الجزيرة:
2025-12-12@21:29:00 GMT

روايات متضاربة تشعل احتجاجات قابس بتونس.. ما قصتها؟

تاريخ النشر: 21st, October 2025 GMT

روايات متضاربة تشعل احتجاجات قابس بتونس.. ما قصتها؟

في ظل تواصل موجة الاحتجاجات في محافظة قابس الواقعة جنوب شرقي تونس منذ عدة أيام، تصاعد الغضب الشعبي على خلفية تسجيل حالات اختناق متكررة بين السكان يُرجّح أنها ناجمة عن تلوث بيئي حاد يُنسب إلى أنشطة المجمّع الكيميائي التونسي بالمنطقة.

وتزامنا مع هذه التطورات، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي تداول روايات متباينة إزاء طريقة تعامل السلطات مع الأزمة، من بينها ادعاءات تتحدث عن زيارة لرئيس الجمهورية قيس سعيّد إلى قابس لمتابعة الوضع البيئي ميدانيا، وتكليفه شركة صينية بوضع خطة تقنية للحد من الانبعاثات والتلوث الصناعي في المحافظة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2هل خسرت الجزائر انتخابات مجلس حقوق الإنسان دون الحصول على أي صوت؟list 2 of 2ما حقيقة العثور على "شريحة تجسس" في ملابس وصلت غزة مؤخرا؟end of list

كما نُشرت تصريحات منسوبة إلى مصادر رسمية تتهم بعض المحتجين بأنهم "مأجورون" أو مدفوعون من أطراف سياسية معارضة، مما زاد الجدل بشأن حقيقة ما يجري في المدينة.

وفي هذا السياق، أجرى فريق "الجزيرة تحقق" عملية فحص وتحليل للمواد المصورة والادعاءات المنتشرة، لتقصي مدى صحتها وتتبع مصادرها الأصلية، وذلك في محاولة لرسم صورة دقيقة لما يحدث فعليا في قابس.

زيارة سعيّد إلى قابس

تداولت حسابات على منصة "فيسبوك" مقطعا مصورا يظهر الرئيس التونسي قيس سعيّد أثناء حديثه مع عدد من المواطنين في محافظة قابس الذين عبروا عن تذمرهم من تدهور الوضع البيئي في المنطقة، بينما يطمئنهم الرئيس بأن "الحلول قادمة".

وقدّمت تلك الحسابات المقطع على أنه توثيق لزيارة حديثة أجراها الرئيس إلى قابس عقب موجة الاحتجاجات الأخيرة التي تشهدها المحافظة بسبب التلوث الصناعي والاختناقات المسجّلة في صفوف السكان.

وأجرى فريق "الجزيرة تحقق" بحثا عكسيا عن الفيديو المتداول لتحديد مصدره الأصلي وسياقه الزمني والمكاني، وأظهرت نتائج التحقق أن المقطع يعود فعلا إلى زيارة سابقة لسعيّد إلى قابس، لكن الزيارة لم تكن مرتبطة بالأحداث الجارية.

وتبين أن الفيديو المتداول مقتطع من مادة مصورة نشرتها الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية التونسية على فيسبوك بتاريخ 18 ديسمبر/كانون الأول 2024، وتحديدا ابتداء من الدقيقة (25:48) من البث، ضمن تقرير يوثق جولة الرئيس في ولايات بنقردان وقابس وسيدي بوزيد بمناسبة الذكرى الرابعة عشرة للثورة التونسية.

 

كما تداولت حسابات أخرى صورا تُظهر سعيد وهو يتحدث إلى مواطنين وكأنه يواسيهم، مع الادعاء بأنها التُقطت خلال "زيارة مفاجئة" إلى قابس.

إعلان

لكن التحقق من الصور كشف أنها قديمة أيضا، إذ نُشرت في الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية بتاريخ 2 مايو/أيار 2024، وتعود إلى زيارة لمنطقة الدهماني بمحافظة الكاف شمال غربي البلاد، ولا صلة لها أيضا بالاحتجاجات الحالية.

تكليف شركة صينية

وفي سياق متصل، روّجت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي أن قيس سعيّد أصدر قرارا رسميا بتكليف شركة صينية بوضع خطة شاملة لمعالجة التلوث البيئي في محافظة قابس، وتنفيذ مشروع ضخم لتطهير المنطقة، معتبرة أن المدينة حققت "انتصارا" بعد سنوات من معركتها مع التلوث الصناعي.

