عادت المفاوضات مرة أخرى بين كل من مصر وإثيوبيا عبر جولة جديدة فى القاهرة، بمشاركة وفود التفاوض من مصر والسودان وإثيوبيا، وهو أمر إيجابى فى حد ذاته؛ لكنها قد تكون الفرصة الأخيرة للتوصل لحل توافقى يراعى مصالح الدول الثلاث، ويحفظ حقوق مصر المائية، خاصة فى ظل استمرار الخلاف حول الإشكالية الرئيسية المتمثلة فى أنه لا يوجد حتى الآن إطار واتفاق قانونى حاكم وناظم ومتفق عليه لنهر النيل كما هو الحال فى عديد من أحواض الأنهار الدولية داخل القارة الأفريقية وخارجها، وفى المقابل توجد مجموعة من الاتفاقيات التى وقعت منذ البروتوكول المبرم بين كل من بريطانيا وإيطاليا عام 1891، والذى تعهدت فيه الحكومة الإيطالية بعدم إقامة أية مشروعات على نهر عطبرة (أحد روافد نهر النيل) من شأنها أن تؤثر على إيراد نهر النيل، وحتى عام 1959، وكذلك اتفاق عام 1993 بين مصر وإثيوبيا، والذى نصت المادة الخامسة منه على أن: «يمتنع كل طرف من أن يقوم بأى نشاط يتعلق بمياه النيل قد يسبب ضررا كبيرا لمصالح الطرف الآخر»، وانتهاء بإعلان المبادئ عام 2015، وهى الاتفاقيات التى تستند إليها كل من مصر والسودان، فى حين ترفضها دول المنابع بقيادة إثيوبيا وتتنصل منها تماماً.
استمرار ملء وتشغيل السد فى غياب اتفاق قانونى متوافق عليه من الدول الثلاث، يُعد خرقاً لاتفاق إعلان المبادئ الموقع عام 2015. وهو استمرار للمسلك الإثيوبى المتبع لسياسة الأمر الواقع عبر اتخاذ قرارات وخطوات أحادية تخالف الاتفاقيات الموقعة والأعراف الدولية، وإعلان مبادئ 2015، والإعلان الرئاسى لمجلس الأمن فى سبتمبر 2021.
لذلك فالجانب الإثيوبى مطالب بإبداء حسن النوايا، ومزيد من المرونة فى التفاوض، بهدف المضى قدما بما يحافظ على مصالح الطرفين، خاصة بعد التصريح الإثيوبى السابق لبدء جولة المفاوضات الأخيرة من أن إثيوبيا تعمل على التوصل لـ «نتيجة ودية» فى مفاوضات سد النهضة، وهو أمر غير مقبول، علاج القضية يستلزم التوصل لاتفاق قانونى مفصل فى ضوء أحكام القانون الدولى الخاصة بالأنهار الدولية، فيما يتعلق بكيفية إدارة النهر، والحصص المائية لكل طرف.
إذا كان الطرف الإثيوبى يرفع شعار «لا تراجع عن حقوقنا»، فالحقوق المائية المصرية هى حقوق راسخة؛ تستند إلى قواعد ومبادئ وأعراف القانون الدولى، ولا يجوز بأى حال من الأحوال لأى دولة من الدول المشاركة فى مجرى نهر النيل سواء كانت دولة منبع أو مصب، أن تتجه منفردة إلى القيام بأى عمل أو تصرف من شأنه التأثير على الحقوق والمصالح المكتسبة لدول الحوض الأخرى خاصة دولتى المصب، كما أن عدم وجود إطار قانونى، أو اتفاق جامع لا يعنى أن سيادة الدولة على الجزء من النهر الذى يمر بإقليمها مطلقة، إذ لا يجوز التعسف فى استعمال الحق، وهناك مسئولية على جميع الدول منابع ومصب بعدم إحداث ضرر من شأنه التأثير سلبياً ومباشرةً على الاحتياجات المائية لمصر من مياه النيل. وهو ما تؤكد عليه الاتفاقيات الموقعة من جانب، وأحكام وقواعد القانون الدولى من جانب آخر.
