ثلاثية سلاطين الهلاليل.. مسرحية السرد والاحترافية في معرض الأقصر للكتاب
تاريخ النشر: 21st, October 2025 GMT
تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، أقام معرض الأقصر الرابع للكتاب، الذي تنظمه الهيئة المصرية العامة للكتاب، ندوة لمناقشة العمل المسرحي «سلاطين الهلاليل»، وهي ثلاثية مسرحية للكاتب بكرى عبد الحميد، وذلك ضمن محور «جسور الإبداع»، في مكتبة مصر العامة بالأقصر.
أدار الندوة الشاعر يحيى سمير كامل، وشارك في مناقشة النص كل من الكاتب والباحث والشاعر خالد حلمي الطاهر، والكاتب والمخرج المسرحي كريم الشاوري، بحضور جمهور من المثقفين والمهتمين بالمسرح والتراث الشعبي.
استهل الشاعر يحيى سمير كامل اللقاء بالتعريف بضيوف المنصة وسيرهم الذاتية، قبل أن يمنح الكلمة للناقد خالد حلمي الطاهر، الذي قدّم قراءته بعنوان «ثلاثية هلالية بين السرد والاحترافية».
وأشار الطاهر إلى أن النصوص الثلاثة- الهلالي، تغريبة بنت الزناتي، وأبواب تونس - تشكل معًا عالماً متكاملاً، رغم إمكانية قراءتها كأعمال مستقلة. واعتبر أن الكاتب استطاع أن يمنح الثلاثية تماسكًا دراميًا متصاعدًا في تطور الشخصيات والأحداث، قائلاً إن "كل نص يحمل حكاية مكتملة، لكن قراءتها مجتمعة تكشف مشروعًا فكريًا متسقًا حول مفهوم البطولة والهوية".
وتوقف الطاهر عند تطور الشخصيات في النصوص، مثل شخصية غراب البين التي تمثل الشر في الجزء الأول، وتتطور إلى الأغبر في تغريبة بنت الزناتي، ثم إلى النواحي في أبواب تونس، لتؤكد أن الشر يتبدل في المظهر لكنه ثابت في الجوهر. كما تناول توظيف الكاتب لتقنية "الفلاش باك" لتأكيد حالة الجمود والانتظار التي تسيطر على أبطال العمل، مشيرًا إلى أن المسرحية تضع المتلقي بين سطوة السرد الشعبي وصرامة الاحترافية المسرحية.
وأوضح أن الكاتب لم ينحز إلى الصورة المثالية التي رسمها العامة لأبطال السيرة الهلالية، بل أعاد تفكيكها برؤية نقدية معاصرة، إذ يتعاطف مع الزناتي خليفة في دفاعه عن أرضه ضد غزو الهلاليين، ليطرح سؤالًا وجوديًا حول معنى البطولة والعدالة في الموروث الشعبي.
من جانبه، قدّم المخرج والكاتب المسرحي كريم الشاوري قراءة بعنوان «سلاطين الهلاليل.. حين صارت البطولة وجهًا آخر للهزيمة»، مؤكدًا أن العمل لا يتحدث عن أبطال الهلالية فحسب، بل عن الإنسان في صراعه مع السلطة والطمع والمجد الزائف.
وقال الشاوري إن عنوان العمل نفسه يحمل دلالته، فـ"سلاطين" تشير إلى تعدد الطغاة وتنازع النفوذ، حتى يصبح لكل هلالي سلطانه الخاص، فتضيع البطولة وسط صراع القوة، مضيفًا أن النص ينهض على صراع بين المجد واللعنة، وبين التاريخ والحاضر، في رحلة تبدأ من القبر وتنتهي عند أبواب تونس الخضراء.
وفي ختام الندوة، تحدث الكاتب بكري عبد الحميد عن تجربته، موضحًا أنه خاض صراعًا بين أمانة السرد الشعبي ومتطلبات الاحتراف المسرحي، فاختار أن ينتصر لرؤيته الإبداعية التي تضيء الموروث من زوايا جديدة، معتبرًا أن إعادة قراءة السيرة ليست مساسًا بالرموز، بل محاولة لفهم جوهرها الإنساني العميق.
