تونس- أُصيب أهالي محافظة قابس بخيبة أمل كبيرة عقب الجلسة العامة البرلمانية التي استعرضت فيها السلطات التونسية اليوم خطتها لمعالجة الانبعاثات الغازية السامة الصادرة عن المجمع الكيميائي القائم في المحافظة منذ عام 1972.

ويأتي ذلك عشية دخول محافظة قابس في الجنوب الشرقي، غدا الثلاثاء، في إضراب عام محلي من المنتظر أن يشل الحركة الاقتصادية في المنطقة، تزامنا مع مسيرة حاشدة مرتقبة لعشرات الآلاف من الأهالي احتجاجا على تواصل الإنتاج في المجمع الكيميائي.

واعتبر عدد من الأهالي أن مداخلات وزيري الصحة والتجهيز خلال الجلسة لم تقدّم حلولا لكارثة بيئية تهدد بانفجار اجتماعي، في حين انتقد آخرون دعوة بعض النواب لعسكرة المجمع الكيميائي لحمايته من أية اضطرابات.

ورغم التأكيد الحكومي على وجود خطة على المدى القريب والمتوسط لتأهيل المجمع والحد من الغازات السامة، اعتبر عدد من الأهالي والنشطاء أن القرارات المعلنة لا تستجيب لمطلبهم الأساسي وهو "وقف الإنتاج".

وشهدت الجلسة اليوم انتقادات حادة وجهها بعض النواب بسبب تغيب رئيسة الحكومة سارة الزعفراني ووزيرة الصناعة والمناجم والطاقة ووزير البيئة عن الجلسة، رغم أن الأوضاع البيئية والأمنية في غاية الخطورة.

مشاريع حكومية

وكشف وزير التجهيز صلاح الزواري في كلمته عن خطة تمتد على المدى القريب والمتوسط والبعيد، تتضمن تنفيذ 6 مشاريع لإعادة تأهيل المجمع الكيميائي، إلى جانب التوقف عن تصريف مادة الفوسفوجيبس (مخلفات صناعية) في بحر قابس.

وأعلن الوزير عن نية الحكومة اللجوء لمقاولات صينية لاستكمال الأشغال المتوقفة منذ سنوات، مفيدا أن هناك فريق فني قادم من الصين سيجري زيارة غدا الثلاثاء إلى المجمع الكيميائي لقابس لتشخيص هذا المصنع.

أما وزير الصحة مصطفى الفرجاني فقد أكد -خلال كلمته أمام البرلمان- أن الحكومة أعدت خطة عملية لتأهيل المجمع الكيميائي تقوم على تدخلات عاجلة ومتوسطة المدى للحد من الانبعاثات وتحسين الوضع البيئي.

إعلان

وحمل الفرجاني الحكومات المتعاقبة السابقة مسؤولية عدم إنجاز المشاريع المتعلقة بالصيانة وتأهيل المصنع للحد من التلوث رغم رصد الاعتمادات، متوعدا بمحاسبة المسؤولين الذين ارتكبوا تقصيرا في حق المجمع.

لكن هذا الخطاب لم يجد طريقه لأغلب النواب الذين أعربوا عن رفضهم لما اعتبروه حلولا ترقيعية من أجل امتصاص غضب أهالي قابس، في حين قررت إحدى الكتل البرلمانية الانسحاب من الجلسة احتجاجا على الخطاب الحكومي.

أهالي قابس اعتبروا أن وزير الصحة مصطفى الفرجاني (يمين) لم يقدم حلولا للكارثة البيئية (مجلس نواب الشعب)خيبة أمل

ورصدت الجزيرة نت آراء عدد من أهالي محافظة قابس، الذين عبّروا عن خيبة أملهم مما وصفوه بأنه "اجترار لخطابات سابقة" سمعوها على مدى عقود، معتبرين أن الحديث عن خطط زمنية دون وقف الإنتاج يُعد تجاهلا للمأساة الصحية التي يعانونها منذ سنوات.

ويقول الياس بن رمضان وهو مواطن من قابس للجزيرة نت إن إعادة التأهيل التي أعلنها وزير التجهيز تمتد بين 3 أشهر وسنة، تتعارض مع مطالب الأهالي لاتخاذ قرار فوري بوقف الإنتاج وتفكيك الوحدات الملوثة للمجمع.

ويؤكد في السياق ذاته أن أهالي قابس "يشعرون بخيبة أمل بسبب تجاهل مطلبهم الأساسي في وقف الإنتاج وتفكيك الوحدات الملوثة التي تسببت في اختناقات كثيرة وتدمير البيئة والبحر وتسببت في تفشي أمراض السرطان".

