إلى أن هذه الاستثمارات تسهم في ترسيخ مكانة الإمارات كمركز إقليمي للاقتصاد الرقمي من خلال السيادة الحقيقية للبيانات داخل الدولة، وتسريع تبنّي الذكاء الاصطناعي، وجذب الاستثمارات والخدمات الرقمية، ودعم القطاعات الحيوية في الجهات الحكومية والقطاعات المتنوعة عبر حلول سحابية مُدارة، وترسيخ الاستدامة التشغيليّة باعتماد تقنيات رفع كفاءة الطاقة وخفض البصمة الكربونية.
من جانبه أكد إريك وان، نائب رئيس شركة علي بابا كلاود العالمية والمدير العام لمنطقة الشرق الأوسط وتركيا وآسيا الوسطى، أن السوق الإماراتي يتمتع بانفتاح اقتصادي وتشريعي يجعل منه بيئة مثالية لجذب الاستثمارات الكبرى في البنية التحتية السحابية والذكاء الاصطناعي. وأوضح أن دولة الإمارات والمنطقة من أسرع أسواق العالم نمواً في مجالي الخدمات السحابية والذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى أن الشركة تعتبر السوق الإماراتي محوراً رئيسياً في استراتيجيتها العالمية، ما دفعها لافتتاح مركز بيانات ثانٍ في دبي ضمن خطة استثماراتها الكبرى في البنية التحتية الرقمية.
بدوره أكد ياسين البقيولي، نائب الرئيس لتطبيقات الأعمال في منطقة الخليج بشركة أوراكل، أن الشركة تواصل تعزيز وجودها في دولة الإمارات عبر شبكة متقدمة من مراكز البيانات والخدمات السحابية الخاصة، لدعم المؤسسات الحكومية والخاصة وتمكينها من التحول الرقمي بسرعة وأمان. وقال أحمد شاكورا، نائب الرئيس الإقليمي لمجموعة كلاوديرا في الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا، إن طموحات دولة الإمارات في قيادة الاقتصاد الرقمي تستند إلى ركيزة أساسية غالباً ما تكون غير مرئية، تتمثل في شبكة مراكز البيانات السحابية المتقدمة التي تجاوزت دورها التقليدي كمستودعات للبيانات، لتتحول إلى محركات ديناميكية تدفع تبنّي تقنيات الذكاء الاصطناعي عبر بيئة آمنة قابلة للتوسع وعالية الأداء.
وأوضح أن الذكاء الاصطناعي لا يمكن أن يزدهر بمعزل عن البنى التحتية المتقدمة للبيانات، إذ يحتاج إلى وصول شامل لبيانات المؤسسات من المصادر المختلفة، بما في ذلك السُّحب العامة والخاصة والأنظمة المحلية وبيئات الحوسبة الطرفية، مشيراً إلى أن البنى السحابية الهجينة أصبحت من أهم الممكّنات الاستراتيجية في دولة الإمارات لتطوير هذه القدرات.
وأكد شاكورا أن مراكز البيانات السحابية أصبحت اليوم محفزاً رئيسياً للنمو الوطني من خلال تمكين المعالجة الآمنة لكميات ضخمة من البيانات وتوليد رؤى استباقية تعزز الكفاءة وتدعم الابتكار، مضيفاً أن هذه البنية الرقمية المتينة تمكّن الإمارات من تسريع نموها الاقتصادي وتعزيز تنافسيتها العالمية كمركز رائد للتحول الرقمي والابتكار التكنولوجي.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الإمارات الذكاء الاصطناعي الذکاء الاصطناعی التحتیة الرقمیة مراکز البیانات البنیة التحتیة دولة الإمارات إلى أن
إقرأ أيضاً:
مشاريع البنية التحتية الكبرى في سوريا تغري المستثمرين الخليجيين
سلط تقرير لصحيفة "لوموند" الفرنسية الضوء على اندفاع دول الخليج نحو الاستثمار في سوريا بعد سقوط نظام الأسد، وما يرافق ذلك من تحديات تتعلق بالشفافية والعقوبات وخطط إعادة الإعمار.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن دول الخليج كثفت منذ سقوط بشار الأسد إعلاناتها عن استثمارات في قطاعات النقل والطاقة والاتصالات، بهدف دعم جهود الرئيس أحمد الشرع في تثبيت استقرار سوريا خلال المرحلة الانتقالية.
وأوضحت الصحيفة أن السعودية وقطر سارعتا إلى إرسال مساعدات إنسانية وشحنات من المحروقات إثر سقوط النظام السابق. كما دفع البلدان 128 مليون دولار لتأمين رواتب موظفي القطاع العام لمدة ستة أشهر، وقاما بشطب ديون سوريا المستحقة للمؤسسات الإقليمية والدولية، بما في ذلك دين بقيمة 15 مليون دولار لفائدة البنك الدولي.
وبحسب الصحيفة، فإن الرئيس أحمد الشرع يعول على المستثمرين من دول الخليج لتمويل إعادة إعمار بلاده، وهي عملية قُدّرت تكلفتها بـ216 مليار دولار وفق البنك الدولي.
ويمتلك بعض هؤلاء المستثمرين أصولاً عقارية ومصرفية داخل سوريا، من بينهم الأمير السعودي الوليد بن طلال، الذي استعاد فندق "فورسيزونز" بعد أن صادره منه النظام السابق.