وكدأب إثيوبيا فى مفاوضاتها معنا ومع الغير، فالدولة المصرية ومنذ الإرهاصات الأولى للأزمة ترفع شعار «المنافع والتنمية للجميع». لذلك؛ فالتعاون بين كلتا الدولتين مطلوب، والجدية فى التفاوض وحسن النوايا مطلوب أيضا. خاصة وأن كلتا الدولتين جمعهما منذ أيام الانضمام والحصول على عضوية كاملة فى أحد التحالفات والتجمعات المهمة، وهو تجمع البريكس، ومن ثم يجب حلحلة المواقف المتعسفة فيما يتعلق بأزمة سد النهضة، حتى لا تؤثر على المصالح وأوجه التعاون المنتظرة من عضوية البريكس.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: سد النهضة فرصة أخيرة مصر وإثيوبيا مصر والسودان مصالح الدول نهر النیل
إقرأ أيضاً:
المؤسسة العلاجية: تأجير عيادات 3 مستشفيات فرصة لشباب الأطباء
قال الدكتور محمد شقوير، رئيس مجلس إدارة المؤسسة العلاجية التابعة لوزارة الصحة والسكان، إن قرار المؤسسة بطرح تأجير العيادات الخارجية في ثلاث مستشفيات تابعة لها، وهي مستشفى مبرة المعادي، ومبرة مصر القديمة، وهليوبوليس، يأتي في إطار خطة لتحسين كفاءة التشغيل ورفع جودة الخدمات الطبية المقدمة للمواطنين، مع دعم شباب الأطباء في بداية حياتهم المهنية.
وأضاف شقوير، في تصريحات إعلامية، أن هذه الخطوة جاءت بعد موافقة وزير الصحة الدكتور خالد عبدالغفار، مشيرًا إلى أن المؤسسة تلقت العديد من المقترحات من الأطباء المتضررين من القانون الجديد الذي يمنع إقامة العيادات في العقارات السكنية، ما اضطرهم للبحث عن مقار إدارية بتكاليف مرتفعة لا تتناسب مع دخول الأطباء الشباب.
وأوضح رئيس المؤسسة أن الطرح الجديد يتيح للأطباء استئجار العيادات داخل المستشفيات بأسعار رمزية لا تتجاوز عشرات الجنيهات في الساعة، موضحًا أن الهدف ليس الربح، بل دعم الأطباء وتخفيف العبء المالي عنهم، ومن ثم تجنب انعكاس هذه التكاليف على المريض المصري.
وأشار شقوير إلى أن المؤسسة العلاجية، بصفتها هيئة عامة اقتصادية أنشئت عام 1964، تستهدف تحقيق التوازن بين الكفاءة الاقتصادية والعدالة في تقديم الخدمة الطبية، لافتًا إلى أن سعر الكشف داخل المؤسسة يبلغ 80 جنيهًا للأخصائي و120 جنيهًا للاستشارة، وهو ما يختلف عن أسعار المستشفيات المركزية التي تقدم خدماتها برسوم رمزية.
الأطباء الملتحقين بالعياداتوكشف شقوير أن الأطباء الملتحقين بالعيادات المؤجرة سيكونون ملزمين بالكشف على حالات الطوارئ أو التأمين الصحي أو النفقات الحكومية داخل المستشفى، حيث تتحمل المؤسسة التكلفة وفق الأسعار المعتمدة دون تحميل المريض أي أعباء إضافية.
وأكد أن هذه المبادرة تمثل خطوة أولى نحو تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص بما يخدم الصالح العام، موضحًا أن المؤسسة تسعى لربط الأطباء بالمستشفيات الحكومية من خلال بيئة عمل مناسبة تحقق استفادة مزدوجة للطبيب والمواطن.
قيمة الكشف المسائيوختم شقوير بأن المؤسسة لا تحصل على نسبة من قيمة الكشف المسائي، وإنما تكتفي بالقيمة الإيجارية الرمزية، قائلًا: «هدفنا أن يحقق الطبيب دخلًا مجزيًا دون أن يتحمل المريض أعباء إضافية، وأن نحافظ في الوقت نفسه على استمرارية الخدمة الطبية داخل المستشفيات الحكومية».