وأكد عبد الحميد أن «سلاطين الهلاليل» تمثل بالنسبة له مشروعًا مفتوحًا لتجديد العلاقة بين التراث والمسرح، وبين الحكاية الشعبية والأسئلة المعاصرة التي ما زالت تبحث عن إجابة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: وزير الثقافة الهيئة المصرية العامة للكتاب
إقرأ أيضاً:
ناصر القصبي يؤكد في الحفل الختامي لمهرجان المونودراما أهمية تعزيز الحراك المسرحي السعودي
اختتمت مساء أمس الأول، فعاليات النسخة الأولى من مهرجان المونودراما، الذي أقيم على مسرح كواليس، وشهد حضورًا لافتًا وتفاعلًا واسعًا من المهتمين بالمسرح والفنون الأدائية، والذي جاء من تنظيم جمعية المسرح والفنون الأدائية وتنفيذ جمعية الثقافة والفنون بالدمام.
وتضمَّن الحفل الختامي إعلان الفائزين في مسابقات المهرجان التي شملت جوائز أفضل نص مسرحي، وأفضل ممثل، وأفضل ممثلة، وأفضل مخرج، وأفضل مؤثرات صوتية، وأفضل مكياج مسرحي، وأفضل ديكور، وأفضل أزياء، وأفضل إضاءة، إضافة إلى جائزة أفضل عرض.
وجاءت هذه الدورة تتويجًا للحراك المسرحي الذي شهدته منصة المهرجان منذ انطلاقته، بحضور رئيس جمعية المسرح والفنون الأدائية الفنان ناصر القصبي، والدكتور سامي الجمعان نائب رئيس جمعية المسرح والفنون الأدائية، وعبدالعزيز السماعيل رئيس مجلس إدارة جمعية الثقافة والفنون، والرئيس التنفيذي لجمعية المسرح والفنون الأدائية خالد الباز، ومدير جمعية الثقافة والفنون بالدمام يوسف الحربي.
وشهدت لحظات إعلان الفائزين تفاعلا كبيرا من الحاضرين وسط أجواء تنافسية راقية وجاءت الجوائز كالتالي : جائزة أفضل نص مسرحي – عباس الحايك (نص: «حكاية موظف»، جائزة أفضل ممثل – كميل العلي، جائزة أفضل مكياج مسرحي – ريم زياد، جائزة أفضل مؤثرات صوتية – أحمد العلي، جائزة أفضل ديكور – عبدالعزيز السواط، جائزة أفضل إخراج – يوسف أحمد الحربي (عن عرض «هلوسات فارس»، جائزة أفضل أزياء – نجاة زائري، جائزة أفضل إضاءة – حمد المويجد، جائزة أفضل ممثلة – آمال الرمضان، جائزة أفضل عرض – «هلوسات فارس» (إخراج يوسف أحمد الحربي).
وقد اعتمدت لجنة تحكيم عروض مهرجان المونودراما التوصيات الختامية والملاحظات العامة الصادرة عنها في ختام فعاليات المهرجان، والتي كانت برئاسة الأستاذ أحمد السروي وعضوين الأستاذ محمد الصفار والأستاذ إبراهيم الحارثي، وقد تضمنت رؤى متقدمة ومحاور عمل استراتيجية كي تعزز من الحراك المسرحي الوطني، وتجويد المنتج الفني المقدم للجمهور
وأكدت اللجنة على ضرورة مواصلة الدعم المُخصص للمسرح المونودراما، وذلك نظرًا لأهميته في إثراء المشهد الثقافي، مع التشديد على أهمية تطوير برامج تدريبية وتأهيلية مُتخصصة لصقل المواهب الشابة في مختلف عناصر العرض المسرحي، وبما يضمن تخريج ممثل مسرحي رصين ومُبدع.
كما شددت التوصيات على أهمية اعتماد "محورًا فكريًّا وبحثًا مسرحيًّا" خاصًّا بخصوصية المونودراما في الدورات المقبلة، واختيار العروض التي تتناسب مع هذا المحور من ناحية الاشتغال الفكري والجمالي، ودعت اللجنة إلى تعزيز الحضور العضوي والوظيفي للموسيقى ضمن البناء الدرامي للعروض.