وقال الشرع في 29 تشرين الأول/ أكتوبر، خلال مشاركته في مؤتمر "مبادرة مستقبل الاستثمار" في السعودية: "نريد إعادة بناء سوريا عبر الاستثمارات لا عبر المساعدات"، مؤكداً حصول بلاده على 28 مليار دولار من الاستثمارات منذ توليه السلطة.
قطر في الصدارة
أكدت الصحيفة أن قطر تتصدّر قائمة التعهّدات الاستثمارية، فقد أعلنت "شركة أورباكون القابضة" التي تتولى قيادة ائتلاف تجاري قطري تركي أمريكي، مشروعاً لاستثمار 4 مليارات دولار في مطار دمشق الدولي.
وذكرت الصحيفة أنه في الثاني من كانون الأول/ ديسمبر 2025، وُضع الحجر الأساس لبناء محطة "التيم" لتوليد الكهرباء بمحافظة دير الزور، بواسطة "شركة أورباكون القابضة، بحضور وزير الطاقة السوري محمد البشير.
وكان الوزير السوري قد وقّع مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر عقوداً مع الأخوين الخياط، وهما رجلا أعمال قطريان من أصول سورية، لبناء ثماني محطات كهرباء خلال السنوات الأربع المقبلة، تشمل أربع محطات تعمل بالغاز وأربع محطات بالطاقة الشمسية، بقدرة إنتاجية إجمالية تبلغ 6 آلاف ميغاواط.
ويُتوقّع أن تعيد الاستثمارات القطرية المُقدَّرة بنحو 7 مليارات دولار إحياء شبكة الكهرباء السورية التي أنهكتها الحرب وندرة الاستثمارات.
وتعهّدت شركات سعودية بضخ 6.4 مليارات دولار من الاستثمارات في قطاعات الإسمنت والاتصالات والفلاحة والخدمات المالية.
أما في دولة الإمارات العربية المتحدة، رصدت "الشركة الوطنية للاستثمار" 2 مليار دولار لإنشاء مترو دمشق، بينما تتطلع مجموعة "موانئ دبي العالمية، العملاق العالمي في إدارة الموانئ، لاستثمار 800 مليون دولار في تطوير ميناء طرطوس.
مخاوف وعراقيل
وقالت الصحيفة إن عدة خبراء يبدون قلقهم من غياب الشفافية فيما يتعلق بهذه الاستثمارات التي أُبرمت من دون مناقصات، وفي ظل عدم وجود خطة لإعادة الإعمار، ولا يزال معظمها في إطار مذكرات تفاهم.
كما ينتظر المستثمرون الخليجيون الرفع النهائي للعقوبات الأمريكية المفروضة منذ سنة 2019 بموجب ما يُعرف بـ"قانون قيصر" على الجهات التي تتعامل تجارياً مع سوريا.
ورغم عودة سوريا إلى نظام "سويفت" في حزيران/ يونيو الماضي، إلا أنها لا تزال مدرجة على "القائمة الرمادية" في الهيئة الحكومية الدولية المكلّفة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وحسب الصحيفة، يُنظر إلى إعادة هيكلة القطاع المصرفي والديون، وتحسين الإطار التنظيمي - خصوصاً في ما يتعلق بتسوية النزاعات- على أنها شروط مسبقة لإلغاء العقوبات بشكل كامل.
ونقلت لوموند عن دبلوماسي عربي قوله: "نسعى للحصول على ضمانات للقطاع الخاص المتردد بسبب قانون قيصر وغياب الوضوح بشأن وضع البلد. لكن إذا كان مستوى المخاطرة مرتفعاً، فهذا يعني أن هناك هامشا كبيرا للربح".
عودة البنك الدولي
وذكرت الصحيفة أن دول الخليج تسعى إلى حثّ المؤسسات الدولية على مساعدة السلطات السورية في تحسين الإطار التنظيمي، بما يوفّر حماية من المخاطر المرتبطة بهذه الاستثمارات.
ورغم تردّد الرئيس أحمد الشرع في اللجوء إلى القروض التي تقدمها المؤسسات المالية الدولية، فإنه فتح قنوات تواصل مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي للاستفادة منهما في إعداد مشاريع إعادة الإعمار وتنفيذ الإصلاحات المطلوبة.
وقد قدّم البنك الدولي منحة بقيمة 146 مليون دولار لمشروع إعادة تأهيل شبكة الكهرباء. ويقول جان كريستوف كاريه، المدير الإقليمي للبنك الدولي لإدارة الشرق الأوسط: "إنه حدث تاريخي، إذ لم تُسجَّل مشاريع للبنك الدولي في سوريا منذ أربعين عاماً".
ويعتزم البنك الدولي تقديم مليار دولار لسوريا في شكل منح خلال ثلاث سنوات، وتم تحديد ثلاث أولويات: استعادة الخدمات الأساسية، وإعادة تفعيل الأنظمة الحكومية، مثل نظام إدارة المالية العامة وأنظمة الدفع الإلكتروني، وإعادة إعمار البنى التحتية الكبرى، بما في ذلك الموانئ والمطارات والسدود وخطوط السكك الحديدية.
وقال كاريه: "جميع هذه المشاريع الخاصة بإعادة تأهيل البنى التحتية ستستغرق وقتاً، وتتطلّب في مرحلة أولى دراسات جدوى".
وختمت الصحيفة بأن المملكة العربية السعودية تستعد بالفعل لتنظيم مؤتمر دولي لإعادة إعمار سوريا.