كما يشير بن رمضان إلى أن التعامل الحكومي مع المسيرات التي نفذها عشرات الآلاف من المواطنين بمدينة قابس كان "تعاملا أمنيا قاسيا أسفر عن اعتقال العشرات من المواطنين تم نقل العديد منهم للعاصمة من أجل محاكمتهم".

وانتقد ما اعتبره تشويها للمسيرات السلمية في إشارة إلى الانتقادات التي يوجهها بعض أنصار الرئيس قيس سعيد بوقوف أطراف سياسية وراء دفع الأهالي لتأجيج الأوضاع الأمنية لزعزعة استقرار البلاد.

وعمت حالة من الاحتقان أرجاء مدينة قابس، في الأيام الماضية خاصة بعد مواجهات محدودة بين قوات الأمن وبعض المحتجين الذين أُطلق عليهم الغاز المسيل للدموع مما أدى لإصابة العشرات في صفوف المتظاهرين.

ويرى مراقبون ان الوضع مرشح لمزيد التوتر مع استعداد أهالي قابس للخروج في مسيرة شعبية كبرى يوم غد بالتزامن مع إقرار الاتحاد الجهوي للشغل بقابس إضرابا عاما في محافظة قابس، في سابقة هي الأولى من نوعها.

وينوي المحتجون رفع صوتهم ضد استمرار إنتاج المجمع الكيميائي الملوث والمطالبة بتفكيك الوحدات الصناعية، فضلا عن المطالبة بإطلاق سراح المواطنين الذين أوقفوا خلال احتجاجاتهم السلمية في الأيام الماضية.

من جانبه، يؤكد المواطن عادل القروي، المقيم بمنطقة شط السلام على بعد 500 متر من المجمع الكيميائي، وتضرر 5 من أفراد أسرته مؤخرا بسبب الانبعاثات السامة، أن الخطاب الحكومي "يعكس تجاهلا ولامبالاة بحقوق الأهالي".

ويؤكد للجزيرة نت أن "خيبة الأمل ازدادت بسبب تغيب رئيسة الحكومة ووزيرة الصناعة والبيئة عن الجلسة"، معتبرا ذلك "تهربا من المسؤولية"، في حين لم ترتق الخطة التي كشفها وزير الصحة، بالنسبة إليه، إلى تطلعات الأهالي لوقف التلوث.

إعلان

ويرى أن السلطة تسعى للقيام بإصلاحات ترقيعية للمجمع الكيميائي لامتصاص غضب الأهالي من أجل مواصلة الانتفاع بعائدات المجمع، لكنها "تدير ظهرها لمشاغل الأهالي الذين اختنقوا جراء الانبعاثات السامة للمجمع".

ويقول للجزيرة نت إن المصنع يدر ملايين الدولارات، في حين يعاني الأهالي من الحساسية وضيق التنفس والسرطانات وهشاشة العظام، ويواجه الصيادون تلوث البحر وتدمير الثروة السمكية، وتُقتل التربة والواحات.

جانب من الاحتجاجات التي شارك فيها أهالي قابس صد المصنع الكيميائي (الجزيرة)سياسة تسويف

بدوره، يؤكد القيادي بحزب التيار الديمقراطي هشام العجبوني أن ما يحدث يُعد جريمة بيئية في حق الأهالي، معتبرا في حديثه للجزيرة نت أن غياب رئيسة الحكومة ووزيرة الصناعة ووزير البيئة عن الجلسة البرلمانية تهرّب من المسؤولية.

ويقول للجزيرة نت إن الرئيس قيس سعيد عقد منذ سنة 2020 إلى اليوم 4 اجتماعات بشأن ملف التلوث بقابس، لكن رغم كونه في أعلى هرم السلطة ومسؤول عن رسم السياسات العمومية لم يقدم أي حلول سوى التسويف.

ويضيف العجبوني أن "الحكومة الحالية لا معنى لها، فهي تتكون من إداريين لا يمتلكون أي صلاحيات، وهم جزء من المشكلة، في حين يتحمل الرئيس سعيد وحده المسؤولية الكاملة بموجب الدستور الذي صاغه على مقاسه".

ومنذ تأسيس المجمع الكيميائي في سبعينيات القرن الماضي، تحولت قابس من واحة خضراء وخليج طبيعي إلى واحدة من أكثر مناطق البلاد تلوثا، حيث حذّرت عشرات الدراسات الوطنية والدولية من مخاطر الانبعاثات الغازية.