لكن فريق "الجزيرة تحقق" راجع البيانات الرسمية للحكومة والوزارات المعنية ولم يعثر على أي إعلان رسمي بهذا الخصوص، وتبيّن أن ناشري الادعاء استندوا إلى بيان نشرته وزارة التجهيز والإسكان على صفحتها الرسمية في فيسبوك، أشار إلى لقاء جمع الوزير صلاح الزاوي بالسفير الصيني وان لي يوم السبت الماضي، خُصّص -بحسب نص البيان- "للتباحث بشأن تأهيل وحدات إنتاج المجمع الكيميائي بشاطئ السلام في قابس ومعالجة الانبعاثات والتسربات الغازية منه".

اتهامات بتأجيج الاحتجاجات

ومع تصاعد الغضب الشعبي، صرّح الناطق الرسمي باسم الحرس الوطني حسام الدين الجبابلي بأن "قُصّرا استُغلوا لتأليب الوضع في قابس مقابل أموال ومواد مخدّرة"، وفق ما نقلته وكالة الأنباء التونسية الرسمية.

لكن فريق "الجزيرة تحقق" لم يجد أي أدلة رسمية أو بيانات حكومية تدعم هذه الرواية، كما لم تُصدر وزارة الداخلية أي توضيحات بشأن ما يجري في المدينة منذ اندلاع الاحتجاجات.

وتشير التغطيات الميدانية ومقاطع الفيديو المنشورة إلى أن التحركات سلمية في أغلبها، وأن المشاركين هم من سكان المنطقة المتضررين من التلوث.

وفي المقابل، تداولت حسابات أخرى فيديو زعمت أنه يُظهر "أجانب يوزعون أموالا على محتجين في قابس"، لكن التحقق أثبت أن المقطع صُور في مصر عام 2013، ومنشور على يوتيوب تحت عنوان "شوال فلوس! رزم بتتوزع في عز الظهر"، ولا علاقة له بتونس.

ولم تقتصر الاتهامات على "تمويل المتظاهرين" فقط، بل ذهبت النائبة البرلمانية فاطمة مسدي إلى إنكار وقوع حالات اختناق بين التلاميذ، ووصفت الوضع في قابس بأنه "تهويل"، وشككت في الأعراض الصحية الناتجة عن الانبعاثات الغازية.

لكن المجمّع الكيميائي التونسي نفسه أقرّ في تقرير رسمي نُشر في يوليو/تموز 2024 بأنه يتسبب بتلوث بيئي واضح يمتد إلى محافظات أخرى مثل سيدي بوزيد والمظيلة، استنادا إلى استبانات ميدانية بين العمال والسكان.

كما حذرت الوكالة الوطنية لحماية المحيط في بيان سابق نشرته على فيسبوك من انبعاث غازات كثيفة وخانقة في منطقة غنوش بقابس، وهو ما يدل على أن التلوث في المدينة قضية متجددة وليست المرة الأولى التي تسجل فيها المنطقة حالات اختناق بالغازات السامة وتسببت بأمراض في الجهاز التنفسي للسكان وفق تصريحات أطباء المدينة.

 

يذكر أن الاتحاد العام التونسي للشغل -وهو أكبر منظمة نقابية بتونس- دعت إلى تنفيذ إضراب عام في محافظة قابس جنوب شرقي البلاد اليوم الثلاثاء 21 أكتوبر/تشرين الأول الجاري احتجاجا على التلوث الصادر عن وحدات المجمع الكيميائي بالمدينة.

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات الجزیرة تحقق إلى قابس فی قابس

إقرأ أيضاً:

أوروبا تقترب من صفر الانبعاثات.. اتفاق تاريخي لخفض التلوث 90% بحلول 2040

في خطوة تُعد من أهم التحركات المناخية العالمية خلال العقد الحالي، أعلن البرلمان الأوروبي عن موافقة مبدئية بين مؤسسات الاتحاد الأوروبي لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 90% بحلول عام 2040 مقارنة بمستويات عام 1990. 

هذا الهدف الطَموح، الذي يتجاوز التزامات معظم الاقتصادات الكبرى—including الصين—يمثل علامة فارقة في مسار القارة نحو تحقيق الحياد الكربوني الكامل بحلول 2050.

ورغم أن الهدف الجديد أقل حدة من التوصيات الأولية التي قدمها مستشارو الاتحاد الأوروبي في علوم المناخ، إلا أنه جاء نتيجة تفاوض سياسي معقد استغرق شهورًا، واضطر الأطراف إلى البحث عن صيغة توفق بين الطموح المناخي والواقع الاقتصادي. وزير الخارجية الدنماركي لارس آجارد، أحد المشاركين الرئيسيين في صياغة الاتفاق، وصفه بأنه يوازن بين ضرورة التحرك العاجل لحماية المناخ وبين الحفاظ على قدرة الصناعة الأوروبية على المنافسة في سوق عالمي شديد الارتباك.

