قابس.. حين يصير الهواءُ تهمة: من الواحة إلى الاغتيال البيئي
تاريخ النشر: 21st, October 2025 GMT
في قابس، السياسة تُشمّ قبل أن تُقرأ. مدينةٌ كانت واحة على البحر، تُقاس فيها السيادة اليوم بأبسط الحقوق: أن يتنفّس الناس بلا ثمن.
الحدث الراهن في قابس
في 11 تشرين الأول/ أكتوبر 2025 اندفع محتجّون نحو مجمّع مجموعة الكيمياء التونسية (GCT) في قابس، فاستُخدم الغاز المسيل للدموع لتفريقهم، وتحوّل المصنع إلى مركز غضبٍ اجتماعيّ تتسع دوائره يوما بعد يوم.
الخلفية: من الواحة إلى المصنع
ليست مأساة قابس طارئة. منذ إنشاء المجمع عام 1972 في منطقة شاطئ السلام، تراكمت النفايات الصناعيّة، أبرزها الفوسفوجيبسوم، في البحر وعلى الساحل. وتشير تقارير فنية إلى أنّ ملايين الأطنان صُرِفت إلى خليج قابس عبر العقود، مع آثارٍ مباشرة على الرسوبيات والأنظمة الساحلية، وارتفاعٍ في المُلوِّثات والعناصر الثقيلة قرب المدينة، وفق دراسات علمية منشورة حديثا. هذه ليست لغة إنذارٍ ناشط؛ إنّها بياناتٌ قابلة للقياس.
بين الدولة والناس: ما المطلوب؟
أقرّت السلطة التنفيذية بضرورة المعالجة العاجلة. في 20 تشرين الأول/ أكتوبر تحدّثت الحكومة عن "حلول عاجلة واستثنائية" لأزمة التلوّث، فيما رُوِّج لخطّة تخفيض الانبعاثات من المجمع لاحتواء الغضب الشعبي. بالتوازي، طرح الاتحاد العام التونسي للشغل إضرابا عاما في 21 تشرين الأول/ أكتوبر دفاعا عن "الحق في بيئة نظيفة". على المستوى السياسي، وصف الرئيس قيس سعيّد ما تتعرّض له قابس بـ"اغتيالٍ بيئي"، ودعا إلى صيانة عاجلة لوقف التسرّبات بوصفها خطوة أولى.
لكنّ الشارع، وقد جرّب الوعود المتكرّرة، يرفض "حلولا ترقيعية" ويطالب بمسارٍ واضح لخفض الانبعاثات وإغلاقٍ مرحلي للوحدات الأكثر تلويثا؛ ضمن انتقالٍ عادل يحمي العمّال والمدينة. ويمكن تلخيص هذا المسار في أربع خطوات عملية:
• معايير صارمة وشفافة تُراقَب باستقلال، مع نشر مؤشرات جودة الهواء والمياه دوريا للعموم.
• إيقاف مرحلي للوحدات غير المطابقة حتى استكمال التأهيل التقني، مع بدائل تشغيل مؤقتة وتعويضات منصفة.
• صندوق عدالة بيئية يمولّه مبدأ "الملوِّث يدفع" لدعم المتضرّرين وتمويل مشاريع نظيفة محليا.
• رؤية سيادية للتحوّل الأخضر تراعي كلفة الماء والملوحة والانبعاثات الثانوية، كي لا تتكرر الأزمة باسم المستقبل.
يقول أحد المحتجّين لرويترز: "تحوّلت قابس إلى مدينة موت". في المقابل، تُظهِر أبحاث حديثة طبيعة "رغاوي الفوسفوجيبسوم" بوصفها وسيطا لتلوّثٍ معقّد؛ وهي معرفة ينبغي أن تنتقل فورا من الورق إلى السياسات.
خاتمة: انحيازٌ للحياة
قابس لا تطلب امتيازا؛ تطلب القاعدة: أن تحيا، أن تُؤخذ الكرامة على محمل السياسة لا في خانة الشعر. لا تُربَح المعارك الاقتصادية بخسارة صدور الناس، وعندما تُقاس التنمية بما يلمسه الناس ويشمّونه، ستعود الواحة التي على البحر إلى وظيفتها الأولى: مكان صالح للعيش، لا مسرح للاختناق.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء قابس التونسية الاحتجاجات تونس احتجاج البيئة تلوث قابس قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات سياسة سياسة مقالات سياسة صحافة سياسة اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تشرین الأول
إقرأ أيضاً:
شركة الواحة تغذي «حقل البيضاء» بالكهرباء لدعم استمرار الإنتاج
أشرفت إدارة هندسة الصيانة والمشاريع الصغرى بشركة الواحة للنفط على عملية تغذية وشحن خطوط إمداد الكهرباء لحقل البيضاء التابع لشركة الخليج العربي للنفط، باستخدام الموارد الذاتية ودون الحاجة إلى إيقاف الإنتاج.
وجاءت هذه الخطوة لدعم منظومة الكهرباء بالحقل وضمان استمرار العمليات الإنتاجية بشكل مستقر.
وأعرب رئيس وأعضاء المؤسسة الوطنية للنفط عن شكرهم العميق للكوادر الفنية في شركتي الواحة والخليج، مشددين على أن هذه الجهود تعزز روح التعاون بين شركات القطاع وتدعم استقرار عمليات الإنتاج النفطي في البلاد.