#شاهد #فيديو وقفة احتجاجية في تونس العاصمة تضامنًا مع آلاف المحتجين في قابس تنديدًا بالتلوث#تونس #Tunisia pic.twitter.com/MeNsL5KqLa

— Ultra Tunisia الترا تونس (@ultra_tunisia) October 15, 2025

كما تسبب سكب ملايين الأطنان من مادة الفوسفوجيبس في البحر سنويا من المجمع في كارثة بيئية دمرت الحياة البحرية، وأضرت بالصيد المحلي، ولوثت الشواطئ، مما أثر سلبا على التربة والمزارع المجاورة والصحة العامة.

ويعاني المواطنون الذين يعيشون على بعد مئات الأمتار من الوحدات الصناعية من تسمم يومي وضيق التنفس، في حين فقد الأطفال مناعتهم وأصبح الصيادون بلا مصدر رزق بعد أن تحولت مياه الخليج إلى مستنقع رمادي اللون.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات المجمع الکیمیائی للجزیرة نت فی حین

إقرأ أيضاً:

من أين جاء لاعبو الإمارات الذين هزموا الجزائر في كأس العرب؟

تغلب المنتخب الإماراتي على نظيره الجزائري بركلات الترجيح في ربع نهائي كأس العرب 2025، المقامة في قطر.

وبعد انتهاء الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل الإيجابي بهدف لكل فريق، تألق الحارس الإماراتي حمد المقبالي، ليوصل منتخب بلاده إلى نصف نهائي البطولة في مواجهة مرتقبة مع المغرب.

ولفتت الإمارات الأنظار من خلال العدد الكبير من اللاعبين المجنسين حديثا، والذين قادوا "الأبيض" إلى نصف نهائي كأس العرب، عقب فشلهم بالوصول إلى مونديال كأس العالم 2026.
منتخبنا يعود ويعادل النتيجة ✅

برونو أوليفيرا يسجل هدف التعادل لمنتخب الإمارات في شباك منتخب الجزائر ????????⚽#الجزائر_الإمارات#كأس_العرب pic.twitter.com/wi5fT3WU0f — ADSportsTV (@ADSportsTV) December 12, 2025

كيف بدأت القصة؟

في أيار/ مايو 2018، أقر مجلس الوزراء الإماراتي قرارات تاريخية بشأن مشاركة اللاعبين غير المواطنين في المسابقات الرسمية، حيث جرى الإعلان عن مسمى "اللاعب المقيم"، والذي تضمن أيضا أبناء المواطنات، ومواليد الدولة، إضافة إلى اللاعبين الذين يتم استقطابهم في سن صغيرة من دول العالم.

وسبق القانون هذا، حالات تجنيس فردية كانت الأندية هي من تستفيد منها لتسجيل لاعب أجنبي إضافي، حيث جنّس الجزيرة في 2006 الإيفواري إبراهيم دياكيه، ولاحقا، حصل الأرجنتيني سبستيان تيغالي، والبرازيليان فابيو ليما، وكايو كانيدو على الجنسية.

وقام اتحاد الكرة الإماراتي، ورابطة المحترفين بإجراء عدة تعديلات على قانون اللاعب المقيم، تخص أعدادهم في الأندية وأعمارهم وغيرها، مع بقاء جوهر فكرة القانون وهو استقطاب المواهب من الخارج في سن صغيرة.

وللحصول على أحقية تمثيل المنتخب الوطني بعد الحصول على الجنسية، تشترط لوائح الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، بقاء اللاعب المقيم في الدولة خمس سنوات، وهو ما يعني أن اللاعبين الذين قدموا إلى الإمارات في سن 18 عاما، يحق لهم تمثيل "الأبيض" بعد بلوغهم سن 23 عاما.

وأقرت "فيفا" شرط الخمس سنوات، في 2020، لمنع ما يُعرف بـ"التجنيس الرياضي"، أي منح اللاعب الجنسية لإشراكه فورا في المنتخبات الوطنية، حيث سبقت الإمارات دول في التجنيس الرياضي أبرزها قطر منذ العام 2003، قبل أن تعتمد لاحقا على تجنيس مواليد الدولة، والمواهب الصغيرة في السن.

وبدأت الإمارات باستقطاب لاعبين حول العالم من سن 16 عاما، ليكونوا مؤهلين لتمثيل المنتخب الأول عند بلوغهم سن الـ21 عاما، وهو ما يسهم في بناء منتخب شاب ومتجانس، إضافة إلى أهداف اقتصادية في الاستثمار بالمواهب التي غالبا ما يتم استقطابهم بمبالغ زهيدة.