الاتفاق لم يأتِ بسهولة، دول مثل بولندا والمجر حذرت من أن خفض الانبعاثات بدرجة أكبر سيشكل عبئًا قد لا تقدر صناعاتها الثقيلة على تحمله، خاصة مع استمرار ارتفاع أسعار الطاقة في المنطقة. 

في المقابل، ضغطت دول أخرى، بينها إسبانيا والسويد، لرفع سقف الطموح، مشددة على أن القارة تواجه بالفعل تصاعدًا في الكوارث المناخية والظواهر الجوية المتطرفة، ما يستدعي إجراءات أكثر صرامة.

النتيجة كانت تسوية وسط: هدف كبير لكنه لا يصل إلى مستوى المقترحات العلمية الأكثر تشددًا.

 

وفق الاتفاق، ستُجبر الصناعات الأوروبية على خفض انبعاثاتها بنسبة 85%، وهو رقم ضخم يتطلب استثمارات غير مسبوقة في التحول للطاقة المتجددة والتكنولوجيا النظيفة. لتعويض نسبة الانبعاثات المتبقية، سيلجأ الاتحاد الأوروبي إلى بيع أرصدة كربونية للدول النامية، بالإضافة إلى السماح للشركات باستخدام أرصدة كربون دولية إضافية تصل إلى 5% لتخفيف الضغط.

كما قرر الاتحاد تأجيل ضريبة الكربون على الوقود لعام واحد لتبدأ في 2028 بدلًا من 2027، في محاولة لتهدئة مخاوف قطاع النقل والصناعة الثقيلة.

ورغم الخلافات الداخلية، تبقى أوروبا أكثر القارات الكبرى تقدمًا في مسار الحد من الانبعاثات. فقد نجح الاتحاد بالفعل في خفض انبعاثاته بنسبة 37% مقارنة بعام 1990، وهو إنجاز لا يزال بعيد المنال بالنسبة لاقتصادات ضخمة أخرى.

الولايات المتحدة، على سبيل المثال، لم تحقق سوى 7% فقط خلال الفترة نفسها، وفق بيانات Statista. ويعود جزء كبير من التباطؤ الأميركي إلى سياسات إدارة ترامب التي انسحبت من اتفاقية باريس للمناخ، وأعادت تعزيز صناعات الطاقة الملوثة مثل الفحم والغاز، بل وحتى أزالت الإشارات المرتبطة بالمناخ من المواقع الحكومية.

رغم الإعلان، لا يزال الاتفاق بحاجة إلى تصديق رسمي من البرلمان الأوروبي والدول الأعضاء ليصبح قانونًا ملزمًا. إلا أن هذا الإجراء يُعتبر عادةً شكليًا في مثل هذه الاتفاقات التي يتم التوافق عليها مسبقًا داخل المؤسسات الأوروبية.

بهذا الاتفاق، يرسل الاتحاد الأوروبي رسالة واضحة: المعركة ضد تغير المناخ تتطلب إجراءات جريئة، حتى لو كانت مكلفة وصعبة سياسيًا.

 ومع اقتراب موعد 2050، تبدو القارة الأوروبية مصممة على البقاء في مقدمة الدول التي تسعى إلى بناء اقتصاد أخضر قادر على المنافسة عالميًا، وبيئة أكثر استقرارًا للأجيال القادمة.

مقالات مشابهة

  • صورة للفنانة عبلة كامل داخل المستشفى تثير الجدل .. ما قصتها؟
  • في ذكرى ميلاده.. أعمال درامية استلهمت أحداثها من روايات نجيب محفوظ
  • أوروبا تقترب من صفر الانبعاثات.. اتفاق تاريخي لخفض التلوث 90% بحلول 2040
  • البيئة: معايير صارمة لحماية البحر الأحمر من التلوث
  • أحداث عالمية.. احتجاجات وسيول وحوادث أمنية وصحية تهز عدّة دول
  • أوباما بقبعة سانتا.. زيارة مفاجئة تشعل فرحة تلاميذ شيكاغو (شاهد)
  • عطاف يحل بتونس
  • وفاة صوفي كينسيلا مؤلفة روايات شوباهوليك الأكثر مبيعا عن عمر 55 عاما
  • فريق الاتحاد يواصل معسكره بتونس
  • زيارة نجيب ساويرس تل أبيب تشعل أزمة.. ورجل الأعمال يكشف الحقيقة كاملة