وفي سياق الارتقاء بالعمل الفني، أوصت اللجنة بضرورة استثمار تبادل الخبرات من خلال تخصيص مستشار فني للإسهام في تجويد العمل المسرحي، إلى جانب المطالبة بتحديث معايير التحكيم الفنية والتنظيمية لتواكب المستجدات الإبداعية، بما في ذلك إمكانية استحداث جائزة خاصة للجنة التحكيم وحجب الجوائز غير المستحقة لضمان أعلى مستويات الجودة الفنية.
وفيما يتعلق بالملاحظات العامة، دعت اللجنة إلى تجاوز مظاهر التسطيح في الفعل الدرامي والفكري التي رُصدت في بعض العروض، والعمل على رفع مستوى الابتكار والبحث الرصين في المكونات المسرحية. كما نوهت بأهمية إتقان الممثل للغة العربية الفصحى وضبط الإيقاع المسرحي. كما أشارت إلى أهمية إعادة النظر في جدول العروض بحيث لا يتجاوز عرضين في اليوم لضمان جودة المتابعة وتوفير وقت كافٍ للتجهيز.
واختتم التقرير بالتأكيد على أن المسرح سيبقى فضاءً للإبداع ومنبرًا حرًّا للتعبير عن جوهر الإنسان، وأن الدعم المقدم هو بذرة ستثمر "مشهدًا مسرحيًّا أكثر إشراقًا"، مجددًا الدعوة لتضافر الجهود المشتركة بروح الإبداع والشراكة لدعم الرؤية الوطنية التي تجعل من المستقبل ممكنًا.
وأعرب الفنان ناصر القصبي، رئيس مجلس إدارة جمعية المسرح والفنون الأدائية، عن سعادته بحضوره بين المشاركين في الفعالية المسرحية، مؤكِّدًا أن الكلمات الصادقة المنطلقة من القلب تصل دائمًا إلى القلوب، وأن حضوره يأتي تقديرًا للحراك الثقافي المتنامي الذي يشهده قطاع المسرح في المملكة. وأوضح أن الارتباط بعرض مسرحي قائم حال دون مشاركته في حفل الافتتاح، إلا أنه حرص على التواجد لاحقًا دعمًا لمسيرة التطوير المسرحي.
وأشار إلى أن ما تحقق حتى الآن يمثِّل خطوة أولى مهمة، رغم أنه لا يعكس بعد حجم الطموح الذي يحمله المسرحيون، لافتًا النظر إلى النشاط الملحوظ الذي تشهده مختلف المناطق، بدءًا من فعاليات الديودراما في الطائف، مرورًا بعروض المونودراما في الدمام، ووصولًا إلى الفعاليات القادمة في القصيم، مؤكِّدًا أن المرحلة المقبلة ستشهد – بمشيئة الله – مشاريع ومهرجانات أكبر تعزز من حضور المسرح السعودي.
ووجه القصبي، شكره للجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون بالدمام على جهودها في تنفيذ المهرجان، مشيـدًا بالعلاقة البنَّاءة بينها وبين جمعية المسرح والفنون الأدائية، وما تمثِّله هذه الشراكة من عنصر مهم في دعم الحراك المسرحي. كما أثنى على العمل المتواصل لهيئة المسرح والفنون الأدائية بقيادة الدكتور علوان، مؤكِّدًا أن الهيئة تشهد تحوُّلًا نوعيًّا ينعكس إيجابًا على أداء الجمعية ومسار العمل المسرحي.
وأوضح أن الحركة المسرحية بطبيعتها تحتاج إلى وقت لتتقدم بخطوات ثابتة، إلا أن الوعي المتنامي لدى هيئة المسرح بأهمية دور الجمعية في بناء المشهد المسرحي أسهم في إحداث فارق واضح عن المراحل السابقة، معبِّرًا عن تفاؤله بأن تشهد الفترة المقبلة نشاطًا أوسع يلبي تطلعات المسرحيين.