ولم يكشف القانون الإماراتي مصير اللاعبين الذين جرى منحهم الجنسية، لكنهم لم يمثلوا المنتخبات الوطنية لتواضع مستواهم الفني، أو غادروا البلاد لاحقا، على غرار البرازيلي إيغور خيسوس، مهاجم نونتغهام فورست الإنجليزي، والذي حصل على الجنسية الإماراتية وكان ينتظر المشاركة مع "الأبيض" وهو في صفوف شباب الأهلي دبي، قبل أن ينتقل إلى بلاده لرغبته في تمثيل منتخبه الأصلي، وهو ما تم بالفعل.


أكثر من النصف
ضمت قائمة الإمارات في كأس العرب 14 لاعبا ليسو من أصول إماراتية، من أصل 23 لاعبا متواجدا في القائمة المشاركة ببطولة "كأس العرب 2025".

وفي خط الدفاع، تواجد كل من البرتغالي روبين كانيدو (24 عاما)، الذي ترعرع في أكاديمية بورتو قبل الانتقال إلى الوحدة في أبو ظبي، وهو زميل المدافع الآخر التونسي الأصل علاء زهير، (25 عاما)، والذي بدأ مسيرته في المنستيري التونسي قبل الانتقال إلى الوحدة منذ سنوات.

في الدفاع أيضا تواجد كل من الإيفواري الأصل كوامي أكيدو لاعب العين ((25 عاما)، والصربي المخضرم ساشا إيفكوفيتش (32 عاما)، والذي جاء إلى الإمارات محترفا مع بني ياس في العام 2019، ما أهله للعب في المنتخب بعد حصوله على الجنسية.

وفي خط الوسط يتواجد المغربي الأصل عصام فايز (25 عاما)، ابن أكاديمية أولمبيك خريبكة، والذي يلعب حاليا في عجمان. إضافة إلى الأرجنتيني نيكولاس خيمينيز (29 عاما) لاعب الوصل في دبي.

إضافة إلى الغاني ريتشارد أكونور (21 عاما) لاعب الجزيرة، والذي سجل الركلة الحاسمة أمام الجزائر.

سيطرة برازيلية
ضمت قائمة الإمارات خمسة لاعبين من أصول برازيلية، ثلاثة منهم في فريق الشارقة، وهم كايو لوكاس (31 عاما)، والذي سبق له اللعب مع بنفيكا البرتغالي، إضافة إلى لوانزينهو (25 عاما)، وماركوس ميلوني (25 عاما).

كما ضمت القائمة برونو أوليفيرا (24 عاما) لاعب الجزيرة في أبو ظبي، ولوكاس بيمينيا (25 عاما) لاعب الوحدة بأبو ظبي أيضا.

المواطنون ومواليد الدولة
ضمت قائمة الإمارات لاعبين اثنين فقط من مواليد الدولة، وهما المصري يحيى نادر، والتنزاني يحيى الغساني، والأخير نجل مواطنة إماراتية.

في حين ضمت القائمة 9 لاعبين مواطنين، وهم الحراس الثلاثة حمد المقبالي، علي خصيف، وعادل الحوسني، إضافة إلى حارب عبد الله، وسلطان عادل، ومحمد جمعة، وخالد الضحناني، وعلي صالح، وماجد راشد.


تشكيلة الأبيض لمواجهة الجزائر ????#منتخب_الإمارات #كأس_العرب #FIFArabCup #الإمارات_الجزائر pic.twitter.com/ucUzlrGPDL

— UAE NT منتخب الإمارات (@UAEFNT) December 12, 2025

مقالات مشابهة

  • من أين جاء لاعبو الإمارات الذين هزموا الجزائر في كأس العرب؟
  • الدفاع المدني يحذر
  • عاجل| الدفاع المدني يحذر: لا تناموا والمدافئ مشتعلة واغلقوا محابس الغاز
  • الحريات النيابية تجتمع مع الأهالي لمناقشة العفو العام ورباع يؤكد: ليس مكرمة من الحكومة
  • علاء مبارك يوجه رسالة لمنتخب مصر بعد خيبة كأس العرب
  • رئيسة الحكومة التونسية تشيد بالإصلاحات العميقة التي تشهدها الجزائر
  • الحكومة تتفاوض مع IFC لطرح مطار الغردقة أمام القطاع الخاص «انفوجراف»
  • عطاف: الحركية التي تطبع العلاقات “الجزائرية-التونسية” تقوم على ثلاثة أبعاد أساسية
  • لا مفر إلى السعودية.. صلاح يواجه خيبة أمل جديدة
  • بالتنسيق مع مؤسسة التمويل الدولية (IFC).. الحكومة المصرية تطرح مطار الغردقة أمام القطاع الخاص